|
30 يناير اغتيال - غاندى - : الحقيقة تبقى حقيقة حتى لو لم يؤمن بها أحد
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7507 - 2023 / 1 / 30 - 18:47
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
-----------------------------------------------------------------------------------------
الكتابة عنه تحملنى الى آفاق ، تدهشنى ، تحيرنى ، وأتشكك هل مثل هذا الرجل " الغريب " ، " العجيب " حقا مشى على هذه الأرض ، وتنفس هواءها مثلنا ؟؟. ولماذا لا يكون غريبا ، وعجيبا ، وقد جاء من أرض الغرائب والعجائب والسِحر ، والمتناقضات ، والحكمة ، وعبق التاريخ ؟؟. هو المهاتما " غاندى " 2 أكتوبر 1869 - 30 يناير 1948 ، الأب الروحى للهند ، وزعيم " الساتياجراها " فلسفة الوصول الى الحق دون عنف . الرجل الذى عاش ضد القتل باسم الآلهة ، يقتله هندوسى متعصب ، من أنصار القومية الهندوسية ، اسمه " ناتهورام غودسى " ، فى حديقة " بيت بيرلا " ، ظهر يوم 30 يناير 1948 وهو يصلى مع الحشود . لم يعش " غاندى " ، ليرى ثمرة كفاحه ، المؤسس على المقاومة السلمية ، والعصيان المدنى ، ويكون شاهد عيان على وطنه " الهند " الذى أصر على النهضة والتقدم و دستور علمانى يوحد 500 مليون شخصا ، ينتمون الى عدد كبير من الديانات والأعراق والجنسيات والطوائف والمذاهب . ألهمنى " غاندى " الحكمة والقدرة على تحويل العدو الى صديق . وكيف تكون روح المرح والسخرية سلاحا ضد الهزيمة أو اليأس . علمنى بساطة العيش ، وكراهية المظاهر المزخرفة الفاسدة . آمنت بما آمن به " غاندى " ، أن الحقيقة تبقى حقيقة ، حتى ولو لم يرها أحد . والخطأ خطأ حتى لو اعتنقه الجميع . يعاودنى الأمل حين أتذكر مقولته : فى البداية يتجاهلونك ثم يسخرون منك ثم يحاربونك ثم تنتصر " . كان يرتدى ما يعرى جسده أكثر مما يخفيه ، وحين سئل لماذا وهو من أسرة ميسورة ، قال : " أنا أمثل أمة من العراة والجائعين ، و لا أجرؤ على القاء خطبة عن الفقر وأنا أعيش حياة الأثرياء ... واذا أراد الله أن يؤمن به الناس فى الهند ، فعليه أن يظهر كرغيف من الخبز ". أدرك " غاندى " ، أن بداية تحرير الهند ، هى تحرير الهنود أنفسهم ،من التفرقة الدينية، والطائفية المتعصبة. ان الهندوكية ، تقسم المجتمع الهندى إلى نظام من الطوائف . على القمة طائفة "البراهما " هى الطبقة العليا ، لأنها تمثل اله الخلق والكون ، ويكونها القائمون على الدين والفكر. فى القاع طائفة " التشودرا "، حيث أصحاب المهن اليدوية المختلفة، وأصحاب الحرف العديدة . من طائفة القاع ، نشأت فئة «المنبوذين» ،التى تقوم ب أحط الأعمال . ولا تزاوج ، بين طائفتين مختلفتين ، ولا يحق لانسان تغيير طائفته الى أن يموت . قام " غاندى " بتزويج اثنين من طائفتين مختلفتين ، بل من أبعد الطوائف ، طائفة البراهما ، وطائفة التشودرا ، فى أول سابقة تاريخية ، وأطلق على " المنبوذين " اسم " هاريجان " أى أطفال الله. فى 12 مارس 1930 ، بدأت مسيرة الملح الشهيرة . خرج «غاندى» من مدينته أحمد أباد، فى ولاية غوجارت ،سائراً على القدمين ،إلى قرية داندى، فى مقاطعة سوارت . بدأ السير مع تسعة وسبعين من أتباعه. وحين وصل إلى محيط العرب فى سوارت ، كان قد مشى يوماً كاملاً ،قاطعاً خمسمائة كيلو متر.