|
الصورة و القراءات المنفتحة
ياسر جابر الجمَّال
كاتب وباحث
(Yasser Gaber Elgammal)
الحوار المتمدن-العدد: 7506 - 2023 / 1 / 29 - 15:53
المحور:
الادب والفن
الصورة لغة : قال الخليل:" صوَّرت صورة وتجمع على صور "( ). وقال ابن منظور في بيان حقيقة الصورة أنها :" حقيقة الشيء وهيئته وصفته"( ). ويقول ابن فارس: "الصورة صورة كل مخلوق، والجمع صور، وهي هيئة خلقته. والله تعالى البارئ المصور، ويقال: رجل صير إذا كان جميل الصورة، ومن ذلك الصور: جماعة النخل، وهو الحائش، ولا واحد للصور من لفظه."( ). يتضح من ذلك، أن الصورة في التأسيس اللغوي تدل على هيئة الشيء، وهذا المعنى ليس بعيدًا عن الدلالة الاصطلاحية، لذلك عندما نقف على مفهوم الصورة كمصطلح فني نرصد هذا الأمر بوضوح. الصورة اصطلاحًا: يعرض الجاحظ لمفهوم الشعر عنده، فيذكر الصورة كمكون ثالث، فيقول:" الشعر صياغة وضرب من النسيج وجنس من التصوير"( ). إلا أن عبد القاهر الجرجاني في تناوله لمفهوم الصورة يرى أن الكلام نوع من التصوير، فيقول:" ومعلوم أن سبيل الكلام سبيل التصوير والصياغة وأن سبيل المعنى الذي يعبر عن الشيء الذي يقع التصوير والصوغ فيه، كالفضة والذهب يصاغ منهما خاتم"( ). وفي العصر الحديث نجد أن النقاد أولوا الصورة مكانة كبيرة ، معتمدين في ذلك على أن التجربة الشعرية تتمحور حول مدى قدرة الأديب على تصوير المعنى المراد إيصاله للمتلقي، وفي سبيل ذلك يقول غنيمي هلال:" الوسيلة الجوهرية لنقل التجربة"( ). كما يؤسس أحمد حسن الزيات المعنى ذاته، فيقول : "إبراز المعنى العقلي أو الحسّي في صورة محسوسة، والصورة الشعرية خلق المعاني والأفكار المجردة والواقع الخارجي من خلال النَّفس خلقاً جديدًا"( ). ويرى عبدالقادر القط أن الصورة الشعرية هي حصيلة التجربة الشعرية، وما تتكون منه، كاللغة والإيقاع، وغير ذلك، وأنها على " الشكل الذي تتخذه الألفاظ والعبارات وبعد أن ينظمها الشاعر في سياق بياني خاص ليعبّر عن جانب من جوانب التجربة الكاملة في القصيدة مستخدمًا طاقات اللغة وإمكانياتها في الدّلالة والتّركيب والإيقاع والحقيقة والمجاز والتّرادف والتّضاد والمقابلة والتّجانس وغيرها من وسائل التعبير الفنّي"( ). وقد أشار إلى ذلك المعنى أو قريب منه أحمد الشايب، حيث يقول : "إنّ الصورة الشعرية هي المادة التي تتركب من اللغة بدلالتها اللغوية الموسيقية ومن الخيال الذي يجمع بين عناصر التشبيه والاستعارة والكناية والطباق وحسن التعليل"( ). في حين يعتبرها جابر عصفور "الجوهر الثابت والدائم في الشعر وهي طريقة خاصة من طرق التعبير أو وجه من أوجه الدلالة" ( ). ويؤكد على ذلك، على الغريب حين قال: الصورة :" ركيزة أساسية من ركائز العمل الأدبي، فهي تمثل جوهر الشعر، وأهم وسائط الشاعر في نقل تجربته والتعبير عن واقعه"( ). فهذه هي الصورة، وهذه مكانتها في التجربة الإبداعية، إذ إنها " الدليل على مهارة الشاعر في استخدامه للمفردات اللغوية سواء في مجال التعبير عن المعاني في لغة شعرية مباشرة أو التعبير عنها في صورة شعرية، وإيثار اللغة المجازية في اللغة المباشرة "( ). وهي تدل دلالة مباشرة على مدى إحساس الكاتب بالواقع من حوله، وتصوير ذلك الواقع في لوحات فنية تؤدي الدلالة بصورة أعمق لدى المتلقي ، مما يقودنا إلى الوقوف على الدور الذي تؤديه الصورة أو