|
نهاية نبوءة زوال اسرائيل وبؤس التفسير الموروث
محمد بن ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 7499 - 2023 / 1 / 22 - 08:44
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
تؤصل نبوءة زوال اسرائيل لأصالتها المزعومة من خلال فهم تفسيري يمجد الخرافة ويؤسس مفاهيمه الأساسية من خارج النص القرءاني بربط آيات من سورة الاسراء بالأساطير الكتابية عن انقسام مملكة سليمان والسبي البابلي وخراب الهيكل... وهي مفاهيم لم يشر اليها القرءان لا من قريب أومن بعيد، ومن هنا طابقت هذه النبوءة المزعومة بين المسجد الاقصا القرءاني والسردية الكتابية عن هيكل سليمان، وبين السردية الكتابية و الروايات الأموية المختلقة حول الشام والاسراء والمعراج وصرف القبلة. فهل يقصد القرءان فعلا من الافساد الأول انقساما لمملكة سليمان وافسادا في الأرض بعده انتهى بما عرف في الأدبيات الكتابية بخراب الهيكل والسبي البابلي؟ وهل هناك في القرءان ما يبين حقيقة المعنى من قوله تعالى " لتفسدن في الأرض مرتين " بعيدا عن الخرافات الكتابية التي لا يعرفها القرءان وتجاهلها تماما؟ قال الله، وقضينا إلى بني اسرائيل لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا: تشكل المجتمع الاسرائيلي بيثرب زمن النبوة المحمدية من ثلاثة أصناف كبرى: أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني – اليهود – النصارى. و قصد القرءان في سورة الاسراء من افساد بني اسرائيل أصالة افساد الذين سكنوا منهم المدينة/ يثرب حيث المسجد الاقصا المبارك زمن الرسالة المحمدية والهجرة النبوية اليها، وكفروا بنبوة الرسول محمد، وحاربوه، ومعظمهم كانوا يهودا من بني اسرائيل، وهم روائيا : بنو النضير، بنو قينقاع، بنو قريظة...يهود خيبر، يهود وادي القرى، وهؤلاء أفسدوا في الارض المعهودة ( يثرب ) زمن الرسالة المحمدية، وأخبر القرءان أن شاهدا منهم شهد بالحق، فقال: "قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ". وذكرت الروايات أسماء عدد محدود منهم ممن آمن من يهود بني اسرائيل، وروي أن الرسول قال "لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود". واليهود هم الطائفة التي كفرت من بني اسرائيل بعيسى بن مريم، وقد كان حالهم مع النبي محمد كحالهم مع النبي عيسى آمنت به طائفة من بني اسرائيل وكفرت به طائفة، ذلك أنهم كفروا بما وراء نبوة موسى فنقضوا بذلك الميثاق الذي أخذ عليهم، وليس هناك أي تطابق تام بين بني اسرائيل كسلالة وشعب، واليهودية كهرطقة توحيدية انحرفت بها أمة من بني اسرائيل عن ملة ابراهيم ونقضت بها العهد والميثاق زمن النبي عيسى وزمن النبي محمد، فلم يؤمنوا بهما. وهؤلاء الذين عاشوا منهم زمن النبي بالمدينة هم الذين قضى الله اليهم بعلمه وحيا في كتابه الذي أنزله على نبيه محمد بأنهم سيفسدون في الأرض مرتين: فلو قال قائل ان الكتاب هاهنا هو التوراة أو اللوح المحفوظ لتعدد الفساد أكثر من مرتين، والخطاب راهن و مرتبط باللحظة المحمدية بدلالة اسراء الله بنبيه محمد من المسجد الحرام الذي بمكة إلى المسجد الاقصا/ مسجد قباء الذي بيثرب حيث كانوا يسكنون، وهي دار الهجرة، وقال الله مخاطبا بني اسرائيل في كتابه: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ. وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ. وقال