أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض ممدوح جمال - مسرحية (طلب زواج)















المزيد.....


مسرحية (طلب زواج)


رياض ممدوح جمال

الحوار المتمدن-العدد: 7474 - 2022 / 12 / 26 - 20:58
المحور: الادب والفن
    


تأليف: أنطوان تشيخوف
ترجمة: رياض ممدوح
(صالة في منزل تشوكوف. كوف وايفان. ايفان يرتدي بدلة رسمية وقفازين بيض)

كوف: (مقبلاً للقاء ايفان) يا أعز صديق، أخيالاً ما أرى! ايفان فسيليوفج! إنني سعيد جداً! (يصافحه) حسناً، هذه مفاجأة حقيقية، الفتى العزيز!... كيف حالك؟
ايفان: شكراً، وكيف حالك أنت، بالله ؟
كوف: ننعم بالطمأنينة جيداً، يا ملاكي ونشكر دعواتك.. اجلس أرجوك، أنت تعلم انه من السيئ أن تنسى جيرانك. لكن يا صديقي العزيز، لماذا كل هذه الرسميات؟
البدلة والقفازات! هل أنت ذاهب في زيارة أم ماذا، يا ولدي العزيز؟
ايفان: كلا، أنا قادم لرؤيتك فقط، يا عزيزي.
كوف: إذن لماذا ترتدي البدلة، يا ولدي العزيز؟ كما لو انك في حفلة يوم رأس السنة.
ايفان: الواقع، كما ترى.. (يتأبط ذراعه) جئت راجياً كرمك، يا عزيزي إذا لم اسبب لك إزعاجاً كبيراً. كنت حراً في طلب مساعدتك أكثر من مرة في الماضي، وكنت دائماً، كيف أقول.. لكن اعذرني، أنا في مثل هذه الحالة.. سأشرب قدحاً من الماء، يا عزيزي (يشرب الماء).
كوف: (جانباً) جاء طلباً للمال! ولن أعطيه! (إلى ايفان) ما هي القضية يا جميلي؟
ايفان: كما ترى، يا عزيزي كوف.. اعذرني، كوف، يا عزيزي.. اعني أنني مضطرب في مثل هذه الحالة كما ترى.. باختصار، أنت الشخص الوحيد الذي بإمكانه مساعدتي، بالرغم، طبعاً، إني لم أفعل شيئاً لاستحق ذلك، و.. و إني لا يحق لي أن أعتمد على مساعدتك...
كوف: أوه، لا تفكر بعيداً، ولدي العزيز! تكلم! ما القضية؟
ايفان: نعم، نعم...سأخبرك بطريقة مباشرة... الحقيقة أنني قادم لطلب يد ابنتك، ناتاليا.
كوف: (بفرح)! يا أفضل صديق! أعد ما قلت – لم أسمعك جيداً!
ايفان: لي الشرف آن أطلب...
كوف: (مقاطعاً إياه) يا عزيزي! أنا سعيد جداً، وكذلك.. نعم، في الحقيقة (يضمه ويقبله) كنت أرغب في ذلك منذ وقت طويل. إنها كانت رغبتي دائماً. (يذرف دمعه) أحببتك دائماً وكأنك ابني، يا صديقي العزيز! ليمنحكما الله، الحب والوفاق. وبالنسبة لي كانت هذه هي رغبتي دائماً.. ولكن لماذا أنا أقف هنا كالأحمق؟
أدهشتني السعادة، ببساطة مندهشاً! أوه، من كل قلبي.. سأذهب وأستدعي ناتشا، وكذلك..
ايفان: (منفعلاً) عزيزي كوف، ماذا تعتقد أنها ستقول؟ أيمكن أن أمل بموافقتها؟
كوف: فتى جميل مثلك! ولا توافق؟ أنا أراهن أنها غارقة إلى أذنيها في حبك، وكذلك.. سأخبرها بطريقة مباشرة! (يخرج).
ايفان: (وحده) أنا بردان.. أنا أرتجف كما لو كنت ذاهباً إلى الامتحان. الشيء الرئيس هو أن تعزم. إذا أنت فكرت طويلاً جداً، تبقى تتكلم وتتردد وتنتظر المرأة المثالية أو الحب الحقيقي، فانك لن تتزوج أبداً. برر!.. إنني بردان! ناتاليا ربة بيت ممتازة، مثقفة، ليست سيئة المنظر.. ماذا أريد أكثر؟ لكن في هذه الحالة ستبدأ الضوضاء في رأسي.. (يشرب الماء) يجب أن لا أبقى أعزب. أولاً، أنا في الخامسة والثلاثين، بالفعل عمر محرج، كما يقال. ثانياً، يجب أن يكون لدي نظام، ترتيب للحياة.. لدي مرض في القلب، مع خفقان مستمر.. أغضب بسرعة، تنتابني اضطرابات مخيفة.. والآن حتى شفتاي ترتجفان وجفني الأيسر يرتعش.. ولكن الشيء الأسوأ هو نومي. فأنا لا أكاد آوي إلى فراشي وأبدأ الغوص في النوم فأن شيئاً يطعنني في جنبي الأيسر. طعنة! ويذهب يساراً خلال كتفي إلى رأسي..أقفز كالمجنون، وأمشي قليلاً ثم أعود إلى النوم.. لكن ما ان أبدأ في النوم حتى يعود هذا الشيء ثانية في طعن جنبي! والشيء نفسه يحدث أكثر من عشرين مرة.
