أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نورالدين علاك الاسفي - رسائل الحب الرائعة لحنة أرندت و مارتن هايدغر 2/3














المزيد.....


رسائل الحب الرائعة لحنة أرندت و مارتن هايدغر 2/3


نورالدين علاك الاسفي

الحوار المتمدن-العدد: 7525 - 2023 / 2 / 17 - 09:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ماريا بوبوفا
MARIA POPOVA
ترجمة: نورالدين علاك الأسفي.
[email protected]

لكن؛ وقبل الذكرى السنوية الأولى لغرامهما، أنهت أرندت الأمور بغتة، في جزء كبير منها؛ لأنها أرادت التركيز على تحصيلها الأكاديمي في الفلسفة. و في يناير من عام1926،رد هايدغر؛ باذلا جهدا رائعا للتوفيق بين القوتين المتضاربين اللتين تمزقانه؛ حسرة قلبه والإخلاص الذي يتمنى به أطيب الأمنيات لأرندت. يكتب:

عزيزتي حنة!
...أفهم، لكن هذا لا يجعل من السهل تحمله. فيظل طفيفا؛ وأنا أعلم ما يطلب حبي منك.

و على الرغم من خطاب أرندت لفك الارتباط؛ فإنها لم تسلم، يبدو أنها أوردت فيه حاجتها للانسحاب من غرامها من أجل التركيز على دراستها- مفارقة دائمة في الاكتفاء الإنساني، الذي سيعالجها هايدغر في رده:

هذا "الانسحاب" من كل شيء إنساني وقطع كل الروابط، هو فيما يتعلق بالعمل الإبداعي؛ أروع تجربة إنسانية أعرفها، و فيما يتعلق بالمواقف الملموسة، إنه أكثر شيء بغيض يمكن للمرء أن يواجهه. حيث قلبه ممزق من جسده.
وأصعب شيء هي — هذه العزلة التي لا يمكن الدفاع عنها بمناشدة ما تحققه، لأنه لا توجد تدابير لذلك، ولأنه لا يمكن للمرء أن يسمح فقط بالتخلي عن العلاقات الإنسانية .. مع عبء هذه العزلة اللازمة، آمل دائما أن تكون العزلة الكاملة من الخارج — لمجرد العودة الظاهرة إلى الآخرين — والقوة للحفاظ على مسافة نهائية وثابتة. عندها فقط يمكن الإبقاء على كامل التضحية، إلى جانب الرفض اللازم.
لكن هذه الرغبة المعذبة ليست بعيدة المنال فحسب، بل إنها منسية؛ لدرجة أن العلاقات الإنسانية الأكثر حيوية؛ تصير ربيعا مرة أخرى وتوفر القوى التي تدفع المرء إلى العزلة مرة أخرى.. ثم تغدو هذه الحياة بالكامل مسألة ضرورة ليس لها مبرر. إن القبول بهذا على وجه الإيجاب - بعدم اتخاذ موقف حصري كنوع من الهروب - هو ما يعنيه أن تكون فيلسوفا.

مع ذلك، و مهما كانت التضحيات المأساوية لكونك فيلسوفا، فإن هايدغر يشجع الشابة أرندت بأي حال على صنيعها. و كلماته تشع شهادة بالفكرة التي طرحتها الفيلسوفة مارثا نوسباوم[1]/ Martha Nussbaum بعد أجيال - من نواح كثيرة كوريثة لفكر أرندت- بأن احتضان حاجتنا أمر ضروري للعلاقات الصحية. حتى عندما يشجع هايدغر أرندت على السير في طريقها الخاص، فإنه يعبر عن شوقه لها وحاجته لحبهما في المثابرة:

من الجلي – و باستقلال عنك وعني في هذه النقطة الأخيرة- انه في شبابك و في مرحلة تلقي التعلم، يجب ألا تلزم نفسك هنا. فمن السيئ دائما أن لا يستدعي الشباب القوة للذهاب بعيدا. إنها إشارة على أن حرية الغرائز قد تلاشت، وبالنتيجة، فعندما تبقى؛ تنمو سريعا في الاتجاه الايجابي.
[…]
وربما سيصبح قرارك مثالا ..و إذا غدا له تأثير جيد، و باستطاعته ذلك منفردا، فسيدعونا إلى التضحية معا.
إن المساء و رسائلك جددت يقيني بأن كل شيء يظل قريبا مما هو جيد، ويغدو جيدا … و أنت، حتى في وضعك، عليك أن تكوني سعيدة لأن أولئك الذين لديهم فقط قلب شاب وتوقعات وإيمان قوي يمكنهم أن يستشرفوا أفق عالم جديد- تعلم حديث، هواء نقي، ونمو. أتمنى أن يكون كل واحد منا مطابقا لوجود الآخر، أي من أجل حرية الإيمان والضرورة الجوانية للثقة الصرف؛ التي ستصون حبنا.
حياتي تستمر - بدون مشاركتي أو استحقاقي- مع هذا اليقين الغريب لدرجة أنني أريد أن أصدق أن الذي برحيلك سيحل؛ هو فراغ جديد ضروري.
مع ذلك، و بالرغم من رحيل أرندت، فإن شدة العاطفة بين الاثنين جذبتهما إلى التراسل المستمر و الاجتماعات العرضية على مدار الأشهر التي تلت ذلك. و في يوليو من عام 1927، و بعد أكثر من عامين على بدء علاقتهما الغرامية، كانا لا يزالان على حب. ففي رده على خطاب آخر من أرندت؛ يبدو أنه كان مشحونا عاطفة بشكل خاص ، فهو الآخر كذلك لم ينج، حيث كتب هايدغر:

عزيزتي حنة!
[…]
على الرغم من حضورك الدائم؛ كما كنت في أول يوم، إلا أن رسالتك قربتك مني أكثر. أطوق يديك الودودتين؛ و أصلي معك من أجل سعادتك.
[…]
كطفل، عزيزتي؛ هل أنت مجرد "أمل" قد أثق بك؟ اسألي الجزء الأعمق من قلبك، الذي عمني ضياءه من عينيك العميقتين الرائعتين. سيخبرك: من أعماقي أنني بالتمام و الصفاء متأكد من هذه الثقة.
لقد هزتني رسالتك بقدر ما فعله قربي منك لأول مرة. لقد عادت تلك الأيام بتلك القوة الأولية، بفضل كلمة حبك هذه.
------------------------
[1] مارثا نوسباوم (من مواليد 6 مايو 1947) فيلسوفة أمريكية؛ لها اهتمام خاص بالفلسفة القديمة والقانون والأخلاق. من مؤلفاتها: هشاشة الخير: الحظ والأخلاق في المأساة والفلسفة اليونانية - معرفة الحب - علاج الرغبة-النظرية والتطبيق في الأخلاق الهلنستية - العدالة الشعرية- حب الوطن- الجنس والعدالة الاجتماعية - اضطرابات الفكر- ذكاء العواطف ..



#نورالدين_علاك_الاسفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسائل الحب الرائعة لحنة أرندت و مارتن هايدغر 3/3
- - ساحر الكرملين - رواية الغوص في أسرار بوتين والتأمل البارع ...
- - ساحر الكرملين - رواية الغوص في أسرار بوتين والتأمل البارع ...
- حنة أرندت. عن الحب و الخوف من ضياعه.1/4
- حنة أرندت. عن الحب و الخوف من ضياعه.2/4
- حنة أرندت. عن الحب و الخوف من ضياعه.3/4
- حنة أرندت. عن الحب و الخوف من ضياعه.4/4
- من الأركيوحداثة إلى الإمبراطورية - ألكسندر دوغين.
- إنفانتينو.. ما هي مشكلتك!؟ اللاعب أشرف حكيمي.
- محمد شكري.. في الحاجة إلى أسطورة.
- لقد انتهى زمن نصف التدابير - ألكسندر دوغين 1/3
- لقد انتهى زمن نصف التدابير - ألكسندر دوغين 2/3
- لقد انتهى زمن نصف التدابير - ألكسندر دوغين 3/3
- الصحوة الروسية العظيمة - ألكسندر دوغين
- بوتين يعلن الفكرة الروسية - ألكسندر دوغين
- روسيا الجميلة - الكسندر دوغين
- الاتحاد الإمبراطوري المفتوح - الكسندر دوغين
- تجربتي في كتابة الرواية - جراهام جرين. 2/1
- تجربتي في كتابة الرواية - جراهام جرين. 2/2
- كلنا نعيش الآن في عالم فلاديمير بوتين - إيفان كراستيف


المزيد.....




- اصطدمتا وسقطتا في نهر شبه متجمد.. تفاصيل ما جرى لطائرة ركاب ...
- أول تعليق من العاهل السعودي وولي العهد على تنصيب أحمد الشرع ...
- بعد تأجيله.. مسؤول مصري يكشف لـCNN موعد الإفراج عن فلسطينيين ...
- السويد: إطلاق نار يقتل سلوان موميكا اللاجئ العراقي الذي احرق ...
- حاولت إسرائيل اغتياله مرارا وسيطلق سراحه اليوم.. من هو زكريا ...
- مستشار ترامب: نرحب بحلول أفضل من مصر والأردن إذا رفضتا استقب ...
- الديوان الأميري القطري يكشف ما دار في لقاء الشيخ تميم بن حمد ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته العسكرية في الضفة الغربية ويق ...
- بعد ساعات من تعيينه رئيسا لسوريا.. أحمد الشرع يستقبل أمير قط ...
- نتانياهو يندد بـ-مشاهد صادمة- خلال إطلاق سراح الرهائن في غزة ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نورالدين علاك الاسفي - رسائل الحب الرائعة لحنة أرندت و مارتن هايدغر 2/3