فجر يعقوب
الحوار المتمدن-العدد: 1705 - 2006 / 10 / 16 - 05:11
المحور:
الادب والفن
السطو المسلح على وهم الحركة
لن يغضب الأسد الآشوري المجنح وهو يحرك قدمه الخامسة ويتابع مثلنا من مكان ما على هذه الأرض نزع ذاكرة العراق من الداخل والخارج كما عرض لها الفيلم الوثائقي (سرقة لمهد الحضارة) وبثته محطة العربية مؤخراً، فنحن لا نعرف الآن ما إذا كان هذا الأسد المجنح الخاطف للأفئدة ومروع القلوب قد انتهب من متحف (بغدا...نوس) نسبة للملاكم الأمريكي السابق، والكولونيل اللاحق الذي عهدت إليه مهمة حماية متحف بغداد بعد سقوطها الاستثماري المهين في شرك اللاعبين الكبار.
ربما انتهب هذا المجنح مع آلاف القطع الأثرية التي تسللت إلى خارج العراق عبر قنوات عربية (يؤكد الفيلم أن العاصمة الأردنية عمان كانت القناة الرئيسية في تهريب هذه القطع، وعلى متن الخطوط الجوية الملكية الأردنية) لتغطي على زئيره وانغماسه بتفصيل أسماء لصوص بغداد.
على أية حال لم تنتظر (الأرض الشبيهة بسطح القمر) سقوط بغداد في أيدي الضباع الجدد كي يتم نهب متحفها، فاللصوص المحليون كانوا قد نظموا حفلات السلب المنهجي للكنوز العراقية منذ أكثر من عقد، والكثير من هذه الكنوز المدللة كانت تجد طريقها بشيء من "الرومانسية" إلى متحف الأراضي التوراتية في إسرائيل.
ها هو رجل المافيا جورج أورتيز يتساءل عن ناصيات هذه الأراضي عن الإغراء الموجود في القطع السومرية، فيقول إن الروح فيها تجعله يقع في الحب من أول نظرة.
ظالمة آثار العراق كلما دعت الحاجة إليها، فالأسد الآشوري المجنح انتهى دوره، وأصبح يزأر من خارج النص العراقي، فهو لم يعد يقف أمام قصر الملك الآشوري ليثير الرعب في قلوب زائريه، ولم يعد يقف على خمسة قوائم، فكل الأسود تقف على أربع قوائم إلا هو، فلا يرى الضيف الزائر سوى أربعة، فيما تختفي الخامسة وراء إحدى هذه القوائم ولا تظهر له إلا عندما يغير زاوية نظره فيبدو وكأن إحدى القوائم تحركت، وكان وهم الحركة هذا كافياً ليدب الرعب في قلب الوافد ويهز فؤاده، فيستثمر الملك وقيعته، وهي وقيعة القلب في مقتلة الوهم. يقول علماء الاجتماع الأمريكيين إن على البشرية قاطبة أن تستمع إلى زئير أسد مترو غولدوين ماير لقرنين من الزمان على الأقل.
ترى هل كان على الأمريكيين أن يحتلوا الوهم أولاً حتى يكملوا احتلال العراق؟!
#فجر_يعقوب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