وعلى طول الطريق، تحول الجمع الصغير المؤمن بالعصيان المدنى ،إلى الآلاف من الهنود فى المدن وفى القرى ، احتجاجاً ضد احتكار الانجليز الملح ، وفرض ضرائب باهظة على تداوله . أدرك " غاندى " ، أن الاستقلال السياسى لن يتحقق ، طالما أن الهند تصدر انتاجها الزراعى كمادة خام ، ثم تشترى المنتجات الانجليزية الجاهزة . ولهذا دعا الهنود الى احياء الصناعات القديمة ، والحرف اليدوية التقليدية ، والعودة الى النول اليدوى ، والامتناع عن شراء الأقمشة الانجليزية . وقعت الامبراطورية العريقة العتيدة ، ماذا تفعل مع ملايين الهنود ، الذين يحتشدون دون عنف ، يسلمون أنفسهم للسجن والتعذيب دون مقاومة ، ولا يشترون البضاعة الانجليزية ؟. وفى 15 أغسطس 1947 ، نالت الهند استقلالها ، بفضل رجل آمن باللاعنف ، والتف حول وطنه ، لا حول السُلطة . وكل عام يحتفل الهنود بيوم اغتيال " الأب والروح العظيمة "، ويعلنون التمسك بمبادئه النبيلة . وفى العام الماضى ، أقيمت جدارية له فى مدينة أحمد أباد . يرتفع تمثال " غاندى " شامخا ، مترفعا ، فى ميدان البرلمان ، فى لندن ، عقر دار الامبراطورية التى اعتقلت " غاندى " أكثر من مرة ، و كانت جيوشها ، يقتلون الهنود العُزل المسالمين ، بالرصاص والعصا والكرابيج ، وهم متفاخرون بخيولهم وسطوتهم ؟؟. هنيئا لأم " غاندى " السيدة " بتليباى " ، التى أنجبت للبشرية رجلا استثنائيا ، أصبح يوم ميلاده عطلة وطنية فى بلده ، واليوم العالمى لنبذ العنف . تُرى هل أدركت بقلب الأم أنها تحمل فى أحشائها ، جنينا هو خطر النبؤة والثورة ، ستغيران شكل الوطن والعالم ؟؟. انهن الأمهات ، المنسيات دائما ، بفضلهن يستمر عطاء نهر الحياة ، متدفقا الى الأبد . " غاندى " له مقولات كثيرة فى كل قضايا الحياة . أكثرها تأثيرا فى نفسى هى : " يمكنهم أن يعتقلونى ، ويعذبونى ويدقون عظامى حتى الموت . لكن حينئذ سيحصلون على جسدى الميت ، لا طاعتى وخنوعى ". شاهدت فيلم " غاندى " التحفة السينمائية المبهرة ، أكثر من مرة ، بطولة " بن كينغسلى " ، وأخرجه " ريتشارد أتنبره " واستحق عن جدارة 8 جوائز أوسكار ، منها أفضل ممثل وأفضل مخرج وأفضل فيلم . وهو مستوحى من قصة وتجارب " غاندى " هو شخصيا منْ قام بكتابتها وتأريخها . غابت الشمس عن الامبراطورية التى لم تكن تغيب عنها الشمس . ولكنها لم ولن تغيب عن حياة ونضال وفلسفة ، رجل من أعظم الشخصيات التى مشت على تراب كوكب الأرض .
ختامه شِعر ------------ قبل ارتدائى الكفن ليس مقاسى قبل رحيلى المفاجئ غير المبرر عدينى يا حبيبة عمرى الضائع
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هو لا يتكلم وأنا لا أعود ... قصة قصيرة
-
امنحينى قليلا من الوقت ... قصيدة
-
الشخصيات المبدعة - محميات طبيعية -
-
تنقصنى الشجاعة الكافية .... قصيدة
-
العشق أحلى حين افترقنا ... أربع قصائد
-
اعلان مصر دولة هادئة عام 2023
-
2023 ... عام جديد يؤكد القسم لأمى بألا أتزوج الا - القلم -
-
عبادة الميكرفون صناعة الكفار
-
مُطاردة ... أربع قصائد
-
المقاومة الايرانية الشعبية تستحق كأس العالم فى الشجاعة والحر
...
-
نعى كاتبة ... قصة قصيرة
-
- خصخصة - الايمان
-
الفكر - الكهنوتى - وذكرى ال 74 للميثاق العالمى لحقوق الانسان
-
لست متفرغة للعشق .. لِم طاوعت شفتيك قصتان قصيرتان
-
حملة اعلامية قومية لفض الاشتباك بين فض غشاء البكارة ومعنى ال
...
-
الدولة المدنية وصلابة البنية الداخلية
-
كما لم أستسلم لأى رجل ...... قصة قصيرة
-
أسلمة المونديال ... لمصلحة منْ ؟؟
-
الوداع على ورقة بردى .. قصة قصيرة
-
النساء .. لماذا يتجملن ويرتدين الأزياء الفاخرة والمجوهرات وا
...
المزيد.....
-
الدفاع التركية: تحييد 14 عنصرا من -حزب العمال الكردستاني- شم
...
-
-حل العمال الكردستاني مقابل حرية أوجلان-.. محادثات سلام مرتق
...
-
عفو «رئاسي» عن 54 «من متظاهري حق العودة» بسيناء
-
تجديد حبس المهندس المعارض «يحيى حسين» 45 يومًا
-
«نريد حقوق المسيحيين» تظاهرات في سوريا بعد إحراق «شجرة كريسم
...
-
متضامنون مع المناضل محمد عادل
-
«الصيادون الممنوعون» في انتظار قرار مجلس الوزراء.. بشأن مخرج
...
-
تيار البديل الجذري المغربي// في خدمة الرجعية يفصل التضامن م
...
-
جريدة النهج الديمقراطي العدد 585
-
أحكام ظالمة ضد مناهضي التطبيع مع الكيان الصهيوني والجبهة تند
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|