أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي الجنابي - منادِيلُ الطُّفُولَةِ















المزيد.....


منادِيلُ الطُّفُولَةِ


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 7525 - 2023 / 2 / 17 - 00:55
المحور: كتابات ساخرة
    


(ماهذه إلا فلتةُ قلمٍ شَرَحَت خربشةً على ورقةِ من ورقاتِ الطّفولة)

أجَلْ بُنَيَّ، سَأذرُ السِّياسةَ، ومازَوَت مِن غَلسِ قالٍ ومِن دَلسِ قِيل.
أجل، وقطفاً سُأُسامِرُكَ مِمّا ضَوَتْ لَمْضَاتُ طُفولَتي مِن قَناديل، وعَطفاً مِمّا حَوَتْ نَبْضَاتُ فتوتي مِن مَناديل
ولطفاً وبمَقامَةٍ لعلَّها أندَى وأسدَى وأهدَى مِمّا رَوَتْ "مَقَامَاتُ الْحَرِيرِيِّ" ذي حَرفٍ مَليحٍ كَحيل، وأحلَى وأسلَى وأعلَى مِمّا طَوَتْ " مَقَامَاتُ بَدِيعِ الزَّمَانِ الهَمذَانِيِّ" ذي ذَرفٍ فَصيحٍ جَزيل
وخَطفاً سأَفْصِحُ لكَ عَمّا في وَمضَاتِ طُفُولتي مِن تَأويل، لكيلا تَتَمَلمَلَ فتَتَعَلعَلَ مِن حَرفِ ذَرفي أن يطيل.

أمَّا مَساءُ طُفُولتي فكانَ حَالُهُ يَحِيلُ حِينَ يَحيلُ الأصيل، وكانَ مَآلُهُ يَميلُ لقَعدةٍ خلف سياج الدار، أو تحت سُلَّمٍ فيها ذي بدنٍ نَحيل
البالُ حينئذٍ إذ يقعد يصَّعدُ في سياحةِ تدبّرٍ مُضطَرِبةٍ غيرٍمُتورِّعة وذي أفقٍ ثقيل، وفي سباحةِ تفكُّرٍ محْتَرِبةٍ غيرِ مُتدرِّعة وذي نفق طويل،
فتراهُ ساعتئذٍ في فضاهُ، يهمسُ خُفيةً لصداهُ، وبصفاءِ خليلٍ لخليل؛
"واهٍ واه! كم هي نائية عنَّا "لندنَ"، وكم هوَغير متناهٍ اليها السَّبيل
ولماذا شُكرُهم هناك "ثانكٌ" ومريضُهم هنالكَ "إييل"!
ولمَ لسانُهم صّيَّرَ منَ الشُّعورِ"فيل"!

وأوَّاه، كم كان ماتعٌ تتابعَ دَغدغات أبي في أبُطي بتعجيل
بيد أنهُ كان تتابعٌ ذا أمدٍ قليل، إذ يتلاشى لمّا تَمخُرُ عَينيّ أبي سفنُ القيلولةٍ بتهويل، فتنخرُ مناخيرهُ فتشخرُ أشرعتها بألحانٍ متقطِّعةٍ بتهديل
ألا ليتَ أبي مقتَ نومَ القيلولةِ، وليتهُ كانَ مثلي ينامُ بتقليل. آه، كم كانَ مُضحكاً عبوسُ وجهِ أبي برُعبٍ وتمثيل.

ولماذا أنضجَتْ أمي غداءَنا مِن مَرقٍ ومِن عُظيماتِ عجلٍ لكأنَّها حجاراتِ سجيل، وأرجأت هَبْرَ اللحم لنهار غد الجمعة بتأجيل؟
ربما من أجل ضيفٍ زائرٍ آتٍ فضيل أو حتّى رذيل، ليظن ضيفنا بنا أنّا لا نستطعمُ إلّا لحماً مقدداً، ولا نشرب إلا شهداً مشهداً، وحالنا عن الفاقة بعيد وعنها عديل.
ثمَّ كيف بَنَت يدا "أبي وهب" سُلَّمَنا المُعوجٍ، وإذ هما ترتعشانِ وبحاجةٍ لتأهيل؟

ولمَ دَنا فتَدلَّى عليَّ وبين يديَّ عنكبوتٌ دَخيل! وما زغباتُهُ؟ وأين هيَ جفونُ العُيونِ فيه بتكحيل؟
وما رغباتهُ وأين هيَ جُنونُ الفنونِ منه بتفعيل، وكيف إرتضى لنفسهِ أن "يتعنكبَ" بأقبحِ هيئةٍ بذا تشكيل.
{(ولا فعلَ -يا صاح- مُشتقٌّ من إسمِ العنكبوتِ ولو بَحثتَ في معاجم الضَّادِ بتفصيل، ولبثتَ فيها أحقاباَ بتأصيل، فلا مؤآخذة ولا منابذة على بِدعةِ "تَعنكبَ" إذ حشرتُها بين سَطوري بتضليل)}.

ولماذا يُسمِّي صديقي "سَركونُ" قرآنَهم "إنجيل"؟ أوليس كلاهُما من إلهٍ واحدٍ بتنزيل، فلمَ أعطاني قرآناً وأعطى سركونَ إنجيل؟
وأيُّ مدرسةٍ خَطَّت صفحاتِ قرآنِ اللهِ خطاً مُتشابكاً، لكنهُ خطٌّ آسرٌ ساحرٌ وجميل!
أف! ها قد غَشَى نافذةِ خيالي رسولُ النَّومِ الرذيل، فحَشَى باحةَ تدبّري بحالكٍ من إِكْلِيل!
وي كأنَّ سوادَ الليل موتٌ متواترٌ بقدرٍ مقدَّرِ ثقيل، لكم أبغضُ أنا وحشةَ الليلِ الوبيل.
لا ضير لعليَ أحظى بحلمٍ في بطنِ ليلتي ذي خيالٍ جميل، أرى فيه إذ أمتطيتُ ظهرَ بقرةٍ من بقراتِ خالتي في ذاك الرِّيفِ الخميل.

وأمّا كساء طفولتي أَبُنيَّ، فكان ثوباً يتيماً يأبى تثنيةً أو تِجارةً أوتطويل،أو مقايضةً أو إعارةً أوتبديل
وينأى عن تدليسٍ بتَلبيسٍ تحتهُ بسَراويل، حتى ولو كان تلبيساً ساتراً للعَيب بتقفيل
وقد كان لثوبي أن يَعدَّ سبعَ ليالِ كي يحظى برفرفةٍ على حزمةِ حَطبٍ جُعلِت لهُ كحَبلِ غَسيل.
ما أكمل أكمام ثوبي إذ هي تَتَشعشعُ على الحبلِ وتَتَقعقعُ وتَميل، وما أجمل أقسامهُ إذ هي تَجفُّ فتتقوقع ولن تستطيل
وكأنه أضحى جلدَ تمساح يكافح لا يأبهُ التَّقتيل، أوضحضاح قِدْر جدَّتي إذ هو يلافح الدهر بتذليل
لذلك كانُ الولوجُ في بطنِ ثوبي بعدَ كلِّ هبوطٍ من مدارِ حبلِ الغسيل، وهو لم يزلْ رطباً "فرضَ عينٍ" يستوجِبُ التَّكبيرَ والتَّهليل، وقبيلَ أن ينكمشَ فيتقوقعَ وتظهرَ عليهِ طيَّاتِ "الأمزونَ" بتَحصيل.
ثم إنَّ لنَدَاوَةِ الثَّوب إذ هو رطبٌ سِحرُ إنتعاشٍ للجُفون بتَسبيل
ولوترى إذ تَتَعانقُ النداوةُ معَ رطوبةِ التُّربةِ إذ الدُّبُرُ معها مٌلتَحِمٌ وقعيدٌ تحتَ ظلٍّ ظَليل،
فتَنسَلُّ الرُّطوبةُ فتَتَسلَّلُ الى اليَافُوخَ فتَسْتَلُّ إتِّزانَهُ فيتدَلَّى فُجأة كشهابٍ قَصَفَ قفصِ صَدري خارقٍ ودخيل.
وأمَّا حساءُ طفولتي فكان لبناَ سائغاً شرابُهُ تارةً بزنبيل، وتارةً كانَ ماءً أخضراً من نهرٍ جارٍ مُتزاحمةً ثناياهُ بضَفادعَ شتَّى من ذواتِ عِشقٍ ثَميل ما بينَ تعانقٍ ببقبقةِ ونقنَقةٍ بتقبيل.
غيرأنَّ في العيدِ يكونُ الشَّرابُ غير، قارورةَ عصيرٍ نَبيل، لن نلمسَها قبل أن ندفعَ لبقالِ حارتِنا "أبي نَشنوشَ" أضعافاً مُضاعفة لثمنِها بتحميل،
كتأمينٍ صحيٍّ على جسدِ القارورةِ من تَحطُّم مِنّي أو مِن زَميل،
وبذلكَ يضمنُ أبو نشنوش سلامةَ عودتِها الى قواعدِها بين أخواتِها بتَنزيل، في صُندوق أوكارٍ مُتهرئٍ تأبى القاروراتُ أن يلجْنَ فيه إلا بعد طَقطقةِ صراخٍ وعَويل.
وهكذا كانَ -يا بُنَيَّ- مساءُ وكساءُ وحساءُ طفولةِ أبيكَ في زَمنٍ مُقفِرٍ مُسفِرٍ بيدَ إنَّهُ لذيذٌ بالوئامِ حنيذ بالسَّلام وبالكرامِ خميل.
آه، قد نسيتُ أن أصفَ لك ما ملكتْ يَميني مِن منديل.
والحقُّ أنَّهما منديلانِ، كانا يُجاهدانِ نهاراً وحثيثاً بتفعيل،
في معارك كرٍّ وفرٍّ لصَدِ مياهٍ سَمراءَ صفراءَ من شلّالاتِ أنفٍ ماإنفكَّت تَسيل،
فتَرى ذراعَ ثوبيَ الأيمن مغواراً يتَصدَّى للسَّيل بصَهيل،
ولئن تَجَبَّسَ فتَكَلَّسَ أيمنُ المنديل وإنزوى بتَرحيل، نادى مِن فورهِ على الأيسر ليَقتَحمَ مِيدان الصَّد بتوكيل
وهكذا يَستدرُّ تدفُّقُ الشَّلالاتِ ويَستَمرُّ بالضّدِّ صَدُّ المَناديل، دأباً بلا كَللٍ ولا خَلل ولا مَللٍ ولا تَعليل،
وبحربٍ ضَروسٍ شَعواءَ شَعثاءََ بتنكيل، حتَى تبزغُ شَمسُ الشَّواربِ على تِلال شفتي العُليا على حينِ غفلةٍ منّي بتأصيل.



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا فِرَاقَ يَا عِراقَ
- أبو بَكرِ الصَّديق في خِطابٍ مُتَلفَزٍّ (AB BAKR AL-SIDDIQ I ...
- نَهرُ البَيَانِ فِي البَيْداء
- سُويْدُ السُّويداء
- أيا أنتُمُ أيا غَوغاءُ
- [الطّوافُ حولَ قَصرِ باكنغهام]
- الحَقُّ الباطِلُ !
- حُروبُ العِنَب
- [ سُلَّمُ البُستان ]!
- [عِصابةُ] نّبِيِّنا مُحَمَّد
- القتلُ على نارٍ هادئة
- (شِراعُ الشُّهرةِ في شُعاعِ شَاشَة)
- [ - أبو العَتاهِية- وأنا ]
- جُلّاسِيَ ثُلَّةٌ مِن حُثالة
- ( أعْتِقي الإبِلَ في سَيْرِها تَغِلُ )
- [ تحتَ الجذعِ حين الشروق ]
- أَنا و(جبرانُ خليل جبران)
- صَفَدُ الفَنَاءِ
- { خَرَابُ - مظفّرِ النّواب - }
- غَزَلٌ بالحبيبِ


المزيد.....




- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي الجنابي - منادِيلُ الطُّفُولَةِ