أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماهين شيخاني - عزلة ثلاثة عشر عاماً...















المزيد.....

عزلة ثلاثة عشر عاماً...


ماهين شيخاني
( كاتب و مهتم بالشأن السياسي )


الحوار المتمدن-العدد: 7483 - 2023 / 1 / 5 - 02:02
المحور: الادب والفن
    


بعد التداول والنقاش الجاد حول تلبية دعوة أحد المعارف لحفلة زفاف "ولدهم" قرروا الذهاب بعد دراسة مستفيضة و من كل النواحي والجوانب المتعلقة بوضعهم المالي و على انها فرصة تاريخية لتهدئة اعصابهم المتوترة وقلقهم الدائم من تهديدات جارهم " باكور " ، ولأجل فك عزلة ثلاثة عشر عاماً عن أنفسهم ، التي كانت أصعب من عزلة مئة عام للكاتب والناشط السياسي الكولومبي : غابرييل غارسيا ماركيز .
سحب الموبايل من سترته و تواصل بجميع أرقام سائقي السيارات لمعرفة الأسعار ، كان جمهم يتحجج بأنه لم ينم الليل ، بل كان ينتظر دوره للحصول على عشر لترات من المازوت ولهذا أصبحت الأجرة غالية ولا تتوافق مما كانا يصبوان إليه ، قال في سره :
يعني سهره ودخانه وصندويشته على حساب المأجور المسكين .
- ألتفت زوجته غاضبة قالت : تستاهل أكثر من ذلك ، خلي الكتب والنزاهة تنفعك ، الشبان الصغار يملكون السيارات الفارهة ، وأنت عاملي نفسك شريف مكة ، يا أخي خليك ماشي مع الجو ، بلاها المكابرة والتعنت ، خليك نزيه ، شريف ، امين ، لاقيلك وظيفة مافيها سرقة ، لا تكون أنت المسؤول ، غمض عينيك ، بس تلحلح شوي ، والله محتارة عاللبس ، هذا الفستان من أيام اشتعال الحرب بدرعا ، مازال دموعي الذي ذرفته على الطفل " حمزة الخطيب " عليه .
- يا ست الحسن والجمال ، يا أميرة فؤادي ، كلها ساعتين زمان وتنقضي ، استهدي بالله ، بعدين الناس كل واحد لديه همه الخاص ، لا أحد اصلاً سينظر إلى ثوبك .

وفي الصالة ، حيث الدهشة قبل وصول العروسان بلحظات ، البساط الملوكي الممدود و الأضواء المبهرة ، مغنيان وفرقتهما ، بكامل اناقتهم وشياكتهم و رائحة عطورهم تزكم الأنوف على مساحة حلقة الدبكة ، الفنان الكوردي على هيئة "جون ترافولطا " و المغني العربي صاحب أغنية : "أگبل عليَّ الغالي " على هيئة "مايكل جاكسون " وضابط الإيقاع بالليل وضابط بالاسايش بالنهار والمصورون وكاميراتهم وصفان كجداران من الآوادم لاستقبال العرسان ، الشباب ذوات البناطيل " الخصر واطي " حيث يتبين ربع مؤخرتهم المقززة والشابات الشبه عاريات تبرزن معظم صدورهن على طرفي الأعمدة والستائر الشفافة الراقية والعروس مستأجرة آخر موديل ، خلفها بأمتار فتاتان تمسكان بطرفي الطرحة التي تكاد تصل إلى خمسة أمتار وربما أكثر وكأنها زنوبيا بتاجها المستعار ، و كبير المصورين مستورد ومن خارج المدينة - على طلب العروسة - يعطي تعليماته بكيفية تحرك العروسان ويدور حولهما بحركات متمايله وكأن شجرة تهزها النسيم ، يقرفص حيناً ويتمايل حيناً آخر على أنغام موسيقى أجنبية ، وبمناسبة الموسيقى كانت البداية تلك الموسيقى التي تعزف أثناء استقبال الإمبراطور أو الملوك وهي موسيقى اشتهرت بها الأفلام الأمريكية ، لم تسعفني إسم تلك الموسيقى ، وبعدها موسيقى صاخبة ، والألعاب النارية و الإضاءة الكهربائية ، عالم خارج مساحة آلامنا واوجاعنا وجوعنا ، وتطاير الأوراق النقدية على رؤوس العرسان ، والأطفال وبعض الكبار يلتقطون الفئات النقدية ، الأزرق والأخضر يفرشان الصالة وبين أرجل المستقبلين ، وأثناء الدبكة ينحني عازف الطبل أمام الشبان و يدس تحت شريط ملتف حول الطبل برزم النقود ، والأكثر دهشة ذاك الشخص الذي يُضَيِّف القهوة ، كلما يقترب منه ، تمسه صعقة كهربائية ، يتصبب العرق ثم يدير وجهه نحو الخلف بحجة ما ، الكل يضع في يد أو جيب " القهوجي " إلا هو ، يا ترى كم استفاد هذا النادل الليلة ، قالها في سره :
أعتقد بحسبة صغيرة ولمدة ساعتين جمع أكثر من ملونين ، فما بالنا لو حسبنا جميع المصاريف بما فيه أجار السيارات أو صرف النفط ، نظر إلى أبنه الذي في حضنه ، و أنتبه بأن صغيره ينظر إلى المال الذي فرش الصالة والأطفال يلمونها ، احتقر ذاته ، ليس بمقدروه ان يضع في يده ورقة نقدية واحدة ، وامامه المئات ، نظر إلى المغني الذي كان أكسل طالب لديه ، تنهد و تذكر أستاذه في اللغة الإنكليزية حيث كان هاوٍ يعزف آلة الطنبورة وتربطهم علاقة مصاهرة ، كان يقول له : تعال إلينا لأعلمك العزف على آلة الطنبورة ، لكنه كان شاباً خجولاً رغم حبه لأي آلة عزف ، كان يخجل لزيارة منزلهم .

