أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - أمين أحمد ثابت - 49 - مدخل . . الى العقل المتصنم / أجندة الصناعة الامريكية عربيا الجزء الثاني : من الافتراض النظري الى التحقق واقعيا















المزيد.....

49 - مدخل . . الى العقل المتصنم / أجندة الصناعة الامريكية عربيا الجزء الثاني : من الافتراض النظري الى التحقق واقعيا


أمين أحمد ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 7490 - 2023 / 1 / 13 - 08:00
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


بينا في الجزء الأول اشكاليتنا العربية المجتمعية الحديثة تقوم كواقع معاق بفعل حقيقة انسانه المستلب بطبيعته الانقيادية التابعة – والمجتمع هنا المقصود بمعرفه الشامل ، أي الشعب عامته ونخبه والدولة – والذي يعني فقدان أية احتمالية للانفكاك عن حالتنا المستمرة بعود متجدد للاستلاب – وإن كان كل عود منتج يكون مصاحبا بتعميق اكثر وتعقيد اكثر . . يصعب مسألة العلاج لحالتنا ولمس درجة ولو محدودة من التعافي – فطالما انسان المجتمع والدولة بتشوه ذاته وبنية وعيه الزائف الذي من صوره فقدان تحرر العقل ليخلق فكرا علميا واجرائيا معالجا تحويليا للواقع والحياة وذات انسان المجتمع ، فعقله الانقيادي ( الميكانيكي ) يعتمد النقل والمحاكاة ليس إلا و . . وفق ما يقدم إليه – ولذا يصبح الأمل موقوفا فقط على الندرة الفردية من المفكرين والعلماء المجاليين في استيعابهم مخرجات الاستراتيجيات الفكرية النوعية وتحويلها الى خطط وبرامج اجرائيا . ورئينا ايضا كيف أن نخب المجالات العلمية تشتغل بما توجه به – أوامريا او بنقل معرفي منقاد – ليقف الامر فقط على المفكرين متحرري العقل . . دون سواهم – وعرفنا محور ارتكازهم في تشخيص الاشكالية ومواقفهم التي تشير بمجاز ضمني غير مصرح به لحلول التداوي والشفاء ، وبينا ايضا لماذا كل جهودهم الفكرية المبدعة المشكور عليها لا اثر لها مطلقا و . . لن يكون لها اثر – وقد يعللون مثل غيرهم من الافراد القلائل المتقدمين من النخبة المثقفة فكريا . . بأن مرجع ذلك يعود الى طبيعة انظمة الحكم العربية التي ليس لا تقبل فقط بما يعرضه المفكرين من تشخيص وموجهات حلول ، بل تستهدف عطائهم الفكري و . . خالقيه إذا ما طالتهم يدها القابضة – كيف لمثل هذه الانظمة الحاكمة أن تأخذ فكريا يقود الى إلغائها وسلطات حكمها وشخص حاكمها النافذ المطلق على نظامية الحكم – كما ويتذرعون بأمية مجتمعية غالبة على انسان تلك المجتمعات العربية ، وانه حتى في بقيته المتعلمة مستلبة تبعيا بفعل الحاجة والعيش ، حيث عقولها لا تعمل سوى ملاحقة لذلك وفق ما يمنحه الواقع وبما هو مملي عليهم – أي بمعنى من لا يتوافق كمسير مع شروط المنح . . لا يقوى على العيش واعاشة اسرته – فالفكر والتحرر الفكري لا يؤكل عيش ، ولا حاجة لك بعقل يحنبك ، أي يجلب عليك المصائب - هذا المشاع واقعا في حياة المجتمعات العربية عامة . . بين العامة والنخب – بينما قد بينا سابقا غير التذرعات المذكورة اعلاه – وإن كان لها وجود واقعي ملموس اجتماعيا ، حيث تبدو لنا ظاهريا أنها اصل الحقيقة بينما هي لا تمثل جوهر الحقيقة لفقدان قيمة ما يطرحه النوعيون من فكر ، حتى لدرجة انعدام وجود أي اثر لها . . حتى على صعيد الافراد القارئين لتلك المؤلفات والكتابات المنشورة ، وكنا قد بينا أن ذات المفكرين المتقدمين من العرب – وحتى غير العرب – أنهم يعانون ذاتهم من اعاقة منهجية . . سببها تلقن المعرفة من مصادرها المبنية على طابع استاتيكي – تذكيرا بمصفوفات التقابل . . يمكن العودة للقراءة المتأنية للجزء الاول – ونكتفي هنا حول الملخص المضموني للجزء السابق ، الذي وجدنا الحاجة اليه . . كمفتاح مدخلي يسهل الانتقال الى بنية الجزء الثاني من موضوعنا .

