طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.
(Talal Seif)
الحوار المتمدن-العدد: 7515 - 2023 / 2 / 7 - 13:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ منتصف ستينيات القرن الماضي وحتى بداية الثمانينات كان الإعلام الحكومي المصري يحظى بثقة المتلقي بنسب تتجاوز ال ٨٠% تلك النسبة التي قلت تدريجيا مع معطيات الحداثة ودخول رجال الأعمال كمنافسين للإعلام الحكومي ولرصد تلك النسب بدقة نحتاج إلى مساحات كبيرة من السرد لا يتسع المجال هنا لذكرها، لكن ما يمكن أن نسميه بإعلام الأذرع المبتورة جاء مع سيطرة المجلس العسكري على الحكم فى مصر واستحكمت تلك الحلقة تحديدا فى العام ٢٠١٦ مع بداية التخسير المتعمد من نظام السيسي، لجهاز مصر الإعلامي الرسمي (ماسبيرو)، الذي عمد إلى تكليف جهازي المخابرات العامة والأمن الوطني فى تبني جميع ملفات الإعلام سواء الحكومي والمسمى بالخطأ الهيئة الوطنية للإعلام أو الإعلام التجاري المسمى بالخطأ ( الحر) فلم تعد الخرائط البرامجية تخرج من وجدان معدي البرامج، بقدر ما تخرج من أروقة جهازي الأمن الرئيسين فى مصر، ولم يقتصر الأمر على ذلك الاحتكار الأمني بل تجاوزه ببناء منظومة إعلامية بديلة عن ماسبيرو الذي هو إعلام الدولة الرسمي ، لتصبح مصر بين جهازين متناقضين. يمثلان الدولة. الأول يخضع للأجهزة الأمنية دون إعلان، والآخر معلن بأنه مملوك لجهاز المخابرات العامة. مما دفع النظام المصري إلى محاولة التخلص من الجهاز القديم بطريقة الأذرع المبتورة، والتي تتمثل فى سجن أو تهديد أو منع كل رأى لا يخضع لمساراته الأمنية. مستندا إلى قوانين تكبل الحريات تماما وتم صناعتها خصيصا لخدمة تلك الأهداف، ألا وهي تهم: نشر أخبار كاذبة عن الدولة والانضمام لجماعة إرهابية وتكدير الأمن العام وعدم احترام رئيس الجمهورية والجيش والشرطة ومجلس النواب. فى محاولة بائسة لتجميد الرأي العام والحر، فأصبحت تلك الممارسات مشانق معلقة فى رقاب الإعلاميين الأحرار. فكان الأكثر تضررا من سياسة الأذرع المبتورة الذين يعملون فى ماسبيرو والذين لم يحصلوا على مستحقاتهم المالية منذ عام ٢٠١٦ وإلى الآن، وتم الزج ببعضهم فى السجون وتلفيق قضايا للبعض فى محاولة لبتر أذرعهم الوطنية. فأصبح الإعلام الأمني فى مصر مثار سخرية القاصي والداني، ذلك الإعلام الذي يحاول تجميل وجه حكومة أسقطت مصر فى الفقر والجهل والجوع والديون، حتى أصبح من الصعب عمل جراحة عاجلة لوصل الأذرع المبتورة فى أوصالها.
#طلال_سيف (هاشتاغ)
Talal_Seif#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