|
صورة المرأة في شعر عمرو بن أبي ربيعة ، دراسة فنية تحليلية
ابراهيم محمد جبريل
الشاعر والكاتب والباحث
(Ibrahim Mahmat)
الحوار المتمدن-العدد: 7501 - 2023 / 1 / 24 - 09:20
المحور:
الادب والفن
ولد عمر بن أبي ربيعة يوم مقتل عمر رضي الله عنه 23 ه وابن أبي ربيعة من قبيلة بني مخزوم التي تنتمي إلى قريش البطاح ومخزوم الذي ينتسب إليه بنوه، وعرفت القبيلة به وهو مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر يعود نسب بن أبي ربيعة إلى بني مخزوم من بني غالب بن فهر ، يلتقي نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في مرة بن كعب كان مخزوم سيدًا شريفًا)1 وذكر أن بني المغيرة بدلا من بني مخزوم، كأنه لم يكن لمخزوم أبناء ينتسبون إليه سوى أبناء المغيرة، ويبدو أن ذلك لكثرة أبناء المغيرة الذين فاخر بهم العرب وكانوا مكان عزٍ وفخرٍ ابن حزم يقول في المغيرة وبنيه وفيه وفي بنيه بيت بني مخزوم، وأولاد المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم كانوا ريحانة بني مخزوم وعددهم: هشام والوليد، وأبو حذيفة، وهاشم، والفاكه، ونوفل، وأبو ربيعة، وعبدالله، وأبو زهير وكلهم سادة، لكن نبغ منهم ثلاثة ذاع صيُتهم و ضرِب بهم المثل في العز، والمروءة، والفخر وهم هشام والوليد وأبو ربيعة)2 لقد أدرك عمر بن أبي ربيعة أصالة نسبه وسؤدد جده المغيرة فأصبح ينوه بهذه النسبة المحببة له، ويجريها على لسان صاحباته اللائي كن يعرفن ذلك فيه (كان أبو ربيعة من أشراف قريش في الجاهلية ، وكان شجاعًا "قاتل يوم شرب برمحين فسمي بذي الرمحين لقد حظيت مخزوم بالأشعار، وانتشر لهم صيت عظيم بها، واتفقت لهم، فيها مالم يتفق لأحدٍ، وذلك أنه يضرب بهم المثل في العز والمنعة والجود والشرف وأُوضِعوا في كل غايةِ ، فقد كانوا أهل صبرٍ وإقدامٍ وبأس في الحروب، ففي حرب الفجار كانت لهم صولٌة وجولٌة إذ أبلوا بلا ء حسنًا وصابروا حتى انهزمت هوازان وكانوا في حرب الفجار "تحت إمرة هشام بن المغيرة أحد رؤساء قريشٍ يوم الفجار أُعجب الشعراء بصبر بني مخزوم في يوم الفجار فتباروا على مدحهم والإشادة بذكرهم وبلائهم فقد مدحهم "خراش بن زهير وهو عدو قريشٍ)3 وقريش البطاح( وأشهر بطون قريش البطاح بنو عبد مناف، بنو عبد الدار، بنو عبد العزى، بنو قصي بن كلاب، بنو زهرة بن كلاب، بنو تيم بن مرة، بنو مخزوم بن يقظة بن مرة، من أثرياء قريش، ذكر ابن هشام أّنه من المطعمين في الحج وله من الأبناء عائذ، وعثمان، وهلال، والمغيرة، وأسد، وخالد أما المغيرة فقد كان سيد قريشٍ في الجاهلية وكان مطاعًا في قومه، فقد روى ابن أبي الحديد أنه "منع فزارة من الحج لما عير خشين بن لأيٍ الفزاري ثم الشمخي قومًا من قريشٍ إنهم يأخذون م ا ينحره العرب من الإبل في الموسم ، و المغيرة كان معاصرًا لعبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم، ولسؤدد المغيرة وشرفه أصبح اسمه مرادفًا لمخزوم الذي عرفت به القبيلة)4 فمن المتفق عليه أنه وُلِدَ سنة ثلاث وعشرين للهجرة، ، وكان أبوه يدعى بحيرا، فسماه النبي عليه السلام عبد لله، و كانوا يكسون الكعبة في الجاهلية وكان يعدل قريشًا في كسوة الكعبة، وكان بحيرا أو عبد لله تاجرًا موسرًا يتَّجر بين الحجاز واليمن، وكانت أمه من قبله عطارة يأتيها العطر من اليمن، واسمها مخرمة أو مخربة ، وقد تزوجها هشام بن المغيرة، فولدت له أبا جهل والحارث ابني هشام، واستعمل النبي عليه السلام عبد لله على ولاية الجند وسوادها في اليمن فلم يزل عاملًا عليها إلى مقتل عمر رضي لله عنه وكان له عبيد كثيرون من الحبشة يتصرفون في جميع المهن، وذكر كنية عمر في كتب الأدب والتاريخ أنه( هو أبو حفص عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة عرِف منسوبًا إلى جده أبي ربيعة، قال النووي وهو منسوب إلى جده فقيل في اسمه: عمر بن أبي ربيعة) )5 وكان انتساب عمر إلى جده لجماله، غير أن كتب الأدب والتاريخ لم تذكر أوصاف أبي ربيعة فلا يمكن الجزم بأنه كان جميلا، كما أن عبد الله بن أبي ربيعة والد الشاعر كان من أحسن الناس وجها فانتساب عمر إليه أولى من انتسابه إلى جده لو أن عمر يبحث عن الجمال، وقيل أن انتساب عمر إلى جده من قبيل الإشادة بأصله والمفاخرة بأجداده ، وتضاربت الأقوال في تحديدها ولادة فيها عمر بن أبي ربيعة، حتى المؤرخون لم يذكروا البلد التي ولد فيها، لعدم إشارة المصادر القديمة إليها ولم تهتم بتحديد مسقط رأسه، ولعلها واحدة من المدن الثلاثة : الجند أو مكة أو المدينة مكة موطن عشيرته وأهله، والمدينة مهاجر والده، والجند مقر ولاية والده عبد الله فلا يبعد أن يكون عبد الله قد استصحب معه زوجه اليمنية أم عمر، فولدت له عمر هناك ويبعد جدًا أن يكون عمر قد ولد في اليمن، وقيل أن ولادة عمر في المدينة المنورة ، فقد أكد شوقي ضيف) أن مكة أول أرضٍ مس ترابها عمر وذكر أن عمر "من أهل مكة كما تشهد بذلك أخباره، وزعم طه حسين، وأحمد أمين، وأحمد الإسكندري، وعلي ا لجارم، وعبد العزيز البشرى، وأحمد ضيف "أن ميلاد عمر كان في مكة وهذا الرأي أكثر الآراء قبولا وأقربها إلى الصواب)6 زمن ولادة الشاعر وافق ليلة مقتل الخليفة عمر رضي الله عنه ، وذكرت ولادة عمر بن أبي ربيعة، فقد كان يقال) أي حقٍ رفع وأي باطل وضع وليس هذا القول مما يثبت صحة ذلك التوافق بل هو متهم ككل ما روي في اقتران أمرين عظيمين وتشكيك بروكلمان ليس في تاريخ ميلاد عمر، بل في ذلك التوافق العجيب بين وفاة عمر الخليفة رضي الله عنه وميلاد عمر الشاعر، لكنه لا يشكك في تاريخ ميلاد عمر إذ يقول "ومهما يكن من أمرٍ فقد يمكن تحديد ولادة عمر بن أبي ربيعة بسنة 23 ه 643 م )7 أما أولاد أبي ربيعة بن المغيرة فهم(عبد الله والد عمر الشاعر، وعياش وهما أشقاء، قال ابن حجر في حديثه عن عبد الله) وهو أخو عياش بن أبي ربيعة لأبويه وأمهما "أسماء بنت مخربة وقيل أسماء بنت "مخرمة وقيل إنها من ثقيف، والأرجح أنها من بني مخزوم وكانت عطارة يأتيها العطر من اليمن، كان عبد الله بن أبي ربيعة من أشراف قريش في الجاهلية، وأحسن الن اس وجهًا وهو الذي "بعثته قريش مع عمرو بن العاص إلى النجاشي ليرد المهاجرين إلى قريش، وكان عبد الله من أجواد العرب وأثريائهم، فقد كان تاجرًا موسرًا وكان متجره إلى اليمن وكان من أكثرهم ما لا ، وكانت قريش تلقبه العِدل)8 لقد اختلفت الروايات في تحديد زمن وفاة عمر قيل أنه غزا البحر فأحرقوا سفينته فاحترق، وكان عمر فاسقًا يتعرض للنساء الحواج في الطواف وغيره من مشاعر الحج، ويشبب بهن، وفاته: رغم أن الرواة أجمعوا على زمن ولادة عمر إلا أنهم اختلفوا في سبب وفاته ومكانها وزمانها ومن المختَلَف عليه سنة وفاته وسبب وفاته، فقيل إنه مات حتف أنفه، كما قيل إنه مات مقتولًا أو مدعوٍّا عليه، وقيل: إنه مات سنة ثلاث وتسعين كما قيل غير ذلك ورغم أن الرواة اختلفوا في سبب وفاته، إلا( أنهم يتفقون على أن وفاته كانت سنة خمس وثلاثين، أما و الدة عمر بن أبي ربيعة فقد اختلف المؤرخون في تحديدها، وذلك يرجع إلى تعدد النساء للرجل الواحد فكثيرًا ما دعا تعدد النساء للرجل الواحد إلى اختلاط الأمر على المؤرخين في معرفة أم الرجل الذي يترجمون حياته أو يبحثون في أخباره، وقد وقع شيء من هذا لبعض المؤرخين ا لذين كتبوا شيئًا عن حياة ابن أبي ربيعة أو ذكروا ما يعلمون عن أمه وعبد الله بن أبي ربيعة شأنه شأن الكثيرين من رجال ذلك العصر لم يقتصر على امرأةٍ واحدةٍ فقد ذكر ابن حبيب أن عبد الله بن ربيعة)9 لقد اختلف الرواة في توبة عمر وذكروا في ذلك روايات) عاش عمر بن أبي ربيعة ثمانين سنة : فتك منها أربيعين سنة، ونسك أربعين، وقيل: أنه فتك أربعين سنة ونسك أربعين سنة لا تستند إلى أساسٍ، فعمر قبل كل شيء لم يعش ثمانين سنة كما زعموا، ولم ينقطع عبثه عند الأربعين، وقد نسبوا إليه وقائع حدثت في خلافة عبد الملك (وكان عمر في أول خلافة عبد الملك قد جاز الأربعين واستمر في لهوه حتى آخرها وكانت مدتها نحو عشرين سنة، بل هنالك من يزعم أن عبث عمر استمر إلى زمن الوليد بن عبد الملك وإلى زمن سليمان ، نصف قضاه في اللهو والمجون والفسق، ونصف قد تاب فيه وتنسك، ,وقيل تاب بعد أن نفاه سليمان إلى الطائف وقد تشكك شوقي ضيف في هذه الرواية وذكر أنها مدخولة "لأن عمر لم يلحق عصر سليمان)10 فقد ذكر أبو الفرج أن الرواة قالوا) إن عمر بن عبد العزيز لما ولِّي الخلافة لم تكن له همة إلا بعمر بن أبي ربيعة والأحوص، فكتب إلى عامله على المدينة : قد عرفت عمر والأحوص بالخبث والشر فإذا أتاك كتابي هذا فاشددهما وأحملهما إلي، ومهما يكن من أمر هذه الروايات الضعيفة فإن عمر بن أبي ربيعة قد تاب وتنسك في أخر عمر ه: فالتوبة غير بعيدة من مزاج ابن أبي ربيعة الذي تتجلى فيه أثار الوراثة وهي لا تغيب كل المغيب في حياة إنسان ثم إ ن العصر الذي عاش فيه ابن أبي ربيعة وكان مفعمًا باللهو، والطرب، والفسق)11 نشأته: نشأ بن أبي ربيعة في مكة، أنشد الشعر مبكرًا ، وأثر ذلك في سلوكه وفنه ، وعاش عمر في بيئة سياسة لكن لم يهتم بالسياسة بل اختلط بالفتيات و الجواري ، وهذا أثر عل سلوكه عن طبيعة حياته الاجتماعية ( عمر لم يكن بحاجة إلى مدح فخزائنه ممتلئة وقصوره واسعة ، ومن هنا كان الغزل هواه ، وكان الشعر الغرا م تسليته ، ووعاء إبداعه الفني ، وقد عمل على رسم الإطار الجميل لغزله ، وهيأ له الجو المناسب ، فسخر المغنين لغناء شعره أولا ، ثم راح يسامر المرأة ، ويغازلها ، وينصب لها الشراك ، لتقع في أسر فنه ، وشباك حبه ، يعينه على ذلك شباب متفتح ، ونضارة عُرف ﺑﻬا قبل أن تنعقد في مال ، ورفقة لا يحفلون بغير المرح والترف )12 نشأ عمر في النعمة على وسامة وفراغ، ومن حوله الجواري والأرِقاء، يهيئون له من اللهو ما يتهيأ للسيد الفتيِّ الفارغ من متاعب الحياة، وقد وصفه بعض من رآه بين فتيان قد فرعهم طولًا، وجهرهم جمالًا، وبهرهم شارة وعارضة وبيانًا بني مخزوم فقال إنه فهو تامُّ الأداة للغزل ومصاحبة الحسان، وهو أقرب الفتيان من أبناء الحجاز إلى تمثيل بيئته؛ حيث نشأ من مجتمع الحضارة اليمنية والحجازية في القرن الأول للهجرة؛ أي في القرن الذي هدأت فيه بالحجاز حركة الدعوة النبوية، كما هدأت فيه حركة السياسة، بانتقال الدولة وعاصمتها إلى الشام، ثم بقيَت له بعد هدوء هاتين الحركتين بقايا الترف القديم من عهد الجاهلية، وطوالع الترف الجديد في دولة الإسلام، وتواترت الأنباء بمطارحاته الغرامية طوال أيام الشباب، ومعظم هذه الأنباء لا يعدو أن يكون منثور القصائد التي نظمها في ديوانه، فهي لا تحوجنا إلى تردد كثير، ولا إلى تمحيص طويل، كان منقطعًا لأحاديث الظريفات من بنات مكة والمدينة، وكان ينتظر أيام الحج؛ ليَلقى الحسان القادمات من العراق والشام واليمن، أو يتعرض لهن في الطواف)13 واتفقت أقوال كثيرة على نسكه في مشيبه وإعراضه عمَّا كان يُقبل عليه في شبابه، فكان يلوم من يحدث امرأة في الطواف، وبلغ من إعراضه عن الغزل أنه أقسم لا ينظمنَّ بيتًا إلا أعتق به عبدًا أو جارية، واستنشده الخليفة الوليد بن عبد الملك سنة حَجِّهِ فاعتذر إليه وقال: يا أمير المؤمنين! أنا شيخ كبير، وقد تركت الشعر، ولي غلامان هما عندي بمنزلة الولد، وهما يرويان ما قلت، وهما لك، فأنشداه ولم يزالا يُنشدانه حتى قام وقد أجزل صلته وردَّ الغلامين إليه ، وقد يصح بعض هذا ولا غرابة فيه، فمن المستبعد جدٍّا أن يكون عمر قد فعل كل ما ادَّعاه وإن كان قد اشتهاه، ومن الجائز أنه تاب وأخلص في التوبة بعد المشيب، فالتوبة ليست بالأمر النادر بعد فوات الشباب، وعمر مهيَّأ لها بشيء في طبيعة أسرته، كما يظهر من سيرة أخيه الحارث وولده جوان (فقد كان أخوه الحارث متدينًا شديد النفور من الغزل ومصاحبة الحسان، وقيل: إنه وهب أخاه عمر ألف دينار على أن يترك الغزل ولا يرجع إليه، وإنه كان عنده يومًا، فأرسله في حاجة لهما ونام مكانه، فإذا بالثريا قد ألقت نفسها عليه تقبِّله. فصاح بها: اغربي عني فلست بالفاسق أخزاكما لله، وعلم عمر بالخبر حين عاد فقال للحارث: أما ولله لا تمسَّك النار أبدًا، وقد ألقت نفسها عليك، فقال أخوه: عليك وعليها لعنة لله!) )14 فغضب لزج الشاعر باسمه في هذا المقام، وقد كان أبوه يصبح ويبيت فيه! وكان من تديُّن أبيهم في الجاهلية أنه كان ينفرد وحده بكسوة الكعبة سنةً، وتجتمع قريش كلها على كسوتها في السنة الأخرى، وهو أمر إن دلَّ على غناه من جانب، فهو من جانب آخر دليل على تقواه) فالتوبة الدينية غير بعيدة من مزاج ابن أبي ربيعة الذي تتجلى فيه آثار الوراثة، وهي لا تغيب كل المغيب في حياة إنسان، وما زال معهودًا بين كثير من الأسر التي تضطرب فيها الحساسية العصبية أن يظهر فيها التقاة، كما يظهر فيها الغواة؛ لأن على تناقض ما يتأثران به بعض الأحيان، وربما التأثر الطرفين يلتقيان في خليقة شوهد أنَّ الغويَّ ينقلب إلى التقوى، وأنَّ التقيَّ ينقلب إلى الغواية إذا اعتراهما طارئ تختلف به وجهة التأثير)15 ولكن المرء يتوب عن عمل يعمله، ولا يتوب عن مزاج طُبِعَ عليه، ولهذا نصدق أنَّ عمر قد تاب، ونصدق أنه بقي إلى ختام الحياة يعاود الحنين إلى صبوات الشباب، وفي الشيخوخة عبث ذلك العبث الذي صبا به إلى لقاء شيخة كان يغازلها أيام الشباب، فلما جلس إليها وأحسَّ حركة البنات الناشئات ينظرن من ثقوب الستر، دعا بماء يوهمها أنه سيشرب، ثم مجَّه عليهن في وجوههن، وراقه أن يتصايحن ويضحكن. وقال لصديقته العجوز وقد لامته على المجون والسفه في سنه: ما ملكت نفسي لما سمعت من حركاتهن أن فعلت ما رأيت (هذا المزاج لا يتوب منه من طبع عليه، وهذا المزاج هو الذي ننظر إليه من وحي الشاعر في شعره، ولا تتغير دلالته من هذه الوجهة سواء صدق الشاعر في كل ما قال أو في بعض ما قال، وسواء تاب عن صدق أو خادع نفسه وصحبه في المتاب)16
مكوناته شعر عمر بن أبي ربيعة: تعد اللغة من المكونات الشعرية فالإنسان الأول رسم مشاعره وأفكاره على العظام والحجارة وصخور البراري، وأرخى العنان لسجيته كي تطلق أصواتًا غنائية مبهمة هي أقرب إلى اللغة البدائية التي طورتها حاجته فيما بعد، واستمر الارتقاء عبر التاريخ حتى ارتقت الفنون إلى تلك الدرجة الحالية من الكمال بعد معاناة طويلة ومخاض عسير سخّر له الإنسان كل طاقاته، فالشعر يرتبط مع الغناء برباط القربى لأن الإنسان أول ما غنى كان غناؤه صوتيًا ثم بدأ يضع الكلمات على شفتيه لتتناغم مع اللحن، وكانت ألفاظه غير منتظمة، ثم بدأ يضع جملاً وتراكيب ذات معنى ويلحنها وبدأت أولى أوزان الشعر تظهر، ولذلك كان الشعر أقرب إلى الشعور الفطري منه إلى الشعور العقلي على عكس النثر، وقد ازدهرت اللغة في العصر الأموي ، فاتسعت مدلولاتها ودخلتها مصطلحات جديدة بسبب اتساع رقعة الدولة وكثرة احتياجاتها ، كما ازدهر الشعر ، ونفقت سوقه بسبب إجزال الأمويين العطاء للشعراء ، وشيوع العصبية وقيام الطوائف السياسية ، مما دفع عجلة الأدب إلى الأمام ، و اتساع رقعة الدولة ، وتشعب الآراء ، وكثرة الفرق والأهواء وتبعًا لاختلاف اتجاهات الأقاليم الفكرية تعددت أنواع الشعر وتلونت بلون اتجاه الإقليم، ففي الحجاز راح الغزل يزدهر أكثر من غيره ، وفي العراق برز الشعر السياسي بينما كثر المديح في الشام عاصمة الخلافة وقد تطورت الأسواق الشعرية لتصبح مسرحًا دائمًا للشعر كسوق المربد، وسوق الكناسة ، إذًا لم يكن ينغص حياة الحجازيين شيء سوى تلك الأحيان التي ساءت العلاقة فيها بين الأمويين وخصومهم من أهل الحجاز ، وذلك أثناء حكم الزبيريين له ( أما معظم الوقت فكانوا يتمتعون بالثراء والحضارة التي تحولت إلى ترف و نعيم ، وسعة عيش ، فالمال في خزائنهم ، والجواري في بيوﺗﻬم ، والطائف تستقبلهم في حرهم . هذا الواقع الحجازي أدى إلى انتشار المرح والملاهي والدعابة والغناء ، وقد شجعت السلطة الأموية هذا التوجه ، وكانت تدعم مثل هذا لئلا يفكر أبناء الحجاز بالخلافة ، وفي كل هذا لم يكن الشعر بعيدًا عن عرصات الحياة لا في البادية ، ولا الشام ولا في الحجاز أو العراق ، فالشام نعمت بمديح الشعراء وإن شئت فقل : النفاق السياسي)17 وفي البادية فعبر شعراؤها عن حرماﻧﻬم بحرمان آخر تمثل في حب عذري شفاف لم يجن عليهم سوى لوعة القلب ، وقسوة المحبوب ، كقسوة السلطة التي تلاحقهم ، أما الحجاز فمن الطبيعي أن يميل إلى الغزل المكشوف ، والشعر الغنائي لتتواكب حركته الفنية مع مسيرته الحضارية ، وابن أبي ربيعة له علاقته بعصره لعله يجلي علاقة الشاعر بالوسط الذي عاش فيه من كافة وجوهه الجغرافية والاجتماعية والفكرية والسياسية والبشرية إجمالا ، فمن خلال شعر عمر نجد أسماء غير قليلة للأماكن دون أن يسهب في وصفها على عادة الشعراء ، فالمكان عنده لم يكن يعني غير ارتباطه بزمن وموعد يتم فيه اللقاء ، لكن المثير في شعر عمر ذكر بعض الأماكن المقدسة في شعر الغزل ، وذلك دون أن يشعر السامع أو القارئ بقدسية المكان ، أو عدم التناسب بين البيئة التي يذكرها ، والموضوع العام للمقطوعة أو القصيدة فيقول : صَادَ قْلِبي اليَوْمَ ظبْيٌ مُقِبلٌ مِنْ عَرَفاتِ في ظِبَاءٍ تَتَهَادَى عَامِدًا لِلجَمَرَا )18 عمر بن أبي ربيعة جعلت زعيم المدرسة غزلية ترك أثره فيمن جاء بعده، و يتصل بشخصية الشاعر، وفطرته ، واستعداده ، وثقافته ، ومنها ما يتصل بالحياة الخارجية من حوله وأثرها في شعره ، ووهب الفطرة الشعرية ، والاستعداد الفني ، و الملكة فيتذوقه الآخرون كالفستق المقشر على حد تعبير أحد النقاد القدامى ، وعمر في ذلك ليس غريبًا فهو على طرف المشاﺑﻬة للشعراء العرب الذين لا تنقصهم الفطرة ، والمواهب والطباع وهو أكثر شعراء عصره إحساسًا بالجمال، وقد اقتضت غريزة الرجال أن يكون الجمال الأنثوي ألمع لوحة تثير انتباه الرجل ، ولم يخرج عمر عن طبيعة الرجل العربي لكنه كان أكثر من غيره رقة وتأثرا وبالتالي فيض خاطر ونحن نشير إلى الموهبة والفطرة ، والاستعداد ، والملكة الشعرية ، عند عمر كباعث داخلي جعل منه أشعر غزلي في عصره ، أو أغزل شاعر مستمد من ثقافة عمر يدلنا عليه شعره ، وهو تلك المعرفة الجغرافية والبيئية ، إذ لا تكاد تخلو قصيدة أو مقطوعة له من ذكر بعض الأماكن والمواضع ، وتسميتها بمسماها الذي اصطلح عليه أهل جزيرة العرب ، ومما ساعد عمر على هذه الشاعرية وكان باعثًا لغزله ، تلك النظرة التي امتاز بها ، إنها نظرة الفنان الفاحصة ، التي لا تكاد تقع على شيء إلا وأعادت رسمه كما هو ، لكن عمر لم يترك تلك النظرة تقع إلا على وجه حسن ، و ترك بصره يجول الحجاز والبادية لغنى الشعر العربي بأجمل وصف وأدق تفصيل .ورؤية عمر الفنية للمرأة موشحة بخيوط علم النفس في مفهومه الحديث ، فما ينتهي من رسم المرأة شكلا حتى يغوص في أعماقها محللا نفسيتها ومراميها ومقاصدها إنه القائل على لسان هند قاَلتْ: لوْ انَّ أبَا الخطَّا ب وَاَفَقنَا فنَلهُوَ اليَوْمَ أوْ نُنْشِدَ اشْعَارَا قاَلتْ : مُحِبٌّ ، رَمَاهُ الحُبُّ آونَة : وَهَيَّجَتْهُ دَوَاعِي الحُبِّ إذ حَارَ)19 وفي قصيدة أخرى وبطلتها هند يقول : زَعَمُوهَا سَأَلتْ جَارَاتِها وَتَعَرَّتْ ذَاتَ يَوْم تَبْتَردْ أ كمَا يَنْعَتُني تُبْصِرْنَني عَمْرَ كنَّ اللهَ أمْ لا يَقتَصِدْ فَتَضَاحَكْنَ وَقدْ قُلْنَ لهَا : حَسَنٌ في كلِّ عَيْن مَنْ تَوَ دّْ حَسَدًا حُمِّلنَهُ مِنْ شَأِنها وَقدِيمًا كان في النَّاس الحسَدْ)20 يدل النص على عمق النظرة العمرية لنفسية المرأة التي بدت له جلية فقراءة دقيقة له يبدو جو نفسي تفضح فيه عمر كوامن تلك النسوة ، فهند تفتخر بوصف عمر لها ، وجاراﺗﻬا لا يوافقن ، بصراحة ، ولا يخالفنها بوقاحة ، بل يرددن بجواب يكشف فيه عمر ما حملته نفوسهن من حسد . اجتمعت عناصر محيط عمر بن أبي ربيعة فشكلت له محيطًا استطاعت أن ترسمه على صورتها ، وتزين ذلك المحيط فكان باعثًا من بواعث شاعريته ، وأصبحت مكة و المدينة تكتظان بدور اللهو والغناء وإذا كان المحيط من العوامل التي ساعدت عمر على ولوج عالم الشعر فهي ذات أثر فعال في توجيه السلوك الفني للشاعر تجاه الغزل ، وشعره يلبي نوازعه ولا يبالي كثيرًا برأي الآخرين فيه وساعده على ذلك شباب جذاب ، وفتوة صقلتها الحضارة ووسامة تطلعت إليها النساء . ديوان ابن أبي ربيعة أغلبه غزلٌ معبرٌ عن العصر الذي عاشه الشاعر ، وعن المحيط الذي عاش فيه وهو محيط الحجاز المترف ، وقد اشتهر هذا الديوان لما احتواه من فن شعري ترك أثرًا ونال اهتمامًا في تاريخ الأدب ولعل اهتمام النقاد والرواة بشعر عمر يعود إلى تفرد هذا الشعر بالغزل واتخاذه نوعًا من الغزل سواء أكان ذلك في القصائد الطوال ، أم في المقطوعات الشعرية ، ( كان يمارس التخصص في نظمه ، وقد كان ذلك من دواعي إبداعه ، مما جعل الرواة خاصة والناس عامة يحبون إنشاد شعره وروايته ، فضلا على أن الشاعر نفسه ربما كان يكتب شعره ، وهذا ما يمكن أن يستنتجه الباحث في حياة الشاعر وشعره ، الشاعر أرسل قصيدة ملحقة برقعة تتضمن عتق رقبة إلى كلثم المخزومية وأخرى إلى الثريا " وكتبه في كوهية وشنفه وحسنه وبعث به إليها فلما قرأته بكت بكاءً شديدًا وقد كان بعض غلمانه يروون شعره وينشدونه بدلا عنه ، وكان للمعجبين بشعره أصناف من الناس منهم الرواة مثل الزبير بن بكار أعلم الناس بأشعار القرشيين ومنهم الهيثم بن عدي ، وظبية مولاة فاطمة بنت عمر بن مصعب و عمر بن أبي ربيعة ، كان يدون شعره ، ولذا فقد طلب مرة حبرًا يكتب به)21 ابن أبي ربيعة له مكونات الشعرية تتجلى في شعره وصناعته الشعرية فالشاعر له مدرسة من مدارس الشعراء المختلفة، ولكنه لا يكون مع ذلك إمامًا في صناعة النظم وصياغة القصيد(وقد كان شاعرنا بمولده ومزاجه ومعيشته وبيئته وشارته أصلح من يمثل شعراء عصره المشهورين بالغزل في أكثر من امرأة واحدة والولع بمجالسة النساء، ولكنه في اعتقادنا لم يكن أفضلهم نظمًا ولا أبرعهم قصيدًا، ولا أقدرهم صناعة، على إجادته الموفقة في أبيات ومقطوعات) )22 كان شعره تستحسن منه ما يقبح من غيره، وكان بعضهم يزعم أن لقريش بالتقدُّم في كل شيء عليها إلا في الشعر، فإنها كانت لا تقر لها به حتى كان عمر بن أبي ربيعة فأقرت لها الشعراء بالشعر أيضًا ولم تنازعها شيئًا ( وما روي عن فحول الشعراء من معاصريه كجرير والفرزدق ونصيب؛ لأن الشعر الذي زعموا أنه أرغمهم على الشهادة لعمر وتفضيله عليهم ليس مما يرغم المكابر ولا المنافس ولا المنصف الخليَّ من الغرض، إن شاء أن ينكره ولا يعترف بتفضيل، فإن كان الاعتراف بالتفضيل مجاملة ومسايرة للمحادث فليس هو إذن بالنقد الذي يؤخذ به في تمحيص الأقدار وموازنة الأشعار.