|
في الاقتصاد النفطي العراقي وتدهور العملة العراقية
محمد رياض اسماعيل
باحث
(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)
الحوار المتمدن-العدد: 7479 - 2023 / 1 / 1 - 20:01
المحور:
كتابات ساخرة
يعد اعتماد العراق على النفط الخام من أبرز الخصائص التي تميز اقتصاده. فالعائدات النفطية هي المصدر الرئيس لتمويل النفقات بنوعيها الجارية والاستثمارية، كما تستخدم الواردات لشراء السلع والخدمات ونفقات الدفاع والتزامات الشركات العالمية المستثمرة في قطاع النفط وبعض القطاعات الأخرى المحلية والخارجية. ان الاعتماد في الاقتصاد على ثروة ناضبة يعد عامل ضعف اساسي في هيكلية الاقتصاد، لان احتياجات المجتمعات الاستهلاكية والاستثمارية لا تنتهي بل تزداد مع زيادة السكان، وان السياسة الاقتصادية تتمحور في الأساس على ندرة الموارد كالذهب والمعادن الثمينة والنفط، وغيرها مما تفرزها الحاجة في الازمات. والضعف الثاني في هذه الثروة الناضبة، هو سياسة السوق العالمية، وسيطرة الدول الصناعية على توجيهها لصالحها من خلال تحكمها في أسعار البيع، الذي يفترض ان تتوازن بمثلث (السوق، الاستهلاك، الإنتاج). فالعامل الأول، حاجة السوق تتأثر بالبدائل واشهار الاحتياطي وبديل الوقود من الحفر الصخري لإسعاف حاجة السوق، وجميعها تهدف الى ضبط السعر. اما العامل الثاني فهو الإنتاج من البلاد المصدرة للنفط، وبالإمكان السيطرة عليه بإشعال الوضع السياسي لمعظم الدول المنتجة، مما تجعلها بحاجة الى ديمومة زيادة الإنتاج لرفد موازنتها العامة، فتغرق السوق بإنتاجها وتؤثر سلباً على الاسعار. والعامل الثالث هو حاجة المستهلك المتأثر بالبدائل التقنية المتطورة، وتستخدم الدعاية للبدائل كوسيلة ضغط ايضاً. هناك عوامل دوليه خارجيه تتحكم في تسويق وتسعير النفط، وتسير بها نحو الاستغلال الكامل لصالح اقتصاديات الدول المستوردة. حيث ارتفعت الايرادات النفطية للدول العربية من 4.6 مليار دولار سنه 1970 الى 216 مليار دولار 1980 ثم الى 80 مليار عام 1990 وصلت عام 2010 الى قرابة ترليون دولار. وهي تشكل خطورة على التنمية والاستقرار. ان التقلب في النفط تجعل الدول ان تزيد نفقاتها الدفاعية وتتوسع في التزاماتها الخارجية كالدفاع والامن، وكذلك الاستهلاك المحلي. عندما اراد الرئيس الجزائري بو ميدين حث الناس على العمل والانتاج القومي الوطني، اجابه أحد المسنين في البرلمان لا يوجد في الجزائر من يخدم الا زوز أي زوج، انت وحاسي مسعود، وسي مسعود هو أكبر حقل نفطي في الجزائر. اليوم في العراق لا يوجد من يخدم العراق الا الحقول النفطية التي تتقاسمها مع الشركات العالمية!! ان تقنية الاستخراج ما تزال بيد الغرب وعلى الرغم من توسع المصانع البتروكيماوية والتصفية قبل عقدين، الا انها دمرت باستهداف وحشي، ونحن اليوم نعتمد على الشراء من الخارج لتلبية الحاجة المحلية. اننا نفتقد للمعايير العلمية الأساسية لقياس الاحتمالات المستقبلية ( التنبؤ) ومن هنا يأتي كلامنا الهش غير الموثق عن المستقبل. الأنظمة السابقة كانت دكتاتورية لا ترى الا نفسها، والأنظمة اللاحقة مصنعة بامتياز وتسلطية والجميع ينتظر سقوطها كما كانت في السابق تنتظر سقوط الدكتاتورية. لا تغطي احتياطي البنك المركزي العراقي عشر الديون المترتبة على العراق، ديون العراق جراء نيلها الديموقراطية والحرية! بلغت فوائد ديون العراق فقط عام 2019 على سبيل المثال، 15 مليار دولار. كان العراق خلال الحقبة