سعد جاسم
الحوار المتمدن-العدد: 7503 - 2023 / 1 / 26 - 14:12
المحور:
الادب والفن
امرأةٌ غريبةُ الأطوارِ
والأسرارِ والأقدارِ
والهيئةِ والأحلامِ والمزاجْ
لا أعرفُ تاريخاً لها
وما استطعتُ أنْ افكَّ
شفرةَ قلبِها وروحِها الغامضةْ
*
كُلَّما ألتقيها …
ذاتَ مقهىً شرقي
او ذاتَ نزهةٍ
على ضفافِ بحرٍ صاخبٍ
وربَّما في أحدى الحدائقِ الفردوسية
او في احدِ " الباركات " الباذخةِ بالخضرة والعشّاق
وأراها احياناً في " الكافيهات " الدافئة ، وفي الغاباتِ الغامضةْ .
قلتُ : كُلَّما التقيها او اراها
بمحضِ مصادفةٍ ،
أتعمَّدُ أنْ أَتحدّثُ
معَها عن اشراقاتِ الأملِ
وهالاتِ النورِ التي حتماً
ستسطعُ في صباحاتِ الوجودِ
وفي آخرةِ الأنفاقِ
وفي متاهاتِ النفاقِ
والشقاقِ والشقاء .
وسيجيءُ الزمنُ وكائناتُهُ النبيلةُ
وسيطردونَ كل َّ هذا الظلامِ والسخامِ والأسى
من قلوبِ البشرِ المصابةِ
بالسوادِ والأمراضِ والضغائنِ والكراهياتِ والسمومِ
والفراغِ الذي ليسَ لهُ
نهايةٌ ولا مدى
*
اقولُ لها : الحياةُ لمْ تزلْ
قابلةً للحياة
والحبُّ يُمكنُ ان يكونَ
خلاصَنا الأخيرْ
ولكنَّها فجأةً تصرخُ في وجهي
وفي " الكافيهِ "
التي أُجالسُها فيهْ
وفي الشارعِ الذي نمشيهْ
وفي المدينةِ التي نقطنُها
حيثُ كلانا وحيد ومُغترب
في آخرِ بحارِ ومحيطاتِ
وأرضِ اللهْ
*
واقولُ لها : العالمُ رُبما الآنَ
او غداً سيتغيّرُ نحو الافضلْ
او نحوَ الأرذلْ
فتقولُ لي : انتَ لستَ
سوى طفلٍ حالمْ
وشاعرٍ واهمْ
فدَعْكَ باحلامِكَ
واوهامِك البسيطة
وأتركني وحيدةً
قبلَ ان انادي عليكَ شياطيني
ووحوشَ جنوني
وجنيّاتي الاسطوريات
كي يرموكَ في غيابةِ البحرِ
أو في متاهةِ الجنون
*
اقولُ لها : أهدأي ارجوكِ
عن ايِّ شياطينْ
ووحوشٍ ومجانينْ
وجنّياتٍ وخرافاتٍ وأساطيرَ
انتِ تحكينَ وتهذينْ ؟
فتصيحُ بي هادرةً :
على طريقةِ ساحراتِ " ماكبث "
ومحظياتِ " جلجامش"
وعواصفِ " الملك لير "
- اخرسْ يااااااانتَ
وأغرب عني
فأنا ( عشتارُ ) العالمِ السفلي و( إلكترا ) الزمنِ الرملي
و ( فاطمةُ ) القهر العربي
و ( خنساءُ ) الغدرِ البدوي
و ( زينبُ ) الظلمِ الدموي
والسبايا والضحايا
وخياناتِ العُتاةِ والطُغاةِ
والجُناةِ والزناةِ
في هذا الكونِ المجنونْ
وانا عرّافةُ العالمِ الآيلِ
للسقوطِ والخرابِ والفناء .
ولا أُريدُ أنْ أُضيّعُ نفسي ووقتي
ولا ارتضي لكَ أَن تُعكِّرَ مزاجي
بأوهامكَ وأحلامِكَ الطفولية
فأذهبْ بعيداً يافتى
قبلَ أن أُفْني وجودَكَ
وأُخْفي خبرَكَ وذِكْرَكَ
في متاهةِ الغيابِ
أَو :
في هاويةِ العدمْ
#سعد_جاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