ووفقا للمستنطق التشخيصي للمفكرين – الذي لا نختلف معهم حوله – والمحدد بأحكام تعميمية التقييم لتوصيف الاشكالية ، ك ( الاستلاب الانقيادي الاختياري للمجتمع وانسانه الفرد ونظامية الحكم ، والمعلم ظاهريا بملموسية تعمم الوعي الزائف ، والمخلق حالتي التشوه القيمي بالمعنى العام والشامل للفظة الاخيرة) ، وهذا التمظهر الاشكالي المجتمعي المعاد انتاجه دائما . . مخلق عبر الدور الاستعماري ( القديم والحديث والعولمي المعاصر ) – أي كمنتج عبر ادارة مجتمعاتنا وحياتها الواقعية من الخارج تبعا لمصالحه ومشيئته - لكنا نختلف مع طبيعة استنطاقهم الموسوم بالسكون او الثبات للإشكالية كظاهرة داخليا وبثبات خارجي متحكم بمعرف الاستعمار بلفظ صريح او ضمني ، خاصة وان مؤلفاتهم صادرة في السنوات الاخيرة من يومنا هذا – الخمس او العشرة سنوات – والتي تعني بالنسبة لهم انهم يطرحون اصل الحقيقة الغائبة عن عقولنا والواقع ، وأن ادراكها يحقق لنا التحرر من استلاب الانقياد ( عند لحظتنا هذه ) . . .

من الواضح ان مفكرينا يعتقدون مفهوم الاشكالية هو ذاته مفهوم المشكلة ، على اعتبار كلتاهما موصفتان بلفظ ( الازمة ) ، فإذا كان محدد الاشكالية بامتداد تاريخي فتعرف ك . . ( اشكالية تاريخية ) وبالتالي فهي على ذات المدلول ك . . ( مشكلة تاريخية ) ويكون موصفهما الاقراري للحالة كمطلوب البحث عن علاجها بمعبر ( الأزمة التاريخية ) – وهو خطأ استراتيجي معرفي يقود الى ضياع قيمة مخرجات البحث – فالمشكلة عادة ذات بنية خاصة محدودة بطبيعتها ، وقد تنمو عبر مراحل زمنية متلاحقة إذا لم تفكك وتحل ، لكن ذلك النمو لا يتم إلا داخل نطاق تلك البنية الخاصة ، ولا يمكن لها أن تكون غير محدودة المعالم ، لذا نقول عن نمو المشكلة بتزايد تفاقمها وتعقدها ، بينما الاشكالية فطابعها البنيوي غير محدود بضيق تلك الخصوصية في مفهوم المشكلة ، فالإشكالية وإن انتجت بدء عن بعد محدد بعينه بصورة مشكلة – مثلا التبعية المعيشية والحياتية المجتمعية بفعل الاستيطان الاجنبي او الإلحاق بالمركز المستعمر – بكسر الميم – او التبعية غير المباشرة ( حديثا ) سياسيا للنظام العربي الحاكم الى مركز السيطرة الخارجي او التبعية الاقتصادية . . الخ – لكن حين تتخلق مشكلات موازية اخرى على ذات المستوى – بمعنى أن تتعدى مشكلة عدم الاستقلال السياسي او الاقتصادي التبعي لنظام الحكم العربي واثرهما على الحياة الواقعية لإنسان لمجتمع - بأن تنشأ مشكلة تبعية مجتمعية دون وسيط نظام الحكم . . على صورة تبعية اقتصادية وفكرية او سياسة مجتمعية او تعليمية . . الخ وتفريخ مقلدات محلية توافق مصالح واهواء مركز الهيمنة الخارجي ، حتى يصل الاستلاب انقيادا ليمس ذات انسان المجتمع – وليس تراكيب وابنية المجتمع فقط – من هنا يكون