إنَّ العرب أنكرت على قريش الشعر حتى ظهر ابن أبي ربيعة فاعترفت لهم به وكفَّت عن المنازعة، الشاعر مشهور مشهود له بالتفوُّق وأنه يأتي بالروائع بين الشعراء، لما يبدو عليه في أكثر كلامه من الفتور والإعياء)23 وكانت مدرسته فذة في الأدب العربي بأسره؛ (لأنها مدرسة لا يسهل على العقل أن يتخيل نظيرها كثرة وشيوعًا في غير الحجاز وفي غير تلك الآونة؛ إذ هي تحتاج إلى بيئة وسط بين البادية والحضر، ووسط بين الجاهلية المولية وآداب الإسلام المقبلة، ووسط بين شواغل العاصمة التي فيها الملك والدولة، وشواغل المدينة الصحراوية القاصية التي لا يبلغها شيء من ذلك، ووسط بين حالة مكة في عهد النبي والخلفاء الراشدين، وحالتها في عهد الأمويين والعباسيين، وما بعد ذلك من أيام اقتصر شأنها فيها على منسك الحج من العام إلى العام)24 ومدرسة ابن أبي ربيعة وزملائه تنشأ في بغداد أو في القاهرة أو في عواصم الأندلس، وفيها الإباحة المكشوفة، أو فيها الشواغل للرجال والنساء، غير عقد المجالس في الخلوات وتبادل الأحاديث و كانت مدرسة ابن أبي ربيعة تنشأ في مكة نفسها بعد مائة عام، وليس فيها حياة مدنية تحتمل إقامته وإقامة أمثاله وأمثال صاحباته، ولا حياة أدبية، يترجم عنها الشعراء فابن أبي ربيعة هو ابن الحجاز، وابن العصر، وابن البيئة التي ترجمها، فأحسن الترجمة، ثم عاش بهذه المزية بين شعراء العربية. وللحكم على صناعة ابن أبي ربيعة وجه آخر التفت إليه العصريون مذ شاعت القصة بينهم نظمًا ونثرًا وكثر التفاتهم إليها، فرأى بعض النقاد أن الشاعر قد أبدع فن المنظومة أو أكثر منها إكثارًا لم يؤثَر عن شاعر الإبداع والاختراع، وراء التخيُّل والتمثيل، قدرة ابن أبي ربيعة على الحديث المنظوم، فهو في هذا الجانب من صناعته قليل النظير ( ما أحسب شعر هذا أبلغ في هذه المعاني من : قال أبو غسان شعر كثير وجميل وعروة بن حزام وقيس بن ذريح وتلك الطبقة، فقال: ليس كل من يسمع تلك الأشعار يعرف المراد منها، وبشار يقارب النساء حتى لا يخفى عليهن ما يقول وما يريد، وأي حُرة حَصَان تسمع قول بشار فلا يؤثر في قلبها؟ فكيف بالمرأة الغزِلة والفتاة التي لا همَّ لها إلا الرجال)25 الغزل والعشاق من أمثال كثير وجميل وعروة وقيس وإخوان تلك الطبقة، فهذه المساجلة تبين لنا قبل كل شيء مبلغ الحاجة إلى التفرِقة بين هاتين المدرستين؛ لالتباس الأمر بينهما حتى على الفحول من الرواة وعلماء الأدب في العصر العباسي كأبي عبيدة وتلاميذه، فأبو غسان قد حسب أن الشعر الذي يذكر فيه النساء كله غزل لا فرق فيه بين كُثيِّر وقيس وبين بشار ومن حذا حذوه وأبو عبيدة يكاد يماثله في هذا الاعتقاد؛ لأنه حسب أن الخطر من شعر بشار إنما يأتي من فهم النساء شعره وقلة فهمهن أشعار العشاق من أمثال كُثيِّر وعروة وقيس وجميل والواقع غير ذلك كما يتبين من المقابلة بين الطريقتين. كان أفطن إلى الفرق بين الطريقتين؛ لأنه اعتمد على المهدي الواقع أن الخليفة حسه وعلى المشاهدة ولم يعتمد على العناوين الأدبية التي يعرفها الرواة وعلماء اللغة، فيجعلون الغزل كلامًا يتساوى فيه كل شعر يرد فيه التشبيب ووصف الحسان فالمهدي نهى بشارًا عن غزله ولم ينهَ أحدًا عن رواية قصائد العشاق من الشعراء الذين أشرنا إليهم؛ لأنه أحس الفرق بين الشعرين وأدرك على البديهة التي لا تحاول التفسير والتعليل أن هذا غير ذاك (وليس هذا الفرق على التحقيق أن شعر بشار أسهل لغة أو أسلوبًا من شعر كثير وجميل، ولا أنَّ بشارًا يقارب المرأة وأولئك العشاق لا يقاربونها؛ فقد تكون قصائد كثير وجميل وأمثالهما أسهل لغة وأسلوبًا من قصائد بشار على الإجمال، وقد يكون هؤلاء أقرب منه إلى طبيعة المرأة وهواها، وأعرف بغضبها ورضاها، وإنما الفرق بينهما أن شعر بشار هو شعر المتحدثين والمتحدثات في مجالس اللهو والفراغ، فهو مادة الحديث في تلك المجالس ومادة الحديث عنها، وهو وسيلة الإغراء بتا ورسول الدعوة إليها، ومن هنا إغراؤه بالفساد ومحاكاة ما يتخيله ويرويه بين الظرفاء والظريفات)26 أما شعر كُثيِّر وأمثاله فهو كالرسالة الخاصة من رجل واحد إلى امرأة واحدة، وهو إن أغرى بشيء، فلا يغري المرأة بأن تذهب إلى ملاقاة الرجال الكثيرين والنساء الكثيرات، ولكنه يغريها بعلاقة قلبية كالعلاقة بين ك كُثيِّر وعزة، وجميل وبثينة، وعروة وعفراء، وقيس وليلى، وليس هذا ما يدفع العاشق أو العاشقة إلى مجالس الظرفاء والظريفات، بل لعله مما يدفع إلى العكوف والاعتزال. فالفرق هنا فرق بين طبيعتين متباينتين: طبيعة المحب وهو مخصص لا يعمم، وطبيعة اللاهي بمجالسة النساء ومحادثتهن، وهو لا يتقيد بواحدة دون غيرها، ولا يبلغ من التعلُّق بها إلا أن يؤثرها على الأخريات بالمجالسة والمسامرة وتمثيل مساجلات الغرام، وقد كان بشار قريبًا في منحاه من عمر بن أبي ربيعة؛ لأن المجالس التي كان يغشاها كانت شبيهة على نحوٍ ما بالمجالس التي كان يألفها ابن أبي ربيعة، غير أن مجالس بشار كانت أشبه بالأندية اللاهية في عصرنا، ومجالس ابن أبي ربيعة كانت أقرب إلى سهرات الحريم المغلق في العصر الماضي، الذي كان يتحلَّل من الحجاب بعض التحلُّل في الخلوات وبين الجدران فصاحبات بشار هُنَّ الجواري والقيان والمستهترات باللهو من نساء الحواضر اللائي لا عاصم لهن، وصاحبات عمر هنَّ الحرائر اللائي يفرِّجن عن أنفسهن في غفلة الرقباء والأولياء، وهؤلاء في الأدب والنشأة غير هؤلاء،) ولكنَّ الشبه بين الطائفتين أنَّ الحديث معهما حديث شاعر مشغول بالنساء جميعًا وغير مقصور على واحدة بعينها يخصها بالمناجاة والوفاء.وهنا الملتقى بين ابن أبي ربيعة وبشار.وهنا المفترق بين كل منهما، وكل من كُثيِّر وعروة وقيس وجميل، فشعر هؤلاء مَعْدِنٌ من الكلام غير المعدن الذي منه كلام الآخرين ولا يغير من هذه التفرقة أن يقال عن كُثيِّر مثلًا إنه كان يخون عزة ويغازل غيرها؛ فإنه قد يفعل ذلك ولا يشبه شعره مع هذا شعر عمر وبشار في المعدن والأثر والطبيعة، كما أن الماس المزيف لا يصبح زمردًا ولا مرجانًا ولا ياقوتًا؛ لأنهم زَيَّفُوه، بل يظل أشبه بالماس من أجل هذا التزييف، ونراه فنذكر الماس، ولا نذكر الزمرد والمرجان والياقوت، إلا لنعد أصناف المعادن المختلفات)27 فليس للشعراء العشاق قصيدة واحدة تعدل مساجلات ابن أبي ربيعة وحكاياته الغزلية؛( لأنهم لا يألفون هذا الضرب من الشعور، ولا يجنحون إلى وصفه والغبطة بتمثيله. وكذلك تبحث في ديوان ابن أبي ربيعة عن صرخة واحدة من أعماق القلب المصدوع، والنفس الوالهة فلا تظفر بها ولا تحوم حولها؛ لأنه لم يرزق هذه الطبيعة التي تتعلق بمعشوقة واحدة، وتعلق عليها سعادتها وشقاءها وإقبالها على الحياة وصدوفها عنها)28 قراء العشاق الذين يحسون إحساسهم، وينطبعون على مثل مزاجهم، فلا يرضون بديلًا بشعر أولئك العشاق (فقد اكتفى شعرا الصحراء بالغزل العذري ، و الشاعر يربط بين الغزل في كلتا القصيدتين بما يمكن أن يؤول تأويلا يتضمن تلك المواجهة العامة بين الحجازيين والأمويين في الشام فيواجه الإعراض والعدوان من " نعم " بالفخر بقومه وبلائهم في الحروب هذه خلاصة الحياة السياسية )29 الغزل عند الشاعر هي الإمارة على قلوب النساء ، فإذا لم يكن له مكانة على سرير الملك في دمشق فليكن له متسع على سرير إن غزل عمر هو انعكاس آخر للحياة السياسية ، فقد انعكست هذه الحياة السياسية في الشام في ظل ما ، وانعكست في الحجاز في ظل آخر وهو صدًى لها ، ولكنه صدَى ينبعث من جوّ مغاير فليس عمر إذن من الذين انقطعوا عن السياسة ، بمعنى أﻧﻬم لم يفكروا فيها ، ولكنه متصل ﺑﻬا أشد اتصال من حيث أراد أن ينقطع عنها ، ومتأثر ﺑﻬا من حيث أراد أن ينجو من أثرها ، وخاضع لها ولكنه لم يكن خضوع الانقياد الذي أفلت منها من نحو واستجاب لإيحائها من نحو آخر (غياب السياسة عن شعر عمر شيء طبيعي ، فحياته وبيئته لا تليق إلا بشعر الحب والغزل ، ولا تلتمس في شعر عمر بن أبي ربيعة وصفًا للحياة السياسية الأموية ، فلم تكد تظفر من هذا بشيء صريح ، ذلك لأن صاحبنا هذا قد اجتنب السياسة في حياته اجتنابًا تامًا ، وانقطع للحب شطرًا من حياته ، وللنسك الهادئ شطرًا آخر ، فلم يغضب حزبًا من الأحزاب ولم يوال حزبًا آخر ، وإنما كان رجلا مترفًا من قريش ترك السياسة لأصحاﺑﻬا، وانصرف إلى الحياة يأخذ منها كل ما كانت تستطيع أن تمنحه من لذة ونعمة ،حتى إذا استوفى من ذلك حظه،وأحس أن الوقار)30 عاش حياة لهو وجد نفسه مشدودًا إلى المرأة وعالمها بسبب الظروف التي توافرت له ، فلقد جمع بين جمال الشكل وأنس المعشر، ووفر ة الثروة ، (وكان كل شيء في حياة عمر وسيلة إلى الاتصال بالمرأة ، وذكرها، والتحدث إليها وقد ذكر أبو الفرج فقرات مطولة حول هذه الأمور التي ساعدت عمر على ترك عالم السياسة والولوج في عالم الغزل ، ومع هذا فنحن مدينون للسياسة الأموية بشعر عمر بن أبي ربيعة وما فيه من آيات أدبية خالصة من كدر السياسة . نحن مدينون ﺑﻬذا الشعر لهذه السياسة الأموية ؛ فلولا أﻧﻬا وقفت من شباب قريش ، ومترفي الحجاز ، هذا الموقف الذي وصفناه لك غير مرة ، فحالت بينهم وبين الحياة العاملة ، وقصرﺗﻬم في الحجاز على اللهو والترف)31 لما ظهر شاعر كعمر بن أبي ربيعة . وأوجدت منهم في مكة والمدينة هذه الجماعات التي جمعت بين ذكاء القلب ، وحدة الشعور ، ورقة الحس ، وشرف المكانة ، وضخامة الثروة ليس شعره في حقيقة الأمر إلا خلاصة صادقة لحياة هذه الجماعات الحجازية المترفة)32 وإذا كان عمر غير مبال بمن حوله ، فقد كان كل من حوله يشير إليه بالبنان عدا السياسة . وكان شعره محل احتفال الناس كاحتفال ابن عباس بشعره وطلع عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة على ابن عباس ، وهو يومئذ غلام . فسلم وجلس فقال له ابن عباس : ألا تنشدنا شيئًا من شعرك ؟ فأنشده : أمِنْ آل نُعْم أنَتَ غادٍ فمُبْكِرُ غدَاَة غدٍ أمْ رَائِحٌ فمُهَجِّرُ ؟)33 فشعر عمر) ألهب مجالس الغناء ، ومجالس الغناء دفعت بشعر عمر الغزلي إلى الانتشار والتدفق ، بغزارة لا شبيه لها في الشعر العربي على مر ا لعصور ، ولعل هذا ما دفع طه حسين إلى وصفه بزعيم الغزليين في كتابه، حديث الأربعاء، ولم يكن عمر بمنأى عن غيره من شعراء عصره ، فأخباره تشير إلى أنه كان يلتقي بالشعراء ويتناشدون الأشعار ويتناقدوﻧﻬا ، فحماد الراوية يصف شعره بأنه الفستق المقشر وربما كان الواصف جميل بثينة كما أورد ابن قتيبة ويروي أبو الفرج ذلك فيقول : إن الفرزدق قال في شعر عمر : هذا والله الذي أرادته الشعراء)34 لكن الغريب أن أيًّا من هؤلاء الشعراء لم يفكر أن ينافس عمر لا في فنه ولا في حبه ( كان كثير المخاطبة للنساء ويعلل ذلك الدكتور طه حسين بحلاوة الحديث ، وأنس اﻟﻤﺠلس اللذين تمكن منهما الشاعر ، وبظروف حياته وقدرته على تسخيرها لما يريد فقد كان كل شيء في حياة عمر وسيلة إلى الاتصال بالمرأة وذكرها والتحدث إليها ويظهر شوق المرأة إلى عمر ، بل إلى فنه ، في مواضع كثيرة من كتاب الأغاني، هذا الشوق الذي كان يدفع حسناوات قريش إلى إرسال الرسل والسفارات لدعوته ، يروي أبو الفرج خبر مجموعة من النساء أرسلت إحداهن رسولا إلى عمر تدعوه لموافاتها ورفيقاتها إلى موضع عينته ، في ليلة سمّتها، فوافاهن على رواحله ، مجتازًا مسافة كبيرة)35 وإذا كان عمر في أخباره يسعى إلى المرأة فهي كذلك تسعى إليه مهما كانت مكانتها فها هي أم محمد ، بنت الخليفة مروان بن الحكم ، أتته بعد قضاء الحج متخفية بين النساء ولم يكن عمر – على ما يبدو من أخباره – يصد امرأة ، أو يترك جميلة ، أيا كانت دون أن يحاول رسمها بمنظاره ، أو بما يوحي له خياله الشعري ، وما أكثر تلك الجميلات اللواتي اختلجت نفوسهن بحب الظهور على لوحة عمر ! والتلون بريشته) فقد أحصى صاحب غراميات عمر النساء اللواتي ذكرهن في شعره وعددهن فهن " كلثم بنت سعد المخزومية وقد تزوجها ، وعائشة بنت طلحة ، والثريا ورملة بنت عبد الله بن خلف الخزاعية ، وفاطمة بنت الخليفة عبد الملك بن مروان ، ورملة بنت مروان وشقيقتها أم عمر أو أم محمد ، وأم الحكم ، وسبيعة العراقية ، وفاطمة بنت محمد بن الأشعث الكندية ، وليلى بنت الحارث المرية ، ولبابة بنت عبد الله بن عباس ، وهند بنت الحارث المرية ، وسعدى بنت عبد الرحمن بن عوف . ومن اللواتي ذكر أسماء مستعارة لهن ولم تعرف هوياﺗﻬن : نعم ، والرباب ، ونوار)36 وفي ديوان عمر إشارات و رسالة إلى امرأة أخرى تدعى كلثم ، وذكرها صاحب بأﻧﻬا من بنات عم الشاعر وربما هي كلثم بنت سعد المخزومية ، وكانت هذه الحسناء -كما ذكر أبو الفرج تكره عمر ، مما زاد تعلقه ﺑﻬا ، وقد كانت تضرب كل رسول يأتيها من عمر الذي يرسل إليها قائلا مِنْ عَاشِق صَبٍّ يُسِرُّ الهوَى قدْ شَفَّهُ الوَجْدُ إلى كْلَثم رَأتْكِ عَيْني فدَعَاِني الهوَى إَليْكِ لِلْحَيْن وَلمْ أعْلم ولم ينس عمر الثريا بنت علي بن الحارث بن أمية الأصغر، التي عرف في مجلسها المغنيين والمغنيات وأنشد فيها الشعر وربما وقع هو أيضًا في نفسها: لمْ تَرَ العَيْنُ لِلثُّرَيَّا شَبيهًا بمَسِيل التِّلاع لمَّا اْلتَقيْنَا أعْمَلتْ طرْفهَا إليَّ وَقاَلتْ : حُبَّ بالسَّائِرينَ زَوْرًا إَليْنَا)37 ومما لم يذكره كتاب غراميات عمر بن أبي ربيعة في شعره وأخباره ا لقتول أخت الرباب مع أن شعره ﺑﻬاتين الأختين ذائع ومشهور قال لي صَاحِبي لِيَعْلمَ مَا بي : تُحِبُّ الَقتُول أخْتَ الرَّبَاب ؟ قلْتُ : وَجْدِي بها كوَجْدِكَ بالعَذْب إذا مَا مُنعْتَ طعْمَ الشَّرَاب كثرت النساء في أخبار عمر وفي شعره ، وأولع عمر بهن وأسرف في التغني بجمال كل امرأة يذكرها وصور شوقه وحبه لها، و نقول فيما توحي به هذه الأخبار وتلك الأشعار عما أكده الباحثون من قبل في أن الظروف اجتمعت لعمر فجعلته شاعر المرأة ، وشاعر الغزل ، فهو الرجل الوسيم الغني بتعبير عصري ، وهو صاحب الحديث الحلو ، وهو جليس أنيس مؤنس ، حاور قلب المرأة ة ، لا عقلها ووقف على ما يطربها من حديث ، وما يستميل هواها الأنثوي . ابن أبي ربيعة له ديوان كبير يشتمل على بضعة آلاف بيت من الشعر، جلها في الغزل ، وكل غزلها في الحوار والرسائل التي تدور بينه وبين حِسان عصره وظريفات ويستغرب قارئ الديوان أن ينصرف شاعر في جميع شعره إلى هذا الغرض دون غيره، وهو استغراب معقول يَرِدُ على كل خاطر للوهلة الأولى، إذا اقتصرنا على النظر إلى الديوان وحده، وقابلنا بين موضوعاته وموضوعات الشعراء المشهورين في الدواوين الكبير( ولكنه استغراب لا يلبَث أن يزول أو ينقلب إلى نقيضه إذا تجاوزنا الديوان إلى العصر الذي نُظِمَ فيه الديوان والبيئة التي عاش فيها الشاعر )38 فكان عمر يقدم فيعتمر في ذي القعدة ويخرج من إحرامه فيلبس الحلل والوشي ويركب النجائب المخضوبة بالحناء والديباج ويسبل لمته ويتصدى للعراقيات والمدنيات والشاميات كل منهن في الطريق التي يسلكنها، فخرج يومًا للعراقيات فإذا قبة مكشوفة فيها جارية كأنها القمر تركب معها جارية سوداء كالسبجة فقال للسوداء: من أنت؟ ومن أين أنت يا خالة؟ فقالت: لقد أطال لله تعبك إن كنت تسأل هذا العالم: من هم؟ ومن أين هم؟ قال: فأخبريني عسى أن يكون لذلك شأن. قالت: نحن من أهل العراق، فأما الأصل والمنشأ فمكة، وقد رجعنا إلى الأصل ورجعنا إلى بلدنا، فضحك. فلما نظرت إلى سواد ثنيتيه قالت: قد عرفناك! عمر بن أبي ربيعة … قال: وبم عرفتِني؟ قالت: بسواد ثنيتيك وبهيئتك التي ليست إلا لقريش فلم يزل عمر بها حتى تزوجها وولدت له. ولسواد ثنيتيه قصة مع الثريا إحدى صويحباته وأجملهن فيما قيل، وخلاصتها أنه زارها يومًا ومعه صديق له كان يصاحبه ويتوصل بذكره في الشعر، فلما كشفت الثريا الستر وأرادت الخروج إليه رأت صاحبه فرجعت، فقال لها: إنه ليس ممن أحتشم منه ولا أخفي عنه شيئًا. واستلقى فضحك، وكان النساء إذ ذاك يتختمن في أصابعهن كساء أسود)39 له أسلوب طريف ووحدة الموضوع ، و القصيدة عنده تتكون من الوقوف على الأطلال و نسيب وللغزل خاصية شكلية عند ابن أبي ربيعة ، وتتسم القصيدة بالجمال في إنشاد المحبوبة مما جعل لشعره ميزة أخرى في شكل القصيدة من الحيوية والجذابة من عالم العشق والعشاق وعواطفهم في وصف للجَمال فالأسلوب عنده يتمثل في البناء اللغوي من حيث اختيار المفردات وصياغة التراكيب والموسيقى ، الشعر عنده يمتاز بالسهولة والسلاسة والرقة فالمفردات عنده تخلو من العيوب التي تصيب الكلمة ، وتسلم من الغرابة، و توحي بما يعتمل في نفس الشاعر فَأذاَقتْني لذِيذًا خِلتُهُ ذوْبَ نَحْل شِيبَ باَلماءِ اْلخَصِرْ وَمُدَاٍم عُتّقَتْ في بَاِب لمِثْل عَيْن الدَّيكِ أوْ خَمر جَدَرْ)40 فقد صاغ الشاعر في أغلب شعره تفسير، وخلت من عيوب التراكيب ، يقول في ليلة جمعته بإحدى المرأة فَلسْتُ بنَاس ليْلَة الدَّار مَجْلِسًا لِزَيْنَبَ حَتَّى يَعْلوَ الرَّأْسَ رَامِس خَلاءً بَدَتْ قمْرَاؤُهُ وَ تمخَّضَتْ دُجُنَّتُهُ وَ غابَ مَنْ هُوَ حَارسُ فمَا نلْتُ مِنْهَا مَحْرَمًا غَيْرَ أنَّنَا كِلانَا مِنَ الثَّوْب الْمُوَرَّدِ لاَبسُ ويلاحظ على تراكيب الشاعر حسن السبك ، والمتانة ، وإتقان استعمال)41 التصوير بالإثارة والتشويق: وَبَاتَتْ تَمُجُّ الْمِسْكَ في فِيَّ غادَةٌ بَعِيدَةُ مَهْوَى اْلُقرْطِ ، صَامِتَةُ الحجْل تصوير لونها: فعَرَفْتُ صُورَتَهَا ، وَليْسَ بمُنْكِر أحَدٌ شُعَاعَ الشَّمْس سَاعَة تَطُلعُ وكثرت عنده الكنايات المعبرة بدقة عن حالة المرأة فهذه إحداهن بَيْضَاء آِنسَةٍ لِلْخِدْر آلِفةٍ وَلمْ تَكنْ تَأْلفُ الخْوْخَاتِ وَالسُّدَدَا)42 تصوير الأشواق مع خلجات النفس، وشوق القلب، في الثريا: قلْتُ : وَجْدِي بهَا كَوَجْدِكَ بالْعَذب إ ذا مَامُنعْتَ طعْمَ الشَّرَا ب مَنْ رَسُولِي إلى الثُّرَيَّا بأَنَّي ضِقْتُ ذرْعًا ﺑﻬَجْرهَا وَالْكِتَاب ؟ أزْهَقتْ أمُّ نَوْفل إ ذ دَعَتْهَا مُهْجَتِي ، مَالِقاتِلِي مِنْ مَتَاب43 تصويره لحالة الحب وما يفعله بالقلب: عَاوَدَ اْلَقْلبَ مِنْ سَلامَة نُصْبٌ فلِعَيْنيّ مِنْ جَوَى الْحُبّ سَكْبُ وَلَقدْ قلْتُ : أيُّهَا اْلَقْلبُ ذو الشَّوْق الَّذِي لا يُحِبُّ حُبَّكَ حِبُّ إنَّهُ قدْ نَأى مَزَارُ سُليمى وَعَدَا مَطْلبٌ عَن الْوَصْل صَعْبُ قدْ أرَاِني في سَالِفِ الدَّهْر لوْ دَامَ وَغُصْنُ الشَّبَاب إذ ذَاكَ رَطْبُ وَكِلانَا، وَ لوْصَدَدْتُ وَصَدَّتْ مُسْتَهَامٌ، بهِ مِنَ الْحُبَّ حَسْبُ44 تصوير حبه لنعم ولقائه بها فالموعد ، واللقاء والرسل، أمر مألوف في الغزل العربي: لَقدْ أرْسَلتْ نُعْمٌ إَليْنَا أنِ ائْتِنَا فَأحْببْبهَا مِنْ مُرْسِل مُتَغَضَّبِ فَأرْسَلْتُ أن لا أسْتَطِيعُ فَأرْسَلتْ تُؤَكدُ أيمَان الْحَبيب الْمُؤَنَّب فقُلْتُ لِجنَّادٍ خُذِ السَّيْفَ وَاشْتَمِلْ عَليْهِ بحَزْم وَانْظر الشَّمْسَ تَغْرُب وَأسْرجْ لِي الدَّهْماء وَاذهَبْ بمِمْطري وَلا تُعْلِمًا حَيا مِنَ النَّاس مَذهَبي وَمَوْعِدُكَ اْلبَطحَاءُ مِنْ بَطن يَأْجَجأ و الشَّعْبُ باْلمَمْرُوخ مِنْ بَطْن مُغْرب فلمَّا اْلتَقيْنَا سَلَّمَتْ وَتَبَسَّمَتْ وَقاَلتْ كَقوْل الْمُعْرض اْلمُتَجَنَبِ : أمِنْ أجْل وَاش كاشِح بنَمِيمَةٍ مَشَى بَيْنَنَا صَدَّقْتَهُ لمْ تُكذَّب45 فدَلَّ عَليْهَا اْلَقْلبُ رَيَّا عَرَفْتُهَا لها وَهَوَى النّفسِ الذي كادَ يَظهَرُ 46 وقوة عاطفة الغزل لها تأثيرها في نفس القارئ واستمر هذا التأثير تموج قوة العاطفة داخل نصه بصورة الشعر شكلا ومضمونًا و سُهُوَلًة ، وخيال مبدع يموج بالحركة ، ومعاني جديدة تخدم الغزل بكافة متطلباته ، وعاطفًة صادقة مؤثرة في الوجدان مستمرة في النفوس، تلك الخصائص في شعره ، وجعلت من شعره الفستق المقشر)47 تصويره للذوق التي أذاقته المرأة العربية: فَأذاَقتْني لذِيذًا خِلتُهُ ذوْبَ نَحْل شِيبَ باَلماءِ اْلخَصِرْ وَمُدَاٍم عُتّقَتْ في بَاِب لمِثْل عَيْن الدَّيكِ أوْ خَمر جَدَرْ48 فَلسْتُبنَا سليْلَة الدَّار مَجْلِسًا لِزَيْنَبَ حَتَّى يَعْلوَ الرَّأْسَ رَامِس خَلاءً بَدَتْ قمْرَاؤُهُ وَتمخَّضَتْ دُجُنَّتُهُ وَغابَ مَنْ هُوَ حَارسُ فمَا نلْتُ مِنْهَا مَحْرَمًا غَيْرَ أنَّنَا كِلانَا مِنَ الثَّوْب الْمُوَرَّدِ لاَبسُ49 الإثارة والتشويق ، أثر في نفوس سامعيه، يقول في إحداهن: وَبَاتَتْ تَمُجُّ الْمِسْكَ في فِيَّ غادَةٌ بَعِيدَةُ مَهْوَى اْلُقرْطِ ، صَامِتَةُ الحجْل50 وصورة العناق، وتمثيلي وضمني في قوله : فعَرَفْتُ صُورَتَهَا ، وَليْسَ بمُنْكِر أحَدٌ شُعَاعَ الشَّمْس سَاعَة تَطُلعُ51 تصويره لخلجات النفس وشوق القلب في الثريا: قلْتُ : وَجْدِي بهَا كَوَجْدِكَ بالْعَذب إذا مَامُنعْتَ طعْمَ الشَّرَاب مَنْ رَسُولِي إلى الثُّرَيَّا بأَنَّي ضِقْتُ ذرْعًا ﺑﻬَجْرهَا وَالْكِتَاب ؟ أزْهَقتْ أمُّ نَوْفل إذ دَعَتْهَا مُهْجَتِي ، مَالِقاتِلِي مِنْ مَتَاب52 عَاوَدَ اْلَقْلبَ مِنْ سَلامَة نُصْبٌ فلِعَيْنيّ مِنْ جَوَى الْحُبَّ سَكْبُ وَلَقدْ قلْتُ : أيُّهَا اْلَقْلبُ ذو الشَّوْق الَّذِي لا يُحِبُّ حُبَّكَ حِبُّ إنَّهُ قدْ نَأى مَزَارُ سُليمى وَعَدَا مَطْلبٌ عَن الْوَصْل صَعْبُ قدْ أرَاِني في سَالِفِ الدَّهْر لوْ دَا مَ وَغُصْنُ الشَّبَاب إذ ذَاكَ رَطْبُ وَكِلانَا ، وَلوْصَدَدْتُ وَصَدَّتْ مُسْتَهَامٌ ، بهِ مِنَ الْحُبَّ حَسْبُ تصوير حالة نعم وتفاعلها مع النمام : لَقدْ أرْسَلتْ نُعْمٌ إَليْنَا أنِ ائْتِنَا فَأحْببْ بهَا مِنْ مُرْسِل مُتَغَضَّبِ فَأرْسَلْتُ أن لا أسْتَطِيعُ فَأرْسَلتْ تُؤَكدُ أيمَان الْحَبيب الْمُؤَنَّب فقُلْتُ لِجنَّادٍ خُذِ السَّيْفَ وَاشْتَمِلْ عَليْهِ بحَزْم وَانْظر الشَّمْسَ تَغْرُب وَأسْرجْ لِي الدَّهْماء وَاذهَبْ بمِمْطري وَلا تُعْلِمًا حَيا مِنَ النَّاس مَذهَبي وَمَوْعِدُكَ اْلبَطحَاءُ مِنْ بَطن يَأْجَج أو الشَّعْبُ باْلمَمْرُوخ مِنْ بَطْن مُغْرب فلمَّا اْلتَقيْنَا سَلَّمَتْ وَتَبَسَّمَتْ وَقاَلتْ كَقوْل الْمُعْرض اْلمُتَجَ نَبِ : أمِنْ أجْل وَاش كاشِح بنَمِيمَةٍ مَشَى بَيْنَنَا صَدَّقْتَهُ لمْ تُكذَّب فدَلَّ عَليْهَا اْلَقْلبُ رَيَّا عَرَفْتُهَا لها وَهَوَى النَّفسِ الذي كادَ يَظهَرُ وتظهر قوة عاطفة الغزل العمري من خلال تأثيرها في نفس القارئ واستمرار53 تصويره للتبسم المرأة العربية: فَأتَيْتُ أمْشِي بَعْدَمَا نَامَ العِدَا وَأجَنَّهُم لِلنَّوْم جَوْنٌ أدْهَمُ فإذا مَهَاة في مَهًا بخَمِيَلةٍ أُدْم أطَاعَ لهُنَّ وادٍ مُلْحِمُ حَيَّيْتُهَا فتَبَسَّمَتْ فَأنَّهَا عِنْدَ التَّبَسُّم مُزْنَةٌ تَتَبَسَّمُ54 وَتَضَوَّعَتْ مِسْكًا وَسُرَّ فؤَادُها فسُرورُها بَادٍ لِمَنْ يَتَوَسَّمُ فغَنيتُ جَذْلانًا وَقدْ جَذِلتْ بنَا نَبْغِي بذلِكَ رَغْمَ مَنْ يَتَرغَّم ثمَّ انْصَرَفْتُ وَكان آخِرُ قوْلِهَا أن سَوفَ يَجْمَعُنَا إَليْكَ الموْسِمُ تصويره لتبادل التحية والرد بالابتسامة : يَا صَاح قل لِلرَّبْعهَ ليَتَ كلَّمُ فيُبينُ عَمَّا سِيل أوْ يَسْتَعْ جمُ ؟ فَثنَى مَطِيَّتَهُ عَلَّي وَقَاللي: اسْأل وَكيْفَ يُبينُ رَسْمٌ أعْجَمُ ؟ دَرَجَتْ عَليْهِ اْلعَاصِفاتُ فَقدْعَفتْ آيَاتُهُ إلاَّ ثلاثٌ جُثَّمُ عُجْتُ الْقَلوصَ بهِ وَعَرَّجَ صُحْبَتي وَكَففْتُ غرْبَ دُمُوع عَيْن تَسْجُمُ أدْمُ الظِّبَاءِ بهِ تُرَاعِي خِلْفًة وَسِخَاُلهَا في رَسْمِه تَتَبَغَّمُ وَثنَى صَبَابَة قْلِبهِ بَعْدَ اْلِبَلى وَرْقاءُ ظلَّتْ في اْلغُصُونِ تَرَنمُ غردَتْ عَلى فَنَن فَأَسْعَدَ شَجْوَهَا وُرْقٌ يجُبْنَ كمَا اسْتَجَابَ اَلمأتَمُ هَل عَيْشُنَا بمِنًى يَعوُدُ كعَهْدِنَا إذ لا نُرَاعُ وَلا يُطاعُ اللُّوَّمُ ؟ أيَّامَ هِنْدٌ لا تُطِيعُ مُحَرِّشًا خَطِل اَلمَقال وَسِرُّنا لا يُعْلمُ وَعَشَّيةٍ حَبَستْ فلمْ تَفتَحْ فمًا بك لامِهَا مِنْ كَاشِح يَتَنَمَّمُ نَظرَتْ إْليَكَ وَذو شِبَاٍم دُونَهَا نَظرًا يَكَادُ بسِّرهَا يَتَكلَّمُ فَأبَان رَجْعُ الطَّرْفِ أن لا تَرْحَلنْ حَتَّى يجُنَّ النَّاسَ ليْلٌ مُظلِمُ فَلعَلَّ غِبَّ اللَّيْل يَسْتُر مَجْلِسًا فِيهِ يُوَدِّعُ عَاشِقٌ وَيُسَلمُ فأتَيْتُ أمْشِي بَعْدَمَا نَامَ العِدَا وَأجَنَّهُم لِلنَّوْم جَوْنُ أدْهَمُ فإذا مَهَاة في مَهًا بخميلةٍ أُدْم أطاعَ لهُنَّ وادٍ مُلحِمُ حَيَّيَتُهَا فتَبَسَّمَتْ فكَأنَّهَا عِنْدَ التَّبَسُّم مُزْنَةٌ تَتَبَسَّمُ55 فأصابت الخواتيم ثنيتيه العليين وكادت أن تسقطهما، فعالجهما في البصرة فسكنتا واسودتا، وجعل خصومه يعيرونه بهما وكان جالسًا بمنى وغلمانه حوله فأقبلت امرأة برزة عليها أثر النعمة ثم سلمت وسألت: أنت عمر بن أبي ربيعة؟ قال: أنا هو، فما حاجتك؟ قالت: حياك لله وقرَّبك. هل لك في محادثة أحسن الناس وجهًا وأتمهم خلقًا وأكملهم أدبًا وأشرفهم حسبًا؟ قال: ما أحبُّ إلي من ذلك. فعادت تقول: على شرط، تمكنني من عينيك فأشدهما وأقودك حتى تتوسط الموضع الذي أريد، ثم أفعل ذلك عند إخراجك حتى أنتهي بك إلى مضربك هذا، فوافقها ومضى معها حتى كشفت عن وجهه فإذا بامرأة على كرسي لم ير مثلها قَطُّ جمالًا وكمالًا، فسلم وجلس، وسألته: أأنت عمر بن أبي ربيعة؟ قال: أنا عمر. قالت: أنت الفاضح للحرائر؟ قال: وما ذاك جعلني لله فداءك؟ قالت: ألست صاحب هذه قم فاخرج عني، وقامت من مجلسها فجاءت المرأة فشدت عينيه ومضت به حتى انتهى إلى مضربه، فحزن واكتأب وبات ليله يفكر فيما رأى وسمع. فلما أصبح إذا المرأة إليه وتسأله: هل لك في العود؟ فيذهب معها كما ذهب في المرة الأولى، ويلقى فتاة الأمس فتبادره قائلة: إيه يا فضاح الحرائر؟ فيسأل: بماذا؟ جعلني لله فداءك؛ فتقول بأبياتك هذه: قم فاخرج عني! فقام فخرج ثم ردته وقالت له: لولا وشك الرحيل وخوف الفوت ومحبتي لمناجاتك والاستكثار من محادثتك لأقصيتك، هات الآن كلمني وحدثني وأنشدني فكلمت آدب الناس وأعلمهم بكل شيء، ثم نهضت : قال عمر وهو يقص هذه القصة وأبطأت العجوز وخلا لي البيت، وأخذت أنظر فإذا بآنية فيها طيب، فأدخلت يدي فيه وخبأتها في كمي، وجاءت تلك العجوز فشدت عيني ونهضت بي تقودني حتى إذا صرت على باب المضرب أخرجت يدي فضربت بها عليه، ثم صرت إلى مضربي فدعوت غلماني ووعدتهم أيهم يدل على باب مضرب عليه طيب، كأنه أثر كف فهو حر وله خمسمائة درهم. فلم ألبث أن جاء بعضهم فقال: قم! فنهضت معه فإذا أنا بالكف طرية وإذا المضرب مضرب فاطمة بنت عبد الملك بن مروان قد أخذت في أهبة الرحيل، فلما نفرتْ نفرتُ معها فبصرتْ في طريقها بقباب ومضرب وهيئة جميلة فسألت عن ذلك فقيل لها: هذا عمر بن أبي ربيعة فتخوَّفتْ وقالت للعجوز التي كانت ترسلها إليَّ قولي له: نشدتك لله والرحم ما شأنك؟ وما الذي تريد؟ انصرف! ولا تفضحني وتشيط بدمك.56 فقد كان له شاغل آخر عن الغزل ومصاحبة الحسان، فكان الحارث واليًا لمكة وكان العرجي يشهد الوقائع بأرض الروم، وكانا مع ذلك دون عمر في الملَكة الشعرية والطبيعة الغزلية، فإذا اجتمع التعبير عن الطبقة كلها في الديوان الكبير الذي نظمه عمر بن أبي ربيعة فذلك حسب تلك الطبقة من حديث منظوم، فهو وحده كان الشاعر المكثِر بين الوادعين المُتْرَفِينَ من أهل زمانه، وكان مكانه في طبقته يبيحه أن ينقل عنها وتنقل عنه، ويسمع منها وتسمع منه، ويختلط بها وتختلط به على سُنَّةِ المصاحبة والمساواة. فقد كان في الذؤابة من بيوت قريش غِنًى وجاهًا وحسبًا، وكان همه موكولًا بمن يساوينه في الطبقة من بنات تلك البيوت؛ إذ لا نعرف من أخباره، خبرًا واحدًا شبَّب فيه بفتاة من غير ذوات الشارات والأحساب، وإن عرَّض ببيت هنا وبيت هناك لفتاة من زائرات الحج المجهولات النسب فمن المحقق أن يكون مغريه بتا النعمة البادية والسمة التي تنم على الرفاهة والرخاء، ثم لا يتعقبها إلى زمن طويل، أما حسانه اللائي اشتهر بالحديث عنهن وأحب أن يتَّسم بحبهن فكلهن من ذوات الحسب والثراء، ومن طبقة محدودة لها ذوقُها الخاص الذي لا يشبه عامة الأذواق. فعائشة بنت طلحة التي تقدَّمت الإشارة إليها هي بنت طلحة بن عبيد لله وحفيدة، أبي بكر الصديق من ناحية أمها، وزوجة مصعب بن الزبير، وصاحبة الشهرة المستفيضة بالترف والعبث بالمال، فمن أخبارها أنَّ مصعبًا دخل عليها وهي نائمة في الصباح ومعه ثماني لؤلؤات تقوم بعشرين ألف دينار، فنبهها ونثر اللؤلؤ في حجرها، فما زادت على أن قالت: نومتي كانت أحب إليَّ من هذا اللؤلؤ، والثريا ولعلها أحظى حسانه عنده هي بنت علي بن عبد لله بن الحارث بن أمية الأصغر بن عبد شمس، ولها من الدُّور والرياض والمال حظ موفور، والسيدة سكينة بنت الحسين، وفاطمة بنت عبد الملك بن مروان لهما في النسب والثراء مكان لا يعلوه في زمانهما مكان، ويلحق بهما من قريب أو بعيد حِسان أخريات كلهن من كبار البيوتات كزينب بنت موسى، وهند بنت الحارث المُرِّيَّةِ، ومن يشير إليهن بوصف النعمة والبذخ فيدل على طبقتهن، وإن لم يصرح بالكنى والأسماء، وعلى هذا لا عجب أن ينفرد عمر بحديثه المنظوم عن هذه الطبقة فهو شاعرها الذي اجتمع له من أسباب التعبير عنها ما لم يجتمع لغيره)57 ولا عجب أن يترك لنا ديوانًا كاملًا كله رسائل غرام؛ لأنه كان يعبر عن حاجة من حاجات عصره تتَّسِعُ لدواوين ، وقد يكون من تمام العلم بذلك الغزل الذي تفوَّق فيه أن نعلم ما هو الترف الذي كان من أهله وكان موكولًا بوصفه، فهو على الجملة ترف ساذج لا يخلو من مسحة البداوة، وقد تبدو سذاجته في الدلال الخشن كما تبدو في إظهار النعمة بالمكاثرة والمباهاة التي يعوزها الصقل والطلاء، فمن الدلال الخشن أن تترفع عائشة بنت طلحة عن ثماني، لآلئ بعشرين ألف دينار وهي لو طارت بها فرحًا لكانت في ذلك غرارة طفولة هي أملح من كل ذلك الدلال، وسنرى في فصول هذه العجالة المقبلة أنَّ الثريا كانت تلبَس الخواتم كسائر بنات عصرها في جميع أصابعها، وأنها لطمت بيدها وجهَ عمر حتى أوشكت أن تخلع ثنيتيه! ونرى أنَّ إحدى معشوقاته ضربت جارية أرسلها إليها. فمن الواضح أن نلمس أثر ذلك كله في غزل ابن أبي ربيعة وفي دلاله وهو بصبوته وشارته ومركبه وملبسه وشهرته الغرامية. فمن هنا كان شاعر عصره وشاعر طبقته وشاعر طريقته في الغزل لا مراء)5
المصادر والمراجع 1.البغدادي، أبو جعفر محمد بن حبيب بن أمية بن عمرو الهاشمي، المحبر، صححه د إيلز ليختن، ط دار الآفاق الجديدة، بيروت، د ت ط. ، ص 167 2.ابن هشام، السيرة النبوية، ت مصطفى السقا وآخرون، ، ط مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، 1355 ه 1936 م. ج 2، ص 321 3.عز الدين، بن الأثير أبو الحسن علي بن محمد بن الجزري، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ، ت محمد إبراهيم البنا وآخرون، ط دار الشعب، د.ت. ج 3، ص232 4.ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ، ت محمد أبو الفضل إبراهيم، ط 2، دار إحياء الكتب العربية، عيسى الحلبي وشركاؤه، 1387 ه- 1967 م. ج 18 ، ص 185 5.الأغاني، دار الفكر، بيروت، ص 232 ، ج 1، ص 51 6.شوقي ضيف، الشعر والغناء في المدينة ومكة لعصر بني أميةط 2، دار الثقافة، بيروت،1967 م. ، ص،220 7.غنام بن هزاع المريخي المطيري القصة في شعرعمر بن أبي ربيعة رسالة استكمالية لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في قسم اللغة العربية وآدابها آلية الآداب إشراف الأستاذ الدكتور عبد الله بن سليمان الجربوع 1426 ه / جمادى الأولى 1425 جامعة الملك سعود ص 113 8.الأغاني، ط دار الفكر، بيروت، ج 1، ص 51 9. نفس المرجع، ص 53 10. نفس المرجع، ص 59 11. نفس المرجع، ص 60 12. نفس المرجع، ص 61 13. الجزولي ، صورة العصر في شعر عمر بن أبي ربيعة بحث مقدم لنيل درجة الماجستير في الأدب العربي، جامعة الخرطوم كلية الآداب، قسم اللغة العربية، تحت إشراف الأستاذ الدكتور أحمد حسن علي قرينات 2008م/ 2009ص ص 8 14. نفس المرجع 92 15 نفس المرجع ص9 16. نفس المرجع ص10 17.ابن خلدون ، عبد الرحمن بن محمد ، من مقدمة ابن خلدون ، اختيار وتحقيق سهيل عثمان ومحمد درويش دمشق : منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي ، 1978 م ص 215 18.غنام بن هزاع المريخي المطيري القصة في شعرعمر بن أبي ربيعة رسالة استكمالية لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في قسم اللغة العربية وآدابها آلية الآداب إشراف الأستاذ الدكتور عبد الله بن سليمان الجربوع1426 ه / جمادى الأولى 1425 جامعة الملك سعود ص 62 19. نفس المرجع، ص 121 20. نفس المرجع ، ص 121 21.سزآين ، فؤاد ، تاريخ التراث العربي ، المجلد الثاني ، الجزء الثالث ، ترجمة محمود فهمي حجازي الرياض : إدارة الثقافة والنشر بجامعة الإمام ، 1991 م ص 164 22.العقاد شاعر الغزل عمر بن أبي ربيعة، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة القاهرة جمهورية مصر العربية 2012 ص 32 23. نفس المرجع ص37 24. نفس المرجع ص38 25. نفس المرجع ص40 26. نفس المرجع ص 40 27. نفس المرجع ص 42 28. نفس المرجع ص43 29.خليف ، يوسف ، في الشعر الأموي دراسة في البيئات، القاهرة : مكتبة غريب، د . ت، ص 57 30.فيصل ، تطور الغزل بين الجاهلية والإسلام من امرئ القيس إلى ابن أبي ربيعة ، ص 298 31.غنام بن هزاع المريخي المطيري القصة في شعرعمر بن أبي ربيعة رسالة استكمالية لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في قسم اللغة العربية وآدابها آلية الآداب إشراف الأستاذ الدكتور عبد الله بن سليمان الجربوع1427 ه / جمادى الأولى 1425 جامعة الملك سعود ص 62 32. المطيري، غنام بن هزاع المريخي المطيري القصة في شعرعمر بن أبي ربيعة رسالة استكمالية لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في قسم اللغة العربية وآدابها آلية الآداب إشراف الأستاذ الدكتور عبد الله بن سليمان الجربوع1426 ه / جمادى الأولى 1425 جامعة الملك سعود ص 62 33.فايز محمد ، ديوان عمر بن ربيعة دار الكتاب العربي الطبعة الثانية 1996 م بيروت ، ص 388 34. المطيري، غنام بن هزاع المريخي المطيري القصة في شعرعمر بن أبي ربيعة رسالة استكمالية لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في قسم اللغة العربية وآدابها آلية الآداب إشراف الأستاذ الدكتور عبد الله بن سليمان الجربوع1426 ه / جمادى الأولى 1425 جامعة الملك سعود ص 77 35.الحموي ، شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله ، معجم البلدان بيروت : دار بيروت للطباعة والنشر ، 1995 م ص281 36.سعد ، فاروق ، غراميات عمر بن أبي ربيعة بيروت : دار الآفاق الجديدة ، 1997 ص 175 37.ابن أبي ربيعة ، الديوان ، ص 501 39.العقاد شاعر الغزل عمر بن أبي ربيعة، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة القاهرة جمهورية مصر العربية 2012 ص54 40. نفس المرجع ص54 41. محمد فايز، ديوان عمر بن ربيعة دار الكتاب العربي 1996 م بيروت ، ص 149 41. نفس المرجع ، ص 395 42. نفس المرجع ، ص 187 43 نفس المرجع ، ص 319 44. نفس المرجع ، ص 430 45. نفس المرجع ، ص 426 46. نفس المرجع ، ص96 47.غنام بن هزاع المريخي المطيري القصة في شعر عمر بن أبي ربيعة رسالة استكمالية لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في قسم اللغة العربية وآدابها آلية الآداب إشراف الأستاذ الدكتور عبد الله بن سليمان الجربوع1426 ه / جمادى الأولى 1425 جامعة الملك سعود ص 87 48. محمد فايز، ديوان عمر بن ربيعة دار الكتاب العربي 1996 م بيروت ، ص 149 49. نفس المرجع ، ص 395 50. نفس المرجع ، ص 335 51. نفس المرجع ، ص 187 52. نفس المرجع ، ص 440 53. نفس المرجع ، ص 96 54. نفس المرجع ، ص 227 55. نفس المرجع ، ص 224 56. نفس المرجع ص 56 57. نفس المرجع ، ص16 58. نفس المرجع، ص 17
#ابراهيم_محمد_جبريل (هاشتاغ)
Ibrahim_Mahmat#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدولة والفرانكفونية والاستعمار
-
المرأة الإفريقية والنسوية لإسلامية
-
ملخص الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية
-
الشعر العربي المعاصر
-
المقالة وأثرها في تغيير المجتمع
-
أثر الثقافة العربية على قبيلة مزغوم في الكاميرون
-
الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية
-
المجتمع المدني والديمقراطية والدولة واللامركزية
-
المرأة في الأدب العربي الإفريقي
-
الشعر النثري، لأحمد جابر دراسة أسلوبية نقدية
-
الشاعر عبد الله الدرامي
-
التعايش والحوار الوطني في إفريقيا
المزيد.....
-
مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات
...
-
الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و
...
-
-أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة
...
-
الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
-
“من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج
...
-
المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ
...
-
بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف
...
-
عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
-
إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع
...
-
تكريم الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|