|
2023 ... عام جديد يؤكد القسم لأمى بألا أتزوج الا - القلم -
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7480 - 2023 / 1 / 2 - 06:38
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
2023 .... عام جديد يؤكد القسم لأمى بألا أتزوج الا " القلم " -------------------------------------------------------------------
حزم عام 2022 حقائبه ، ارتدى بالطو المطر ، أشعل سيجارته الأخيرة ، أطفأها فى حنايا قلبى ، ودون وداع رحل . لم يودعنى عام 2022 ، الوداع الذى يليق بامرأة لا تعترف بمرورالأعوام ، ولا تطوى أوراق سنوات العمر . عاشت قبل اختراع الزمن ، وتموت على هوامش الوقت . لم يخبرنى كيف أعيش عاما آخر ، فى عالم أضيق من مساحة جسدى ، أخلاقه تفسد مذاق قهوتى . قوانينه تخدش حيائى ، رجاله لا يصلحون لعدل مزاجى ، ونساؤه كافرات بحكمتى . عام آخر مع عالم ، يرسل البعثات الى الخارج لتعليم للنساء قبل أن يولدن ، كيف يصبحن ملكات جمال ، وربات بيوت ، ودمى اعلانات . مات عام من العمر ، وأنا على قيد حياة ، أجبرتنى على أن أحمل اسم الأب ، واسم الزوج . جرمتنى وكفرتنى ، وفى النيابة العامة فتحت تحقيقا وحاكمتنى ، عندما أعلنت أننى أريد أن أحمل اسم أمى . لم يقل لى ماذا أفعل ، مع حضارة عالمية تنفق المبالغ الخيالية ، لتخترع الحديث والأكثر فعالية ، لكسر أجنحتى ، ولتجعلنى أشك أن اللبن الذى رضعته من ثدى أمى ، كان منتهى الصلاحية . ذهب عام 2022 ، دون وديعة فى البنك ، تعوضنى عن ارتفاع أسعار الفرح والحنان ، تنسينى أن الجيوب والبطون المنتفخة هى التى تصنع مكانة الانسان ، وأن تمردى وأثاث ذكرياتى وتفردى فى المزاد ، يباع بأرخص الأثمان . سافر عام 2022 ، هكذا بكل بساطة ، كما سافر أحبائى الى التراب ، ولم يترك لى نصيحة أو مشورة ، أتكئ عليها ، بينما أواصل السير فوق الأرض . وهل كنت أنتظر مشورة ، أو أتوقع نصيحة ؟؟. هو يدرك جيدا ، أننى لم أستشر أحدا ، حينما قررت رسم ملامحى ، ونحت اسمى واختيار عنوان اقامتى الدائم . يعلم أننى امرأة حمقاء ، لا تستمع الى المواعظ والنصائح ، ديكتاتورية الهوى لا تؤمن بالتشاور وحرية التعبير عن اختلاف الآراء . وها أنا ، أقف وحدى مع بدايات عام جديد ، أمتطى الحصان الأدهم الرشيق ، لا يؤمن بالمستحيل ، اختارنى رفيقته فارسة الصهيل . أعدنى للقفز فوق الحواجز ، لا يبالى بالاعتراف والمديح ، لا يعنيه الفوز بالجوائز ............ " القلم ". ماتت أمى " نوال " ، ولم تورثنى شيئا ، الا " القلم " الأسود ، والشعر الأبيض . تقول لى : " ربما تريدين يوما أن تغيرى لون شعرك الأبيض ... ولكن اياك ..... اياك يوما أن تغيرى لون القلم ". أدركت أنها منحتنى كل الأشياء فى الوجود . أليس الأسود والأبيض ، هما أصل كل الألوان ؟؟. سمعت كلام أمى ، وصنعت منه عنقودا من الياسمين الذى تحبه ، ووضعته حول عنقى ، لأتذكر أنه " دين " ، يجب أن أسدده قبل أن ألقاها . فى بدايات عام جديد ، أهدى كلماتى لمنْ وهبتنى معنى حياتى ، علمتنى الاستغناء عن ملذات ، تذل وتكسر عظام الناس . هى صومعة اعتكافى ، وشرنقة الأمان ، تشبع جوعى ، تروى ظمأى ، تقوينى ، تؤنسنى ، تعزينى حينما لا يفيد العزاء ، تعوضنى عن سرقة البيت ، والوطن ، والسطو المسلح على عمرى القصير . كلما التقيتها ، تزفنى على رجل يعيش على جزيرة ، وسيم الفكر والملامح والخلق والطباع ، لا يفض غشاء بكارتى . لمساته على جسدى ، نبوءات حضارية تلقاها مع مد البحر . تنفره فكرة أن يعول امرأة ، ديانته عدالة توزيع الخبز والفن والفرح ، يجيد الرقص والغِناء وصنع الفطائر . " الكتابة " بيتى المحصن ضد الاحتلال والمصادرة . توقيعى على جدران الكون ، لا أحد يستطيع تزويره أو تقليده . لا أفصل ملابس