|
*-الكوغار- Cougar و الكَباب!
لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)
الحوار المتمدن-العدد: 7478 - 2022 / 12 / 31 - 02:38
المحور:
الادب والفن
* سردية واقعية من الحياة: كتبها : لخضر خلفاوي … بعد نزولي من القطار مقهور النفسية و محبط ، استمرّ هو نحو محطاته المقبلة و نزل من نزل و ركب من ركب .. بعدما تذكّرت أنّي جوعان جدّا ، كوني لم أتناول شيئا مُذ الصبح و الليل يكاد ينطبق و يلبس النهار بعد الخامسة مساءًا، توجهت إلى أقرب مطعم تركي للكباب ( الشوارمة) بالقرب من محطة القطارات ، كنتُ أشعرُ بانهيار كل قواي أحاول شدّ تعبي و أرقي من ذيلهما .. دخلت مطعما أتردد عليه من زمن و طلبت ما راق لي و انزويتُ في ركن حيث طاولة تبعد عن ضجيج الزبائن و أصوات الطلبيات و الأحاديث المتضاربة فيما بينها كأنك في البورصة بلغطها و صراخها ! بينما أنا انتظر "كبابي " لاحظت دخول زبونة فرنسية حيث تقدمت من عمال المطعم التركي و هي كلها لباقة و تغنج و واضح عليها أريحتها في التعامل مع عمّال المحلّ … شيء ما يقول لي أنّي أعرف هذه المرأة .. لكن أين و كيف و متى لا أدري !؟. -ما مرّيتُ به من يومي و ما أصاب مخي و ذهني من أمراض تنكّسية صعّب علي التذكّر و كيف لهذا الشكل من النساء ليس غريبا على ذاكرتي !… و أنا انتظر جاهزية أُكلتي ، كانت تلك المرأة بهندام عصري و متزامن مع المرحلة و الموضا لا تتوقف عن التذلّل و التغنّج و التودّد المُشفّر في بعضه و الواضح في بعضه الآخر !… كانت ترمق ثلاثة العاملين واحدا واحدا ، كبيرهم المختص في تقطيع لحمة الشوارمة من محورها المثبت المعدني تسعره نار الطهو و أوسطهم كهلا خمسيني الذي يقوم بتجهيز مسلتزمات الأكل قبل أن يُقطّع لحم الشوارمة من جذعه المعدني و صغيرهم ذلك الشاب الوسيم العشريني … لكنها كانت بنظرات مُترصّدة و رامقة شبه متسمرة باتجاه ذلك الشاب اليافع الذي كان منشغلا باستلام و تحصيل المال من الزبائن أو بتحضير الطلبيات في أكياس بلاستيكية للزبائن الذي يفضلون الانصراف المغادرون بأكلهم و لا يودون الجلوس في القاعة . كانت تنظر له كما ينظر المتروك في صحراء قاحلة و أدركه العطش الشديد .. تطارده بالنظرات و الابتسامات كلما ارتطم نظره بنظراتها ؛ لكنه كان منشغلا من جهة و متجاهلا و ربما مغرورا بشبابه و حسن خليقته !!.. لم تتعب في ملاحقته و هي واقفة تنتظر الدور و جاهزية طلبيتها .. بينما بدأتُ أنا في التهام أكلي الذي وضع على طاولتي و أعصر ذاكرتي علّني استدرك سبب شعوري بأنّي أعرف هذه ال " الكوغار " *Cougar … كعادتي و هذا طبعي أنّي بطيء في الأكل كثير الشرود … فجأة حضرني اسمها و تعافت ذاكرتي المخرّبة في تلك اللحظات ! "ايزابيل"! Isabelle , نعم إنها ايزابيل المرأة "الكوغار" التي تشتغل بمصلحة الأحوال الشخصية للمدينة المجاورة لمدينتي حيث إقامتي . و تذكّرت صديقي " انطوني " بُرتغالي الأصل ذات يوم ، ذات عام ، حدث و أن كنّا جالسين معا في ساحة مقهى ساحة السوق نتبادل أطراف الحديث