الاستعمارية الأولى التي انتهت عام 2003 مديونا ما يقارب 120 مليار دولار، وكان الدين مقتربة من مستوى الخط الأحمر لبلوغها 55% من الناتج المحلي الإجمالي. تشعبت أبواب الديون بعد العام 2003، ديون خارجية ترتبت من الصناعة النفطية المفبركة، وديون الانفاق العسكري المفبرك، ديون الاعمار المفبرك لما خربتها الالة الحربية التي استهدفت جميع المنشئات الحكومية وبنيتها التحتية قبل وبعد الاحتلال، ديون صندوق النقد الدولي، فوائد الديون المستحقة جراء ما تم ذكرها، الديون السابقة وفوائدها، القروض الداخلية والخارجية وغيرها.. قدرت مكتب الميزانية في الكونجرس (CBO) تكاليف الحرب على العراق عام 2003 ب 2,4 تريليون دولار! كم عراقا كان يبنى بهكذا رقم فلكي؟ وهل ان الولايات المتحدة صرفت هذه المبالغ دون مقابل؟ ام انها صرفتها حبا وعشقا في العراق! إن إنفاق هذا الكم من المال في أي بلد كان يفترض أن ينتشل معظم الناس من براثن الفقر وتجعلها جنائن معلقة. في الأيام القليلة الماضية، أعلنت الخزانة الامريكية تمويل نصف واردات البترول العراقي (بموجب صلاحيات اتفاق "استحقاقات تحرير العراق" لصالح امريكا!) الى البنك المركزي العراقي، مما يخلق فجوة واسعة بين العرض والطلب في مزاد عملات البنك المركزي المجير للمصارف التي تديرها المكاتب الاقتصادية للأحزاب المتنفذة في العراق، والتي في النهاية تزيد سعر صرف الدولار امام العملة المحلية. والاستمرار في التشدد سيجعل راتب الموظف في الدرجة الأولى ان لا تتعدى 300 دولار! والأجور الدنيا الى بعض الدولارات شهريا. وامام اقتصاد هش معتمد على الاستيراد بالكامل، يبدأ الكساد الاقتصادي (الانكماش في النشاط الاقتصادي) ويعقبه هبوط في النمو الاقتصادي بسبب تقليل وربما تجميد موارد النفط مستقبلا. ودوافع هذا التخفيض تأتي على خلفية فساد الحيتان المتنفذة في ادارة السياسة العراقية التي تهدف الى معالجة تدهور الاقتصاد الإيراني على حساب الشعب العراقي المجروح والمعدوم.. يحق في هذا المشهد ان يقال عن العراق المثل الشعبي" لا حظيت برجيلها ولا خذت السيد علي"! والعراقي يقدم نفسه في المشهد كفتاة يانعة، تقدمت اليها خطاب أمريكي وايراني، وهي تتأرجح في الاختيار بينهما، أحدهم ذات ميول استغلالية والأخر ذات ميول استعبادية، ثم يدرك العراقي أخيرا وبعد ان تزوجت من الاثنان بانه فحل، تم استغلاله واستعباده!! بذلك دخلت الى موسوعة جينز في الجمع بين زوجين، وكرقم قياسي في المثلية الذي يجمع بين ذكرين..
#محمد_رياض_اسماعيل (هاشتاغ)
Mohammed_Reyadh_Ismail_Sabir#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وضوح الرؤى والتقويم
-
متى ستعود!
-
أمريكا على عتبة قرار الحرب العالمية الثالثة
-
مواقف من الذاكرة الشخصية
-
تطور الاقتصاد السياسي في ظل تطور وعي الشعوب
-
هلوسة متمرد..
-
شكرا لك رحيق العمر والفؤاد
-
امان مدفونة لرؤى شخصية/ التغيير ضرورة لمسايرة العصر..
-
أفكار من رؤى شخصية/ مسيرة الانسان عبر الزمن..
-
فهم النفس مظلة لتربية الاجيال
-
امانٍ مدفونة لرؤى شخصية/ 3 و 4
-
امانٍ مدفونة لرؤى شخصية/2
-
امانٍ مدفونة لرؤى شخصية
-
الوعي المتكامل نهاية للعالم والوجود البشري!
-
هذيان رياضي
-
التعليم والقيم الاجتماعية بين الامس واليوم
-
الحياة والموت في إطار الزمن
-
رؤية متمردة
-
القيم الاجتماعية التي تتحكم في حياة البشر
-
انتحار الزمن المُعتَقلْ
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|