أيضا: لقد أخذنا ميثاق بني اسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون. فتبين على ضوء القرءان أن ذلك عادة ودأب، فتعدد فيهم الافساد بغير عدد. فلزم من ذلك أن الكتاب هاهنا هو القرءان، لا سيما وأن الله قد تأذن فيه ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب. فدل ذلك أن الافسادين الواردين في سورة الاسراء مخصوصين بأمة من بني اسرائيل في أرض معهودة هي المدينة المنورة زمن النبي محمد. مظاهر الفساد الاسرائيلي في القرءان: الفساد في القرءان ضد الاصلاح ومن مظاهره نقض العهد والميثاق، قتل الأنبياء، واتخاذ الأولياء والوكلاء من دون الله أربابا، وقطع الأرحام وسفك الدماء والسرقة والاعتداء على الممتلكات والعثو في الأرض باهلاك الحرث وافساد النسل والاعراض عن الحق ومحاربة الله ورسوله وايقاد نار الحروب والكفر بنعم الله وبخس الناس أشياءهم والكيل بمكيالين والقعود بكل صراط مستقيم للصد عن سبيل الله وارادة كل شيء عوجا بتحريف الحقائق واستخفاف العقول و اذلال كل عزيز وجعل الناس شيعا وطوائف يستضعف بعضهم بعضا بألوان العذاب واعتبار كل فساد هو عين الاصلاح. وبناء على هذه المظاهر التي تشمل فساد الاعتقاد والمعاملات أمكن تعريف الفساد بأنه كل فعل تكسبه أيدي الناس في البر والبحر خلاف الغايات المعروفة من خلق الخلق على أحسن تقويم وانزال الكتاب والميزان وبعث الرسل. وقد اتخذت مظاهر فساد بني اسرائيل بالمدينة المنورة حيث المسجد الاقصا الذي بارك الله حوله اشكالا بينها القرءان ولم يتركها للدجاجلة. قال الله: فاذا جاء وعد أولاهما: لخص القرءان مظاهر هذا الافساد الأول في يثرب زمن البعثة النبوية والهجرة إليها في قوله تعالى : وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ. وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ. ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ. وقد بلغ هذا الفساد الأول ذروته مع هجرة النبي إلي يثرب بنقض الميثاق والكفر بالرسالة المحمدية فلعنهم الله، وقال سبحانه: وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ. بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ فَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ. وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء اللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ. قال الله، بعثنا عليكم عبادا لنا اولي بأس شديد : بين القرءان هؤلاء العباد في قوله تعالى: مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا . وقد تحقق هذا البعث تاريخيا مع الهجرة النبوية الى المدينة المنورة فيما بين 622 م و628م فأغرى الله نبيه بهم فسلطه عليهم بمن معه من المؤمنين بعدما نقضوا المواثيق وألبوا عليه. قال الله، فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا: تخللوا ديارهم بالحرب والحصار واذاقوهم وبال امرهم وانزلوهم من صياصيهم فكتب الله عليهم الجلاء لأول الحشر للإفساد الثاني، وقد تحقق هذا الجوس روائيا في التواريخ التالية المحققة بجهد خاص، في: اجلاء بني الفطيون : النصف من شهر شعبان من السنة الثانية للتاريخ العمري، على رأس 18 شهرا، الموافق 14 فبراير 624م.غ. غزوة بني قينقاع: الاحد لسبع خلون من شوال العدة المستقيمة من السنة الثانية للتأريخ العمري على رأس 20 شهرا من الهجرة الفعلية، الموافق 4 ابريل 624 م.