متحرك الاعاقة تاريخيا لمجتمعاتنا العربية عبر مراحل الماضي القديم وحتى الراهن ، اعاقة تمنع التغير التطوري ( الحقيقي ) النسبي عبر المراحل ، لتحل بديلا عنه التشوه المتجدد بإعادة انتاج القديم الملقح بصفات المعاصر في كل مرحلة بعينها ، ملافحة تصبغ المجتمع والانسان وواقع الحياة المعاشة مخلخلة المضمون القيمي للمجتمع ( العربي ) – فإلى يومنا هذا وغدا يسود القديم كمتحكم مضموني اجتماعيا بما يدمغ البلد بالتخلف وطبيعتي سيادة الابوية والتسلط والتمييز المجتمعي للإنسان وفق مذهب القوة بالسلاح والملكية والثروة بغض النظر عن مصدرها وطريقة تكونها ، ومن جانب اخر تسود ظاهرا اعراض مظاهر العصر كمديرة لحركة المصالح والعلاقات والتقليد المظهري لما هو خارجي ، فيكون المجتمع والانسان والواقع والحياة والدولة حداثية مفرغة المضمون وتقليدية غير اصيلة المضمون – من هنا يأتي معبر مفهوم الاشكالية انها قطعا تكون تاريخية (المنشأ والامتداد عبر المراحل الزمنية المتباعدة ومطبوعة بديمومة الاستمرار ) ، وتكون مطبوعة بنيويا بالنسق المفتوح ، حيث تتولد فيها عبر المراحل متعدد المشكلات المختلفة النوع من اصل مشكلة سابقة لها تاريخيا ، وكل متخلق اشكالي في مرحلة ما يزداد تعقيدا كمخلق لمتواليات اشكالية مختلفة الابعاد والجوانب .
فاليمن مثلا ، من القديم الغابر لم يعرف مجتمع الامة الواحدة – أي مجتمعيا – ولكنه عرف شبيها له أبان حكم الملكة بلقيس او في معبر حضارات اليمن القديمة ، فالمجتمع كان مركبا على هيئة عشائر قبلية متصارعة ، تعتمد طبيعة الضم والالحاق المهزومة منها الى المنتصرة ، وفي فترة وجود المجتمع بطابع شبيه بالأمة الواحدة ، كانت العشائر القبلية المستقوية ممثلة بمجلس استشاري تابع حليف لحكم ملك او ملكة ، كما ولم تصل اية حضارة يمنية قديمة لتحتوي مختلف المناطق اليمنية التي نعرفها اليوم ، حتى انها كانت لتمتد الى مناطق خارج يمن اليوم كظفار وجيزان وعسير ونجران حتى حدود الحجاز . . بينما لم تصل الى عشائر في جنوب اليمن وشرقه وغربه – وهنا هو ذات ما ذكر اولا من الطرح الاخير سابقا بما سمي في الاسلام بنظام الشورى لاحقا ، وإن كان تمهيدا لنشوء دولة الحكم شبه الاقطاعي الدواويني – حيث كانت وحدة تعايش عشائر المجتمع من خلال ممثلي اقويائهم في مجلس شورى الحكم لا أكثر ، وأية عشيرة ينسحب شيخها واعيانه تعد عشيرته عدوة لوحدة حلف نظام الحكم ، ليكون انسانها منعدم الحقوق ومستهدفا من خلال مكونات ذلك الحلف كمخرج عن الامة مجازا ، ومثل ذلك انسان فئات مجتمع العشائر – حتى المطبعة مع الحكم - من يخرج متجاوزا او معارضا اية مخرجات او قرارات متخذة في نظام الحكم . . يعد مارقا وخارجا عن وحدة الامة ممثلة بأعيانها ، ولذا يجاز عقاب او نفي او ابادة المارقين عن الحكم ولا يجوز حقها في الداعي القبلي للحماية – إذا فطابع شبه الامة للمجتمع اليمني القديم لم يكن اصيلا ، بل كان توحيدا سياسيا شكليا هشا سريعا ما ينفرط معبر واحدية الامة ، وهو ما يعني أن الانسان اليمني منذ ذلك التاريخ بدأ تطبيع انسانه على تبعية الانقياد عبر الاستقواء ، وكان بمجرد ضعف نظام الحكم وتشقق المصالح تعود للظهور مجددا القبلية العشائرية المتصارعة – غير المتحدة – كطابع حقيقة لوجود مجتمع غير متحد ، ومن ثم كانت الغزوات الخارجية لوضع اليمن كتابع لحكم الدولة الغازية – ك . . حكم الاحباش والفرس وقريش باسم الاسلام ودولة الاسلام ومن ثم الحكم العثماني على اليمن بمعرف الدولة الاسلامية العثمانية – وعليه منذ ادارة حكم المجتمع اليمني - والموحد شكليا وفق القيم الدينية في الدولة الاسلامية العربية -–انتقلت التبعية الانقيادية للخارج بأن تعدت تبعية النظام الحاكم وتبعية المجتمع الى تبعية الذات المفردة للإنسان اليمني طواعية لا جبرا للقيم الواردة إليه من خارج بيئته المحلية ، كدفاع وتقوية وذود عن البلدان الاسلامية العربية كدفاع عن انسان مجتمعاتها بمعرف الامة الاسلامية العربية الواحدة ، والذي يعني دفاعا وغيرة على الدين الذي شرعه الله لإنسان هذه الرقعة من الارض - هنا كانت بدايات الانقياد التابع المطلق لذات الانسان اليمني ، انقيادا تأصل عمقا نحو استلاب العقل لديه وتطبعه بإنسانه على الانقياد الاوامري الخارجي وعلى التلقنية النقلية الموجهة بين تزييف الوعي وتجميد التفكير الحر .
إذن ، لم يدخل العصر الحديث على اليمن بطابع الاستعمار الغربي البرجوازي – الاستيطاني القديم على الجنوب وبقايا مهلهل التبعية العثماني للشمال ، والحديث غير المباشر حتى فترة العولمة الى اليوم وغدا – إلا وكان عموم انسان اليمن ذات طبيعة مستلبة تاريخيا جاهزة – فسقوط الامامة في الشمال لإعلان الثورة واستمرارها لم يكن دون القوات المصرية ، اما استقلال الجنوب فكان يمثل اخر مستعمرة كونيالية لبريطانيا التي افل نورها ونور القارة الاوروبية العجوز ، وكلتا الثورتين لم يكن لهما وجود الا بتغير توازن القوى العالمية وطابع نظامه الجديد وقتها – اصبحت التبعية الانقيادية الحداثية غير مباشرة وبصورة مجزأة بين الكتلتين النافذين على العالم ، واحدة بمسمى الثورية ضد نظام الاستغلال العالمي وحلفائهم في الداخل والمحيط العربي المعرف بالرجعي والعميل ، بينما الاخر بمسمى التحديث والتطوير ومعاداة نهج الشيوعية الملحدة باسم الاسلام المصور انه مستهدفا هنا وليست المصالح الغربية في اليمن والمنطقة العربية – هنا اختلطت معاصرة قيم وسمات وخصائص ذات الانسان اليمني المجتمعي بين عصبيات العشائرية القبلية والبيوتات المذهبية الضيقة بمتصلاتها العضوية بأنظمة