|
مسرحية الشاطر حسن بقلم : د. نادر القنة - دراسات في مسرح السيد حافظ (180)
السيد حافظ
كاتب مسرحي وروائي وصحفي
(Elsayed Hafez)
الحوار المتمدن-العدد: 7481 - 2023 / 1 / 3 - 00:07
المحور:
الادب والفن
مسرحية الشاطر حسن بقلم :د. نادر القنة - قراءة حديثة للحكاية الشعبية. - يكون الانسان فيها موقفا.. لا عنصرا. - السيد حافظ: لا نطرح تجربة جديدة بل اسلوبا جديدا فى مسرح الطفل. القبس (العدد4419) السب 1/9/1984
فى أقل من عام واحد أصبح (لسندريلا) شقيق آخر لا يقل عنها شأنا. هو"الشاطر حسن " وذلك فى عالم السيدم حافظ.. فنحن مازلنا نذكر جيدا تلك النغمة الشاعرية التى رددتها سندريلا منددة بالمجتمع الطبقى، عاصفة بكل الاخلاقيات الطبقية، مطالبة بتفتيت المجتمع المركب من توليفات غير متجانسة.. بل وراحت سندريلا الصغيرة تصيغ بمفردها بعيدا عن الفئة التى تنتمى اليها، وكل ما استطاعت الحصولعليه هو مساحة من التعبير،اذ كانت ترى ضررة انصهار كافة الطبقات فى طبقة أحادية القاعدة ثنائية القوام.
ونحن نتذكر ذلك بمشاهدة مسرحية(الشاطر حسن) وندعم ذلك بقراءة النص ذاته، ونقول : ماذا عساه يقول الشاطر حسن.. بإعتقادى أن السيد حافظ بكتابته لمسرحية الشاطر حسن لا يفعل أكثر من أنه يعيد فى كل منا طفولته.. بل ويذهب إلى أبعد من ذلك أنه يريد صناعة جيل لا يعرف التردد.. جيل يملك قراره كما يملك وجوده. فرغم الشطحات الفلسفية العميقة، ورغم عمق الطرح الشاعرى للمؤلف فى مسرحية الشاطر حسن، فإن المسرحية نسجل موقفها وكلمتها، كرد فعل للواقع المأساوي الذى بتنا نجتره، وبتنا نلقنه لأطفالنا حتى نستنخرج منهم نسخا مكررة عنا، بل أكثر تشوها
التعامل مع التراث:
ويعتقد المؤلف فى أسلوب بنائه للمسرحية على أساس استحضار مزيج من الاشكال التراثية وتزويجها فيما بينها بأسلوب فنى يتسم بالدقة فمنذ بداية المسرحية نجد أنفسنا، أو يضعنا الكاتب أمام إحدى الصور الفلسفية الاغريقية التى قامت عليها مسرحية(أوديب)، وهى صورة الوحش وما يرتبط به من سؤال. والاجابة على سؤال الوحش هو سر المسرحية.. بل الفكر الذى ينبض منذ البداية وحتى النهاية. حيث تتلخص الاجابة بالانسان.. وهنا يختلف السيد حافظ مع الاطار العام للاسطورة وللموروث الذى استحضره ويقف على النقيض من الفلسفة الاغريقية. فإذا كان الانسان فى الشكل التراثي المستدعى انسانا قدريا غيبيا بالدرجة الاولى. فإنه يصبح عند المؤلف وحسب معالجته الحديثة للمزيج التراثي انسانا يتحكم فيه القدر الاقتصادى والسياسى والاجتماعى. وهذا ما يحدث مع الشاطر حسن معندما يتخذ قرار الرحب ولا شئ غير الحرب، حيث يستنبط قراره من الشارع. وتبقى للشراع كلمته القوية، ورأية الصريح.
