11 يناير خربشة على الجدار المتهالك

كوسلا ابشن

الحوار المتمدن-العدد: 7487 - 2023 / 1 / 10 - 22:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

كان لمؤتمر أنفا سنة 1943 الذي شارك فيه قادة الحلفاء, و وعد روزفيلت لخادمه محمد الخامس بالمساعدة لإنهاء معاهدة الحماية, التأثير المباشر على بعض الإنتهازيين بالتفكير في إصدار بيان موقع من طرف مجموعة من المتعلمين, يطالب بالإستقلال.
زمرة زبناء فرنسا إستغلوا تلميح رئيس دولة أمريكا, التي لعبت دور محوري في تحرير فرنسا من الإحتلال الألماني, بالمساعدة على إستقلال مورك, في الإسراع الى إصدار عريضة في يناير 1944 لجمع التواقيع تطالب بإستقلال البلد و تقديمها الى الإقامة العامة الفرنسية. من بنود البيان مالي:
"-المطالبة باستقلال المغرب... .
- الإلتماس من السلطان السعي لدى الدول التي يهمها الأمر الاعتراف بهذا الاستقلال وضمانه, ولوضع اتفاقيات تحدد ضمن السيادة المغربية ما للأجانب من مصالح مشروعة".
لم تعطي فرنسا أهمية للعريضة نظرا للاقوة نضالية و جماهيرية للموقعين و مجالهم الوظيفي التبعي و غياب المساند الأهم في تغيير ميزان القوى, و هي الجماهير الشعبية و مقاومتها المسلحة, و لهذا لم يكن البيان يهدد الوجود الفرنسي. لم تأثر العريضة على دولة الحماية, كما أن البيان لم يكن له صدى في أوساط الجماهير الشعبية, و خصوصا في مناطق التجذر الثوري الميداني, بين أبناء المقاومة المسلحة.
مني بيان عريضة التواقيع بالفشل, فالنتيجة أن الإقامة العامة الفرنسية لم تهتم بإستدعاء أصحاب البيان و التحاور معهم, و هو الهدف الرئيسي لزبناء فرنسا و لم ينالوه. كما أن العريضة لم تحرك الجماهير الشعبية للإعلان عن تبنيها للبيان. بقي ما سمي بوثيقة المطالبة بالإستقلال حبر على ورق, تستغل من طرف زبناء فرنسا في الصراعات السياسوية, فقد سمى علال الفاشي زاويته ب"الإستقلال", فعميل فرنسا يدعى أن زاويته من حررت البلاد و جلبت الإستقلال بنص البيان الهامشي. لم يجلب " نضال" إصدار العرائض و البيانات الإستهلاكية للنخبة الخيانية من تلاميذ المدرسة الفرنسية, إلا المزيد من إستنزاف خيرات البلد و المزيد من الإرتباط بالتبعية للنظام الإمبريالي. العريضة الإستهلاكية جعلت الإقامة العامة الفرنسية تتيقن من إستمراريتها في تنفيذ بنود الإتفاقية الحماية المشؤومة. إلا أن هذا اليقين الذي زرعته عريضة زبائن فرنسا, أسقطته بندقية أبناء ثوار ريف و الأطلس و سوس, بعد أكثر من عشر سنوات من إحساس دولة الحماية بالهدوء و الإرتياح نتيجة بيان عريضة زمرة زبناء فرنسا, و إذا بإسكرا ثوار حركة التحرر موركية أشعلت الثورة ضد الإحتلال و كبدته خسائر فادحة في صفوف جيش الإحتلال. لم تكن دولة الحماية مستعدة لتقديم لأكثر من خسائر و لهذا سارعت الى التفاوض ليس مع المقاومة المسلحة و إنما مع زمرة الخيانة لتجنب الخسائر العسكرية و حماية مصالحها المستقبلية في مورك. ثوار ريف و الأطلس و سوس ضحوا بدمائهم و أرواحهم لتحرير البلد, وإذا بالبلاد تسقط في أيدي زبناء الإحتلال, الذين جعلوا من عريضة هامشية حدث تاريخي يحتفى بها رسميا عيد وطني و عطلة رسمية, لكن من دون الإحتفال الشعبي, فالشعب لم يعترف و لم يحتفل أبدا بالخربشة على الجدار المتهالك.
بيان المطالبة بالإستقلال كما تدل على ذلك بنوده, بيان يتيم , فالإستقلال الذي أرادته زمرة زبناء فرنسا, مقطوع الأواصر تابع لفرنسا تتحكم في إقتصاده و سياسته.
بالمقارنة مع نص بيان المطالبة بالإستقلال الذي نشره أعضاء الحزب الشيوعي في مورك سنة 1942, في جريدة الوطن, كان أعمق و شامل ببعده السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي, و نظرا لسرية توزيع البيان, لقد تم سنة 1946 تقديم بيان المطالبة بالإستقلال و بشكل رسمي نشر في جريدة الحزب الشيوعي, عكس بيان 11 يناير الذي قدمته زمرة زبناء فرنسا للماما, (الإقامة العامة الفرنسية الحريسة الدائمة على تربية زبنائها أحسن تربية) اليتيم و المحدود.
بأي منطق تحتفى السلطة اللقيطة ببيان زمرة زبناء فرنسا, وتقصى بيان الحزب الشيوعي من الأحتفاء من جهة, و من جهة أخرى بيان الزمرة يخص زاوية محددة و مجال ترابي محدد, منعزل عن الشعب و عن جغرافيته الكاملة, لكنه فرض على الشعب و على البلاد كلها عيد "وطني", رغم أن العيد يحتفى به داخل الزاوية فقط, وليس عيد وطني يخص الشعب, فقد مل الشعب من الأعياد السياسية الزوياتية.

#كوسلا_ابشن (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات