مؤمن سمير
شاعر وكاتب مصري
(Moemen Samir)
الحوار المتمدن-العدد: 7482 - 2023 / 1 / 4 - 22:01
المحور:
الادب والفن
بجوار ظلالنا، كانت تتمشى شحاذةٌ عجوزْ، يسحبها عُكَّازها الذي هو في المساء حبيبها وفي الصباح عيونها المتقدة.. صحوتُ اليوم مستثاراً بعد أن حلمتُ أني أطيرُ معها من النافذة.. انتظرتها و قلت لها إني حزين يا أمنا و خائفٌ من أطفالي و بلاط الغرفة و نظارتي.. أخبرتها كيف سافرتُ فجأةً ونسيتُ جسدي جوار النافذة التي في حافلة العودةِ و كيف تغيم عيوني كلما فكرت في شهقة أبي رغم أن الذي قتله ربه بينما كنا غائبين.. قلت كثيراً وحكيت وغنيت والشحاذة تسمعُ و تضحك و تبكي و تحلق.. قالت أنت جميلٌ لأنك كاذبٌ مثل هذه الدنيا.. أنت قريبٌ أيضاً، لأنك شبحٌ ولأنك في هذه الليلةِ الباردةِ هواءٌ دافئٌ.. هل تعلم أن يدي اليمنى تأخذ نقودكم وتطبخها في قِدري الضخم فتتمشى في عظامي روائحكم وأسراركم.. و أنَّ فمي لا يأكل ولا يشرب منذ سنوات، وعيوني لا ترى سواكم ولا تتنفس أنفي إلا من رئاتكم الغامقة.. حتى مرت الأزمان كلها على دخولي تحت جلودكم ورقودي و ملَّتنا اللعبة في النهاية.. إذن لا بد و أن تفكروا من الآن، في اليوم الذي سأختفي فيه من هذا الشارع وأظهر في شارع بعيد.. ساعتها ستحسون بوطأة الصقيع وتفهمون سر أحضان زوجاتكم المليئة بالديدان.. ستعدو من أمام أعينكم كل الأذرع التي ارتعشت في الصور والرؤوس التي اقتربت من البحر لتلهو فالتقطها السِرُّ.. حتى الغول الذي كان حبلاً رفيعاً وهو صغير، سيهربُ وهو يملأ بظهره الضخم جدران الحكاية.. كلما تذكرونني أختفي.. و يوم تنسونَ.. تضيئون..
#مؤمن_سمير (هاشتاغ)
Moemen_Samir#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