و مرّت إيزابيل بمحاذاة طاولتنا عابرة الشارع و هي تتمايل بمشيتها و بجسمها الرشيق النحيف و تقذف بسرية تامة نظراتها صوب بعض الرجال المارّين أو الجلوس ! لمسني " أنطونيو " على كتفي و راح مازحا معي ، عزيزي : أنظرها ! أنظر " ايزابيل " كم هي شقية و مشاغبة في مشيتها الماكرة ، إن هذه ( الكوغار) أكيد عندها حاجة مستعجلة و لا تستطيع الصبر و عليها أن توقع برجل من العابرين أو الجالسين الموجودين في مجال مرورها و هي تمشي ببطء كما المنقّبة عن شيء ثمين و هي لا تحبس تلطفها و تذلّلها و تغنّجها! -ههههههة و ما شأني بها يا عزيزي ! هل امرأتك هذه هي "إسكورت " escort -girl (مرافقة -مناسبات ) من تلك المرافقات المحترفات اللائي انتشرن هذه الأعوام كما الفطريات في الفضاء ، بحيث يرافقن الرجال لسهرات عمل و مناسبات مختلفة و ينتهين في السرير بمقابل مالي حسب مدة بقائها مع الزبون و التسعيرة متفق عليه مسبقا من خلال المواقع الألكترونية التي توظفهن ؟! ضحك " أنطونيو " من ردة فعلي : لا .. لا يا صديقي ! إنها موظفة في البلدية ، لكنها اختارت نظام خاص لعلاقاتها بالرجال ، لا يستقرّ معها أحد ! هي عازبة هذه ( الكوغار) التي تجاوزت الأربعين و مهووسة بالرجال الأصغر منها سنّا …تمضي أوقات راحتها و عطلها في اصطياد الرجال الشباب و الأقل منها سنا تمضي معهم أوقاتها و تستمتع معهم و بهم و هكذا ! -حقّاً!؟ تساءلتُ . أجاب نعم ، و ما بك تتعجّب من كلامي .. Isabelle هذه لقد التهمت بين فخذيها مئات الكيلومترات من القضبان اليافعة اليانعة و مازالت لم تتعب بعد و تطلب المزيد ! أطلقت ضحكة مدوية دون أن أشعرُ ، و سألته فجأة و مالك تشير عليها لي !؟ و مادخلي أنا بها !؟ -مهلا ! مهلا ! يا صديقي فقط أردت ممازحتك أيها الجاد ! أجاب أنطونيو على تعجباتي من مزاحه الذي استفزه مرور ( إيزابيل )… و استمرينا في حديث آخر … كانت الكاتبة الفرنسية المشهورة " جورج سوند " George Sand 1804/1876 مشهورة بعلاقاتها الجنسية المتعددة و بلهاثها وراء الرجال الشباب لأجل الاستمتاع الجنسي و العاطفي. * و أنا أتناول وجبتي ، و " إيزابيل " لم تيأس من مطاردتها لرجال المطعم العاملين و لم تنقص من تلطّفها و بعدما خسرت رهانها مع الشاب الذي كان يتعمد تجاهلها دخل زميله الكهل في الخط و بدا متلطّفا من حديثه الخافت معها و هي منتصبة تنتظر وجبتها ، كان الرجل الكهل يضحك من عينيه و هما يوشوشان كلماتا لا تصل إلى مسامع الزبائن ؛ إلا أنّ تواصلهما الإيحائي ، الإيمائي لم يدع شكّا أن ذلك الكهل التركي عزم على تلبية نداءات " إيزابيل " الداعية الراغبة للرفقة و الأنس و الاستفادة من لحظات سعيدة لهذه الأمسية الماطرة السُّحبية الباردة !. كان يبدو و جليا أن المفاوضات أتت ب( بأُكلها) قبل أن يجهز "كباب ( الكوغار ).. أو كأن طلبيتها تم تعطيلها عمدا و مكرا ريثم يتم إحكام الموعد و الاتفاق بالتراضي …. انتقل الفرح لذلك العامل الكهل التركي من عينيه ليجوب و يجتاح كل وجه مع إطلاق بعض الضحكات