غ ( التاريخ حاصل دراسة كرنولوجية للمصادر/ تاريخ اليوم من البغدادي). فحاصرهم ست ليال فكان وبال أمرهم يوم الجمعة لثنتي عشرة خلت منه الموافق 9 ابريل 624م.غ. غزوة بني النضير: الثلاثاء لثنتي عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى العدة المستقيمة من السنة الثالثة للتاريخ العمري، على رأس 27 شهرا من الهجرة الفعلية، الموافق 2 نونبر 624م.غ. فحاصرهم الرسول الى يوم الاربعاء لخمس خلون من جمادى الثانية على رأس 28 شهرا من الهجرة الفعلية، الموافق 24 نونبر 624م.غ. فاجلاهم الى خيبر والشام فمكتوا اياما يتجهزون. وكان خروجهم موافقا لعيد الانوار الاربعاء لأربع بقين من جمادى الاخرة (التاريخ حاصل دراسة كرنولوجية للمصادر/ تاريخ اليوم من البغدادي/ اسم الشهر من الامتاع عن الواقدي). غزوة بني قريظة: يوم الاربعاء لليلة خلت من شوال العدة المستقيمة من السنة الرابعة للتاريخ العمري، على رأس 44 شهرا من الهجرة الفعلية، الموافق 8 مارس 626 م.غ فحاصرهم المسلمون الى غاية يوم الاحد لست وعشرين خلون منه الموافق 2 ابريل 626م.غ ( التاريخ حاصل دراسة كرنولوجية للمصادر). غزوة خيبر ووادي القرى: خرج اليهم الرسول ليلة الجمعة/ السبت للنصف من ربيع الاول العدة المستقيمة من السنة السابعة للتاريخ العمري، على رأس 73 شهرا من الهجرة الفعلية، الموافق 25/ 26 يوليوز 628م.غ فصبحهم بعد ثلاث يوم الثلاثاء لثمان عشرة ليلة خلت منه الموافق 29 يوليوز 628م.غ فحاصرهم حصارا طويلا الى غاية يوم الاحد لأربع وعشرين خلون من شهر رجب العدة المستقيمة من السنة السابعة للتاريخ العمري، على رأس 77 شهرا من الهجرة الفعلية، الموافق 30 نونبر 628م.غ، ثم سار الرسول منها الى وادى القرى في بعض شعبان ورمضان على رأس 79 شهرا من الهجرة ( التاريخ حاصل دراسة كرنولوجية للمصادر). فكان وعد الله فيهم حتما مقضيا منجزا وبقي الوعد الثاني مستقبلا. وقد احصت وثيقة المدينة غير هؤلاء من يهود بني اسرائيل (يهود بني عوف/ يهود بني النجار/ يهود بني الحارث/ يهود بني ساعدة/ يهود بني جسم/ يهود بني الاوس/ يهود بني ثعلبة/ يهود الاوس) وذكرت المصادر غير هؤلاء في مناطق مختلفة من شبه الجزيرة العربية. قال الله، ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلنكم أكثر نفيرا: التفت القرءان إلى عباده المؤمنين فأخبرهم أنه سيعيد لهم الكرة على المفسدين من بني اسرائيل وأنه سيمدهم بأموال وبنين وسيجعلهم أكثر جمعا وعددا، وقد كان ذلك خلال ما يسمى بالخلافة الراشدة والفتوحات الاسلامية التي جاس خلالها المسلمون في ديار النصارى واليهود من بني اسرائيل. ووصلوا الى حدود الشام ومصر وافريقية، وخلال هذه المرحلة قام عمر بن الخطاب بإجلاء بقايا اليهود والنصارى من شبه جزيرة العرب الى تيماء واريحا على ما ذكروا في سنة عشرين للهجرة (كتاب الموطأ - الإمام مالك - ج 2 – الصفحة 893) وذكر ابن الاثير باقتضاب، في حوادث سنة عشرين ان عمر بن الخطاب قد أجلى يهود خيبر الى الشام بعد قتلهم المظفر بن رافع الأنصاري، قدم من الشام ومعه من علوج الشام فلما كان بخيبر أمرهم قوم من اليهود فقتلوه فأجلاهم عمر. (الكامل في التاريخ - ابن الأثير - ج 2 – الصفحة 570) وذهب غيره ان اجلاءهم كان بعد اعتداءهم على ابنه ، وفي سياق تنفيذه لحديث بلغه