حسين موسى البناء
أكاديمي وكاتب
(Hussein Albanna)
الحوار المتمدن-العدد: 7517 - 2023 / 2 / 9 - 02:24
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الإنسان ورحلةُ الوعي النخبوية
ما إنْ يُقرر الإنسانُ أن يُلقي وراءه كل تلك الأكوامِ مِن القيود والسلاسل التي قيّدت طويلًا عنقه وعقله ووعيه، مِن رواسب ثقافية وجيناتٍ فكرية وأمراضٍ نفسية و موروثٍ تاريخي وأنانية مفرطة وغزوات النهب والسبي وعبودية أخيه الآدمي وتراكماتٍ لتجارب مؤذية أخرى.
ما إنْ ينعتق مِن كل ذلك فإنه يبدأ رحلة الآلام التي لا تكاد تنقضي، حيث يكتوي المرء مرةٍ تلو المرة، فيستيقظ بعد كل كيّةٍ وقد أصبح نسخةً أخرى، ثم يكتوي فيستيقظ أكثر، وهكذا في مسيرةٍ تُحطّم سلسلةً ممتدة متماسكة من الأصنام والأوثان والمسلمات والمقدسات والأكاذيب والأوهام والسرديات الكبرى والخرافات الجزئية، فتتساقط أمامه واحدةً تلو الأخرى، ثم ينتقل إلى عالمٍ جديد، غريب، وطريقٍ ممتد لا يطرقه سوى قِلةٍ من البشر، ثم يمضي بعيدًا في رحلةٍ بنائية كبرى، لأفكارٍ جديدة، ومبانٍ عقلية شاهقة، ويُسطّر كتابه الأزلي بحبرٍ من الدم والدموع، رحلة بناء أنساقٍ مستجدة، تنضج يومًا بعد يوم، وألمٍ بعد ألم، يرافق ذلك شعور موجع بالعزلة، والبرد والصداع.
خُلِقَ الإنسان في كَبَدِ رحلة البحث عن الحقائق الكبرى للوجود، وكبد رسم أطرٍ أكثر صدقيّة للماضي، وأكثر استبصارًا للحاضر، وأكثر خيرية للمستقبل.
إنها رحلةٌ تجعلك تنسلخ عن الرواية الدارجة والتأويلات الذاتية، فيتم سلخ جلدك أمام كل انسلاخةٍ من تلك، لتبقى عظامًا شاذة عن المألوف، مُطارد مِن الجميع، مكروه مِن كثيرين، لكنك إن نجوت من ذلك كله تكون قد وَلّدت عالمًا جديدًا بذاته، عالمٌ أفضل للحياة.
#حسين_البناء
#حسين_موسى_البناء (هاشتاغ)
Hussein_Albanna#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