أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - إبراهيم ابراش - لماذا تفشل الثورات الشعبية العربية؟















المزيد.....

لماذا تفشل الثورات الشعبية العربية؟


إبراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 7503 - 2023 / 1 / 26 - 18:47
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


ما نتحدث عنه هو ما اصطُلح على تسميتها بالثورات الشعبية لوصف الأعمال السلمية والعسكرية الموجهة ضد ما تعتبره الجماهير أنظمة دكتاتورية و استبدادية ورجعية الخ، والتي لم تنج منها دولة عربية منذ ثورة 26 يوليو في مصر 1952 وانتهاء بما يجري في السودان مرورا بـ (ثورات الربيع العربي) التي مر عليها 12 سنة وما زالت تداعياتها متواصلة، وقبل الاستطراد نؤكد على أن استعمالنا لمصطلح الثورة على كل محاولات اسقاط الأنظمة السياسية أو تغييرها لا يعني أنها كانت ثورات شعبية بالمفهوم الدقيق للثورة بل كان أغلبها انقلابات عسكرية أو حروبا أهلية أو مؤامرات خارجية أو ثورات مضادة.
بالرغم من توالي الثورات والانقلابات والحركات التصحيحية والمظاهرات والاحتجاجات وإسقاط أنظمة سياسية وحلول أخرى، إلا أن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية لم تتغير كثيرا إلى الأفضل بل توجد مؤشرات ووقائع على حالة تدهور وتراجع على كافة المستويات – باستثناء دول الخليج العربي-. فكيف يمكن تفسير ذلك وهل أن الشعوب العربية بثقافتها و منظومتها الاجتماعية وارثها التاريخي غير مؤهلة للقيام بثورات ناجحة وأن تحكم نفسها بنفسها؟ أم أن هناك قوى خارجية معنية باستمرار حالة التخلف العربي واستمرار الأنظمة الاستبدادية والشمولية؟ أو نفترض أن فكرة الثورة والانقلابات خاطئة من حيث المبدأ وأن نهج الإصلاح التدريجي هو المناسب أكثر للشعوب التي عانت طويلا من الاستعمار وتسودها حالة جهل وأمية؟
كثير من الثورات والانتفاضات الشعبية في العالم أُجهضت من الداخل ليس لقوة العدو أو لخطأ في مبدأ الثورة والمقاومة، أجهضها أشباه ثوار وأشباه مناضلين من ديماغوجيين وتجار كلام وشعارات، وبعض الثورات والانتفاضات كانت وبالا على شعوبها، حيث حل مستبدون وطغاة جُدد بزي ثوري أو جهادي محل الدكتاتوريين القدامى، وكان فساد أنظمة ثورية وإسلامية جهادية أكثر تدميرا من فساد أنظمة رجعية ويمينية.
كانت المنطقة العربية ساحة تجارب لكل الأيديولوجيات الأممية والقومية والإسلاموية والوطنية، وانساقت الجماهير العربية وراء الأحزاب والجماعات الأيديولوجية التي تطالب بالتغيير عن طريق الثورة عسى ولعل أن يكون على يدها الخلاص، وكان كل نظام جديد يأتي بعد الثورة/ الانقلاب يبدأ من نقطة الصفر متجاهلا ما حققه من سبقه واعدا بعهد جديد من الحرية والكرامة والازدهار والقضاء على الفقر والبطالة الخ، إلا أن الأمور تسير عكس الوعود ويكتشف الشعب أن كل الأيديولوجيات مجرد شعارات لتخدير الجماهير والتلاعب بعقولهم وأن هدف أصحاب هذه الأيديولوجيات هو الوصول للسلطة وليس مصلحة الوطن والشعب، وكان نتيجة كل هذه (الثورات) مزيد من البؤس وأنظمة سياسية مشوهة لا يمكن تصنيفها بأنها أنظمة ديمقراطية أو ليبرالية رأسمالية أو اشتراكية أو إسلامية أو ثورية.
وهكذا يستمر الدوران في حلقة مفرغة من (ثورة) إلى أخرى ومن انقلاب إلى آخر، ويتواصل التلاعب بالمصير العربي وبالقضية الفلسطينية، هذه الأخيرة كان يتم توظيفها من بعض القوى المتصارعة على السلطة لتبرير انقلاباتها.
هذه الحالة كانت منذ السنوات الأولى للاستقلال واستمرت من بعدها وخصوصا في ظل ما يسمى الربيع العربي حيث تم التخلص من بن علي في تونس ومبارك في مصر والقذافي في ليبيا وعلي صالح في اليمن وقبل ذلك صدام في العراق، إلا أن الأمور زادت سوءا في هذه البلدان.
