|
سطور عن ملحمة الإلياذة
ديلمون كريم
الحوار المتمدن-العدد: 1704 - 2006 / 10 / 15 - 10:40
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
لكل مرحلة من مراحل التاريخ ملاحم وأساطير، سواء كانت واقيعية أم خيالية. فمقياس تلك الأساطير يكمن في خصوصيات ذلك العصر وتلك الحضارة التي نشأت فيها. المهم هنا، مهما يكن هناك جانب خيالي في الأساطير، إلا أنه يعبر عن حقيقة عابر. فإلياذة هي ثالث ملاحم التاريخ التي ترسخت في ذاكرة الحضارات بعد ملحمة جلجاميش السومرية وملحمة الوا أليش البابلية. مؤلف ملحمة الألياذة هو هوميروس الإغريقي، فالكثير من المؤرخين يقولون بأنه عاش في القرن التاسع ق.م. ولم يكن هناك اسم بهذا الشكل في مرحلة حرب الإغريق والطرواديين. أما هيرودوتس يقول بأنه من مدينة"خيوس" القديمة في ولاية اليونان في أعلى ساحل اأناضول، وأسمها "إيسونيا". ويقول بأنه عاش في القرن السابع ق.م. لكن أغلب المؤرخين يتفقون على أن حرب طروادة كانت في القرن"12"ق.م. ونرى في النتيجة بأن هوميروس لم يشارك في الحرب، إنما كان مؤلف هذه الأسطورة. ولأن الملحمة هي ملحمة شعرية، فيكون الأصح بأن هوميروس لم يشارك في الحرب، إنما كان مؤلف هذه الأسطور ولأن الملحمة هي ملحمة شعرية،فيكون بأن يكون المؤلف شاعراً أو فناناً على الأغلب. أما النمط الشعري في الوزن فيسمى "السداسي"ويتألف من مقاطع طويلة وقصرة منسقة تنيسقاً خاصاً،وقريب إلى طويلة وقصيرة منسقة تنسيقاُ خاصاً وقريب إلى الوزن العربي،في الإلياذة يدخل الآلهة والإلهات كآشخاص عاملين من أسرة واحدة.فنقاشاتهم وسلوكهم وخططهم وأعمالهم تؤثرعلى مجرى كل أحداث الحرب. فنرى عند الإغريق ان شكل الآلهة هو نفسه الموجودة في الشرق وخاصة سومر وبابل، ولكن يتغير أسمائهم فقط. فعندهم زيوس هو الرب الأكبر العظيم وفوق الجميع، والذي يسكن الجبل في شمال البلاد ويسمونه " الاولمب" قوق مرتفع عالٍ وفي نفس الوقت هو إله السماء أيضاً. إما أثينا فهي إلهة الحكمة عندهم، والتي تساعد الإغريق دائماً ضد الطرواديين في الحرب. أما أرس فهو إلهة الحرب. وهنا أريد لفت أنتباه القارئ الكريم، بأن ثقافة سومر ومصر، قد تنقلت إلى الأغريق عن طريق الفينيقين . وباب الأناضول ( طروادة) قد لعب دوراً بارزاً في التجارة بطريق البحر فقد أنتقلت أدوات الإنتاج البرونزية بطريقهم، وكذلك تطورالعلاقات الحرفية بينهم. ويجب علينا عدم نسيان مجيء تالس وفيثاغورس إلى مصر وبابل، حيث تعلموا وتلقوا تدريبهم، فحتى ذلك الوقت لم يكن هناك اية مدرسة تذكر لدى الإغريق. ولا ننسى بأن هوميروس قد عاش قريباً عن الأناضول، ولهذا يكون تأثير ثقافة الشرق قوياً عليه. ونستطيع القول بأن سبب الحرب هو أطماع الإغريق على تراث الشرق . فحسب إلياذة هوميروس، سبب أندلاع الحرب بين الإغريق والطرواديين هو الملكة ( هيلانة) والتي هي بنت تيداروس ملك الاسبارطة. وقد تزوجت من مانيلا بن أتزيذ، فيأتي فاريس إلى أسبارطة ليحل ضيفاً على مانيلا، ليرى عمته الذي تزوجت منه. وبخروج مشكلة أثر مانيلا الذهاب لحل المشكلة في إحدى ضواحي المملكة . ويقول البعض بأن هيلانة آثرت الزواج من مانيلا لعدم خروج المشاكل. وعند مجيء فاريس يقع في حبها ويهربان معاً إلى بلاد طروادة. وبهذه الحادثة تبدأ المشكلة ويستعد مانيلا وأخوه أجاممنون للحرب والانتقام من الطرواديين . الحملة تبدأ بمحاصرة طروادة بمائة ألف رجل و 1186 سفينة معهم، ولدى وصولهم إلى مدينة فريس التي كان فيها هيكل لافلون يبدي الإغريق في النصب وسرقة كل الممتلكات الموجودة، ويخذون ابنة الكاهن الذي يخدم هيكل لافلون يتوسل إليهم الكاهن في ترك ابنته مقابل إعطاء فداء، ولكن أجاممنون يهين الكاهن ولا يرد ابنته. بغضب الالهة على عمل أجاممنون بسبب ذلك الإهانة،ويرسل سهام الموت تسعة ايام على رجال الإغريق وفي اليوم العاشر، يردون الفتاة إلى أبيها وإعطاء مائة ذبيحة فوقها قرباناَََ، آلا ان أجاممنون يقبل رجوع الفتاة لأبيها، لن يتخلى أخيل عن فتاة"بريسيز" . ومن مو قف أجاممنون يقرر أخيل عدم خوض الحرب بسسب إهانته له. لكن حسب ما يظهر بأن هذه المدينة قد قاومت الإغريق كثيراً ووصلو إلى أتفاق في عدم أعتداء على قيم الناس . أما الطرواديون فإنهم يقاومون مقاومة لا توصف رغم الحصار، إلا أنه تمر سنين من الحرب والحصار. ويظهر في الإلياذة بان بعض الشعوب والأقوام قد ساعدوا إخوانهم الطرواديين. وفي إحدى الأبيات يقول: هاهم امراء ميديا يأتون للمساعدة بعدد كبير . ان احدالأبطال الطرواديين الذي يذكر باسمه كثيرا هو هكتور الذي تزوج "أندروماخ" وصار لهم ولداً. وهكتور هو ابن فريام ملك الطرواديين. هكطور يقتل الكثير من الأبطال الإغيرق وأحداهم هو "فطرقل" أو "بتروكلوس" الذي أعطاه أخل لباسه والسلاح العسكري. اما أخيل يعاهد في الأخذ بثأر فطرقل، وعدم دفنه حتى يأتي بجسد هكتور هنا وينضم اخيل للحرب. يريد زيوس أيقاف الحرب التي أهلكت الجميع، ولن زوجة هيراء وأثينا تعارضه في الرأي ويخضع زيوس لمتطلباتهم. هنا نرى بعض الآلهة لاينضمون إلى أعمال أثينا، ولهذا يتم تجاوزهم. يحارب أخيل وهكتور وجهاً لوجه حول المدينة، فالمعركة كانت لصالح أخيل ويهرب هكتور امامه واخيل يطارده. في هذه الأثناء تنزل أثينا من الأولمب العالي وتقول لأخيل بانه سوف ينتصر ومصير هكتور هو الموت، وبهذا تعطي الجسارة لأخيل. وتذهب أثينا إلى حيلة في خداع هكتور وجزبه لمحاربة أخيل، وتقوم أثينا بتنكر ذاتها بزي أختها "زيفوب" وبعض يقول أخر يقولون بزي اخيه ، ويقترب من هكتور ويقول له يا أخي أن أخيل يطاردك ثلاثة مرات حول المدينة فتعال نهاجم عليه. وبهذا الشكل يخدع هكتور بأختها المزيفة، فيهاجم هكتور برمح على اخيل. ولكن أثينا تساعد أخيل لكي لا يصيبه الرمح، بدون أن يرى هكتور. وعندما بقي هكتور بدون رمح، ينادي لأختها"زيفوب"ولكنها غير موجدة، فعرف هكتور بانه خدع من أثينا فيقول لنفسه (إذا كان لابد أن أموت فلأمت على الأقل بما تتناقل ذكراه الأجيال الآتية). ويقتل هكتور بيد أخيل .