أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - موريس نهرا - العيد المفقود














المزيد.....


العيد المفقود


موريس نهرا

الحوار المتمدن-العدد: 7484 - 2023 / 1 / 6 - 13:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ينتهي هذا العام وتستمرّ معاناة شعبنا اللبناني وظروف حياته المقلقة والشديدة القساوة. وتُخيّم أجواء هذه الحالة على أسبوع الأعياد، وخصوصاً عيد رأس السنة. والعام ينقضي غير مأسوفٍ عليه ليبدأ عامٌ جديد. ورغم أنّ مرور السنين هو قانون طبيعي يشمل جميع الناس والأعمار، فإنّ العيد في العام الجديد لا يشمل كل الناس.

وإذا ما كان تبادل التهاني والتمنيات في العام الجديد فذلك تعبيرٌ عن استمرار وتجدُّد حياتهم، وتعبيرٌ أيضاً عن الأمل في أن يحمل العام الجديد بشائر ظروف أفضل تنقضي معها حالة الأزمات والانهيارات والانحدار المستمرّ في جميع المجالات. وفي ظروفٍ بائسة كهذه لا يشعر بالعيد إلاّ قلّة من اللبنانيين الذين بوسعهم إسعاد أطفالهم. فالعيد هو بالدرجة الأولى في بهجة الأطفال والأولاد وفرحهم، ويتجلّى بالنسبة إليهم في ثيابٍ جديدة وهدايا تناسب أعمارهم، وفي طعامٍ شهيٍّ وحلوى العيد، وفي التنزّه في الأماكن التي تفرح الأطفال بألعابٍ خاصة بهم، ليكون يوم العيد مختلف عن باقي الأيام.
فهل يمكن لفقراء لبنان وهم أكثرية شعبنا الساحقة أن يكون بمقدورهم تلبية رغبات أولادهم ليشعروا هم والأولاد بفرح العيد؟
إنّ ما يزيد مرارة الأهل وأولادهم، خصوصاً بمناسبة العيد، هو ما يرونه في حياة القلّة الطاغية في السلطة وخارجها، الذين راكموا الثروات والمليارات من سرقة أموال الشعب واستغلال الاحتكارات الجشع ومصادرة ودائع الناس في البنوك وتهريب عشرات ومئات مليارات الدولارات إلى الخارج، استحصلوا عليها من طريق الفساد والهدر وتحاصص المنافع والصفقات. وهؤلاء هم في الوقت نفسه يستمتعون مع أولادهم بالعيد بأموال الناس. في حين أنّ أولاد الفقراء يعانون الأمرَّين في ظروف حياتهم الصعبة وعتمة بيوتهم وفي برد الشتاء، ويتضوّر كثيرون منهم جوعاً. فكثيرون يأكلون مرّتين في اليوم بدلاً من ثلاث مرّات. ويجري حجب الحليب والدواء والاستشفاء عنهم وليس الاستمتاع بالعيد فحسب. ولا يمكن القبول إطلاقاً بالقول إنّ هذا التفاوت الطبقي والاجتماعي الكبير هو قدرٌ أو حظٌّ عاثر. فجميع هذه المساوئ والمظالم الاجتماعية تنبثق من صلب النظام السياسي وبنيته الاقتصادية والاجتماعية، وسياسات طبقته السلطوية. وإنّ تغطية جوهره الطبقي بالطائفية ومحاصصاتها هو لتضليل الناس وإحلال الفرقة والتناقض بينهم، لإبقاء نظام الفساد على الأسس الطبقية والطائفية نفسها، طالما أنه يخدم مصالحهم.
أما العيد فهو بالأساس لكل الناس وللأولاد الذين يمثّلون التجدّد والمستقبل. وليس العيد هو الذي يهجرهم، بل ينجم إفتقاده من ممارسات أهل هذا النظام وسلطته وطغيان مصالحهم الخاصة، وسوء إدارتهم وتناقضاتهم. فهم متسبّبون في حالة الإفقار والانهيار. وليس غريباً أن تكون مطامح الناس وآمالهم التي تجلّت بأضخم إنتفاضة قام بها شعبنا في 17 تشرين، هي إسقاط النظام الطائفي وطبقته السلطوية. فبدون هذا التغيير لا تتغيّر حالتهم وظروف حياتهم ومعيشتهم الاجتماعية. وهذا لا يتحقق على يد الطبقة السلطوية، بل يصنعه الشعب.
فالحركة في المجتمع هي من صنع البشر وتدخّلهم وبدون دور جمهور كل شعب وقيامه بمسؤوليته لا يتغيّر ميزان القوى لصالح تحقيق المصالح الشعبية إجتماعياً ووطنياً. ويصح هنا قول الشاعر أحمد شوقي:
"وما نيل المطالب بالتمني ولكن توخذ الدنيا غِلابا/ وما استعصى على قومٍ منالٌ إذا الإقدام كان لها ركابا".
لم تعد مساوئ هذا الوضع مقتصرة على إفقار أكثرية اللبنانيين الساحقة، مع أنّ هذه قضية كبرى بحدّ ذاتها، بل وصل مأزق هذا النظام الطبقي الطائفي إلى اختلال صارخ في أسس بنيته، وإلى تناقضاتٍ وخلافاتٍ تكبّل انتظام وتسيير أعمال الدولة وسلطتها، وتُهدّد وحدة الكيان أيضاً. وبات التغيير هدفاً ومهمةً إنقاذية ضرورية من أجل بناء وطن موحَّد لجميع أبنائه، ليستطيعوا العيش فيه موفوري الكرامة، ولتتوفّر فيه ما تستدعيه الحياة، وضروريات العيد وفرح جميع الأطفال.
كل عام وأنتم بخير.



#موريس_نهرا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيديل كاسترو الحاضر أبداً بفكره وثورة شعبه
- بتوافقات السلطويين وبخلافاتهم الشعب والدولة هما الضحية
- المد اليساري التحرري في القارة اللاتينية
- حوار عن -فرج الله الحلو- ودوره في معركة الاستقلال ورفض تقسيم ...
- النضال التاريخي للشيوعي وانتفاضة تشرين واحداث الطيونة
- حكومة النظام والطبقة السلطوية بمظلة خارجية
- كوبا الثورة والصمود والمثال
- يديرون الانهيار ويتحايلون على الشعب
- الشهداء الشيوعيون منابر تحرير الوطن والإنسان
- البركان الفلسطيني وتواصل الانهيار اللبناني المتواصل
- كوبا تجدُّد وانفتاح ضمن الطابع الإشتراكي
- رسالة الرئيس بذكرى الاستقلال ومقتضيات الإنقاذ
- تحية لذكرى تأسيس الحزب الشيوعي اللبناني وانتفاضة 17 تشرين
- مئوية لبنان الكبير وقضية الوطن والدولة
- نكبة بيروت ونظام الكوارث والمنظومة الفاسدة
- فكر مهدي عامل اليوم... أكثر توهّجاً
- تشابه واختلاف في الأزمة اللبنانية والفنزويلية
- الانتفاضة وترابط المواجهة الوطنية والاجتماعية
- القمع السلطوي ليس علاجاً للفقر والانهيار
- كلمة في ذكرى اسبوع الرفيق ابو اكرم في بلدة كفركلا


المزيد.....




- فيديو يُظهر اللحظات الأولى بعد اقتحام رجل بسيارته مركزا تجار ...
- دبي.. علاقة رومانسية لسائح مراهق مع فتاة قاصر تنتهي بحكم سجن ...
- لماذا فكرت بريطانيا في قطع النيل عن مصر؟
- لارا ترامب تسحب ترشحها لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا
- قضية الإغلاق الحكومي كشفت الانقسام الحاد بين الديمقراطيين وا ...
- التمويل الغربي لأوكرانيا بلغ 238.5 مليار دولار خلال ثلاث سنو ...
- Vivo تروّج لهاتف بأفضل الكاميرات والتقنيات
- اكتشاف كائنات حية -مجنونة- في أفواه وأمعاء البشر!
- طراد أمريكي يسقط مقاتلة أمريكية عن طريق الخطأ فوق البحر الأح ...
- إيلون ماسك بعد توزيره.. مهمة مستحيلة وشبهة -تضارب مصالح-


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - موريس نهرا - العيد المفقود