أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - الطقوسية التعبيرية ح 3















المزيد.....

الطقوسية التعبيرية ح 3


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7485 - 2023 / 1 / 8 - 11:05
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الخلاصة التي يمكن مقاربتها كبحث نظري معتمدا على الدراسات المتراكمة البحثية والتنقيبيية واللغوية والتأريخية، أن العلاقة الإشكالية التي يعاني منها الدين من خلال وجود الطقوس برمزيتها والمعبد بكونه المكان الحيوي لممارسة التدين والطقوس هي ما يعرف بالأحتواء المكاني للدين، بمعنى أن الدين عندما يكون أفكارا متنقلة بين العقول وبلا حدود مكانية تستوجب التوقف كمحطات وجوبية، يكون أكثر فاعلية في التغيير وأشد في تحريك العوامل والبواعث الإيمانية، عندما يصبح الدين حقيقة ويتحول إلى الوجدان الثابت ويستقر في الأرض سيحتويه المكان ويصبح مقيدا بشروط التحرك بين العقول، لكن من جهة أخرى يكون قادرا على التأثير لقوة على الواقع من خلال تواجده البيني بين الإنسان محيطه، فيبدأ بممارسة الطقوس التي قلنا أنها المظهر الحسي الإعلاني عن دواخل الإيمان لدى الأفراد.
هذا التحول النوعي بقدر ما هو مفيد للدين وللإنسان من جوانب عدة لكنه أيضا له جانب سلبي متمثلا بالأحتواء الموضعي والموضوعي، عندما يأوى الدين إلى المعبد يحتاج إلى أداة بشرية لإدارة هذا المكان وربما حتى ممارسة الطقوس كتعليم عام، الإشكالية هنا أن المعبد هذا وحسب التقليد النفسي للإنسان يتحول من مظهر إلهي من المفترض أن يبقى كذلك إلى منظر متشخصن بمن يديره وبعامله كملكية خاصة، من هنا ظهر مفهوم الكهنة ورجال الدين الذين يتعاملون مع المعبد ومن بعده الدين إلى ملكية شخصية لا يمكن المساس بهذا المفهوم، وتتداخل العناوين التعبدية والطقسية والإيمانية لتكون علامة تجارية لرجل المعبد أو كاهنة الذي يتفرد البعض فيه فيكون الكاهن الأعظم أوو الأكبر وبالمنزلة التالية بعد الله المعبود، هذا الحال ليس تأمليا أبدا ولا هو أفتراء تاريخي بقدر ما هو تحصيل لوقائع ثابتة ومتكررة من ممارسات الإنسان مع كل الأديان، ومن الطبيعي أن هذه المنزلة تترسخ كلما أبتعدنا زمنيا عن مرحلة التأسيس حتى تتحول الكهنوتية إلى قداسة مفترضة وطبيعية وتفرض شروطها على المجتمع والفرد.
إذا الإشكالية الكبرى التي تصيب الأديان بشكل عام ولا مستثنى منه هو أحتواء بعض الأفراد لرمزية الدين أحتواء موضوعيا بتغيير المعادلة الإيمانية التي كانت الله "العبادة الإنسان تساوي الدين" لتكون "الله الكاهن والمعبد الطقس تساوي إيمان متحكم به"، هنا يفقد الدين عذريته ويتحول إلى أداة فاسدة بيد إنسان لا يؤمن بالله في الجوهر والموضوعية ولا يقبل حتى أن نضع الحدود ما بين ما لله فهو لله وما بين لقيصر فهو لقيصر، لأنه يرى أن مالك شخصي للمعبد والمتحكم بالطقوس بأعتبار وإخبار أن الله أختاره لهذه المهمة التي أمتهنها بقدر فوقي، فهو إذا بوابة الآلهة أو الرب أو الله بلا منازع، والخصام والأختلاف معه هو خصومه مع الله وأختلاف معه مما يجعله قادرا عن أنتزاع الصفة الإيمانية من المخالف ومنح حق محاربته وقتله، البعض يرى أن الدين لذاته هو من سمح بذلك والحقيقة أن الدين نص على أن المعبد لله وحده (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) 1 .
إذن الدين كفكر ليس مسئولا عن إشراكية الإنسان في أمر الله قاصدا أو ساهيا مؤمنا بما أشرك به أو جاهلا عنه وملام عليه حسب ما يبرره المشركون، فالشرك أثم وطغيان وجريمة بحق الإنسان نفسه قبل أن يكون بحق الدين وحق الله لأنه بداية الظلم الأعظم ودار الظالم خراب، فقد جاء في النص الديني بهذا الموضوع الإشراكي وليس الشركي بلحاظ المعنى والدلالة القصدية ما ورد من وصية لقمان لأبنه وهو يعظه (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، بالخلاصة يشرك الإنسان ويظلم لمجرد أن جعل من نفسه جزء من أمر الله وإرادته ويمارس الظلم حين يفعل ذلك، الطغيان في الشركية والإشراكية يكون أشدا عند طبقة الكهنوتية ورجال الدين الذين يفعلون بشكل حاد نظرية الأحتواء، هنا يصبح لزاما ووجوبا أن يعيد الدين نهضته من خارج المعبد القديم وضده، وهذا ما نجده في قصص الأنبياء والنصوص الدينية المؤكدة لهذه الحالة (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ)، وقوله ( وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ)، المعنى إذا هو أن هؤلاء الإشراكيين والمشركين كانوا يعبدون رب المعبد وليسوا ملحدين أو وثنيين بما أنحرف به المعبد من دين أسلافهم التي عبر عنها النص بآبائهم، فيقولون "وإنا على آثار آبائنا فيما كانوا عليه من دينهم مهتدون" يعني أنهم متبعون على منهاجهم القديم.
هذه الإشكالية رافقت كل الأديان وفي كل مراحله وحتى تعدت الأفكار إلى الشخوص وبجل بعض الأنبياء وعبدوا من أقوامهم (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)، وهناك فشة جعلت ثقلها الإيماني بأشخاص مؤمنين حولوهم إلى رموز مساوية في القداسة والتعظيم مع الله أو قريبا منه، حتى أن البعض عبد قبور هؤلاء وظن أن سر الإيمان الحقيقي أن يتخذوا من هذه القبور ملاذات تعبر عن إيمانهم بالله تحويلا وترميزا، هذا الميزة الرابطة بين التعبد والطقوس والقداسة الركن الثالث والأساسي الذي يميز الفكر الديني ومحتواه عن كل الأفكار المعرفية والأيديولوجية في التاريخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1.قال الأعمش : قالت الجن : يا رسول الله ، ائذن لنا نشهد معك الصلوات في مسجدك ، فأنزل الله : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ) يقول : صلوا ، لا تخالطوا الناس .
وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران ، حدثنا سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن محمود ، عن سعيد بن جبير : ( وأن المساجد لله ) قال : قالت الجن لنبي الله صلى الله عليه وسلم : كيف لنا أن نأتي المسجد ونحن ناءون [ عنك ] ؟ ، وكيف نشهد الصلاة ونحن ناءون عنك ؟ فنزلت : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا )



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطقوسية التعبيرية ح2
- الطقوسية التعبيرية ح1
- الرمزية الألوهية والقداسة ح2
- الرمزية الألوهية والقداسة ح1
- الرب الله في الديانة العراقية القديمة ح 3
- الرب الله في الديانة العراقية القديمة ح2
- الرب الله في الديانة العراقية القديمة ح1
- المشتركات العقائدية بين الدين العراقي وفروعه الإبراهيمية ح 2
- المشتركات العقائدية بين الدين العراقي وفروعه الإبراهيمية ح 1
- الله والماء والحضارة ح3
- القداسة والشخصنة وأوهام الربوبية دون الله في الديانات الإبرا ...
- تشرين العراق 2019 بعيون ملونه.... ح4
- تشرين العراق 2019 بعيون ملونه.... ح3
- تشرين العراق 2019 بعيون ملونه.... ح2
- تشرين العراق 2019 بعيون ملونه.... ح1
- أحلام الخيبة ومنامات لا تشبه الموت
- الله والماء والحضارة ح1
- القيمة العملية لدور الله في نشأة الحضارة العراقية ح2
- القيمة العملية لدور الله في نشأة الحضارة العراقية ح1
- صورة الله في الديانة العراقية القديمة ح2


المزيد.....




- رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك بـ -الملياردير المتغطر ...
- إسبانيا تستأنف التحقيق في التجسس على ساستها ببرنامج إسرائيلي ...
- مصر ترد على تقرير أمريكي عن مناقشتها مع إسرائيل خططا عن اجتي ...
- بعد 200 يوم من الحرب على غزة.. كيف كسرت حماس هيبة الجيش الإس ...
- مقتل 4 أشخاص في هجوم أوكراني على مقاطعة زابوروجيه الروسية
- السفارة الروسية لدى لندن: المساعدات العسكرية البريطانية الجد ...
- الرئيس التونسي يستضيف نظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي ال ...
- إطلاق صافرات الإنذار في 5 مقاطعات أوكرانية
- ليبرمان منتقدا المسؤولين الإسرائيليين: إنه ليس عيد الحرية إن ...
- أمير قطر يصل إلى نيبال


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - الطقوسية التعبيرية ح 3