أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عذري مازغ - الأمازيغية حين ترفض بهواجس عنصرية















المزيد.....

الأمازيغية حين ترفض بهواجس عنصرية


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 7504 - 2023 / 1 / 27 - 00:49
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


قتل الروح:
الإشكالية التي نريد حلها هي: لماذا حين تهتم مجموعة معينة في دراسة اللغات المحلية تصبح المشكلة معقدة لدرجة تتداخل فيها قضايا اجتماعية وسياسية بشكل تطاحني؟
يمكن فهم هذه الإشكالية قبل ولادة الدولة المدنية حين كانت التجمعات البشرية تتحدد بسبب العرق او بحسب العصبيات القبلية القديمة بمفهوم ابن خلدون والتي كان سياقها طيلة قرون هي من يحدد هرم السلطة السياسية في الإمبراطوريات والمملكات القديمة وكانت العصبية في سياقها الخلدوني هي تحالف قبلي قوي تلحمه اللغة والثقافة والعادات والترابطات الاجتماعية من خلال الروابط الاجتماعية والإتفاقات وغيرها.. وبشكل عام كل ما يقوي عصبية معينة بشكل يؤهلها كي تسود ولعل مقدمة ابن خلدون مطنبة في هذا السياق في شرح الدورة الزمنية للحكم في عصره، كانت العصبية هي أس القوة في تكوين دولة جديدة وكانت هذه الدولة من خلال أزمنتها البنيوية يطول حكمها أو يقصر بناء على ما تستثمره من قوة في سيرورتها التاريخية من خلال عقود الولاء والإتفاقيات مع باقي العصبيات الأخرى وغير ذلك. في هذا السياق يمكن للنعرات القبلية أن تطرح وتطرح خلالها موضوعات اللغة والثقافة وغيرها مما يدخل في بناء هوية القبيلة باعتبارها شكلا من أشكال التعبير عن الوجود وشكلا أيضا من اشكال التعبير عن رفض سلطة العصية السائدة التي بدورها تقوم على تسييد ثقافتها، في سياق الصراع بين السائد والمسود في الدولة الكلاسيكية (دولة الملوك والإمبراطوريات) يمكن أن يكون للبحث في اللغة والثقافات المحلية حساسية مفرطة عكس الامر في سياق الدولة المدنية التي في بنيتها الإجتماعية لا تعتمد العصبية القبلية بل الصراع الطبقي وإن بدا في سياق بنيتها الزمنية(1) لا زالت تظهر بعض مقومات الدولة القبلية، (وهذا موضوع مهدي عامل اللبناني حين تطرق لما سماه بالزمن البنيوي) إلا أن السائد، ومن خلال الأسس التشريعية ذات الطابع الاجتماعي الراسمالي او حتى "الاشتراكي"، أقول هذا بتحفظ كبير كون المجتمعات ما قبل الرأسمالية في المغرب مثلا كانت تسود فيه الملكية الجماعية للأرض، وهو شكل اشتراكي بلغتنا الحالية، مشاعي بلغة ماركس ويظهر هذا من خلال ما نسميه في المغرب حتى الآن بأراضي السلالات الجماعية التي كانت سائدة حتى مع الفتح الإمبريالي الفرنسي للمغرب حيث فرنسا من خلال ممثليها بالمغرب هم من بدأوا في التمليك الفردي لهذ الأراضي (وهذا ليس سياق تحليلي ).
لماذا الآن يطرح مشكل اللغات المحلية؟
لا يمكن مناقشة هذا الموضوع إلا في سياق التجاذبات بين تداخل هذه الأزمنة في الدولة الحديثة بين ما يشكل فيها إرث الدولة الكلاسيكية التي قامت على العصبية القبلية وإرث الدولة المستحدثة بفعل خارجي وهي الدولة المغربية الحالية التي تحاول جاهدة الإبقاء على شكل الإستثناء التاريخي: الوجود المكتسب بالإرث التارخي برغم ان العلاقات الرأسمالية وأنساقها تتجاوزها، ورغم كل تلك المقومات التشريعية التي تؤبد لها من خلال خلق أجواء للتكيف من قبيل "المملكة ضامن للتوحد"، ومن خلال صناعة ثقافة الثابت أو الثوابت وهي المؤشر على وجود ثقافة لها حساسية اتجاه الثقافة أو الثقافات المحلية: إن ما يخيف الدولة المغربية في حساسيتها المطلقة اتجاه الثقافات المحلية هو هدم الأسس الأيديولوجية التي بنيت عليها في صقل عصبيتها القبلية الكلاسيكية وهي بوهم يمنعها من التحول إلى الدولة المدنية تعتقد أنها في صقل تراثها الأيديولوجي الذي قامت عليه ستموت تلقائيا، بينما في سياق آخر وهي تعي أن المدنية آتية لا ريب فيها تحاول ان تتكيف بشيء اسمه المملكة البرلمانية كشكل تكيفي مع المملكات الأوربية الراسمالية .
ليس لدي هنا طرح ثوري قد يزعزع الملكية بالمغرب وإن كان يبدو في العمق إلا أن مقومات التكييف هذه تحتاج من النظام الملكي بالمغرب إلى ثورة حقيقية نحو الدولة المدنية: الدولة التي حين نناقش فيها اللغة والثقافات المحلية لا تتزعزع ولا تثير حساسيات لأن هذه اللغة وهذه الثقافات المتبلورة منها هي حق مدني خارج عن سياق الدولة الكلاسيكية وفي سياق سياسات هذه الدولة في مجال التنميات المحلية لا تستقيم هذه السياسات دون استعمال الثقافات المحلية التي يمارسها أغلب الشعب: الأبحاث الأنتروبولجية مثلا، وإذا اردنا صياغة فهم علمي لمنطقة معينة، هذا الفهم، يستوجب استنطاق الرموز والثقافات واللغات المحلية وليس تهميشها، بمعنى أن اللغة الامازيغية واللغة الدارجة المغربية عليها أن تدخل كرافض مهم للتعريف أو لمعرفة واقعنا دون استيراده من خارج. ينهج بعض الباحثين في الفلسفات الإغريقية إلى دراسة اللغة الإغريقية قصد فهم اعمق، في الحوار المتمدن يثير البعض أهمية دراسة الجيرمانية لفهم ماركس أو نيتشة أو هيجل أو غيرهم بشكل أعمق واعتقد جازما أن ما يصح في فهم فكر فلسفي معين أنتج بلغة معينة يصح أيضا في فهم ثقافة الشعوب المحلية من خلال دراسة لغتهم.
وشخصيا النهوض بالثقافات المحلية، امازيغية كانت او دارجة مغربية (وهي اللغة الحية بالمغرب) هو شكل من أشكال المعرفة العلمية ضد أساليب التزوير و"خنشلة" القيم والمعارف لشعب محلي معين (او قومية معينة، وهنا لا أقصد القومية الفاشية التي تسيد ثقافة معينة على ثقافات أخرى بل أقصد وجود قوم في بيئة معينة يشتركون فيما بين بعضهم في أمور كثيرة).
عندما يبحث شخص في أسماء الجبال والانهار والهضاب والسهول في منطقة معينة ويعتمد دلالاتها المحلية في التعريف بها، لا يعني ذلك أنه يناهض لغات أخرى سائدة ولا يعني أيضا أن له حساسية مفرطة اتجاه اللغات أو الثقافات الأخرى بل يقصد ببساطة تعريفها بشكل علمي مستمد من الثاقفات المحلية وقد أعطيت في مقال سابق، اعتمادا على الثقافة المحلية، معنى نهر مربيع (أم الربيع). برغم سهولة الاقتباس بين اللغة العربية والأمازيغية فإن الدلالات مختلفة ونحن نؤيد الدلالة الامازيغية لسبب بسيط: لا وجود للعرب في منطقة عيون "مربيع" (عيون نهرأم الربيع) لكي يكون اسم النهر عربي، والمسألة لا تعني إهانة للغة العربية ولا إلى ناطقيها بل هي الحقيقة في بحث انتروبولوجي .
قتل روح المعرفة هي ان يكون لدى المرء موقف حساس لبحث معين فقط لأنه اعتمد لغة ليست لغته وبكل صدق لا أتفق مع اسم بحيرة فيكتوريا الإفريقية لأن قردا أشقر من أوربا سماها كذلك بل أعتقد جازما ان لها اسما حقيقيا في اللغات الإفريقية المحلية أبلغ من اسم قردة شقراء من أوربا.
دراسة اللغات المحلية والنهوض بها تساعد في تنوع المعرفة وليست بالضرورة موقف مناهض للغات الاجنبية خصوصا حين نتكلم على دولة مدنية تعترف بحق التنوع الثقافي وليس فقط حق الأقليات.
الدارجة المغربية (المغاربية إن شئتم):
يعترف الكثير من العرب ممن زاروا المغرب صعوبة فهم اللغة المغربية على الرغم من أنها تنطق الكثير من لغة العرب وفي بعض الاحيان تأخذ اس الدلالة العربية في كلمة معينة لكن منطق عجين الكلام مختلف وهذا راجع لهيمنة منطق اللغة الأمازيغية: نعم اقصد هذا: لكل لغة منطقها!
