|
ماذا بعد انتشار السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل في العالم؟
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 1702 - 2006 / 10 / 13 - 10:36
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
أثارت التجربة النووية الكورية الشمالية قلق وغضب جميع القوى المحبة للسلام والديمقراطية والاشتراكية كما أرجعت إلى ذاكرة الشعب العراقي تلك الأيام العصيبة عندما شن النظام الشمولي الحرب على إيران ثم بعدها احتل الكويت وما نتج من استعمال الكيمياوي ضد الشعب والحصار الاقتصادي وتداعياته المريرة، وكلنا نتذكر كيف كانت العنجهية الصدامية بتصنيع " الكيمياوي المزدوج، وهذه قد صنعوها الأولاد " والمحاولات الرامية إلى تصنيع القنبلة الذرية ثم ما نتج عنها في الحرب الأخيرة واحتلال العراق وإسقاط النظام الشمولي الذي كان السبب الرئيسي في هذه المحنة ومحنة الحروب الخارجية والداخلية، ويقول الاقتصاديين والمختصين في التخطيط أن النظام الشمولي شن الحرب على إيران وفي خزينته( 37 ) مليار دولار لو صرفت على العراق لأصبح فردوساً لجميع العراقيين فكيف تلك المليارات التي بعثرت ما بين الحروب والنهب والسرقات؟. التجربة الكورية بحد ذاتها أوجدت لدينا استفسارات وأسئلة متنوعة ونحن نعتقد أنها غلطة الشاطر الذي تعد غلطته بملون وليس بألف وبخاصة في زمن القطب الواحد والتهديدات بشن الحروب أو حتى استعمال الأسلحة النووية المحددة تكتيكياً. عندما أشار الفيلسوف الألماني كارل ماركس بما معناه أن الرأسمالية توجد حفري قبورها لم يكن يعني بواسطة تصنيع القنبلة الذرية أو الهايدروجنية أو الكيمياوية بل أكد على أن نضال العمال وصراعهم الطبقي وكسب الطبقات والفئات الاجتماعية التي لها مصالح مشتركة لبناء عالم خالٍ من الاستغلال والاضطهاد والحروب إضافة إلى استمرار التناقضات داخل الرأسمالية وتفاقم أزماتها الدورية والعامة التي لا يمكن التخلص منها إلا بتغير نمط وأسلوب الإنتاج وهذه المهمة تقع على عاتق القوى التقدمية التي تريد تحقيق المساواة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وصولاً لبناء الاشتراكية التي تعتبر أسلوبا يختلف اختلافاً جذرياً عن الأسلوب الرأسمالي الذي يقوم على استغلال قوة عمل الغير من اجل جني الأرباح وبهذه العملية النضالية الطويلة الأمد فان الطبقة العاملة وأحزابها وحلفائها ليسوا بحاجة إلى قنابل نووية أو أي قنابل أخرى بل يسعون لتطوير الوعي الطبقي والاجتماعي وهما اكبر واخطر من القنابل جميعها. والحقيقة المعروفة للجميع إذا كانوا من أنصار الرأسمالية أو بالضد منها فالرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وأبان الحرب العالمية الثانية في القرن العشرين قامت بتصنيع هذه القنبلة ولم تكتف بالتصنيع فحسب بل قامت بتجربتها على اليابان حيث أدت إلى دمار شامل بشري ومادي يعاني منها الشعب الياباني لحد هذه اللحظة بينما لم تكن هناك حاجة لاستعمالها وبخاصة أن الحرب باتت شبه منتهية واليابان على الرغم من مقاومتها فقد كانت لأيام معدودات ستعلن خسارتها واستسلامها للحلفاء، وعندما حطت الحرب أوزارها التفت هذه الرأسمالية العدوانية صوب الاتحاد السوفيتي ولأسباب معروفة*.. إلا أن الوقت كان غير ملائم بسبب النهوض الثوري ضد النازية وبلاء الشعوب السوفيتية وتضحياتها ومساهمتها في تحرير العديد من البلدان من براثنها المقيتة وبهذا الاتجاه فقد دُفِع الاتحاد السوفيتي لتصنيع القنبلة دفاعاً عن النفس عندما شعر أن نية الولايات المتحدة الأمريكية مبيتة على استعمالها ضده في الزمن المعين التي تراه مناسباً ومفيداً، ثم انتشر هذا السلاح فامتلكته بريطانيا وفرنسا وتلتهم الصين الشعبية فأصبح العالم تحت تهديد الردع النووي ، وأغلقت الراسمالية الأمريكية