أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ياسر جابر الجمَّال - الاغتراب المعرفي عند ابن باجه في ضوء كتابه تدبير المتوحد














المزيد.....


الاغتراب المعرفي عند ابن باجه في ضوء كتابه تدبير المتوحد


ياسر جابر الجمَّال
كاتب وباحث

(Yasser Gaber Elgammal)


الحوار المتمدن-العدد: 7483 - 2023 / 1 / 5 - 21:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ثمة سياقات متعددة تؤسس وتصنع مهادًا معرفيًا لدى الإنسان في علقه الباطن قبل أن ينضح ذلك على جوارحه وتصرفاته الفعلية، أي أن هناك فعلًا منصهرًا داخليًا يسبق الفعل الواقعي بعدة مسافات، هذا الفعل ناتج على السياق المعاش أي كان نوعه، ثم يترجم بعد ذلك إلى حالات من الانطواء والعزلة، إنها بداية الاغتراب الفردي والشعور بالعزلة عن الآخرين، وهذا في أصله وأساسه راجع إلى " قضية المتغيرات الاجتماعية [فهي] من الصعوبة بمكان، بحيث تنطوي على أمور معقدة ومتعددة الاتجاهات والمستويات في أي بيئة . وإن استمرار التغير في المجالات المختلفة لمّا يؤثر في النشاط الإنساني عند الفرد والجماعة سلبًا وإيجابًا على نحو ما، وسنة التطور والتحول الإنساني تواكب حياة الناس، وتلاحق المجتمع في أي مكان وزمان، لكن بدرجات متفاوتة سرعة وبطأً كمًا وكيفًا . من ثم ينشـأ صراع متعدد الجوانب حول القيم الإنسانية أو النظم السياسية والاقتصادية ، أو التطور في وسائل الاتصال أو التغيّر الاجتماعي في التقاليد والعادات وأنماط السلوك، أو القضايا التشريعية ، أو مواجهة المجتمع للأحداث واستقباله لكل مظهر جديد وافد ؛ ولكن ثمة أثر للصراع بين القيم الإنسانية والتقاليد ، وبين القديم والجديد ؟
إن جوهر الصراع بين القيم الإنسانية والتقاليد كثيرًا ما يؤدى إلى الرفض والتمرد والثورة على أساليب العيش ، أو هو – على أقل تقدير – باعث على الإحساس بالغربة والوحدة والحيرة ، وعدم القدرة على التواؤم مع المتغيرات الاجتماعية والتوافق مع الجو العام، إلا أن ذلك يحدث في أحوال تختلف ، قوة وضعفًا . ولقد يشعر المرء وهو بين جماعته وقومه بالغربة ، بل ويحس بها في داخله أحيانًا، وتلك بعض من أزمات الإنسان ومن أمراضه، وهو منشغل بشتى الأعباء المادية ، ومثقل بالصدمات النفسية ، وما ينشأ عنها من إحباط وقصور يعوق حركته في محاولاته اللحاق بإيقاع الحياة السريع والمتتابع في كل اتجاه، وليس غريبًا أن يشعر المرء – والحال كذا – بالضياع ، وقسوة الوحدة النفسية ، والإحساس بالعجز والحيرة، فينكفي على (الذات) ويتخذها محوراً لحياته كلها ، وذلك لما انتابه من تمزق داخلي، وألم نفسي. من ثم تتسرب بواعث الغربة إلى روحه ، وتسرى في كيانه ، حتى ليكاد المرء أن يصير غريباً عن كل ما يحيط به ، إما لعدم استطاعته تحقيق طموحات الذات المستترة ، أو لضعف القدرة على مواجهة الضغوط الخارجية ، أو اختلاف التوجه والفكر ، فمن الاغتراب ما يوحى بقسوة النفس ،ويبعث على الأسى"( ‏).
وابن باجة- الفيلسوف الأندلسي- من الذين تنبهوا لهذه القضية في كتابة العظيم" تدبير المتوحد" ، فهو بمثابة واضع للأسس في هذا المسار، حيث إن " الغربة التي يعيشها الإنسان وتعايشه في واقعه الاجتماعي هي غربة الأفكار والمفاهيم، أي طبيعة أفكاره ومفاهيمه، تختلف تماماً عن الأفكار السائدة. فهو في داخله ينشد صورة المجتمع العادل الذي تأتلف فيه القيم الإنسانية العليا، وحين يفتقدها في حياة مجتمعه وقد أنهكته الصراعات الطائفية والقبلية والتحالف مع الأعداء ضد بني العمومة أو الخؤولة يرى ذلك. و(«تدبير المتوحد» وهو وسيلة رمزية في النقد الاجتماعي. أراد ابن باجة أن يبين فيه انحطاط الواقع الاجتماعي والأخلاقي عن قيم الإسلام، والإنسانية، مظهراً فيه مدى تفسخ العقائد الدينية على يد هؤلاء الساسة الذين لم يرتفع مستواهم إلى مستوى المبادئ الإسلامية التي يحملون لواءها ويبشرون بها. كما يعتبر وسيلة من وسائل النقد الراقي، أراد منه ابن باجة: إشاعته أو إظهاره في وقت كثر فيه الحديث عن الإسلام والعمل به، بينما واقع المسلمين يورطهم ويلطخ من سمعتهم ويقيم عليهم وزرهم ببعدهم الشديد عنه. «فابن باجة» أراد أن يضع مبادئ معيارية لمحاسبة الذات العابثة.( )
إن فلسفة الاعتراب ناشئة عن عوامل متعددة تتضافرت جميعها على الإنسان حتى أوصلته إلى العزلة التامة، والاغتراب سواء كان مكانيًا أو زمانيًا ، أو نفسيًا ، أو شخصيًا أوجماعيًا ، فإنه بذلك يؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها، فبدلًا من أن يكون الإنسان نافعًا عاملاً في مجتمعه، يصبح جراء هذا الفعل معطل منعزل منطوي على ذاته، يصارع الحياة وتصارعه، يتحرك في دائرة قطرية لا يمكن الخروج عنها .



#ياسر_جابر_الجمَّال (هاشتاغ)       Yasser_Gaber_Elgammal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنجز المعرفي للكاتب الكبير السيد حافظ (مجمل أعمل الكاتب ال ...
- عتبات نصية معاصرة (الشعر السكندري في النصف الثاني من القرن ا ...
- السيد حافظ بين سرد السيرة ومذكرات السرد دراسة في الموقف والد ...
- النص بين مبدعه وناقده
- نجيب محفوظ وأحلام فترة النقاهة بين المؤثرات النفسية والاتجاه ...
- الإبداع والتلقي


المزيد.....




- ردًا على ترامب.. المكسيك في طريقها لفرض رسوم جمركية انتقامية ...
- رئيسة المكسيك تحذر من عواقب وخيمة للرسوم الجمركية التي فرضته ...
- شولتس يستبعد أي تعاون مع اليمينيين المتطرفين
- تديره شركة إماراتية.. حقل غاز شمالي العراق يتعرض لهجوم دون إ ...
- كندا والمكسيك.. ردة فعل انتقامية
- عودة 300 -مرتزق روماني- من الكونغو بعد مشاركتهم في دعم الجيش ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تفجير مبان ومقتل عشرات المسلحين في الض ...
- الخارجية الأمريكية: روبيو أبلغ الرئيس البنمي بأن ترامب لا ين ...
- سيدة تلتقي بأطفالها لأول مرة منذ 6 أشهر بعد تحرير قريتها في ...
- مينسك لا ترى أي مؤشرات لنشوب عدوان عليها


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ياسر جابر الجمَّال - الاغتراب المعرفي عند ابن باجه في ضوء كتابه تدبير المتوحد