أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شهربان معدي - *حُطّي ابنك في كُمّك ولا تعيريه لأمك!














المزيد.....

*حُطّي ابنك في كُمّك ولا تعيريه لأمك!


شهربان معدي

الحوار المتمدن-العدد: 7488 - 2023 / 1 / 11 - 20:18
المحور: الادب والفن
    


من شهربان معدّي

كاتبة للقصّة القصيرة وأدب الطفل.

المقالة منتقاة من كتابي الجديد "لا تترك يدي"

"الكدّ على العيال حسنة" لطالما سمعت هذه الكلمات المُحفّزة من عاملة النّظافة الحكيمة، عندما كنت أتذمر أمامها من ضغوطات العمل والحياة؛ حيث كانت تُشجعني يوميًّا، على المجيء للعمل، ولكن ما زال صوت بكاء ابني يرنّ في أذني حتى هذه اللحظة، عندما كنت أضعه في الحضانة، وأُهرول لعملي وكأنني في سباق مارثون، وصدقًا أقول: أنني نادمة على هذه السنوات التي تعبت فيها كثيرًا من أجل تعزيز أجندة وهميّة، بما تُسمّى "تحقيق الذات" ركضت وراءها كالمجنونة، ولكنها كانت على حساب أطفالي وصحّتهم النفسيّة والجسديّة والعاطفيّة، وكان قلبي يُكاد يذوب عندما كنت أدخل للحضانة، وأرى أطفالاً ما زالوا في "الدمجة" وضعتهم امهاتهن وهرولن للعمل "مثلي" لجنى لقمة العيش الكريم. صحيح أننا في زمن معدنيّ، محض "معك قرش بتساوي قرش" وفيه أجبرت المرأة على الانخراط في سوق العمل، سواء كانت أمًا أو غير متزوجة، ولكن وللأسف الشّديد، هنالك نساء، ميسورات الحال، ممن لا تُمارسّن أية مهنة، وهذا أوجعني أكثر، يرميّن أطفالهن في الحضانة ويعدنّ أدراجهم للبيت، لشرب القهوة مع الجارات أو لتكملة نومة الصّباح.. أو تذهبن لقاعات اللّياقة البدنيّة، وكنت أُعزّي نفسي، عندما أرى هؤلاء الأمهات، وأواسيها بأنني على الأقل، ذاهبة لعملي، وليس من أجل "دواوين القهوة" والقيل والقال.. بالمُقابل؟ كانت والدتي دائمًا تزجرني وتردد بثقة كاملة المثل الشّعبي القائل: حُطّي ابنك في كُمّك ولا تعيريه لأمك! وأنه لا يجوز ترك الطفل، دون السنة الأُولى من عمره في حضانة أحد، خصوصًا إذا كان رضيعًا، "حطّي شُغلك في الخليّة وربّي ابنك سنيّة" أي اتعبي عليه، سنة كاملة، ولطالما حدّثتني النساء المُسنات في أطار عملي معهن، في مركز الشّيخوخة، عن أهل "زمان" حيث كانت المرأة تأخذ الّرضيع معها للحقل والبيدر، ولمواسم الحصاد، تضجعه بجانبها على طُرّاحة قديمة، ولا تفارقه نظراتها طرفة عين "الأرض الّتي تٌربي شعير وقمح بمقدورها أن تُربي الأطفال" وكم حدّثوني عن والدات، داهمتهم آلام المُخاض في الحقل أو كرم الزّيتون، واضطررّن لقطع حبل السُّرة بحجر، والعودة لبيوتهنّ، يحملن الوليد، سالمات، غانمات، بينما بنات اليوم تلدّن في أفخر المُستشفيات، ويتلقيّن أرقى الخدمات، ولكنهنَّ تعانين من امومة منقوصة، طالما يسعيّن لتحقيق ذاتهنّ، وارتقاءهنّ المهنيّ، أو نيّل الكماليّات، على حساب هذه الهبة الإلهية، التي تستحق كلّ التضحية والعطاء، وقد أشرت لذلك في كتابي، دموع لم تسقط، في قصتي التي حفرت في نفوس الكثير من الأمهات، اللّواتي قرأنها واستخلصّن منها العِبَر، وشكروني على ذلك، "جائزة السّماء" موجودة في جوجل.

*حضانة الولد في ألمانيا.

يشدّد علماء النفس على أنّ الأم هي الحاضنة الأُولى لطفلها، وأنه لا يجوز تركه، أو ايداعه في الحضانة، قبل أن يبلغ الثالثة من عمره، وعليها أن تلازمه طيلة هذه الفترة الحاسمة من حياته، لأنه بالنسبة له لا يوجد لأمه بديلا.. مقولة العالم الاجتماعي هايدلبرغ، بينما الأستاذ الكساندر روستوف، طالب بسن قانون يُحرّم على كلّ أم لم يتجاوز ابنها السادسة من عمره، أن تخرج لسوق العمل، وذلك لرعاية الصحة النفسيّة والجسديّة والعاطفيّة لهؤلاء الأطفال، كونهم سيصبحون آباء وأمهات الشعب الألماني في المستقبل.
أما طبيب النساء المعروف، الأستاذ كيرشهوف، فذهب إلى أبعد من ذلك، فطالب بسن قانون لإجبار كلّ أم على البقاء بجانب أولادها في المنزل، حتى يجتاز جميعهم سن الخامسة عشرة. من كتاب "ولدك هذا الكائن المجهول - الدكتور أمين رويحة"