لسنا في وارد الدفاع عن الرؤساء الذين تم الإطاحة بهم ولكن من المفيد إعادة التذكير بما جرى في المنطقة العربية خلال العقد الماضي حتى نستخلص الدروس والعبر ولا يقع العرب في فوضى جديدة خصوصا أن المخططين والمنفذين لفوضى الربيع العربي ما زالوا فاعلين ويواصلون مؤامرتهم على الأمة العربية والقضية الفلسطينية.
التفكير بعقلانية وهدوء فيما جرى ويجري في الدول التي ضربتها فوضى (الربيع العربي) تجعلنا نكتشف كم كانت كبيرة وخطيرة المؤامرة على الأمة العربية، وكيف أن تحركات شبابية تجاوب معها غالبية الشعب تطالب بالحرية والديمقراطية وهي مطالب مشروعة ولا شك تحولت إلى حالة فوضى مُخطط لها مسبقاً من طرف أمريكا وأدواتها المحلية والكيان الصهيوني الرابح الأكبر من هذا (الربيع) المزعوم، أما الشعوب العربية فقد خسرت كثيرا دون أي مكاسب.
عندما تلتقي كل من: إسرائيل، تركيا، أمريكا والغرب، بعض دول الخليج وعشرات جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وداعش والنصرة والقاعدة، على هدف دعم (الثورات) العربية وإسقاط الأنظمة القائمة في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا الخ فإن السؤال الذي يفرض نفسه ما هي مصلحة هذه الأطراف من إسقاط أو إضعاف هذه الدولة والانظمة؟ هل لأنها دكتاتورية وتنتهك حقوق الإنسان الخ وتدخلهم كان دفاعا عن الشعب ومن أجل إقامة نظام ديمقراطي؟
لا نقصد من هذه التساؤلات الدفاع عن أي نظام ثار الشعب ضده، فكل الأنظمة العربية كانت وما زالت غير ديمقراطية، والتحركات الشعبية الأولى كانت على حق كما أن قمع الأنظمة لها كان خطأ كبيراً، ولكن لا يُعقل أن تكون الجماعات الإسلاموية المتطرفة تحارب لأنها تؤمن بالديمقراطية وتريد إسقاط أنظمة غير ديمقراطية! ولا يمكن تصديق أن تركيا تدخلت في سوريا وليبيا حرصاً على مصلحة الشعب السوري والليبي ولأنها ضد الدكتاتورية، كما لا يمكن لعاقل أن يصدق أن أمريكا تدخلت في سوريا وأرسلت قوات وبنت قواعد عسكرية من أجل عيون الشعب السوري ولأنها تريد نشر الديمقراطية، ونفس الأمر بالنسبة لتدخل الكيان الصهيوني وعدوانه المتواصل على سوريا. أيضا لا يُعقل أن الأنظمة العربية التي موَّلت وساعدت عسكريا وإعلاميا الجماعات المتطرفة التي قاتلت في سوريا لإسقاط نظام الأسد والقذافي ومبارك وبن علي وعلي صالح، قامت بذلك لأن هؤلاء الأخيرين كانوا دكتاتوريين والأنظمة الأولى تؤمن بالديمقراطية وتريدها للشعوب العربية الأخرى!
بالعودة للسؤال الرئيس حول فشل (الثورات) بشكل عام يمكن الحديث عن عدة أسباب:
1- كانت تجري عملية اختزال أزمات ومشاكل البلاد بشخص الرئيس/الملك، فتحدث انقلابات عسكرية لتغيير رأس النظام، الرئيس/الملك اعتقادا أن المشكلة تكمن في الرئيس وأنه بالتخلص منه ستتغير أحوال البلاد تلقائيا، بينما في حقيقة الأمر المشكلة تكمن في كل المنظومة الاجتماعية والسياسية من مؤسسات وثقافة سياسية وعلاقات اجتماعية وارتباطات خارجية بالإضافة إلى أسباب موضوعية تاريخية.
2- غياب ثقافة الديمقراطية عند الشعوب وعند غالبية قوى المعارضة السياسية، بل أحيانا كانت بعض الأنظمة أكثر اهتماما بالمسألة الديمقراطية من قوى المعارضة.
3- غياب رؤية واضحة للثورة والنضال الجمعي عند الشعوب وقوى المعارضة حيث كان يتم غالبا محاولة تقليد تجارب ثورية خارجية دون الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المحلية.
4- تراجع القوى السياسية التقدمية والديمقراطية المنظمة وفي كثير من الحالات كانت قوى المعارضة تعادي بل وتحارب بعضها البعض أكثر من معاداتها للنظام السياسي.
5- غياب قيادات كاريزمية وازنة على المستوى الوطني تقود الثورة وتشكل قدوة للجماهير.
6- ضعف مؤسسات المجتمع المدني وتشرذمها واختراقها أحيانا من قوى خارجية معادية.
7- قوة تدخل وتأثير قوى خارجية معنية باستمرار الشعوب العربية في حالة ضعف وتخلف، وفي هذا السياق نلاحظ تدخل دول الجوار والغرب وإسرائيل.