عن الرسول. قال الله، ان أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وان أسأتم فلها: الخطاب موجه للمسلمين -ومن ضمنهم جزء من بني اسرائيل الذين آمنوا به- بعد النبي محمد فمن أحسن فلنفسه ومن أساء فعلى نفسه أساء ، وفي القرءان قوله تعالى: لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ". وفيه أيضا قوله: تعالى ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون. والناظر في تاريخ صدر الاسلام يقف على حسنات تناقصت إلى أن غلبت عليها المساوئ فتعاظمت جميع مظاهر الفساد والافساد في الارض إلى ان بلغت ذروتها مع تولية معاوية الحكم، فسم الامام الحسن وقتل حجر بن عدي.... وتولى يزيد بعد وفاة معاوية بن أبي سفيان يوم الخميس لأربع خلون من رجب سنة تسع وخمسين للتاريخ العمري، الموافق 24 ابريل 679م.غ، فقتل الامام الحسين يوم الجمعة لعشر خلون من المحرم سنة ستين للتاريخ العمري، الموافق 24 اكتوبر 679م.غ (العاشر من تشري العبري) وغيروا كل شيء وبدلوا تبدلا حتى اغترب من بقي من الصالحين، فحقت عليهم كلمة ربك، وما ربك بظلام للعبيد. قال الله، فاذا جاء وعد الاخرة: اذا حضر زمان الافساد الثاني الموعود لبني اسرائيل في الارض المعهودة (المدينة المنورة) قال الله، ليسؤوا وجوهكم : ليقبحوا وجوهكم أيها المسلمون الذين كنتم عبادا لنا أولي بأس شديد. قال الله، وليدخلوا المسجد: استباحة "بني اسرائيل" ضمن لفيف من اخلاط الناس المكونة لما سمي تاريخيا بجيش الشام الأموي للمدينة المنورة في واقعة الحرة يوم الاربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وستين الموافق 29 غشت 683م.غ . قال الله، كما دخلوه أول مرة: كما دخلوه لما "قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ ( يثرب) وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُون". قال الله، وليتبروا ما علو تتبيرا: ليدمروا ما غلبوا عليه تدميرا: روايات وقعة الحرة مستفيضة بما ارتكبوه من مجازر. ودور بني حارثة، وهم قوم من بني اسرائيل كان فيهم يهود من اشهرهم كنانة بن صوريا في هذا الخراب الذي حل بالمدينة المنورة، فقتل بقايا المهاجرين والأنصار وخيار التابعين، وهم ألف وسبعمائة، وقتل من أخلاط الناس عشرة آلاف سوى النساء والصبيان، وقتل بها من حملة القرآن سبعمائة رجل، ومن قريش سبعة وتسعون قتلوا ظلما في الحرب صبرا، قال: وقال الإمام الحافظ ابن حزم في المرتبة الرابعة: وجالت الخيل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالت، وراثت بين القبر والمنبر أدام الله تشريفها وأكرهوا الناس أن يبايعوا ليزيد على أنهم عبيد له إن شاء باع وإن شاء أعتق، وذكر له يزيد بن عبد الله بن زمعة البيعة على حكم القرآن والسنة، فأمر بقتله، فضربت عنقه صبرا، وذكر الاخباريون أنها خلت من أهلها، وبقيت ثمارها للعوافي كما قال صلى الله عليه وسلم وفي حال خلائها غذت الكلاب على سواري المسجد" ( السمهودي - كتاب وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى- ج 1 ص 102). قال الله، عسى ربكم أن يرحمكم وان عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا: لعلكم ترجعون أيها "المسلمون" اتباع النبي محمد. وان عدتم بتوبتكم عدنا بنصرنا لكم كما كان عليه الحال لما كنتم عباد لنا. والا فقد جعلنا جهنم للكافرين حصيرا. اي نهاية ومآلا وحدا، فما انتم ولا غيركم لله بمعجز. وفي ختام هذا التدبر أمكن تلخيص فهمنا لفواتح سورة الاسراء كما يلي: سبحان الذي أسرى (المقصود هو ما نسميه الهجرة النبوية) بعبده ( النبي محمد) ليلا ( ليلة الاثنين الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من صفر الموافق 2-3 شتنبر 622م.غ) من المسجد الحرام ( مكة) الى المسجد الاقصا (الذي أسسه الرسول على التقوى من أول يوم) لنريه من آياتنا (ما أنزله الله عليه من آيات الكتاب وما أراه من عظيم تدبيره ونصره) أنه هو السميع البصير ( بالمؤمنين الذين أذوا وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله). وآتينا موسى الكتاب ( التوراة) وجعلناه هدى لبني اسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا (تذكير بني اسرائيل الذين كانوا يقطنون بيثرب زمن الهجرة النبوية اليها بالعهود والمواثيق التي اخذت منهم ) ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا ( تبيان سبب عناية الله بهم وتفضيلهم على العالمين كونهم من سلالة اسرائيل العبد الشكور...). وقضينا الى بني اسرائيل في الكتاب ( وافضينا بعلمنا وحيا في كتابنا الذي انزلناه على عبدنا محمد الى بني اسرائيل الذين يسكنون بيثرب) لتفسدن في الارض (يثرب) مرتين ولتعلن علوا كبيرا. فإذا جاء وعد أولاهما ( حضر زمان الافساد الأول فيها) بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد ( سلطنا عليكم عبدنا محمدا والذين معه) فجاسوا خلال الديار (ديار بني الفطيون وقينقاع وبني النضير وقريظة وخيبر... فأذاقوكم وبال أمركم وقد بينت سور الحشر والاحزاب والفتح هذا الجوس) وكان وعدا مفعولا (حتما مقضيا منجزا) ثم رددنا لكم الكرة عليها وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا ( التفات الى عباد الله المسلمين واخبارهم ان الله سيعيد لهم الكرة على المفسدين من بني اسرائيل ، وقد كان ذلك في الخلافة الراشدة فأمدهم بأموال وبنين وجعلهم أكثر نفيرا للحرب) إن احسنتم ( يا عبادنا المسلمين في طاعة الله) أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم (أفسدتم في الارض) فلها ( فقد جنيتم على أنفسكم ) فإذا جاء وعد الآخرة (فاذا حضر زمن الافساد الثاني لبني اسرائيل في يثرب) ليسؤوا وجوهكم ( ليسود المفسدون من بني اسرائيل وجوهكم فيذيقوكم وبال افسادكم وابتعادكم عن طاعتنا) وليدخلوا المسجد (لفيف من اخلاط الناس المكونة لجيش الشام الاموي للمدينة المنورة واستباحتها حسب المصادر ثلاثة أيام وقتل وجوه الناس وانتهاك الاعراض وانتهاب الاموال في وقعة الحرة سنة 63 للتأريخ العمري، بعد 76 عاما من البعثة النبوية التي نزل فيها الوحي بالإفسادين وبالضبط بعد 534 سنة قمرية قرءانية وفق نظام السباعيات والعدد طي قوله تعالى "جئنا بكم لفيفا "في الآية 104 المستأنفة للكلام عن بني اسرائيل بعد النبي محمد) كما دخلوه أول مرة ( لما قيل لهم من بعد موسى اسكنوا هذه القرية " يثرب") وليتبروا ما علوا تتبيرا ( ليدمروا ما غلبوا عليه ووقع تحت أيديهم تدميرا) عسى ربكم ان يرحمكم ( لعل الله ان يرحمكم ايها المسلمون الذين كنتم عبادا لنا أولي بأس شديد) وان عدتم عدنا (وان عدتم الى طاعتنا بان تكونوا عبادا لله كما كنتم لما سلطناكم عليهم في الافساد الاول عدنا الى نصركم ) وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا ( وان لم تعودوا الى طاعتنا فاعلموا أنا قد جعلنا جهنم حصيرا أي حدا ونهاية لكل من يفسد في الارض). هذا فهمنا والله اعلى واعلم، وقد تبين على ضوء فهم القرءان بالقرءان ان هذا الكتاب لا نبوءة فيه تهم المشروع الاستعماري الصهيوني بفلسطين المتلحف بجغرافيا التيه وسردية التزوير والتلفيق، اللهم الا ما كان من سنة الله في القرى الظالمة وان سورة الاسراء بل والقرءان برمته لا يسبغ أي شكل من القداسة على ارض فلسطين ولا على مسجد الجند الذي تحول مع بني امية الى مسجد ضرار بناه من بقي ريبة في قلبه لما حرقه الرسول بالمدينة ونسفه، فزيف به وعي المسلمين وتاريخهم وكان سببا في مآسي كبرى أسست على جغرافيا التيه المزدوج (الحروب الصليبية والاستعمار الصهيوني). فهل علينا أن نرتقي في السماء أم علينا أن نباهل في أن المسجد الاقصا الوارد في القرءان هو المسجد الذي أسس بيثرب من أول يوم؟ ذلك لتعلموا أن هذا القرءان "يهدي للتي هي أقوم" ولكنكم قوم تجهلون". والحق ان اليعقوبي قد اخبرنا بلا مؤاربة بأصل الحكاية، ولكن السردية السائدة تفضل اتهامه بالتشيع على ان تسبر قوله على ضوء القرءان، فهو الاخباري الرائع والجميل الذي تجعل روايته عن سرية زيد بن حارثة إلى وادي القرى في وجه المغرضين، وهو الشيعي الافاق حين فضح المشروع الارتدادي الأموي اليهودي النصراني في مضاهاة البيت العتيق، والحال أن مصنفه - بغض النظر عن تشيعه الواضح- يمثل السردية المقصية والرواية المستبعدة، ما يجعله والحالة هذه في غاية الأهمية بالنسبة للباحثين الذين لا يصدقون ولا يكذبون أحدا بقدر ما يبحثون عن الحقيقة الخالصة قبل كل شيء، خاصة وأنه اتخذ مسافة من روايات ابن اسحاق والزهري في كذا غزوة وسرية وارتاب من كرنولوجيا ابن اسحاق فلم يؤرخ بها بعد الهجرة وبدر وأحد، وخالف في تأريخ غزوة الأحزاب وفضل السكوت مطلقا عن التأريخ لكثير من حوادث السيرة. هذا وقد أشار أحد ائمة آل البيت بيده من مكة الى المسجد الاقصا بالمدينة فزعم الأفاكون أنه في السماء الرابعة.
#محمد_بن_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مذبحة قريظة أم فاجعة الحرة ؟
-
خرافة الزوال: التلاوة الشيطانية و التيه الجغرافي المزدوج (1)
-
خرافة نبوءة زوال اسرائيل: وقفة مع فواتح سورة الاسراء
-
وفاة الرسول وتشبيح الزمن النبوي
-
الخسوف والكسوف في مصادر التراث النبوي و مهزلة الكرنولوجيا
-
تحقيق احداث السنة العاشرة من التاريخ العمري
-
تحقيق احداث السنة التاسعة من التاريخ العمري
-
تحقيق احداث السنة الثامنة من التأريخ العمري
-
تحقيق احداث السنة السابعة من التأريخ العمري
-
تحقيق أحداث السنة السادسة من التأريخ العمري
-
تحقيق احداث السنة الخامسة من التاريخ العمري
-
تحقيق احداث السنة الرابعة من التأريخ العمري
-
تحقيق احداث السنة الثالثة من التاريخ العمري
-
تحقيق احداث السنة الثانية من التاريخ العمري
-
تحقيق احداث السنة الأولى من التأريخ العمري
-
السيرة النبوية: ايام شبحية وشهور مختلقة وافهام معوجة
-
مقتل كسرى وهلاك شيرويه : شاهد على فساد كرنولوجيا السيرة النب
...
-
غارة فزارة على الظهر بالغابة ( غزوة ذي قرد)
-
غزوة بني لحيان والوجد المتأخر على مصاب أصحاب الرجيع
-
غزوة المريسيع ورهانات الافك المؤتفك.
المزيد.....
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|