ربما أنه مطلب غير قابل للتحقيق؛ وأنا لست ممن ينادون أن مكان المرأة هو البيت فقط، وأكيد نحن لا نعيش في دولة كألمانيا، دولة غنية، تتكفل بتربية الطفل منذ ولادته، ولا تبخل عليه بجميع متطلبات الحياة وتعطي الأمهات الوالدات منح مالية دسمة، تدعمهنّ في توفير كلّ شيء للطفل، عندنا الأمر مختلف كلّيًا، والواقع حتّم على المرأة أن تخرج للعمل مثل الرجل تمامًا، وأنا لست ممن يعارضون خروج المرأة للعمل، ولكن عليها أن تختار من البداية؛ العمل أو الولد، وكم كنت أتألم عندما أشاهد نساء عاملات، ترمين أطفالهنّ في الحضانة وهم دون الأربعة أشهر، يلفونه بالدمجة ويسلمونه للحاضنة، وتهرولهنّ لعملهنّ، متجاهلات صراخ الطفل الذي ما زال رضيعًا لا يرى شيئًا في الكون، سوى ثدي أمه..

*من وجهة نظري المتواضعة، يجب ألا يغرب عن بال من يرسم منهاج لتكوين عائلة، كان رجلاً أم امرأة، أن الولد ليس حصيلة صدفة، بل هو نعمة ومشروع حياة، وعلى الأم أن تدبر أمرها على أن مكانها بعد ولادة الولد سيكون في "البيت".

*حطّي شغلك في الخلية وربي ابنك سنيّة.

الكثير من الأمهات اللواتي يعملّن خارج البيت، يعتذرن بأنهم يقمّن بتقديم هذه التضحية، في سبيل الولد ورفع مستوى المعيشة، وتأمين متطلبات الحياة للعائلة، ولكن من تبحث عن الكماليات والسيارة الفاخرة، والإكسسوارات، وصبغة الشعر والأظافر والملابس من ماركات عالميّّة واللوك الجديد والستايل الاستثنائيّ، ويقدمن الحجج لأولادهن فيحدثونهن قائلات: أنت تريد درّاجة كهربائية، ومعطف جديد، وأنا أعمل لأجل ذلك! فعليك أن تتحمّل وتتروّى..

الأطفال الصّغار الذين يعيشون بالمشاعر، سيتعاطفون أكيد مع الماما، بينما الأولاد الكبار سيتعلّمون من حجج الماما، أن المادة فوق كلّ شيء..

عوّدوا أولادكم على البساطة وتعوّدوا على ذلك، ساعة صفاء تضمّ كلّ العائلة، تضاهي عمر بأكمله.. إذا ركضت ركض الوحوش.. غير نصيبك ما بتحوش.. لا تعتذروا بالسعي على أرزاقهم.. فبئس الرزق الذي يُربّي أجسامًا معلوفة وأخلاقا مهلهلة ضعيفة.. واعلموا أن من أفضل الصدقات الجارية في هذا الزمن؟ هي دعمكم لأولادكم.. واحتوائكم لهم.

المقالة منتقاة من كتابي الجديد:
لا تترك يدي.



#شهربان_معدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليست مجرّد لمّة زيتون وزعتر..
- لمن تركت آلاء وعدن؟ للناقد والأديب المرحوم شاكر فريد حسن
- كتاب -حارة السلام- طرح جديد يُعزّز قيمة الجيرة الحسنة وقبول ...
- لروحك السلام يا سنديانة الزابود وفتى الحقول.. لروحك السلام أ ...
- نوافذ الحُزن لا يفتحها غير العُظماء.. نثرية متواضعة، مهداة ل ...
- باقة هايكوهات ربيعيّة بمناسبة عيد الأُم.
- أُمنيَةٌ صغيرةٌ
- الأنسنة في القصة القصيرة (حفنة حظ) للكاتبة شهربان معدي. بقلم ...
- النهار ملْكَ يدي..؟
- بوح في زمنٍ منكود
- -البوّابات الخمس... بالعربية والإنجليزية وميثاق البقاء في جن ...
- -الحسناء يازوكو لبست فستان الزفاف- شعر هايكو
- جورية أزهرت/ شعر هايكو
- سرّ الخالة كاملة
- شهربان معدي
- برقية عاجلة لأستاذي؛ الشاعر والأديب وهيب نديم وهبة.
- ما.. .. .. بعد حيفا..!! ما بعد خيفا...!! قصّة قصيرة
- ما.. .. .. بعد حيفا..!! ما بعد خيفا...!!
- المخضّر.. قصّة قصيرة
- لدموع لم تسقط بعد..


المزيد.....




- زاعما سرقة فكرته.. المخرج المصري البنداري يحذر من التعامل مع ...
- جرأة محفوفة بالمخاطر.. شهادات علنية لضحايا اعتداء جنسي تتحدى ...
- الفرانكو- جزائري يخرج عن صمته ويعلق بشأن -فضيحة حوريات-
- نافذة جديدة على العالم.. مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة ا ...
- شون بين يتحدث في مراكش عن قناعاته وتجربته في السينما
- تكريم مؤثر للفنانة المغربية الراحلة نعيمة المشرقي في مهرجان ...
- بوتين يتذكر مناسبة مع شرودر ويعلق على رجل أعمال ألماني سأله ...
- على طريقة أفلام الأكشن.. فرار 9 سجناء من مركز اعتقال في نيس ...
- -الجائزة الكبرى للشعر الأجنبي- في فرنسا لنجوان درويش
- الخنجر.. فيلم من إنتاج RT يعرض في مسقط


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شهربان معدي - *حُطّي ابنك في كُمّك ولا تعيريه لأمك!