تروجان الجيش وسط العاصمة! (استقلال السودان افسده استغلال العسكر) (2)

محمد الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 7495 - 2023 / 1 / 18 - 22:33
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    

احب ان اذكر القراء
ان بداية مقالي عن الاستقلال
وحتي فكرة المقال نفسها
نبعت من استغرابي الشديد
من حدوث الانقلاب العسكري في 58
بعد عامين فقط من خروج المستعمر
ثم ان الحكومة الانقلابية استمرت فترة طويلة نسبيا
هناك محاولات لتبرير تدخل العسكر و استلامهم للسلطة
الانقسام والتناحر الشديد بين القوي السياسية
ولكن هل من نجحوا في الاتفاق والاصرار علي نيل الاستقلال
واعلنوه من داخل البرلمان
لا يستطيعون حل المشاكل الداخلية فيما بينهم؟
ام ان تلك ذريعة تذرع بها العسكر؟
في مقال بعنوان "كيف تصنع انقلابا ناجحا"
ذكر ان الانقلاب يأتي احيانا من باب الانتهازية
فقيادات بالجيش تري انها امام فرصة لا يمكن تفويتها
انا اشرت في مقال سابق
ان هناك اغراء
يأتي من سهولة تنفيذ الانقلابات هنا في السودان
ولمن لم يقرأ مقال "كيف تصنع انقلابا"
من المفيد ان نقتبس بعض الفقرات:
===========
"ان الانقلاب يكون أصعب
إذا كانت القوة العسكرية للدولة موزعة على أقاليم،
خصوصا إذا وجد في الأقاليم من القوة العسكرية
ما يكفي لاجتياح العاصمة، وإفشال الانقلاب
...
وتتألف التشكيلات الانقلابية عادة من اﻟﻤﺠموعات التالية:
- فريق يتولى اقتحام مقرات القيادات العسكرية والأمنية
التي لم تنضم إلى الانقلاب، وتملك قدرات للتدخل ضده.
ثم يستخدم تلك القيادات
في إصدار أوامر إلى قواتها لمساندة الانقلاب،
أو البقاء على الحياد.
ولا بد أن يكون هذا الفريق كبير العدد،
ثقيل التسليح (دبابات، مدفعية. ..الخ)
قادرا على اقتحام مواقع محصنة.
- فريق يتولى السيطرة على سكن رأس الدولة
(القصر الملكي أو الرئاسي) ويتحصن داخله،
ويحكم دفاعاته من حوله.
ويعتقل رأس الدولة (الملك أو الرئيس)
وينقله إلى مكان آمن مجهول محدد سلفا.
وهو أيضا يحتاج إلى أن يكون كبير العدد،
مسلحا تسليحا ثقيلا، قادرا على اقتحام التحصينات.
- فريق يتولى السيطرة على مبنى الإذاعة والتلفزيون الرسمي،
ويستخدمه لإذاعة “البيان الأول”
الذي يعلن تغيير قيادة البلد وأهداف الانقلاب.
ثم يحكم دفاعاته من حوله.
ويكفي أن يكون هذا الفريق متوسط العدد والتسليح"
- فريق يتولى اعتقال القادة السياسيين
الذين يمكنهم الإضرار بالانقلاب عسكريا أو سياسيا،
وإيداعهم في مكان آمن مجهول ...
وهو يتألف من وحدات صغيرة خفيفة الحركة ...
- فريق يتولى قطع وسائل الاتصال والمواصلات،
وسد منافذ العاصمة جويا وبريا وبحريا
(إن وجدت منافذ بحرية)،
ومنع الدخول إليها أو الخروج منها،
حتى يستقر الانقلاب ويتم التأكد من نجاحه ...
- فريق يتولى أعمال الدوريات،
وفرض منع التجول في العاصمة
خلال مرحلة اضطراب الانقلاب،
ورصد أي تحرك معاد للانقلابين
في أي مكان من المدينة،
ويمكن أن يشترك في هذا الفريق
بعض المدنيين في زي عسكري"
=============
من موقع المعهد المصري للدراسات:
https://eipss-eg.org/
لو القينا نظرة بسيطة علي خارطة العاصمة الآن
نجد انها عاصمة مثالية لتنفيذ الانقلاب العسكري
فوسط العاصمة كله عبارة عن مناطق عسكرية متقاربة
فبالاضافة الي شارع الجيش
تجد بنهاية كل الكباري بين ضفتي النهر مناطق عسكرية
وهي تمثل غالبية قيادات الوحدات العسكرية المختلفة
ويمكن القول ان وسط البلد
ما هو الا منطقة عسكرية كبيرة
تفصلها الجسور فقط
فالعاصمة المثلثة اذن
محاصرة بالعسكر حصار طبيعي دائم
ولذلك لا تحتاج الي عناء كبير لفرض السيطرة عليها
في قصة حصان طروادة (Trojan Horse)
تحايل المحاصرون لادخال الحصان الي داخل الحصن
وفي الليل خرج الجنود من الحصان وفتحوا ابواب الحصن
لكن الجيش السوداني لديه حصان (Trojan)
موجود وسط العاصمة بصورة مستمرة
بعد ثورة ديسمبر اخذت المفاوضات وقتا طويلا
بين المكونات المدنية والعسكرية
ولكن ما ان جاءت نوبة المدنيين في الرئاسة
حتي انقض العسكر علي السلطة في اكتوبر 21
حدث الانقلاب بكل سهولة بسبب ذلك التروجان !!
يعني حتي قبل ان يفكر قادة الجيش في عواقب الانقلاب
ودوافع الانقلاب لا تزال غير مفهومة
لأن العملية السياسية تعقّدت تعقيدا شديدا
وبعض القيادات العسكرية انتقدت الانقلاب
وتمنت لو انها رجعت لما قبل الانقلاب
المهم اذن ان سمة الاستعجال كانت حاضرة
حتي ان بعضهم يعزي سبب الانقلاب
الي مشادة كلامية بين مسؤول مدني واخر عسكري !!
انه التروجان!!!!!!!!!
امتار قليلة بين مكتب رئيس الوزراء ومقر قيادة الجيش
حتي انه لا حوجة لعربة لاحضار الرئيس
فقط بحبل وخطاف يمكن الامساك به و جذبه !!!
وجود تروجان الجيش في قلب العاصمة الخرطوم
يغري اي عسكري جريء باستلام السلطة
الاستعجال بدا واضحا من التصريحات المضطربة في البداية
حيث تم نفي اعتقال رئيس الوزراء
وقيل انه فقط ضيف بمنزل القائد العام!!!

#محمد_الصادق (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات