هل قبل (سايكس بيكو) كانت للعرب (بلاد) واحدة؟ وما اسمها؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)

الحوار المتمدن-العدد: 7485 - 2023 / 1 / 8 - 04:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

هل قبل (سايكس بيكو) كانت للعرب ((بلاد واحدة))!؟ وما اسمها؟ أم هذا من الأوهام الكبيرة والغريرة التي نتجت عن الفكر (الخرافي) العربي (القومجي) و(الاسلامجي)!؟؟

كتب أحدهم تعليقًا على مقالة لي عن التاريخ الحقيقي لنشأة الدولة والهوية الوطنية الليبية على يد المستعمر الايطالي نشرتها في مدونتي على الفيسبوك، فقال:
"ما الفرق بين أن ليبيا من صنعها الطليان أو من صنعها الأتراك، والمعروف و المتعارف عليه أن ((كل الدول العربية كانت بلاد واحدة قبل سايكس بيكو))!!، هل يعني إذا قلت أن برقة او طرابلس كانتا في الأصل قطرين عربيين يعني إكتشاف عظيم سينقذ البشرية"؟!!
فكان جوابي:
" أولًا ليست القضية قضية انقاذ البشرية (!!؟؟) فقضية انقاذ البشرية نتركها للعقيد القذافي ونظريته (العالمية) وأوهامه الطوباوية ورسل الحضارة الجديدة (!!؟؟؟)، بل القضية هنا هي ان نفهم تاريخنا الوطني، ((تاريخ ظهور دولة ليبيا والهوية الليبية على يد الايطاليين عام 1934))، بشكل عقلاني علمي موضوعي صحيح بعيدًا عن الخرافات والاوهام التي تم تلقينها لنا منذ طفولتنا كمحفوظات نجترها ليل نهار بلا فحص وتمحيص ولا تفكر ولا تدبر ولا تحليل عقلي وعلمي!!، بل نجترها ونكررها كمحفوضات على انها هي تاريخ دولة ليبيا الحقيقي!!.. هذا اولًا اما ثانيًا فقولك أن "الدول العربية كانت قبل سايكس بيكو (بلاد) واحدة " يدل على أنك ككثير من العرب ضحية للتاريخ المزور !!، وللعلم أن معاهدة (سايكس بيكو) كانت بين بريطانيا وفرنسا عام 1916 لتقاسم النفوذ والسيطرة على بلدان الوادي الخصيب، (المشرق العربي)، فقبل سايكس بيكو عام 1916 لا وجود لـ((دول عربية)) أصلًا (!!!؟؟) إلا ربما باستثناء مصر وهي مملكة قائمة تحت الوصاية البريطانية، وكذلك مملكة تونس كانت تحت الوصاية الفرنسية !!، إلا إذا كنت تقصد بعبارة ((الدول العربية)) هنا ، أي ((البلدان والاقطار العربية)) التي كانت موجودة بالفعل كبلدان منذ الفتح الاسلامي أو قبل الاسلام كالعراق ومصر واليمن والبحرين والحجاز ونجد وبرقة وافريقية ..إلخ... إلا (ليبيا) و(السعودية) و(الامارات) فلا وجود قبل الحرب العالمية الأولى أو حتى الثانية لا لدول أو بلدان بهذه الاسماء عبر التاريخ!! ، فليبيا كدولة أو حتى كبلاد أنشأها الطليان عام 1934 أي بعد سايكس بيكوا ب18 عام من خلال دمج بلدين عربيين هما (برقة) و(طرابلس الغرب) في دولة واحدة أطلقوا عليها هم اسم (ليبيا)، وبهذا ولدت الهوية الوطنية الليبية، وكذلك السعودية كدولة وكبلاد تكونت على يد (آل سعود) عام 1932من بلادين عربيين هما (نجد) و(الحجاز) وهكذا ولدت الهوية الوطنية القطرية (السعودية) على أساس كيان سياسي كحال الهوية الوطنية الليبية... هذا ثانيًا... وأما ثالثًا فالاقطار والبلدان العربية لم تكن (بلاد) واحدة ولا (دولة) واحدة في يوم من الايام ، لا قبل الاسلام ولا بعد الاسلام بل حتى اليوم !!، فمن أين جئت أنت بهذا الكلام !!؟؟؟... وما اسم هذه (البلاد) التي تضم كل العرب!؟؟.. الجواب: أنت جئت بها من المحفوظات والأوهام!!... فالموجود على الأرض، وفي الجغرافيا والديموغرافيا، قديمًا وحديثًا، لا يمكن تسميته (بلاد) واحدة ولا حتى (دولة) واحدة!! بل هي عدة بلدان وعدة اقطار كان أغلبها موجودًا قبل وبعد الاسلام، وموجود قبل الاحتلال التركي وبعده، وموجود قبل الاحتلال الأوروبي وبعده!!.. وموجود قبل معاهدة سايكس بيكو وبعدها!. فهي عدة أقطار وبلدان ناطقة بالعربية جمعتها دولة الخلافة الاسلامية الاموية والعباسية لحقبة من التاريخ مع عدة بلدان اخرى غير عربية مثل بلاد فارس (ايران) وبعض بلاد الهند (السند) مثلًا، ثم تفتتت تلك الدولة الاسلامية العربية لعدة دويلات سيطر كل منها على بعض الاقطار العربية، ثم جاءت دولة الخلافة العثمانية وجمعت الاقطار العربية مع عدة اقطار اخرى غير عربية كتركيا والهند وايران وبلغاريا والبانيا ..الخ في أمبراطورية جديدة ... فهل تلك الامبراطورية والدولة العثمانية كانت (بلاد)؟؟؟ وما اسمها؟؟ هل مثلًا (عثمانيا)؟؟ أم الحقيقة أنها كانت (دولة) تضم عدة بلدان ومركزها بلاد الترك وليست هي (بلاد) واحدة؟؟؟.. حاول أن تركز وتفهم يا صديقي الفرق الدقيق والعميق بين مفهوم (البلاد) ومفهوم (الدولة)!، فأنت تتخبط وسط أمواج المحفوظات التاريخية المزورة والمضللة للعقل العربي خبط العشواء !!...ولا ألومك، فنحن كبرنا وترعرعنا وسط ثقافة مزورة وتاريخ مزور !!... فهذه الأقطار والبلدان والأوطان (العربية) بالطبع لم تكن (بلاد) واحدة في يوم من الأيام وحتى اليوم بل (بلدان عديدة) تتجمع أحيانًا ضمن دولة واحدة (امبراطورية) عربية أو أجنبية أو تتجزأ بين عدة دويلات وإمارات!.. لكن الشيء المؤكد لا توجد (بلاد عربية واحدة) تضم كل الشعوب العربية لا قبل الاسلام ولا بعده ولا اليوم ، ما هي هذه البلاد؟ وما اسمها ؟؟؟ هل اسمها (عريبيا) مثلًا؟؟ فعريبيا هي جزيرة العرب وهي ايضا كانت ولازالت تتكون من عدة بلدان وليست بلادًا واحدة (اليمن، نجران، نجد، الحجاز، البحرين، عمان....الخ)! ... يا عزيزي انا اكلمك بمنطق العلم والقراءة الموضوعية الصارمة للتاريخ والجغرافيا، وليس بمنطق الايديولوجيا القومية العربية او الاسلاماوية ، ولا بمنطق الاحلام والاوهام والعواطف والتمنيات!!... نعم ان العرب بفضل الاسلام هم اليوم (امة قومية واحدة) هي (الأمة العربية) الناطقة بالعربية التي تعيش شعوبها في عدة بلدان متفرقة، ولكنهم منذ القدم والى اليوم هم بلدان واقطار وشعوب متعددة ، فلكل شعب عربي بلاده ووطنه وداره منذ القدم قبل الاسلام وبعده، واليوم لكل شعب عربي دولته وبلاده! .... هذه هي الحقيقة ، ومع ذلك أنا كعربي يعتز بعروبته ويتمنى وحدة العرب اتمنى ان يأتي يوم أرى فيه اخواني العرب تضمهم (دولة اتحادية واحدة)، دولة البلدان والأقطار العربية المتحدة ، ((المملكة العربية المتحدة))، ليست دولة اندماجية مركزية فهذا وهم كبير وغرير بل اتحاد للبلدان العربية في (اتحاد سياسي واحد) كالاتحاد الأوربي ثم اذا امكن ان يتحول هذا الاتحاد، الى دولة عربية متحدة أو مملكة عربية متحدة بنظام فيدرالي تضم كل بلدان العرب مع الاحتفاظ لكل بلد عربي بهويته القطرية وبحكم ذاتي داخلي في ظل دولتهم العربية المتحدة ، هذا هو اقصى ما أتمناه في المستقبل البعيد جدًا للعرب كأمة واحدة بعدة بلدان وعدة دول وعدة شعوب، وبعيدًا عن الاتجاه العربي القومجي الاشتراكجي الوحدوي المركزي الاندماجي الفاشل الذي كان هو مشروع القوميين العرب بكل توجهاتهم ثم فشل وتحطم على صخور الحقائق القطرية التي لا يمكن تجاوزها (!!)... ذاك التيار السياسي العروبي المؤدلج المصحوب بالاشتراكية المتشددة وبحكم العسكر الذي زاد العرب رهقًا وتمزقًا وتخلفًا وزرع في عقول العرب غول وعفاريت (نظريات المؤامرة) وجعلوا من معاهدة سايكس بيكو مشجبًا يعلقون عليه تخلفهم العقلي والفكري وانحراف منهجهم في الحكم والادارة!، ثم جاء الاتجاه الاسلاماوي الأصولي العربي ليزيد العالم العربي سوءًا على سوء!!.. فكان هذا المشهد الحالي الحزين!!..هذه هي الحقيقة" .

#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)       Salim_Ragi#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات