أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جواد البشيتي - -الفوضى البناءة- في وجهها النووي!















المزيد.....

-الفوضى البناءة- في وجهها النووي!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1701 - 2006 / 10 / 12 - 09:46
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


"الفوضى البناءة" في وجهها النووي!

كوريا الشمالية ليست بالدولة ـ التجربة التي يمكنها أن تغري أي شعب بتقليدها ومحاكاتها؛ ولكننا مع تحديها النووي الذي أبدته إذ أجرت تجربتها النووية الأولى، ومع تحولها إلى قوة نووية، ومع تحولها إلى ثغرة متسعة في جدار معاهدة منع انتشار السلاح النووي، التي هي معاهدة تبقي العالم مستخذيا لـ "إمبريالية نووية"، قد تتحول مستقبلا، وفي طرائق شتى، إلى ما يشبه احتكارا للقوة النووية، تتمتع به الولايات المتحدة، التي أثبتت التجربة أن لا رادع يردعها عن استخدام السلاح النووي ضد خصم لا يملكه إذا ما احتكرته، أو إذا ما تأكدت أن خصمها لا يملك من قوة الردع النووي ما يكفيه الشر النووي للولايات المتحدة.

كنا سنقف ضد سعي كوريا للتحول إلى قوة نووية، وضد سعي إيران، إذا ما ثَبُت وتأكد، إلى حيازة القنبلة النووية، لو أن أعضاء النادي النووي العالمي كانوا يتحلون بفضيلة "نبذ النفاق النووي"، فالعالم الذي تريده الغالبية العظمى من البشر إنما هو العالم الذي تحكمه ليس معاهدة منع الانتشار النووي، وإنما معاهدة نزع السلاح النووي، التي تنشئ عالما يخلو تماما من كل سلاح نووي، ومن كل سلاح من أسلحة الدمار الشامل الأخرى. أما المنافقون النوويون من دول، ومن فئات اجتماعية تعيش بصناعة الموت النووي، ومن أجلها، فيحضوننا على التحلي بفضيلة نبذ السلاح النووي، ومنع انتشاره، حتى ينعموا برذيلة امتلاكه، والسعي في احتكاره، واستعماله عندما تزيِّن لهم مصالحهم الإمبريالية والفئوية الضيقة ذلك.

هم مع احتكار السلاح النووي، ونحن مع كسر هذا الاحتكار من خلال تقويض معاهدة منع الانتشار النووي، ففي تقويضها تعم "الفوضى النووية"، التي قد تغدو، في نتائجها وعواقبها، بناءة، فـ "الفوضى النووية البناءة" خير للعالم ومستقبله من معاهدة الاحتكار النووي، التي تسمى زورا وبهتانا معاهدة منع الانتشار النووي؛ ذلك لأن عواقب تلك الفوضى قد تشدِّد الحاجة والميل لدى العالم وشعوبه إلى نزع صادق وجاد للسلاح النووي، الذي، في التبرير "العلمي" و"الحضاري" و"الإنساني" للاحتفاظ به، يقولون إنه قد يفيد في درء مخاطر وكوارث كونية عن الأرض، مَصْدرها الفضاء الخارجي، كمُذنَّب أو كويكب.. يمكن أن ينقض على الكرة الأرضية، وقد نحتاج في مواجهته إلى سلاح نووي.

أقول بضرورة وأهمية "الفوضى النووية العالمية" وأنا أعلم أن القول بذلك يعكس هبوطا في منسوب القيم والمبادئ الإنسانية والحضارية والأخلاقية في التفكير السياسي؛ ولكن من المسؤول عن ذلك؟ إنه الولايات المتحدة في المقام الأول، فهي الآن، ومذ انهار الاتحاد السوفياتي، لا تملك من المصالح والأهداف إلا ما يشحن سياستها العالمية بمزيد من الوحشية الإمبريالية، التي تعود على ضحاياها بمزيد من الميل إلى التفكير والعمل بما يشبه "الروح الشمشونية"، وكأن "عليَّ وعلى أعدائي" هو المبدأ السياسي الأعلى الذي تغرسه الولايات المتحدة في عقول وقلوب عشرات ومئات الملايين من البشر.

الولايات المتحدة، بإدخالها مزيدا من الوحشية الإمبريالية في سياستها العالمية، إنما تخلق أعداءً لها على مثالها، فهذا الشبل من ذاك الأسد. لو أن مصالحها كانت تسمح لها بجعل الذكاء السياسي مقرِّرا في سياستها العالمية لأدركت أن صورتها يمكنها وينبغي لها أن تراها في عدوها، فالميل إلى ما يشبه "الحيوانية السياسية" إنما هو ميل مشترَك بينها وبين من يبادلونها عداء بعداء، فـ "الإرهاب"، وما يشبهه من ظواهر، نَذْكر منها الآن ظاهرة "كوريا الشمالية النووية"، هو و"الوحشية الإمبريالية" للولايات المتحدة نقيضان طبيعيان، ينشآن معا، وينموان معا، ويزولان معا.

إنهم ليسوا بالملائكة حتى ننظر إلى احتكارهم السلاح النووي على أنه نعمة يسبغونها على البشرية جمعاء، فهذا الاحتكار ينبغي له أن يُكسر ويزول، فإما نزع عالمي شامل للسلاح النووي وإما فوضى نووية عالمية، نتمنى، على كرهنا لنظام الحكم في بيونغ يانغ، أن تكون كوريا الشمالية مَصْدرا من أهم مصادرها. ونتمنى أن نرى بعضا من تلك الفوضى في عالمنا العربي، لعل إسرائيل تقتنع بأن ترسانتها النووية ما عادت تنفعها، وقد تضرها.

الولايات المتحدة يمكنها أن تحكم العالم، وأن تتحكم فيه؛ ولكنها لا تملك من الأسباب والخواص ما يمكِّنها من قيادة العالم، فمَن يرغب في قيادة العالم عليه أن يعرف أولا أن أمن العالم واستقراره وازدهاره هي أشياء لا تقوم لها قائمة مع وجود فئة واسعة من البشر، أُفْقِرت اقتصاديا وسياسيا حتى استبد بها الشعور بأن ليس لديها ما تخسره إن هي سعت في تقويض أمن العالم واستقراره وازدهاره.

لقد سألوا غورباتشيوف، آخر رئيس للإتحاد السوفياتي، عندما كان في الكرملين: ماذا أنتم فاعلون إذا ما نجحت الولايات المتحدة في نشر درعها الصاروخية في الفضاء؟ أجاب قائلا: إذا شعرنا أن الولايات المتحدة غدت قادرة على شن حرب نووية علينا، تخرج منها منتصرة، بفضل امتلاكها قدرة على منع صواريخنا النووية من الوصول إليها وإصابتها، فإننا، عندئذٍ، قد نفعل شيئا واحدا فحسب، هو تفجير قنابلنا النووية فوق أراضينا، فنهلك، وتهلك معنا الولايات المتحدة والعالم بأسره.

كوريا الشمالية لن تتمكن أبدا من امتلاك ترسانة نووية بحجم الروسية، أي أنها لن تتمكن أبدا من أن تؤسِّس لعلاقة عداء مع الولايات المتحدة تقوم على مبدأ "الفناء النووي المتبادل". ولكنها ستملك من القوة النووية ما يولِّد خوفا في اليابان وكوريا الجنوبية، تتمخض عنه حتما، في كلتا الدولتين، وفي غيرهما، خيارات إستراتيجية تجعل العالم مختلفا تماما في وجهه الأمني ـ السياسي الإستراتيجي. وستملك من الدوافع، ومن الدافع الاقتصادي في المقام الأول، ما يحملها على نشر مزيد من المخاطر النووية في أنحاء العالم، فالتجربة النووية التي أجرتها يمكن أن تشق لها الطريق إلى تنمية مخزونها من السلاح النووي مع مخزونها من القطع النادر.

ويكفي أن تفشل الولايات المتحدة في مواجهة التحدي النووي الكوري الشمالي حتى يقوى أكثر الميل الإيراني إلى إظهار مزيد من التحدي النووي الذي لن ينزل بردا وسلاما على إسرائيل النووية. ويكفي أن تفشل الولايات المتحدة في مواجهة هذا التحدي النووي وذاك حتى تنتقل الروح الإمبريالية للولايات المتحدة من مسارٍ صاعد إلى مسارٍ هابط.

أما التاريخ فسوف ينطق بالحقيقة التي لا نراها الآن، أو نضرب صفحا عنها، وهي أن فشل الولايات المتحدة في مواجهة كلا التحديين النوويين، مع ما سيترتب عليهما من عواقب، هو الوجه الآخر لنجاح المقاومة العراقية (العربية ـ السنية) في جعل القوة الإمبريالية العظمى في العالم أقل ميلا إلى مواجهة أعدائها وخصومها بالوسائل والأساليب والطرائق التي اتبعتها وجربتها في العراق، فـ "العقدة العراقية" مع "العقدة الإسرائيلية" في لبنان، هي التي أرغمت الولايات المتحدة على أن تكون أقل حماقة، أو أكثر حكمة، في مواجهة المُتَحَدِّين الجدد لها، فهلا نقف على المعنى الإستراتيجي والتاريخي الأهم للمقاومة العراقية.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آخر خيارات عباس
- سياسة -الإفقار الاقتصادي- للمواطن!
- حلٌّ يتحدى الفلسطينيين على الأخذ به!
- وزن -الكلمة-
- مشاعر الكراهية للآخر..
- كل قيادة سُلْطة ولكن ليس كل سُلْطة قيادة!
- -الهزيمة- التي يحتاج إليها الفلسطينيون!
- قرار العرب إعادة -الملف- إلى مجلس الأمن!
- التبديد الاقتصادي عبر النساء!
- -النسبية- في القرآن كما شرحها الدكتور النجار!
- الحرب -الإلهية-!
- الميزان الفلسطيني المفقود!
- -حزب الله- ينتقل إلى الهجوم!
- مرض -التسليم بما هو في حاجة إلى إثبات-!
- جدل الاعتراف بإسرائيل!
- ثنائية -الإيمان والعقل- لدى البابا!
- الخطأ والاعتذار!
- -الفَرْد- و-السياسة-!
- -العصر الوسيط- يُبعث حيا!
- الفرصة التي يتيحها ضعف أولمرت!


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جواد البشيتي - -الفوضى البناءة- في وجهها النووي!