الحكم الغابرة ومتصلاتها المعتقدية الايمانية بمرجعيتها السياسية لموظف النصية الدينية الارثية بين سنة وزيدية ومؤخرا شيعة مضافة جديدا جدا ، وذلك ضمن خليط قشري سطحي لكل ما هو عصري تلقيني – مأخوذ توهما عبر آليات خداعية للعقل – مما انتج حقيقة واقع زائف مشوه شديد التعقيد ، مقام على ذات القدر والصفة من تشوه المجتمع وانسانه وطبيعة حياته ، وتمثل الدولة بنظامها اداة ووسيلة لتعميق تلك الاستلابية للخارج والتراكم التشوهي للقيم والوجود ، فمنها وعبرها بدلت القيم الاصيلة الحاكمة مجتمعيا لتحل محلها انحلال القيم الحاكمة للواقع والمجتمع والانسان . . حتى على صعيد الاخلاق – كالذكي والماهر والمبدع الاصيل يعد ساذجا وغبيا ومفرغ القدرة طالما وانه لا يسير على ما هو سائد واقعيا لإثبات ذاته عبر كل اشكال الانتهازية بما فيها تلك التي يكون فيها واطيا ورخيصا ، وعليه فالموقف الاخلاقي المنحل اجتماعيا فيما يسود ( علم او ابداع او فكر او كلام لا يؤكل عيش . . لا قيمة له ، كما التحرر الذي يجلب عليك المصائب لا معنى له ، ووفق منكئي قولي شعبي مأثور عصري التوظيف : الباب الذي يأتي منه ريح . . سده واستريح ) .

وبخلاصة محورية ، ليست معرفتنا بزيف حقيقتنا الذاتية يحل المعضلة ، بل ما يعاظم التوهان في زيف الوعي وتعميق قابلية انخداع العقل فينا . . حين يخرج ما يعد فكرا مستنيرا ارقى ما في المجتمعات العربية ويكون غارقا في تشخيص حالنا الذاتي بحثا عن الاسباب الورائية ( المتكرر استنطاقها ) ، بينما يكون غائبا عنه اصل تلك الاسباب المتجددة بتجدد لعبة تعميق تبعية الانقياد المنتقل مما هو مادي الى ما هو روحي للمجتمع وذات الانسان الفرد في المجتمع ، والتي يكون جوهرها جزئيا مرحليا بتحول نوعي للأهداف الاجرائية ، والتي تتحدد على اساسها سيناريوهات احتمالية مختلفة الاسلوب والاداء و . . حتى الزاوية المستهدفة من المجتمع لتفتح على اثرها تمددات اشكالية متنوعة شديدة التعقد – وبينما هي جارية واقعا يكون زيف الوعي فينا من جانب وانقياده الميكانيكي النقلي لحقائق اصلها زائف هو الحاضر ، لنجد انفسنا نختنق بشكائنا ونواحنا بفقدان انسانيتنا وحياتنا واستقرار معيشتنا ، والمصاحب بتمنيات وامال لتغير الاقدار ب . . بمرافقة اعتقادية تصورية باستحالة الخروج من راهن الدمار والتشوه والضياع لقيمة الانسان – إلا إذا اراد الله أن يغير من عنده الاحوال – بينما من جانب اخر نمارس وجودنا وحياتنا عبر قيم الانحلال لحل امورنا ، كالانتهازية ، العصبوية ، الارتشاء ، النهب ، الخداع ، بيع القضايا والمواقف . . الخ ، وصولا الى اعادة انتاج المستبدين والفاسدين والقتلة والمفرخات المالية والمتخلفين والجهلة حكاما علينا مجددا واسيادا علينا متسلطين على رقابنا وامور عيشنا .

