أنسي الضيف
الحوار المتمدن-العدد: 1705 - 2006 / 10 / 16 - 10:22
المحور:
مقابلات و حوارات
مقابلة مع أنسي الضيف
كيف هو الوضع بلبنان اليوم؟
أنسي الضيف: الحرب الاسرائيلية خربت البلد. كانت عمليات القصف تستهدف الترهيب، هذا ما ادى الى سقوط الكثير من الضحايا بين المدنيين، والى قطع رأس أسر كثيرة. استهدف القصف اسواق عصرية كبرى، ومصانع مناديل، ومصانع زجاج... وقُصفت بنى تحتية عمومية، كالجسور، واعمدة البث الاذاعي والهاتفي، ومحطات كهربائية...
كانت حرب يوليوزمدمرة للاقتصاد بنفس قدر 15 سنة من الحرب الاهلية... وبلغت الخسائر 9.5 مليار دولار ( حسب تقدير المجلس الاعلى لاعادة الاعمار والتنمية، وهو هيئة انشأت بعد حرب 1975-1990 الاهلية)، أي 40 % من النتاج الداخلي الاجمالي السنوي. اما النمو المرتقب في حدود 6% فالارجح ان يكون صفرا. ان هذه الخسائر الاقتصادية بادية للعيان، وهي افدح بالجنوب. وعمليات التدمير مثيرة بطابعها المنهجي، وبالغ الاتساع، وكذا بدقتها (احيانا جرى استهداف طابق من عمارة، واحيان اسقاط جسر كبير بكامله). وكل هدف تم قصفه عن قصد.
وعلى الصعيد السياسي جرى تمزيق البلد. فقد بات منقسما بعد اغتيال الوزير الاول السابق رفيق الحريري( ليبرالي مفرط ووطني)، لا سيما حيال مسالة العلاقات الخارجية: استمرار علاقة وثيقة مع سوريا ( كما يريد حزب الله)، او الابتعاد عنها قدر الامكان، من اجل الاقتراب عند الاقتضاء من الولايات المتحدة الامريكية. وهذا موقف الاغلبية البرلمانية حاليا، أي تحالف عريض يضم تيارات اليمين السني والمسيحي، وكذا اليسار المؤسسي والنيوليبراليين.
بعد انسحاب القوات السورية، كان هدف اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية سحق حزب الله باستهداف السكان المدنيين، سنده الرئيسي. هل تشاطر الراي الذي مؤداه أن خطف الرهائن كان ذريعة لدى اسرائيل؟
أنسي الضيف: طبعا، والجميع متفق بهذا الصدد. كانت غاية اسرائيل والولايات المتحدة الامريكة الاساسية اضعاف حزب الله. يمكن فقط التساؤل إن كان العدوان الاسرائيلي سيبلغ تلك الدرجة من الشراسة لولا اختطاف الجنديين الاسرائيليين؟ وكذا إن كان الاسرائيليون سيوقفون الهجوم في أمد اقصر لو لم يبد حزب الله ما أبداه من مقاومة؟ و الى أي حد قصد الاسرائيليون تدمير اقتصاد لبنان؟ فقد جرى قصف مصانع عديدة بملك مقاولات لبنانية أو عربية- منافسة لمقاولات اسرائيلية عاملة بالعراق؟ تلكم اسئلة ينقسم اللبنانيون بصددها.
ما دلالة الحرب الاخيرة بلبنان في سياق أوسع؟
أنسي الضيف: اعتبر الرئيس بوش لبنان جبهة ثالثة ضد الارهاب، جبهة جديدة في تلك "الحرب الشاملة" التي تبرر السياسة الامبريالية الامريكية وتصعيد القمع داخل البلد. كما جرى استعمال هذه الجبهة لتجريب عدد من الاسلحة حرمتها الاتفاقات الدولية، يفترض انها مفيدة في محاربة مقاتلي حرب الغوار. انه عنصر اول لفهم الدعم الامريكي الكامل لاسرائيل.
يتعلق العنصر الثاني بالحرب النفسية بين الكتلة الاسرائيلية –الامريكية والنظام الايراني، والمتمثل رهاناها في رسم حدود النفوذ الايراني في اطار "الشرق الاوسط الكبير" . و تنضاف الى هذا كله مصالح أخرى، مصالح النخب الاقتصادية اللبنانية، وكذا مصالح الأوربيين، والفرنسيين منهم بوجه خاص.
فثمة فعلا حلف مقدس خلف حكومة لبنان منذ اغتيال رفيق الحريري، حلف يضم اليسار التقليدي وحتى قسما من اليسار الثوري القديم. والحال ان هذه الحكومة فائقة الليبرالية تبيع بارخص الاثمان قرابة كل الخدمات والبنى التحتية العمومية اللبنانية، وتزيد الاستدانة، وتسعى الى الانضمام الى المنظمة العالمية للتجارة ،الخ. ولم تواجه منذ الازمة الناتجة عن اغتيال الحريري سوى معارضات ضئيلة جدا.
والارجع ان تزيد هذه الحرب هامش مناورتها: بات الحديث جاريا عن خصخصة اعادة الاعمار- استقال رئيس هيئة اعادة الاعمار معتبرا ان مهمته اسندت الى كيانات خاصة!- وكذا تنظيف شواطئ لبنان... والعديد من المنشآت المستفيدة من هذه السياسات هي شركات متعددة الجنسية برساميل لبنانية وفرنسية، وكذا عدة شركات غربية متعددة الجنسية ( منها Holcim).
يستعصي علينا فهم ما يتخبط فيه حزب الله من تناقضات. فبينما يطعن في شرعية الحكومة اللبنانية، يشارك في وزارات اساسية في تطبيق السياسات النيوليبرالية.
أنسي الضيف: حزب الله حزب شعبي، لكنه ايضا حزب نخبة تدافع عن مصالحها، وكذا مصالح حليفها الرئيس، ايران، وحليفها الثانوي، سوريا. يشارك في الحكومة لانه يساند سياساتها الاقتصاديةن وليس بوسعه الابتعاد عنها. ثمة من جهة خلافان كبيران مع الاغلبية البرلمانية التي يتعايش معها في السلطة: التحالفات مع سوريا وايران وكذا سلاحه هو ( الذي اعتبره زعيمه مؤخرا أبديا كالانجيل والقرآن) .
و يوجد بصدد هاتين المسالتين في عزلة داخل الحكومة، لان هذه تقصي احزابا اخرى موالية لسوريا. لذا يطالب باستقالة الحكومة الحالية بقصد تشكيل حكومة جديدة اوسع تضم احزبا قد تسانده بصدد هاتين المسالتين، لا سيما التيار الوطني الحر للجنرال ميشال عون وانصار وزير الداخلية الاسبق سليمان فرنجية. لكن يود مواصلة نفس السياسات الاقتصادية ...
جريدة solidaritéS السويسرية عدد 94 بتاريخ 27 سبتمبر 2006
تعريب المناضل-ة
أنسي الضيف باحث في الفيزياء بمدرسة بوليتكنيك بلوزان، وعضو السكرتارية الوطنية لاطاك سويسرا، وكذا مجموعة اطاك لبنان.
اجرت معه جريدة solidaritieS الحوار التالي بعد عودة له من لبنان.
--------------------------------------------------------------------------------
#أنسي_الضيف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