وفى الجانب الآخر يرتبط السيد حافظ الموروث الاغريقى بالموروث العربى المستمد من حكايات ألف ليلة وليلة، وهى حكاية أبى الحسن المغفل مع هارون الرشيد. حيث يحلم أبو حسن بأن يكون حاكما على البلاد.. وما أن يبزغ الفجر حتى ينصب حاكما.. ويلعب هارون الرشيد لعبته تلك من أجل ادخال البهجة إلى قلبه، ويحلم ابو حسن من الانتقام لذاته.. كما فسر ذلك سعد الله ونوس فى مسرحية (الملك هو الملك).. ولكن الامر هنا يختلف تماما.. فعندما ينصب الشاطر حسن سلطانا مكان السلطان الحقيقي، لا يتغير بل يبقى هو ذاته كما بدأ، وكان بهرجة السلطات لم تؤثر به لتصنع منه انسانا آخر كما حدث عند سعد الله ونوس، وبريخت فى مسرحية(رجل برجل)، وعند حسن يعقوب العلى فى مسرحية(الثالث) وكما حدث ايضا فى الحكاية الشعبية ذاتها التى استقى منها السيد حافظ مادة مسرحيته. لقد اراد المؤلف أن يبرهن هنا على أن الانسان موقف غير قابل للتحويل والتغيير والتحوير طالما تدعمه نظرية أو يستند على مبدأ. وبالتالى فإن الاسطورة الاغريقية تلتقى مع الحكاية الشعبية العربية فى تحديد الانسان.. ولكن المعالجة الجديدة عند السيد حافظ نابعة من أن الانسان(موقف) قبل أن يكون عنصرا، أى أن الفكر يسبق ظاهرة تشكيلة. لذلك لم يتغير الشاطر حسن كما تغير (أبو عزة) عند ونونس(وابوحسن) عند حسن يعقوب العلى(وغالى غاي) عند بريخت فى رجل برجل.
وفى الجانب الثالث، يبقى الشاطر حسن هو القاسم المشترك فى الجمع بين أجزاء الحكايات والاساطير المظفة ليضفى على المسرحية جوا وبعدا من البطولة، وليخفف من حدة تراكم الافكار، التى ترسبت من خلال تكوين الشخصيات وما أفرزته علاقتها فى بعضها البعض من صراع أفقى ورأسى فى شبكة العلاقات الدرامية معقدة التركيب.
مناظرة بين الحاكم والمحكوم:
وبعد أن تنتهي الايام الثلاثية التى خصصت لا يمسك فيها الشاطر حسن مقاليد الحكم وجلس على عرش السلطنة، ونزول السلطان الحقيقى إلى الشارع ويتفاعل معه ليصبح أحمد مكوناته وليس راصدا له يتقابل الطرفان فى موقف مناظرة مختزلة، حيث يلخص كل منهما للثاني أيامه الثلاثة، فالشاطر حسن سمع فى اليوم الاول شكوى المظلومين، وفى اليوم الثانى حقق العدل، وفى اليوم الثالث عقد محاكمة متوازنة مع ذاته لتقييم نفسه على ضوء المرحلة الجديدة التى عاشها، وكانت النتيجة ان ادان نفسه لأنه فكر بأنه السلطان الحقيقى. اما السلطان الحقيقى فقد رأى الناس ودرس مشاكلهم. ورصد احتياجاتهم. وهنا يصبح حتما على السلطان الحقيقى أن يعيد تقييم موقفه على ضوء المتغيرات التى صاحبت و جود الشاطر حسن فى السلطة. وبعد أن أثبت لاهالى البلدة ان الانسان موقف، قبل أن يكون عنصرا، وأن قضية تطويعه لا تنبع الا من خلال مبدأ أو نظية، وأن الكلمة النهائية كما هى فى البداية لا يعلنها الا الشارع والحى والبيت والمدرسة، بأعتبارهم الملاك الحقيقيين لهذه الكلمة. وهنا دلالة واضحة على أن الديمقراطية ليست هى شعارات تلقى لاقامة علاقة متوازنة بين الحاكم والمحكوم – بل هى بالدرجة الاولى أن تعى وجودنا – وأن نعى الدور الذى نحن بصدده.