وانتهاءا ، بقدر ما يشير المفكر العربي لدور المستعمر الاجنبي – الذي يخجل توصيفه علنا اليوم بذلك اللفظ و . . وإلا لن يكون معاصرا – في استمرار وتعميق تبعيتنا له واستلاب انساننا العربي ، إلا انه يغيب لديه متغير سمات الحامل الخارجي فيما ينزع اليه من تعميق لذلك التشوه من مرحلة لأخرى – فمثلا إن كانت كل اجندات مراكز النفوذ العالمي تعد ( استعمارية ) لكونها تقود الى تعميق التبعية لها تمثل جوهر الاستراتيجية الام الواحدة ، إلا أن هذه الاستراتيجية تجزأ بصورة المفهوم لمسمى الاجندة بمعرف زمني محدد ب ( الأجندة المرحلية ) ، والتي تكون محدودة نوعيا وبزمنية افتراضية خاصة بها ، لذا تتغير الاجندة الاستعمارية من فرض التبعية قسرا الى تبعية الانقياد طوعا ، بتدرج من خلال نظام الحكم الى تبعية مجتمعية ومؤخرا الى تبعية انسان المجتمع في اخر طور منها اليوم وغدا كانقياد ذاتي عقلي ونفسي – ولهذا فالأجندة الامريكية المعاصرة ، تكشف فترة منزلقات ملعوب ثورات الربيع العربي (جوهر هذه الاجندة ) ، والتي تفترض نظريا ضمان التبعية الانقيادية المطلقة لزمنية مستقبلية مفتوحة عبر ملعوب تفخيخي يقود الى هدم المجتمعات العربية وانسانها وبلدانها ، هدما ماديا وروحيا عقليا ونفسيا ، فلا يتبقى منها سوى طبيعتها المهشمة بكل صور تشوهاتها ، ويلعب زيف الوعي دورا روحيا لتغريب انسان المجتمع عن حقيقة ذاته ووطنه ومطبوعا بالهرم العقلي والنفسي الاستسلامي المطلق ، المنتظر هذا الخارج ان ينقذه اذا لم يظهر انقاذ الخالق له او التحلل عن قيمه ووطنه واستبدالهما بوطن بديل . . حتى بمواطنة منتقصة – نكتفي هنا وإن كان ذلك يفتح لنا افاقا جديدة للتعمق اكثر .



#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نثرة ليلة شتوية قصة قصيرة يناير / 2018
- 48 - مدخل . . الى العقل المتصنم / أجندة الصناعة الامريكية عر ...
- الجزء التاسع من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي ...
- 47 - مدخل . . الى العقل المتصنم / مستقبل وطن مهدد بأجياله ا ...
- اعلان لمقايضة سلعية
- 46 - مدخل . . الى العقل المتصنم / اليمن نموذجا : تسليع الوطن ...
- الجزء الثامن من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي ...
- 44 - مدخل . . الى العقل المتصنم / النظام الحاكم ، طبيعة الحك ...
- توهمات . . متحذلقين علينا
- وطني - أنا - والرقص البحري
- الربيع العربي . . من ثورات تغيير للبناء الى ثورات افول للقيم ...
- الجزء السابع من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي ...
- 43 – مدخل . . الى العقل المتصنم النظام الحاكم ، طبيع ...
- 42 – مدخل . . إلى العقل المتصنم متشوه الإرث البش ...
- الجزء السادس من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي ...
- ملامسة صفرية . . لجانب من عطبنا
- الجزء الخامس من رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي ...
- الجزء الرابع رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي ال ...
- الجزء الثالث رواية ( هروب . . بين المضيقين ) - من اعمالي الر ...
- نسخة معدلة ( اغنية ثانية - لبغدادية - مرتبكة )


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - أمين أحمد ثابت - 49 - مدخل . . الى العقل المتصنم / أجندة الصناعة الامريكية عربيا الجزء الثاني : من الافتراض النظري الى التحقق واقعيا