"أوثخ أبريذ" جملة تعني عربيا: مشيت كثيرا، مشيت مسافة طويلة، الترجمة الحرفية هي: ضربت الطريق (لا معنى هنا للكلام في العربية) وهذا يعني ان العربية المغربية اتخذت منطق اللغة الامازيغية الذي يعني مشيت (او تمشيت) مسافة طويلة.
في المقهى نقول:"اعطيني نص نص" هو كلام مجازي يختصر جملة : اعطني كأس بن نصفه حليب ونصفه بن.
"غانخلص اعليه": في العربية تعني سأقتله، سأتخلص منه، في الدارجة المغربية تعني: سأدفع الثمن بدله (يستعمل هذا كثيرا في علاقات الضيافة).
" هذا عندو السنطيحة" في قول آخر : هذا عندو الجّبهة (هنا لا ينطق اللام بل يشدد حرف الجيم) يعني أنه جسور ووقح، في العربية بالترجمة الحرفية يعني: هذا لديه جبهة، "مسنطح" وهي كلمة امازيغية درجت في العربية المغربية (مجبه) تعني انه لا يخجل من جسارته ووقاحته (في الشكل وباللغة العربية الذي يبرز جبهته دون خجل، لكن في المعنى الامازيغي وقح وجسور (داسر). ومعنى هذا أن العربية المغربية لا تفهم إلا في سياق المنطق الامازيغي.
"إسوف آللن" بالدارجة المغربية: نفّخ عينيه: بالعربية الفصحى تعني نفخ عينيه لكن معناها في السياق المغربي تعني بالغ في الجسور والوقاحة وتقال للذي يدافع بشراسة عن موقف خاطيء، هذا دون ان نتكلم عن كلمات أمازيغية في الدارجة المغاربية عربت مثل "بزاف" و"برشا" بتونس وتعني كثير أو جدا.
وبعبارة أخرى، لا تفهم الدارجة المغربية برغم مفرداتها العربية إلا في سياق منطق اللغة الأمازيغية ثم إن مسألة التعريب في سياق تاريخي أمازيغي بعيدا عن سياسة التعريب التي مارستها الدولة الملكية بوحي القومية البعثية العربية من خلال أحزاب الاشتراكية البعثية، كانت قبل موجة التعريب القومي البعثي، كانت موضة زمن ما بعد أو قبل الفرنسية، العربية كانت قبل الاستعمار الفرنسي لغة العلوم الدينية التي في سياق كونها لغة دينية وكون الامازيغ مسلمون كانت لغة يعتبر تدريسها مقدسا حتى دون فهمها ومنها ظاهرة حفظة القرآن بالمغرب: كم من فقيه في المغرب لا علم له بتفسير القرآن لكنه يحفظ كل سور القرآن أكثر من العرب أنفسهم.
يبقى هنا الإشارة إلى موضوع الصراع بين اللغة الفرنسية واللغة العربية الذي في مقال سابق ناقشته من خلال الصراع البورجوازي بين طبقة استفادت من ولائها للإستعمار الفرنسي وطبقة بورجوازية أخرى ساومت في عهد الإستقلال بولائها لفرنسا من خلال الوفاء لخصوصيتها العربية مع تمثلها لقيم التبعية وهذا نقاش آخر.





(1) وهذا موضوع مهدي عامل اللبناني حين تطرق لما سماه بالزمن البنيوي الذي يعني وجود أنماط تنتمي إلى ما قبل الراسمالية في علاقة تكييف مع العلاقات الراسمالية السائدة إلى جانب وجود إرهاصات المجتمع القادم من المستقبل



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شمال إفريقيا وإشكالية التراث
- حول المانعة الثقافية
- الإرهاب الفكري أو الترهيب في الفكر
- الغش في المونديال
- نارجيلة الإخوان لتدخين الإيمان
- حديث الجبل والغابة 6
- مقال قصير
- حديث الجبل والغابة (5)
- امنحني قليلا لأني جننت
- أزمة السوريين في صحراء النيجر
- مقتطف رابع: حديث الجبل والغابة (تتمة للمقطتفات (4))
- مقتطفات 3 (تتمة)
- تتمة للمقتطفات 2
- الأنسنة قبل البحث عن كوكب آخر
- حديقة جوزيف بوريل
- مقتطف من رواية لم انشرها
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين
- الحرب هي الحرب...!
- أسلمة الفيزياء
- ضربتني بالكيماوي!


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عذري مازغ - الأمازيغية حين ترفض بهواجس عنصرية