ولكن هل الثورات والانقلابات الطريق الوحيد لنهضة الأمة ومواجهة وتغيير الأنظمة القائمة؟
لا نقلل من أهمية التحركات الشعبية بغض النظر عن مسماها وحجمها ولكن ليست الثورة أو الانقلابات الطريق الوحيد للتغيير ومواجهة أنظمة فاسدة وشمولية، بل يمكن الزج بالجماهير في فعاليات ثقافية واجتماعية وعلمية تراكم إنجازات وإصلاحات متدرجة، ولو أخذنا التجربة الأوروبية لوجدنا أن غالبية المجتمعات الأوروبية – باستثناء فرنسا- حققت نهضتها على كافة المستويات من خلال مراكمة إصلاحات وإنجازات بشكل متدرج، وما حققته هذه الدول يفوق بكثير ما حققته دول أوروبية أخرى نهجت نهج الثورة والانقلابات العسكرية كدول أوروبا الشرقية وإيطاليا والبرتغال واليونان، ونفس الأمر بالنسبة لليابان وكوريا الجنوبية والهند وماليزيا وإندونيسيا.
[email protected]



#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلطة ورجالها في العالم العربي
- المقاومة المسلحة في فلسطين، مقاربة نقدية
- التباس حدود الفصل بين اليهودية والصهيونية
- عام 2023 عام التحرر من الأوهام واستعادة الثقة بالنفس
- لماذا لا يتم مصارحة الشعب بالحقيقة
- المثقفون خط الدفاع الأول عن الحريات
- المشكلة تتجاوز نتنياهو وبن غفير
- الكيان الصهيوني عدونا ولكن هناك منا من يسهل مأموريته
- في ذكرى اغتيال ابو عمار لماذا يتم التستر على القاتل؟
- العودة للشعب هو الرد على مخططات نتنياهو
- إسرائيل دولة ديمقراطية حتى وإن لم يعجبنا ذلك
- وعد بلفور وفلسطين وإسرائيل
- تساؤلات حول تقرير اللجنة الدولية لحقوق الإنسان الخاصة بفلسطي ...
- نعم لـ (عرين الاسود) والمقاومة المسلحة، ولكن
- النظام العالمي ليس مجرد موازين قوى عسكرية
- اتفاق الجزائر وحسابات الربح والخسارة في مبادرات المصالحة الف ...
- ما أكثر (فاعلو الخير) وما أقل خيرهم
- ما نتمناه من الأخوة في الجزائر
- الحذر من تجزئة ساحات المقاومة
- السلطة الفلسطينية بين الدولة والفوضى


المزيد.....




- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - إبراهيم ابراش - لماذا تفشل الثورات الشعبية العربية؟