لأطفال ، يحملون اسم الأب ، ويلقون باسم الأم فى سلة السخرية والعار. والهدية فى عيدها ، لا تنسيها أن عمرها قد ضاع بين روائح غرف النوم والمطبخ والحفاضات . أنا أفصل «كلمات» ألبسها ، فيتعرى الكذب ، وينفضح الظلم . لا أشك أننى كتبت أول قصائدى ، وأنا فى رحم أمى . ولا تزال القصيدة الأولى هناك ، تتسائل وهى ضائعة ، تائهة أين اختفت أمى ؟. حينما كنت أرفض الطعام فى طفولتى ، وأبكى ، تسرع أمى وتحضر لى ما يسكتنى ويجفف دموعى ... القلم والأوراق ، وليس عروسة لأبتلع أمومة مقدسة ، لا أحبها ولا أقدسها. أو لعبة تمهدنى لأصبح على ذمة ذكر ، يخبرنى أن " طاعته واجب شرعى " . رائع كل ما قاله الفيلسوف نيتشه ، وأروعه : " لا أعترف الا بالكتابات التى خطها الانسان بدمه "، وكأنه يجلس فوق أصابعى ، شاهدا على نزيف ، الكاتبة الأعلى . تشعرنى " الكتابة " أننى " الهة " ، أصنع بمشيئتى المعجزات ، أو " نبية " مسيرة بالوحى والالهام ، وتفعل الخارق من الأشياء . ورغم وجاهة الفكرة ، لا أطمع فى أتباع ، يؤدون طقوس الايمان ، ويقدمون قرابين الولاء . " الكتابة " ، تنهينى وتبدأنى . هى موتى وقيامتى . عودنى " القلم " ، أن يترك كل النساء ، فى ليلة رأس السنة ، يأتينى بالورود ، والنبيذ والقصائد ... يمنحنى قُبلة الزمن الجديد ، ويسمعنى أغنيات أحب صحبتها فى هذه الليلة ... " هذه هى حياتى " ، و " أنا ما أنا " لشيرلى باسى ، وأغنية " اذا لم أغنى أغنية أخرى " لمات مونرو . أما فريد حبيب العمر ، يتناثر صوته وألحانه كالبخور المعتق فى " أول همسة " ، و " عِش أنت انى مت بعدك ". مع بدايات عام جديد ، أحتضن مؤلفاتى الحاملة اسمى ، وأجدد القسم لأمى " نوال " ، بألا أتزوج الا " القلم " راحتى وعنائى ، حتى الثمالة اليقظة يسكرنى ارتشافه ...... وألا أرضى بسواه ، ليغزل كفنى ، ويستقبل عزائى .
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عبادة الميكرفون صناعة الكفار
-
مُطاردة ... أربع قصائد
-
المقاومة الايرانية الشعبية تستحق كأس العالم فى الشجاعة والحر
...
-
نعى كاتبة ... قصة قصيرة
-
- خصخصة - الايمان
-
الفكر - الكهنوتى - وذكرى ال 74 للميثاق العالمى لحقوق الانسان
-
لست متفرغة للعشق .. لِم طاوعت شفتيك قصتان قصيرتان
-
حملة اعلامية قومية لفض الاشتباك بين فض غشاء البكارة ومعنى ال
...
-
الدولة المدنية وصلابة البنية الداخلية
-
كما لم أستسلم لأى رجل ...... قصة قصيرة
-
أسلمة المونديال ... لمصلحة منْ ؟؟
-
الوداع على ورقة بردى .. قصة قصيرة
-
النساء .. لماذا يتجملن ويرتدين الأزياء الفاخرة والمجوهرات وا
...
-
تجدد الحياة سيفرغ كأس - الكوكتيل - المسمومة
-
النبوءة ... قصة قصيرة
-
سيدة مشاعرى ... قصة قصيرة
-
رسالة من امرأة وحيدة .. قصة قصيرة
-
زَفة .... قصة قصيرة
-
جدول الأسبوع .. قصة قصيرة
-
4 نوفمبر عيد الحب الخادع المخدوع
المزيد.....
-
-حرب- التعريفات الجمركية بين الصين وأمريكا.. كيف ستستجيب بكي
...
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس وزراء يلتق
...
-
إجلاء أطفال فلسطينيين جرحى إلى مصر مع إعادة فتح معبر رفح
-
تعيين اللواء إيال زمير رئيسا جديدا لأركان الجيش الإسرائيلي
-
كاميرا تلتقط لحظة انفجار طائرة في فيلادلفيا في كارثة جوية جد
...
-
بوتين يهنئ البطريرك كيريل بذكرى تنصيبه الكنسي
-
قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مركبتين في مدينة جنين (فيد
...
-
الحرس الثوري الإيراني يكشف عن صاروخ كروز البحري بمدى يتجاوز
...
-
طالبة صينية أول ضحية لقانون ترامب بترحيل الطلاب المؤيدين لفل
...
-
ترامب يأمر بتوجيه -ضربة دقيقة- لاستهداف أحد زعماء -داعش-
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|