وظيفتها في العمل الفني. وظيفة الصورة . إذا أردنا الوقوف على الدور الذي تؤديه الصورة في التجربة الفنية – وظيفة الصورة- فإن ذلك يؤكد أن الصورة الشعرية كانت" دومًا، موضوعًا مخصوصًا بالمدح والثناء. إنها هي وحدها التي حظيت بمنزلة أسمى من أن تتطلع إلى مراقيها الشامخة باقي الأدوات التعبيرية الأخرى، والعجيب أن يكون هذا موضع إجماع بين نقاد ينتمون إلى عصور وثقافات ولغات مختلفة ؛ولهذا أمكن القول : إن الصورة الشعرية كيان يتعالى على التاريخ"( ). كما أن علينا أن " نذكر اهتمام أصحاب الديوان بالصورة الشعرية في كتابهم النقدي : الديوان ، الذي يعد من أوائل الكتب النقدية التي أثارت موضوع الصورة عنصرًا مهمًا وركنًا أساسًا لتحقيق التجديد الشعري ، فرأوها وسيلتهم لما تطلّعوا إليه من تجديد في مقاييس الشعر النقدية التي كان مبعثها الأول ما وجدوا لصورة الشعر عند المحافظين من اهتمام بالصنعة والطلاوة اللفظية .. والخيال القريب .. مما رأوه لا يتناسب وروح العصر وما انطبّع لديهم من صورة جديدة للشعر الحديث تخالف في خطرها وظلالها تلك الصور أشد المخالفة نتيجة لاطلاعهم على الآداب الغربية وما تقر في نقدهم من مبادئ الشعر وأسسه التي حدّدتها الرومانسية والرمزية على نحو خاص "( ).، مما يعطي مساحة كبيرة تؤكد أن" التخيل أن تتمثل للسامع من لفظ الشاعر المتخيل أو معانيه أو أسلوبه ونظامه، وتقوم في خياله صورة أو صور ينفعل لتخيلها وتصورها، أو تصور شيء آخر بها انفعالاً من غير رؤية إلى جهة من الانبساط والانقباض" ( ).
#ياسر_جابر_الجمَّال (هاشتاغ)
Yasser_Gaber_Elgammal#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موسيقى الشعر والقراءات المتعددة
-
أزمة النقد ونقد الأزمة
-
-عبدالواحد حسن الشيخ- قراءة في المنجز والرؤية
-
أقنعة السيمياء
-
قانون الإزاحة
-
فلسفة المقهي دراسة في الفلكور الشعبي.
-
الجغرافيا السيميائية للمكان، وأثرها في عتبات النص الشعري
-
المزيج الثقافي والتواصل الحضاري بين الإسكندرية وغيرها من الم
...
-
زكي رستم وعبقرية الأداء قراءة في الصوت والحركة
-
سلطة العلامات
-
الانزياح التقني ( حوسبة اللغة )
-
انفتاح النص الشعري وثراء التأويل
-
ابداعات ابن رشيق القيرواني ( الزحاف ميزة الشاعر المتمكن)
-
الكوزموبوليتانية ثيمة ممتدة في تكوين الشخصية السكندرية
-
البعد العربي في الشخصية السكندرية
-
النقد الإيكولوجي
-
آداب الكاتب كما يراها السيد حافظ
-
الأنثربولوجيا الأدبية
-
البعد الكوزموبوليتاني في شخصية الإسكندرية
-
مناهج نقد عربية خالصة ومعاصرة
المزيد.....
-
-صُنع في السعودية-.. أحلام تروج لألبومها الجديد وتدعم نوال
-
فنان مصري يرحب بتقديم شخصية الجولاني.. ويعترف بانضمامه للإخو
...
-
منها لوحة -شيطانية- للملك تشارلز.. إليك أعمال ومواقف هزّت عا
...
-
لافروف: 25 دولة تعرب عن اهتمامها بالمشاركة في مسابقة -إنترفي
...
-
فنان مصري: نتنياهو ينوي غزو مصر
-
بالصور| بيت المدى يقيم جلسة باسم المخرج الراحل -قيس الزبيدي-
...
-
نصوص في الذاكرة.. الرواية المقامة -حديث عيسى بن هشام-
-
-بندقية أبي-.. نضال وهوية عبر أجيال
-
سربند حبيب حين ينهل من الطفولة وحكايات الجدة والمخيلة الكردي
...
-
لِمَن تحت قدَميها جنان الرؤوف الرحيم
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|