أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبدالله عطية شناوة - السويد تتخلى عن غصن الزيتون














المزيد.....

السويد تتخلى عن غصن الزيتون


عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي


الحوار المتمدن-العدد: 7501 - 2023 / 1 / 24 - 00:50
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لم تهز الحرب العالمية الأولى طرفا للسويد، التي التزمت الحياد بين أطرافها الأوربية المتصارعة. ولم تؤد فضائع الحرب العالمية الثانية، وما جرى فيها من عمليات إبادة جماعية لليهود على يد النازية الألمانية، ومن أبادة نووية لمدينتين يابانيتين على يد الأمريكان، لم تؤد إلى زحزحة السويديين عن موقف الحياد، وعدم الإنغمار المباشر في أي حرب، حتى أنهم سمحوا لألمانيا باستخدام الأراضي السويدية معبرا لغزو النرويج، وباستخدام القطارات ووسائط النقل السويدية الأخرى، في نقل الغزاة النازيين واسلحتهم وذخائرهم في عملية غزو البلد الشقيق، تجنبا للتورط في حرب ضد ألمانيا.

وحين انقسم العالم بعد الحرب العالمية الثانية الى معسكرين أحدهما تقوده الولايات المتحدة والآخر يقوده الاتحاد السوفييتي، واصلت السويد تمسكها بالحياد خلال مراحل الحرب الباردة بين المعسكرين، وامتنعت عن الأنتماء إلى أي من الحلفين العسكريين المتجابهين: وارشو والناتو، وحرصت على لعب دور المساعدة في حل النزاعات الدولية، مؤكدة على نحو دائم أن ترسيخ السلام العالمي، وتطويق النزاعات والحيلولة دون توسعها، يقتضي الحياد، والنأي عن الأنضمام الى الكتل والتحالفات العسكرية، وأطفاء النزاعات العسكرية، والأمتناع عن تزويد أطرافها بالأسلحة والذخائر التي تذكي نيران الحروب.

وهذا ما مكن السويد من لعب أدوار حظيت باحترام الجميع، إذ يذكر العالم الدبلوماسي السويدى فولكه برنادوت الذي قتل على يد العصابات الصهيونية خلال قيامه بدور وسيط سلام في النزاع على أرض فلسطين، كما قتل السويدي داغ هامرشولد ـ أمين عام الأمم المتحدة ـ خلال قيامه بالوساطة في الكونغو، ثم كان السويدي غونار يارنغ وسيطا للسلام بين إسرائيل والعرب بعد حرب أوكتوبر، وتوسط الزعيم السويدي أولوف بالمه، بين إيران والعراق خلال حرب الثمانية أعوام بينهما، وأكمل دوره بعد أغتياله، الدبلوماسي السويدي يان إلياسسون، وبرعاية الدبلوماسي السويدي ستين أنديرشون جرت الأتصالات التي انتهت باتفاق أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حتى داعية الحرب الحالي كارل بيلدت، قام في تسعينات القرن الماضي بدور وساطة السلام بين الأطراف المتحاربة في يوغسلافيا السابقة. وكانت العاصمة السويدية ستوكهولم ـ بالأضافة إلى هيلسنكي الفنلندية وريكيايفك الإيسلندية ـ أماكن مفضلة لأتصالات وقمم القادة والمسؤولين السوفييت والأمريكان.

كل ذلك ضمن للسويد استقرارا، ورخاءا إقتصاديا، وتطورا علميا ـ تكنولوجيا، وأكسبها مكانة عالمية مرموقة باعتبارها دعامة من دعامات السلام العالمي، ومانحة لجائزة نوبل للسلام.

ولكن حين انهار الاتحاد السوفييتي، وتفكك معسكره، والحلف العسكري الذي كان يقودة ((حلف وارشو)) بدأ موقف السويد بالإنقلاب على السياسة الأمنية والموقف الأخلاقي اللذين تمسكت بهما على مدى قرنين من الزمان، وعلى القيم التي روجت لها الثقافة السويدية المعاصرة، قيم السلام والمساعدة في حل النزاعات بالوسائل السلمية، وأرتفعت تدريجيا في السويد الأصوات التي تدعوا الى التخلي عن سياسة النأي عن الأحلاف العسكرية، وتطالب بالأنضمام الى الناتو، بدلا من المطالبة بحلة، لأنتفاء المخاطر التي يمثلها الحلف المضاد، حلف وارشو الذي تفكك.

وعلى استحياء عقدت أتفاقات شراكة بين السويد والناتو، وفي إطار ذلك شاركت السويد في مناورات ((نسيم البحر)) لحلف الناتو التي استضافتها أوكرانيا على تخوم شبه جزيرة القرم صيف عام 2021، وكشف في وقت لاحق أن طائرات أستطلاع سويدية متطورة، شاركت في عمليات ـ لصالح الناتو ـ لرصد القوات الروسية التي أحتشدت على حدود أوكرانيا، في الفترة التي توجهت خلالها موسكو، بمذكرة الى الولايات المتحدة وحلف الناتو، طالبت فيها بضمانات أمنية، تقوم على ضمان حياد أوكرانيا، التي تتنازع مع روسيا على عائدية شبه جزيرة القرم، لأن ذلك ـ حسب موسكو ـ سيضع الحلف، بالضرورة، في مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا في حال فكرت اوكرانيا باللجوء إلى القوة، لإعادة شبه الجزيرة الى السيادة الأوكرانية. وهو الطلب الذي رفضته واشنطن، وتبعها الناتو في ذلك.

وبدلا من أن يؤدي تصاعد التأزم بين روسيا والولايات المتحدة والحلف الذي تتزعمه الى حمل القيادات السويدية على الحذر من الأنغمار في صراع لا يمس المصالح السويدية بأي شكل، والسعي الى لعب الدور التقليدي في الحث على إيجاد مخارج سلمية للنزاع، انحازت تلك القيادات على اختلافها، الى الموقف الذي يرى أن من حق أوكرانيا الأنتماء الى أي حلف عسكري تشاء، وأن الناتو حر في معالجة الطلب، بغض النظر عما ينطوي عليه موضوع انضمام أوكرانيا اليه من احتمالات مواجهة مع روسيا.

وما أن غزت القوات الروسية أوكرانيا حتى تخلت السويد الرسمية، والقطاع الأكبر من السويد الشعبية، تماما عن قيم الحياد، ليس سياسيا فحسب، بل عسكريا أيضا، ووافق البرلمان السويدي على أرسال شحنات أسلحة الى أوكرانيا، بدلا من أرسال مبعوثي سلام، كما كانت السويد تفعل خلال النزاعات المسلحة في شتى أرجاء العالم خلال القرنين الماضيين.
وعلى نحو سريع تصاعد حماس الأطراف الأكثر لهفة لإلقاء غصن الزيتون ورفع السلاح، لضم البلاد الى حلف الناتو، ومن بين الأحزاب الثمانية ذات التمثيل البرلماني، لم يعارض موضوع قرار طلب الأنضمام الى الحلف سوى حزبان صغيران هما حزب اليسار وحزب الخضر. وكان لافتا أن الحزب الديمقراطي الأجتماعي الذي كان يشكل حكومة الأقلية، لم يكن أقل حماسا من أحزاب اليمين للتخلي عن سياساته وقيمه السابقة، غير عابئ بما ينطوي عليه ذلك التخلي من مخاطر، ليس على السويد وشعبها فقط، بل على الأمن والسلام في العالم كله.



#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يزيح العراقيون الغبار عن عراقيتهم
- السلاح النووي أداة ردع لا أداة أنتصار
- في السادس من كانون .. نحتفل أم نقيم مراسم للعزاء
- الفقر والنظافة
- من المسؤول عن تخلف اللغة العربية؟
- نظرة مكثفة لخريطة الصراع العالمي
- ((الصوابية)) القيمية تقترب من التحول إلى دين
- السدة ـ راغبة خاتون
- الشقيقان اللدودان .. سوريا والعراق
- إلغاء مفاعيل تشرين هدف الحكومة الإطارية
- نظرة على العراق ... دولة المليشيات
- سرديتان زائفتان في الحرب الأوكرانية
- حديث قديم يفضح وقائع جديدة
- تآكل ديمقراطية السويدية
- بوتين وشحة الخيارات
- الجدل حول الزعيم
- القضية الفلسطينية ضحية الإحباط العربي
- نظرة متأنبة لنتائج الانتخابات السويدية الأخيرة
- الأنتخابات السويدية: إلى اليمين در
- مالذي يؤلمني ويشدني للعراق؟


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبدالله عطية شناوة - السويد تتخلى عن غصن الزيتون