محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)
الحوار المتمدن-العدد: 7501 - 2023 / 1 / 24 - 00:59
المحور:
الادب والفن
تحمل كتابات هذا الكاتب التركي عزيز نيسين من الألم الضاحك والعبقرية في الابتكار ما يسحرك حقا لكن هذه المسرحية تميل بشكل غريب للكآبة .
وبالرغم عن ذلك فهي تحوي عبارات رائعة تلك التي تجعلك تتوقف عندها لتعيد تأمل حياتك . تدور المسرحية في إطار خيالي عن مت الذي وصل إلى سن توقف النمو، ومن ثم لابد وأن يعاينه الطبيب ليحدد كم سيعيش أو ليقرر إن كان يجب أن يتناول مت السم ، ويتوقف حياة مت أو تناوله السم على أن يفعل شيئا أي شيء يفيد من حوله ، ويرد به الدين لمن سبقوه ومدوه بما ييسر حياته .
يقف مت حائرا فهو لا يعرف ما يفعله ليعيش و ويبدأ بالتظاهر بأنه يريد الموت فيما تسري بعروقه غريزة البقاء ، و يظهر ذلك في تلك النقوش التي يلوث بها جدران المنزل ويرفض الاعتراف بأنه ورائها فقط ليترك شيئا لكن ذلك لا يفيد . يفكر مت في سرقة ما يحاول جده- المحب للعيش- فعله لكي يعيش لكنه لا يستطيع شرح كنه تلك العلبة الوردية التي يحاول جده جمع ظلام الدنيا بها، وذلك كي يحول بين الظلام وبين عامة الشعب الذين يعيشون دون أن يعاينهم الطبيب لأنهم لا يعلمون قيمة الحياة لأنهم عاشوا ليموتوا .
فجأة يقرر مت أن يخرج لعامة الشعب الثائرين الذين يريدون قتله لكي يوضح لهم جهلهم . يخرج إليهم بالفعل ويحدثون به إصابة مميتة . ويدخل مت لبيته مرة أخرى ليلفظ أنفاسه الأخيرة لكن بعد أن يعلم الغوغاء بأمر جهلهم وبأنهم يجب أن يعيشوا لأجل هدف وأن يعملوا شيئا و إلا فسيظلون في الظلام . وبذلك يقرر الطبيب أن مت سيعيش لما فعله ربما أطول من أشخاص آخرين القصة كما ترون رمزية تجعلك تتفكر فيما تعمل وما الهدف من وراء أعمالك وما تقدم لتلك البشرية لتعيش . لا يهم أن تعيش باسمك أو أن يخلد أسمك بل بفعلك كيف تخلد بفعل يرد للبشرية ما عليك من دين لمن سبقوك . للذين يعيشون بأجواء ما يقرؤون.
من جانب آخر تعرض المسرحية لعلاقة الرجل بالمرأة إذ أن زوجته الصبية لا تهتم له ولما يجري معه من أحداث وإنما تسأله وهو يعاني الأمرين عن لون فستانها أو حذائها أو لون زر البلوزة التي سترتديها في جو من السخرية الواقعية لما يحدث حاليا في المجتمع.
ربما تحمل المسرحية جو كئيب بارد بعض الشيء لكن عبقرية جملها تغفر لها ذلك الجو الثقيل .
#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)
Mohammad_Abdul-karem_Yousef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