المتكتمة تحسبا لوجود الزبائن .. يبدو أن إيزابيل سوف تأكل كبابها و تكون بدورها فاكهة مأكولة هذه الليلة لهذا التُّركي الكهل الذي رغب فيها .. -أخذ العامل التركي وقتا مستقطعا و أخرج سيجارة ثم همّ بالخروج أمام واجهة المطعم ، و هو يمرّ على إيزابيل في تمام الفرحة و الرضا و يطلق إشارة خاصة من عينيه ، ابتسمت … أشعل سيجارته و شاور عليها فتبعته إلى الخارج و أخرجت سيجارتها هي الأخرى و شرعا يتحدثان عن التفاصيل كعاشقين منسجمين مولعين ! بينما أنهيت أنا بعدها أكلي بلحظات و هممت بالخروج و الإنصراف و أنا لا تفارقني تفاصيل يومي ( الكارب ) متوقفا عند كل محطة و كل تفصيل من تفاصيل "استنكاح الدّنيا لمزاجي" و لنفسيتي كان قلبي يئن و لا يعلم بأنينه إلا الله !. — *) Cougar: هي امراة تتجاوز عادة الثلاثين إلى ما بعد الأربعين متفرغة لربط علاقات جنسية مع رجال أصغر منها سنا. — —انتهت. -باريس الكُبرى جنوبا 27/12/22
#لخضر_خلفاوي (هاشتاغ)
Lakhdar_Khelfaoui#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
*كلّنا متسوّلون!
-
أفكار و رؤى « وجودية وجدانية » …
-
*أصحاب النّار!
-
نصوص قصيرة: خبز أمّي .. فيا داوود صلّ خلفي !
-
*-أنا و طقوسي و - الزواحف الثديية الأَيرية الناطقة -!
-
*انطباعات حول الكتابة: هوس القارئ بالكاتب أو القارئ الذي يقر
...
-
*أفكار : (التّمَنْكِيحْ!)..الثقافة و الفنون ..الوزارة المنكو
...
-
*كحل العين!
-
-قراءة نقدية فنية: *أنتَ فنّان لا يكفي! .. كن مبدعا أو توقّف
...
-
-قطَريّات ساخرة : أُمّة -قَحْبَشَريفَة- بامتياز !
-
أمير- تاج - السرد العربي .. في زمن انتكاسة الأدب !
-
* قراءة بحثية في ملف أفظع و أخطر الأوبئة عبر التاريخ : الإنس
...
-
-كوفيّة الدُّبر العريان -!
-
*العريقُ العَرّاقْ
-
*في التربية و الثقافة الجنسية : -الرعشة الجنسية- و البحث عن
...
-
سرديات أيلولية : أخيلة - سفوح - هوى العرش- المحراب- نظارات م
...
-
أفكار -Pensées -أخشى أن يُخوّن سُكّان الأوراس يوما !
-
**سردية واقعية: -وحيد البنغلاديش - ( récit réaliste) Le soli
...
-
- حول الراهن ( الأدب ، النقد و الجوائز )؛ ماذا تبقى للإبداع
...
-
*في فلسفة قراءة الماضي و الحاضر معا: غُلام الله و -بزّولة ال
...
المزيد.....
-
مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
موسكو ومسقط توقعان بيان إطلاق مهرجان -المواسم الروسية- في سل
...
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. -تعريفة- ترامب وتجارة الكلمات بين ل
...
-
-يا فؤادي لا تسل أين الهوى-...50 عاما على رحيل كوكب الشرق أم
...
-
تلاشي الحبر وانكسار القلم.. اندثار الكتابة اليدوية يهدد قدرا
...
-
مسلسل طائر الرفراف الحلقة92 مترجمة للعربية تردد قناة star tv
...
-
الفنانة دنيا بطمة تنهي محكوميتها في قضية -حمزة مون بيبي- وتغ
...
-
دي?يد لينتش المخرج السينمائي الأميركي.. وداعاً!
-
مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|