يا الله ...ما هذا الانبهار ..؟!!!.وهذا الصرف دون حساب ...؟!!!.، من أين يجيئون بهذه المبالغ الطائلة ، لِمَ هذا البذخ ، لو جُمعَ هذا المبلغ الذي نثر على الأرض ، لاستنفع بها عشرات العوائل لمدة شهر ..
زاره فجأةً ابتسامة قاحلة ، حين تذكر حفلة أخرى كانت في فترة الصيف ، مشابهة لهذه الحفلة الباذخة ، حينها استأجر العريس أفخم سيارة ومرافقين ونظارة سود على عيونهم كأفلام هوليوود ، وبعد مضي أقل من سنة باع سيارته الخاصة ورهن بيته وفي ليلة ظلماء ، دهماء ، عرجاء ،خرج هو وعروسه مع المهربين ، وترك خلفهما ملايين الديون ، ولا أحد يدري مكانهما ، سوى بعض الشائعات التي تقال بأنهما افترقا .
ما هذا العالم العجيب والغريب ، مجرد ليلة ، ثم شقاء و عذاب وربما طلاق بالآخر ، شبابنا اليوم لا يفكرون بالمستقبل هم شباب اللحظة ، يَفتخرون بِه أمام رفاقهم و معارفهم سويعات فقط ، ما يهمهم أن يَكون حَفل الزِفاف مُبهراً وأن يَرّقُصا بِبراعة ووقاحة خارجة عن عاداتنا واعرافنا. وأن يبدو فارساً حاملاً سيفه لقطع التورتة وتَبدو هي جورجينا رزق أو أميرة أحلام كما في الأفلام والمسلسلات .
لا أحد يفُكر في الخطوات المستقبلية ولا المسؤوليات القادمة على عاتقهما .
أناس كثيرون اصطدموا بالحياة القاسية ، انهارت أحلامهم عندما راحت الزوجة تَقيء بسبب الحمل ، فالوليد مصروفه فقط أضعاف ما ينفق على البيت ، تكاليف باهظ الثمن لايستطيع الحصول على أقل ما يمكن تأمينه ، فطالما قريبتها لا ترضع رضيعها ، على الرجل تأمين الحليب لطفليهما مهما بلغ الثمن ، وكذلك اللوازم واحتياجات الأخرى ، كما سمعت زوجات تَحطمت حياتهن لأن الزوج يحاسبهن على قيمة مئة ليرة التي لا تساوي شيئاً في هذا الوقت ، ويحاسبن على الطعام وتسخينه وحتى على إشعال نار التدفئة أو الكهرباء ، للأسف تتزايد المسؤوليات والمشاكل. ويكتشف الشابان ( الزوجان ) أن الأمر لا يتعلق بنزهة أو مناسبة أو دعوة غذاء إلى مطعم فاخر ، أو سهرة راقية في إحدى الفنادق فقط، بل وراءه جبل من المسؤوليات المُرهقة ، ولهذا يَتم الطلاق في زِيجات اليوم أسرع من اي وقت مضى .



#ماهين_شيخاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زائر الليل
- الفاسد ؟؟؟
- المعطف...
- بمناسبة يوم اللغة العربية
- من الذاكرة المنسية
- -بائعة الخبز -
- الادارة والمجلس و« المغارة » ...الأخوين قاسم و علي بابا .
- مقال
- - كورد سوريا والعام الجديد -
- - وماذا بعد سجن الصناعة في الحسكة -
- قصة قصيرة - الارستقراطي .
- الخرائط الجديدة والترقّب
- الاخطبوط التركي أمام صمت الأمم
- مذكرات ..خوشو ..مبدعاً..؟.
- قصة قصيرة - المشهد..؟.
- قصة قصيرة خبر مثير...لاجتماع الحمير ..؟.
- - تركيا ...والرقص مع الفيلة -
- الجسر _ قصة قصيرة
- - تركيا و التهديد بين حين وآخر بورقة المياه ..-
- ثورة أيلول والآمال على 14تموز


المزيد.....




- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماهين شيخاني - عزلة ثلاثة عشر عاماً...