الرمز والرموز:
وفى حديث خاص مع السيد حافظ سألته أن يجيب بكل صراحة : هل بمقدور الطفل فى الكويت وفى العالم العربى الان قراءة هذا ال كم من الافكار والمضامين المطروحة فى الشطر حسن؟ أم أن المسألة إننا نريد أن نسوق أعمالنا وتقدم كيفما كان الامر؟ وقد أجاب باختصار : وهل يستطيع الطفل العربى فى كل مكان فى هذا العالم أن يهرب من واقعة ن إنه مطارد بأجهزة الأعلام صباح مساء يسمع، يقرأن، يرى، أنه محاط بكل قضاياه الواقعية.. ونحن فى الشاطر حسن لا ندعى أننا نحاول طرح تجربة جديدة فى مسرح الطفل.. بل أننا نطرح اسلوبا جديدا فى معالجة مسرح الطفل أى أننا نقدم مسرحا للطفل، ولقد حاولنا جاهدين تفكيك كافة الابعاد الرمزية، وقام المخرج أحمد عبد الحليم بدراسة وافية للنص قبل الشروع فى تنفيذه ليرى الامكانات المتوفرة فيه.. وحقيقة فإننا رأينا أن جمهور هذه التجربة أن يكون ما بين 6 سنوات إلى 12 سنة.
وهذا ما يفسر لجوء المخرج إلى الاسلوب الاستعراضي فى محاولة منه لتقريب الم عنى والصورة إلى ذهن الطفل. وحتى لا يفهم الجمهور أنه جالس فى قاعات المحاضرات أو فى فصول دراسية، اعتمدنا على طرح الصيغة التربوية التى يتضمنها النص فى قالب كوميدي راق.. وعملنا على أن تكون القيم الانسانية المطروحة بعيد عن المباشرة وبعيدة فى الوقت ذاته عن الاسلوب الرمزى ولكنها قريبة من اسلوب الاستقراء المبسط.. حتى يستطيع الطفل فى النهاية أن يخرج لا ليتذكر ضحكاته أو يتذكر النكات التى تقال بل ليضم صوته إلى صوت اطفال الخشبة ومع الشاطر حسن ويعلن قراره النهائى: نعم للحرب، ولا للسلم طالما أن الحرب هى الوسيلة الوحيدة لتخليصنا مع معاناتنا ومآسينا.
#السيد_حافظ (هاشتاغ)
Elsayed_Hafez#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشاطر حسن) .. نقد وتحليل : عزت علام .. دراسات في مسرح السيد
...
-
حسن عبد علوان .. بين الاسطورة والأساطير الشعبية والمرأة الحل
...
-
أنادى تلفزيون الكويت بتقديم التمثيلية القطرية- - صفحات من أو
...
-
مسرحية سندريلا استفادت من أخطاء - قفص الدجاج - - بقلم : عبد
...
-
نظرة أخرى على مسرحية الشاطر حسن- بقلم : حمد الرقعي- دراسات ف
...
-
امنيات الفنانين في العيد الوطنى واحلامهم في المستقبل- صفحات
...
-
الكتابة المسرحية للأطفال فى الكويت في حوار مع الكاتب/ السيد
...
-
الكاتب التلفزيونى جليل فرحان .. صفحات من أوراقي الصحفية.. حص
...
-
حوار مع أقطاب العرض المسرحي - سندريلا والامير - لفرقة المسرح
...
-
نظرة عابرة على واقعنا المسرحى 78 . صفحات من أوراقي الصحفية (
...
-
حول مسرحية الأطفال سندريلا - بقلم:عبد القادر كراجة - فلسطين
...
-
لقاء مع الأديب القاص محمد روميش- .. المشاكس (73) - صفحات من
...
-
لقاء مع شاعر الشعب البسيط زكي عمر .. المشاكس (72) - صفحات من
...
-
سندريلا فى قالب عربى معاصر - دراسات في مسرح السيد حافظ بقلم
...
-
المخرج دخيل الدخيل يتحدث عن مسرحية - سندريلا - بقلم: صالح ال
...
-
جماليات الحوار في مسرح الطفل عند السيد حافظ بين القيمة المعر
...
-
شهادة من يوسف حمدان حول مسرح الطفل عند السيد حافظ (192)
-
في لقاء مع الكاتب فؤاد حجازي .. - المشاكس (70) - صفحات من أو
...
-
جلسة ثقافية مع المؤلف المخرج تيمور سري - المشاكس (71) - صفحا
...
-
من مذكراتى 1971.. بقلم السيد حافظ..اللمحة الأولى : حول المؤل
...
المزيد.....
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|