يدفن أخيل صديقه الذي حارب من أجل أخذ ثاره، بعد أن ذبح 12 من شبان طروادة. وحسب التقاليد، فإكراماَ للموتى، يبدأون بمسابقة بين أشجع أبطالهم. ولكن أخيل لا يشارك في المسابقة. يسلم جسد هكتور لأبيه بوحي من الآلهة والالمب ويحث هدنة 11 يوماً ليتقدموا بالمراسيم الدفن. يقتل أخيل بيد فاريس بضربة رمح. ولهذا نرى حتى بموت أخيل لم تسقط طروادة. ففي نهاية ملحمة الألياذة تدل أثينا بحيلة "للاويسيز" ومنهم من يقول بأنه "إفيوس" من الإغريق، وليتظاهرو بأنهم يرجعون إلى بلادهم. وبعد فعل ذلك فإن الطرواديين عندما رأو بأن الإغريق يتراجعون نسوا أعداءهم ووقعوا في نشوء النصر، وأدخلوا الحصان ليكون لهم تداراالحرب عشر أعوام. ولكن في الليلة نفسها،خرج الرجال من الحصان الكبير وفتحوا أبواب المدينة والأسوار المحيطة بها، وبهذا الشكل وقعت المدينة الجميلة بيد الأغريق،وفتحت أبواب الأناضول الشرق لهم،بذلك الفكر الخبيثة من أثينا . أن شي الذي نستخلص من ملحمة الإلياذة هي: أن ثقافة الشرق قد فتحت للغرب عن طريق سيطرتهم على طروادة . ثانياً : أن الحرب ليست من أجل الملكة هيلانة وأنما من أجل تراث الشرق ومطماعهم فيها . ثالثاً : شكل الرواية والشخصيات وألهتهم نفس ألهة ثقافة الشرق فيتغير أسمائهم فقط . رابعاً : أزدواجية وثقافة الكذب والخداع في شخصية ألهة أثينا . خامساً: نظام الإلهي الابوي المتمثلة في شخصية زيوس . سادساً: ثقافة اليونانية جانبها السلبي وهي لا يستطيع المرء الثقة بهم و خاصة من ناحية الصداقة . سابعاً: في شخصية هكتور الطروادي تظهر لنا مدى خداع شخصية الشرق وإيمان سريع بالمسائل . وفي النتيجة فأن ملحمة الإلياذة ورغم اظهار ومدح طرف واحد إلا أنها تبين لنا بعض الحقائق التاريخية العابرة والتي تظهر لنا في يومنا الراهن ذلك الأفكار والمفاهيم بكل معانيها سوءاً من ظاهرة الثقافة اليونانية المتمثلة في شخصية أثينا وسقراط . وكذلك ظاهرة الشرق المتمثلة في مدينة طروادة وتراثها العريق وكذلك في شخصية هيكتور .
#ديلمون_كريم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دمقرطة الفكر العربي
-
الهوية القومية ...أم هوية الثقافة الديمقراطية .............؟
-
ولادة جديدة لحضارة الشرق الاوسط
-
الثقافة و عصر الحضارة الديمقراطية
المزيد.....
-
بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن
...
-
مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية
...
-
انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
-
أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ
...
-
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو
...
-
-يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
-
عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم
...
-
فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ
...
-
لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|