|
اعادة فهم العاطفة .. أرقى ما نملك
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7519 - 2023 / 2 / 11 - 20:47
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
------------------------------------------------------ 14 فبراير هو اليوم الذى يجمع احتفالات العالم ، حول الحب . وربما يتسائل البعض ، هل لدى العالم من طاقة على الحب والاحتفال به ، وكوكب الأرض غارق فى المشكلات والحروب ، والزلازل المدمرة ، وزيادة استهلاك أدوية الاكتئاب والتعاسة ، والأمراض المستعصية ، والموت الغادر المفاجئ ، والتنغيص اليومى من المتاجرين بالأديان ، المستثمرين فى البشر ، نساء ورجالا وأطفالا ؟؟؟؟. لكن فى الحقيقة أن المعادلة طردية عكسية ، بمعنى أنه كلما غرقنا فى المآسى ، كلما ازدادت حاجتنا الى الحب ، وبالتالى الاحتفال به . وقد لاحظت أن عدد الناس الذين يتشككون فى الحب ، أو لنكن أكثر رحابة ، ونقول يتشككون فى عاطفة الانسان ، ووجدان البشر ، يزدادون . ولا أعتقد أن زيادة عددهم ، نابعة حقا من تشككهم فى العاطفة ودورها النبيل فى حياتنا ، وفى اثراء عقولنا ، بقدر ما هو رد فعل عنيف لفشلهم الذاتى فى ايجاد الحب المثمر ، والعاطفة التى تشبعهم وترويهم وتسعدهم . فالانسان امرأة أو رجلا ، عندما يفشل فى تنمية الحب ، والعثور على العاطفة المناسبة له أو لها ، فان أسهل حل هو الكفر بالشئ كليا ، ومحاولة نفيه والغائه . طبعا والهدف واضح ، أن ينسى فشله الخاص ، وأن يتفادى الاعتراف بمسئوليته الشخصية ، فى عدم عثوره على العاطفة السعيدة. وأنا لا ألوم مثل هؤلاء الأشخاص ، ولا أحاول الحكم عليهم ، بقدر ما أريد أن أفهم ، وأن ألمس أصل الأشياء ، وجذور الحقيقة . ان أغلب الأغانى والأفلام واللوحات والقصائد وغيرها من الفنون ، مستلهمة من الحب ، بكل عذاباته وحلاوته . واذا أنكرنا العاطفة الوجدانية التى نسميها الحب بين المرأة والرجل ، فهذا معناه أننا نزيل أجمل ثمار الحضارة البشرية . الحب عاطفة ذكية ، لها " عقلها " الخاص ، ولها قاموسها الخاص ، وتمتلك أنواعا فريدة من " الرادارات " التى تلتقط أصغر التفاصيل . وبالتالى ، يكون من المنطق ، ومن الطبيعى أن يأتى الحب أو العطفة الوجدانية ، لمنْ تتميز قلوبهم بالطيبة والنبل والذكاء والحيوية والشغف العاطفى . لكن ما أكثر الناس ، الذين يحصدون المال ، والمناصب ، والشهادات ، ورضاء الناس ، لكن عواطفهم ، ميتة ، وقلوبهم باردة ، غارقون فى الحماقات ، عطاؤهم شحيح ، أو منعدم ، مشاعرهم خشنة ، أحلامهم تخاصم العدالة ، لاشئ بداخلهم ، الا التعصب ، والفراغ ، والخواء ، والأنانية . على مر العصور ، يتم " تهميش " ، دور العواطف . بل وتحقيرها . وهذه جريمة أولى . أما الجريمة الثانية ، فهى الصاق صفة " العاطفية " ، على المرأة ، فى اشارة الى أنها " هوجاء " ، " مضطربة " الانفعالات . كثير من الوظائف ، مازالت تُحجب ، عن المرأة ، اعتمادا على أنها " عاطفية "، لا يمكن الاعتماد على " عقلها " . يؤكد الواقع ، أن العمل " الفريد " ، " المتميز " ، هو بالتحديد ، العمل المتكامل ، الذى آلف بين العقل ، والعاطفة . ان " الابداع " ، نفسه ، بالتعريف الدقيق ، هو " ذاتية " الانسان ، فى قالب جمالى ، ممتع . بمعنى آخر ، هو كيفية تحويل ذاتية فرد واحد ، ألا وهى ذاتية المبدع ، الى " عمل " ، يمس ذوات الآخرين . كما سبق ذكرنا أن جميع أنواع الفنون ، تُفصل من قماشة العواطف ، والمشاعر ، والأحاسيس . وهى تجذبنا ، وتسحرنا ، بشكل أكبر ، وأجمل ، مليون مرة ، من المحاضرات ، والدروس ، التى عادة ، تخلو من صوت العواطف . ان العاطفة السليمة ، فى العقول السليمة . والعقول السوية ، تثمر العواطف السوية . والحضارة السليمة ، السوية ، تحتاج الى العقل ، والعاطفة معا ، حتى تتوازن ، وحتى لا يأتى تطورها ، كيانا ، ماسخا ، مشوها ، عاجزا ، عن اسعاد البشر ، كما هو الحال ، فى عالمنا المعاصر . أليس من المألوف ، أن يرضى المحامى ، بالدفاع عن موكله ، الذى تتشابك كل الأدلة العقلية المادية ، لترسله الى المشنقة ، وتكون فعلا قضية خاسرة ؟؟ لكن المحامى ، يتبنى القضية ، مفسرا : " أشعر أن موكلى برئ ... شئ بداخلى ينبئنى أنه لم يرتكب الجريمة ". هذا الشئ الداخلى ، هو صوت " العاطفة " السليمة ، السوية ، التى لم تكتف ، بالدلائل العقلية ، ولديها رأى آخر فى القضية . وفعلا ، يجد المحامى ، بعض التفاصيل المنسية ، أو بعض التناقضات فى مجرى الأحداث ، وأقوال شهود الاثبات ، التى تؤكد صدق عاطفته ، وتنقذ بريئا من الاعدام . وكم من الأبرياء ، أنقذتهم العواطف ، بمعن الحب الذى بدونه ينعدم الشغف ، ونضل الحقيقة ، ونتوه وسط ضباب لا نهاية له . فالعاطفة الوجدانية أو الحب ، ليس مطلوبا فقط بين الرجل والمرأة . ولكنه مطلوب فى كل شئ نفعله ، حتى يحسه الآخرون ، ويستفيدون به . وما أكثر التجارب التى تمر بنا ، تجبرنا على الانصات ، الى قلوبنا . اذا كان العقل ، السليم ، السوى ، يقرأ سطور القصيدة . فان العاطفة السليمة ، السوية ، تقرأ ما بين السطور . اذا كان العقل السليم ، السوى ، هو الطريق . فالعاطفة السليمة ، السوية ، هى الطاقة الايجابية المشعة ، التى تضئ هذا الطريق . والحب ، هو تلك الطاقة الايجابية المشعة ، التى تفتح كل الأبواب المغلقة ، والنوافذ الموصدة . وحين يحتفل العام ب 14 فبراير ، فهو يجدد الايمان برسالة الحب والعطفة الوجدانية فى حياتنا .
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يا أنت .. ماذا أريد منك .. امرأة البحر ...... ثلاث قصائد
-
لست امرأة الأبد .... خمس قصائد
-
30 يناير اغتيال - غاندى - : الحقيقة تبقى حقيقة حتى لو لم يؤم
...
-
هو لا يتكلم وأنا لا أعود ... قصة قصيرة
-
امنحينى قليلا من الوقت ... قصيدة
-
الشخصيات المبدعة - محميات طبيعية -
-
تنقصنى الشجاعة الكافية .... قصيدة
-
العشق أحلى حين افترقنا ... أربع قصائد
-
اعلان مصر دولة هادئة عام 2023
-
2023 ... عام جديد يؤكد القسم لأمى بألا أتزوج الا - القلم -
-
عبادة الميكرفون صناعة الكفار
-
مُطاردة ... أربع قصائد
-
المقاومة الايرانية الشعبية تستحق كأس العالم فى الشجاعة والحر
...
-
نعى كاتبة ... قصة قصيرة
-
- خصخصة - الايمان
-
الفكر - الكهنوتى - وذكرى ال 74 للميثاق العالمى لحقوق الانسان
-
لست متفرغة للعشق .. لِم طاوعت شفتيك قصتان قصيرتان
-
حملة اعلامية قومية لفض الاشتباك بين فض غشاء البكارة ومعنى ال
...
-
الدولة المدنية وصلابة البنية الداخلية
-
كما لم أستسلم لأى رجل ...... قصة قصيرة
المزيد.....
-
السجن 11 عاما لسيناتور أمريكي سابق لتلقيه رشاوى من رجال أعما
...
-
مبعوث ترامب: على مصر والأردن تقديم بديل لرفض استقبال الفلسطي
...
-
المقاومة الفلسطينية وأسطورة ترامب
-
هيغسيث: إسرائيل حليف مثالي للولايات المتحدة
-
علماء يكشفون كيف وصلت الحياة إلى الأرض
-
ماسك يرد على ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام
-
برلماني أوكراني: زيلينسكي يركز جهوده على محاربة منافسيه السي
...
-
رئيس جنوب إفريقيا يحذر نظيره الرواندي من عواقب الفشل في وقف
...
-
مستشار سابق في البنتاغون: على واشنطن وموسكو إبرام اتفاقية أم
...
-
منعا للتضليل.. الخارجية الروسية تدعو إلى التحقق بعناية من تص
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|