وحلفائها آذنها عن النداءات والمناشدات والاعتراضات والاحتجاجات والمظاهرات التي كانت تطالب بتدمير هذه الأسلحة وجعل العالم خال من السلاح النووي وهذا الأمر قد خضع لحسابات الدول الرأسمالية التي تكمن العدوانية والتسلط والحروب في جوهر سياستها التي تعتمد على نهب خيرات الشعوب إضافة إلى استغلال شعوبها في الوقت نفسه ، وبقى الردع النووي قائم وسباق التسلح مستمر والتهديدات بشن الحرب أو الحروب العدوانية مستمرة حتى تناقلت الأخبار عن أن إسرائيل امتلكت هذه القنبلة بمعونة النظام العنصري في أفريقيا الجنوبية حينذاك وكما هو معروف فإن إسرائيل لم توقع الاتفاقية العالمية التي تنص على عدم تصنيع أو انتشار هذا السلاح الاإنساني المدمر ولم تحرك الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ساكن حتى انها لم تحقق إذا ما كانت الأخبار حقيقية أم غير حقيقية وهو يدل على الانحياز الكامل. بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بفترة وجيزة أعلنت الهند والباكستان عن امتلاكهما للسلاح النووي .. ماذا فعلت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وكيف كان موقف مجلس الأمن بالتأكيد كانت المصالح المتناقضة هي الغالبة فهناك دول متحالفة مع الهند وأخرى مع باكستان وبحجة كشمير وقضايا أخرى برر للدولتين هذا التصنيع مما أدى إلى فتح المجال أمام الدول الأخرى وبخاصة التي تضعها الولايات المتحدة الأمريكية في خانة الإرهاب وحسب مزاجها ومصالحها، فمثلاً أن إسرائيل تحتل أراضي عربية والأراضي الفلسطينية بعد حرب 1967 بالقوة وبالضد من الإجماع الدولي وتشن الحروب ما بين فترة وأخرى واخزاها الحرب الأخيرة على لبنان فإنها تراها محقة تدافع عن نفسها والذين يدافعون عن أرضهم وحياتهم .. اراهبيون!! هذه السياسية وغيرها من السياسات التي تكيل بمكيالين دفعت بعض الدول للتفكير بامتلاك هذه السلاح وهو طبعاً غير مبرر لا إنسانيا ولا منطقياً ويعتبر خطراً ليس على تلك الدولة المصنعة الجديدة بل على العالم برمته . إن السعي لامتلاك السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل طريق محفوف بالمخاطر ولجته الرأسمالية الأمريكية وفتح أبواباً عديدة لانتشاره وهذه كوريا الشمالية وقد امتلكته مما أدى إلي توتر حقيقي في المنطقة وسوف تلحقها بالتأكيد إيران وعند ذلك ستكون منطقة الشرق الأوسط على أعتاب التهديد النووي إذا ما صحت أن إسرائيل تمتلكه أيضاً، وربما ستأخذ الطريق دول جديدة غير معروفة لكنها تعتبر عدواً للمصالح الأمريكية، وهذا يعني أن حاجز امتلاك هذا السلاح المميت تحطم وانتهى ونحن على أبواب طرق الجحيم لامتلاك السلاح النووي حيث سيكون مثله مثل أي سلاح عادي آخر يهدد مصير البشرية جمعاء. إذا كانت الولايات المتحدة وحلفائها وروسيا والصين والهند وباكستان وغيرهما محقين وحريصين وخائفين على مصير البشرية وعدم انتشار هذا السلاح المدمر والشامل ومحبين أن يسود مبدأ التعايش السلمي بين الدول فليبادروا بعقد قمة عالمية لإتلاف الخزين النووي الهائل الموجود في ترساناتهم الحربية وإيقاف سباق التسلح الذي يكلف أمولاً طائلة ممكن أن تساهم في تطوير المجالات المدنية مثل الطب وغزو الفضاء والقضاء على الفقر والجوع والأمراض وغيرهم وعند ذلك لن تكون حجة بيد أية دولة لامتلاك هذا السلاح وسيقف كل العالم وقفة إنسان واحد ضد أية محاولة من هذا النوع، أما إذا ظلت الولايات المتحدة وغيرها تهدد أو تفرض عقوبات اقتصادية مثلما فعلت اليابان الآن ضد كوريا الشمالية فذلك سوف يزيد في تعنت تلك الدول ولن يقف سعيها في الحصول على التكنلوجيا النووية**.. بوجود دول تمتلكه صفت في خانة الإرهاب ستبادر وتبيع أو تساعد في انتشار هذا السلاح ونسوق للذكرى التصريح الصادر من قبل وزارة الخارجية الكورية الشمالية " في حال واصلت الولايات المتحدة استهدافنا وممارسة الضغوط علينا، فسنعتبر ذلك إعلان حرب وسنتخذ سلسلة من الإجراءات المضادة " كما هددت بيونغ يانغ بإجراء مزيداً من التجارب النووية لذا اتخذت عقوبات الصارمة ضدها، على من؟ وضد من؟ .. الجواب الضحية الكبرى هي البشرية ومصيرها على هذه الأرض التي ابتلت بالطواغيت وعتاة المجرمين الدكتاتورين ومشعلي الحروب ومستغلي البشر من اجل سعادة ومصالح الفئة القليلة التي تمتلك السلطة والمال. أما مجلس الأمن الذي سيناقش صيغة معدلة من مشروع ينص على فرض عقوبات على كوريا الشمالية وإذا تحقق ذلك فسوف يزيد الأمور تعقيداً ولن يحل المعضلة مع كوريا الشمالية فالطريق الوحيد العودة للمفاوضات وعدم إملاء الشروط لكي تتخلى كوريا عن برنامجها النووي مقابل الطاقة والضمانات الأمنية على أن لا تعيد الولايات المتحدة طرقها الملتوية مثلما فعلت سابقاً وفرضت عقوبات على مصرف مكاو وقالت انه يغسل أمولاً لكوريا الشمالية مما أدى بالأخيرة إلى مقاطعة الانتخابات السداسية التي كانت قد بدأت عام 2003. هناك أسئلة بسيطة للجميع : ماذا بعد انتشار السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل في العالم؟ هل ستفلت الشرارة الأولى ؟ ومن أين؟.. ولنتذكر الحربين العالميتين في القرن العشرين . *ممكن العودة إلى تصريحات تشرشل رئيس وزراء بريطانيا بخصوص الاتحاد السوفيتي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. ** صرح خامنئي مرشد الدولة الإيرانية " أن إيران ماضية في برنامجها النووي"
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملاحظة حول مسودة البرنامج والنظام الداخلي واسم الحزب الشيوعي
...
-
من المسؤول الأول عن حاميها حراميها؟
-
هل سيكون السيد جلال الطلباني آخر رئيس لجمهورية العراق الموحد
...
-
لم تكن محاولة تفجير مقر الشيوعيين العراقيين مفاجأة
-
حانة الموتى ستظهر في جلاء
-
متى ستتوقف التجاوزات التركية وتدخلاتها في الشأن العراقي؟
-
هدف القتلة من القتل المبرمج بث الرعب وإرهاب الشعب العراقي
-
نعم لقد نطق القاضي عبد الله العامري بجملة حق على الرغم من إن
...
-
الفيدرالية من البصرة الى الموصل هي الأفضل والأصلح للوحدة
-
هدفنا نسف الأمن الداخلي في العراق
-
العلم وغيرة البعض واعتراض أمريكا وخليل زاده
-
مرة أخرى حول محاكمة الأنفال وضحاياها من شعبنا الكردي
-
الطريق الصحيح لحل الصراع العربي الإسرائيلي
-
قارعات القتل على الهوية
-
استغلال المشاعر والشعائر في المناسبات الدينية سياسيأ وطائفيا
...
-
المحاكمة الثانية لصدام حسين وجريمة الأنفال البشعة
-
هل انكفأت العقلية العدوانية بعد أن وضعت الحرب أوزارها؟
-
الدعوة إلى تشكيل اللجان الشعبية هذه المرة لحل معضلة الاضطراب
...
-
نزيف العقول العلمية العراقية وخسارة العراق
-
لنتفق ولكن أولاً على عدوانية حكام إسرائيل وأطماعهم التوسعية
المزيد.....
-
كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع
...
-
-كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة
...
-
مدفيديف: لم نخطط لزيادة طويلة الأجل في الإنفاق العسكري في ظل
...
-
القوات الروسية تشن هجوما على بلدة رازدولنوي في جمهورية دونيت
...
-
الخارجية: روسيا لن تضع عراقيل أمام حذف -طالبان- من قائمة الت
...
-
التشيك.. زيلينسكي ناقش مع وزير الخارجية استمرار توريد الذخائ
...
-
الجيش الإسرائيلي يحقق بـ-مزاعم- مقتل رهينة لدى حماس، ومئات ا
...
-
مقتل 15 شخصاً على الأقل وإصابة العشرات في قصف إسرائيلي طال و
...
-
الدفاعات الجوية الروسية تسقط صاروخين و27 طائرة مسيرة أوكراني
...
-
سقوط صاروخ -ستورم شادو- في ميناء برديانسك في زابوروجيه
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|