أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - مَحو الأميّة المصرية في الجمهورية الجديدة














المزيد.....


مَحو الأميّة المصرية في الجمهورية الجديدة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7491 - 2023 / 1 / 14 - 12:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



على إحدى صفحات سوشيال ميديا، المهتمّة بنشر الوعي حول الحضارة المصرية العريقة، نُشرت صورةٌ لجدارية مصرية قديمة تجمعُ بين نقوش لملكاتٍ وملوك من أجدادنا قدامى المصريين، ونصوصٍ تشرحُ تلك الرسومات. وتساءلتِ الصفحةُ: “هل من المعقول أن يشاهدَ أبناؤنا تلك الجداريات النفيسة في رحلاتهم المدرسية، ثم لا يفهمون ما المكتوب؟! بينما لو زارها تلاميذُ من اليابان أو أوروبا أو أيّ من الدول التي تُدَّرِسُ لغتنا المصرية القديمة لأبنائها، لاستطاعوا القراءة بكل ويسر!
وذكّرني ذلك الطرح بمقال قديم كتبتُه عام ٢٠١٠ في زاويتي هنا بجريدة "المصري اليوم" بعنوان: “محو الأمية المصرية"، جدّدتُ فيه مطالباتنا المستمرة، نحن الشارع الثقافي، المهتم بتكريس هويّتنا المصرية ونشر أدبياتها وقيمها الحاضّة على الأخلاق والترقّي، عن طريق تعليم الأبجدية الهيروغليفية في المدارس الابتدائية، حتى يتمكن أبناؤنا من قراءة الجداريات والبرديات، وفهم مضمونها الرفيع. منذ عشرين عامًا، أكرّرُ مطلبي، ولم يستجب أحدٌ من القائمين على منظومة التعليم! والحمد لله بدأ التحركُ الحقيقي لنشر الوجه الحضاري المضيء لإرثنا المصري القديم، بعد "موكب المومياوات الملكية" في أبريل ٢٠٢١، ذلك الحدث المصري التاريخي العالمي الذي لفت أنظار العالم إلى كنوزنا وثرواتنا العظيمة التي تخبّئُها مصرُ في قلبها، وسوف تظلُّ تسرُّ الناظرين وتُبهر العالمَ إلى آخر الزمان. والحقُّ أن ذلك الموكب الملكيَّ العظيم قد فتح عيونَ "المصريين" لما يملكون، وبيننا الغافلُ عن ذلك! فالعالمُ الغربيُّ لم يكن بحاجة إلى ذلك الموكب ليعرف كنوزنا. فمتاحفُ أوروبا تُدخل آلاف الدولارات يوميًّا من زيارة بعض كنوزنا المصرية "المختلسَة" منّا في لحظات غفلة، مثل "حجر رشيد" في "المتحف البريطاني"، و"رأس نفرتيتي" في "متحف برلين"، و"مسلّة رمسيس الثاني" في باريس، و"مسلّة كليوباترا" في لندن، وغيرها الكثير مما لا يُقدَّر بمال.
بدأت وزارةُ التعليم منذ عامين في وضع شذرات مضيئة من قانون "ماعت" في المناهج، ومازالت فكرة تدريس الأبجدية المصرية القديمة في المداس الابتدائية قيد البحث، ونحلم بتنفيذ ذلك المشروع النهضوي بحيث يكون بوسع الطالب، على الأقل، كتابة اسمه بأبجديتها وفهم النصوص الممهورة على جدارياتنا الخالدة. نحلمُ بأن يكون درس الهيروغليفية جزءًا من مادة التاريخ المقررة على الطلاب بالسنوات الأولى، ثم بتكثيفها في المرحلة الثانوية، بحيث يستطيع لطالبُ كتابة موضوع تعبير بسيط، يطرح فيه رأيًا حول قضية ما.
يحزنني أن كليات الآداب المصرية تُدرَّس اللاتينية والإغريقية القديمتين، وليس من قسم للغة المصرية! يحزنني أن قسم التاريخ بكلية الآداب ليس به مادة هيروغليفية! يحزنُني أن تلتقي طالبًا جامعيًّا يابانيًّا أو فرنسيًّا أو إنجليزيًّا، فتجده عارفًا بالمصريات، Egyptology، أكثر، كثيرًا جدًّا، مما يعرفُ الطالبُ المصريّ عن تاريخ بلاده وحضارتها الفارقة التي لنا حظوة القيام عليها والإقامة في رحابها مجانًا، فيما يدفع السوّاحُ الآلاف لرؤيته! يحزنني أن أسافرَ إلى جميع بلاد الله، فأجد الانبهارَ في عيون الأدباء والمثقفين حالَ يُفتَح الحديثُ حول حضارة مصرنا القديمة، فيما أبناؤنا يستهينون بها، بل ويتبرأ بعضُهم منها، وكأنما يتبرأ من مصريته! نتمنى توفير مرشدين متخصصين يرافقون الطلاب في رحلاتهم السياحية ليمدوهم بالمعلومات الصحيحة حول حضارتنا العظيمة، ليتعلّم النشءُ الصغيرُ كيفية صوْن ذاك الإرث الخياليّ الذي قدّرت لنا السماءُ أن نحوزه، دون شعوب الأرض! فذلك من شأنه ترسيخ الثقة بالنفس لدى أولئك الصغار الذين اهتّزت هويتُهم.
اشتقت كلمة "هيروغليفي" من الكلمتين اليونانيتين "هيروس" Hieros و"جلوفوس" Glophos وتعنيان "النقش المقدس" كونها تُكتب على جدران الأماكن المقدسة كالمعابد والمقابر. والطريف أننا، نحن المصريين، مازلنا نستخدم آلاف الكلمات المصرية القديمة في حديثنا اليومي الدارج. مثل كلمة "شبشب"، وأصلها القديم "سب سويب" وتعني مقاس القدم، و"نونو" بمعنى "الوليد"، و"مكحكح" أي "عجوز"، و"بطح" بمعنى "شجّ رأسه"، و"مدمس"، وأصلها القديم "متمس" وهو إنضاج الفول بدفنه في الرمل. كذلك العبارة الفولكلورية: "يا مطرة رخّي رخّي"، تعود إلى الأصل الفرعوني: "رخّي" بمعنى "انزلي"، وكذلك كلمة"طنّش" بمعنى "لم يستجب"، و"خمّ" أي "خدع"، و"ياما" وتعني "كثير"، وكلمتي: “هوسة، دوشة" ومعناهما: “صخب وضجيج"، و"كركر" وتعني "الضحك المستمر"، وكلمتي: “كاني وماني" تعنيان: “اللبن والعسل". وغيرهما الكثير.
وأختمُ مقالي بأقدم عبارة غزل في التاريخ كتبها زوجٌ لزوجته، وكانا من أجدادنا المصريين الخالدين. على واجهة معبد "نفرتاري" في أبو سمبل جداريةٌ منقوشٌ عليها بالحروف الهيروغليفية: (أمر جلالةُ الملك "رمسيس الثاني" بتشييد هذا المعبد من حجر قوي جميل لزوجته "نفرتاري"… "التي من أجلها تشرق الشمس").
نعم لمَحْوْ الأُميّة المصرية في جمهوريتنا الجديدة، من أجل نشءٍ مثقف واعٍ ينهضُ بمصر العظمى في ثوبها الجديد.

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلّنا واحد
- نوال مصطفى… وسامُ الإنسانية من البحرين
- حبيبتي 2022… رغم عذاباتكِ... أشكرك!
- معلّمو الرهافة … المتوحّدون
- إيه فيه أمل! عن الطفل شنودة
- حينما الموسيقى … صوتُ السماء!
- دولةُ الأوبرا تحتضنُ مليكتَها
- اتهامات مفيد فوزي ... وهداياه
- ذوو الهِمَم … أبناءُ الحياة
- ياسين بيشوي … والأخلاقُ في اليابان
- أخبرني الخيميائيُّ: عن طيف التوحُّد Autism
- سرُّ إشراق السير مجدي يعقوب: PPHH
- عيد ميلاد الرئيس … محرابٌ ومذبح
- التنمُّرُ ... قاتلُ المستقبل
- تجمَّلْ بالأخلاق
- طنطا … تصدحُ شِعرًا … وتشدو مددًا
- مصرُ الراهنةُ ... في عيون الأشقاء
- ماذا صرتَ اليومَ يا جوناثان؟
- اِتحضَّر للأخضر … نحو عالَمٍ نظيف COP27
- علبةُ كشري ودرسٌ : الأسطى مختار


المزيد.....




- كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
- طريقة تثبيت تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025 TOYOUR BAB ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال اقتحم المسجد الأقصى المبارك 21 ...
- ” أغاني البيبي الصغير” ثبت الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- زعيم المعارضة المسيحية يقدم -ضمانة- لتغيير سياسة اللجوء إذ أ ...
- 21 اقتحامًا للأقصى ومنع رفع الأذان 47 وقتاً في الإبراهيمي ا ...
- 24 ساعة أغاني.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل ...
- قائد الثورة الاسلامية:فئة قليلة ستتغلب على العدو المتغطرس با ...
- قائد الثورة الاسلامية:غزة الصغيرة ستتغلب على قوة عسكرية عظمى ...
- المشاركون في المسابقة الدولية للقرآن الكريم يلتقون قائد الثو ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - مَحو الأميّة المصرية في الجمهورية الجديدة