(تدخل ناتاليا)
ناتاليا: أوه، أهذا أنت! وبابا قال: أذهبي، فهنالك تاجر يريد بضاعة. كيف حالك، يا ايفان؟
ايفان : كيف حالك، يا عزيزتي ناتاليا؟
ناتاليا: أعذرني لارتدائي هذه الفوطة ولم أرتد اللبس المناسب. نحن ننشر البازلاء لتجف. لماذا لم تأت عندنا منذ مدة طويلة؟ أجلس.. (يجلسان) أتريد بعض الغداء؟
ايفان : كلا، شكراً، لقد تناولت غدائي تواً.
ناتاليا: أتريد أن تدخن؟ يوجد هنا بعض أعواد الثقاب.. أنه يوم جميل، لكن أمس أمطرت بغزارة بحيث أن الرجال لم يعملوا شيئاً طوال اليوم. كم كدساً حصدتم؟ هل تصدق أني نزلت معهم بحيث حصدنا الحقل كله. وأنا الآن تقريباً أشعر بالأسف، أني أخشى أن التبن ربما قد تلف. ربما كان من الأفضل أن ننتظر. لكن ما هذا كله؟ أعتقد أنك ارتديت البدلة! هذا يعني أن هناك شيئاً جديداً! هل أنت ذاهب إلى مباراة كرة أو شيئاً من هذا القبيل؟ بالمناسبة، لديك تغيير ويبدو مظهرك أفضل!.. لكن حقاً، لماذا ترتدي مثل هذا؟
ايفان: (مضطرباً) أنت ترين، يا عزيزتي ناتاليا. الحقيقة إنني عزمت على أن أطلب منك أن. تسمعيني. طبيعي ستندهشين، واحتمال أن تغضبي، لكن أنا..(جانباً) كم إنها باردة!
ناتاليا: ماذا هناك؟ (وقفة) قل.
ايفان : سأحاول أن أكون موجزاً. انك تلاحظين طبعاً، يا عزيزتي ناتالي، بأنه كان لي الشرف أن أعرف عائلتك من فترة طويلة–منذ طفولتي، في الحقيقة ان المرحومة عمتي وزوجها–اللذين منهما كما تعلمين ورثت أرضاً– وكانت دائماً تتسامر وتكن احتراماً لوالدك وللمرحومة والدتك، الواحد يمكن ان يقول تقريباً، وبصحيح العبارة. ان عائلة ايفان وعائلة كوف كانتا دائماً على مودة. كذلك وكما تلاحظين، أن أرضي قريبة جداً من أرضكم. وربما تذكرين أن حقولي البقرية تجاور غابة أشجار البتولا العائدة لكم.
ناتاليا: أعذرني، على مقاطعتي لك هنا. أنت قلت (حقولي البقرية).. لكن هل هي حقا حقولك؟
ايفان : نعم، ملكي...
ناتاليا: آه! أية حكاية هذه! ان الحقول البقرية هي لنا، لا لك!
ايفان : لا، إنها لي، يا عزيزتي ناتاليا.
ناتاليا: إن هذا جديد علي، كيف أصبحت لك؟
ايفان : ماذا تقصدين، كبف؟ أنا أتحدث عن الحقول البقرية الممتدة بين غابتكم والمستنقع.
ناتاليا: بالطبع، لكن نعم.. أنها لنا.
ايفان : كلا، انك مخطئة، يا عزيزتي ناتاليا، إنها لي.
ناتاليا: أتعني ما تقول، يا ايفان! منذ متى كانت لك؟
ايفان : ماذا تقصدين بـ"منذ متى؟" إنها كانت لنا دائماً، على ما أذكر.
ناتاليا: أقول، يجب أن تعتذر مني على هذا الاختلاف.
ايفان : يمكنك أن ترين في الوثائق، يا عزيزتي ناتاليا. صحيح أن الحقول البقرية كانت متنازع عليها في وقت ما، لكن الآن كل واحد يعرف بأنها لي. وإنها حقيقة لا يحتاج النقاش حولها. وإذا أريد أن أوضح – أن جد عمتي سلم تلك الحقول إلى فلاحي أبي جدك لاستخدامها، استأجروا الحقول لفترة غير محدودة، وأعادوا تجديد الإيجار. فلاحو أبي جدك استخدموا الحقول بالإيجار لمدة أربعين عاماً، وهكذا حصل تأقلم وبدا لهم وكأنها ملكهم.. ثم بعد ذلك حصل تحرير الأملاك.
ناتاليا: لكن الأمر لم يكن جميعه كما تقول! كل من جدي وأبي جدي يعتقدون بأن تلك الحقول الواصلة إلى المستنقع وكذلك الحقول البقرية يجب أن تكون لنا. فلماذا تناقش حول ذلك؟ لا أستطيع أن أفهمك. انه حقاً شيئ مزعج!
ايفان : سأريك الوثائق، يا ناتاليا!
ناتاليا: لا، لابد انك تمزح، أو تحاول أن تزعجني.. إنها مفاجأة في الحقيقة! إننا نملك الأرض ما يقارب لأكثر من ئلائمائة عام، والآن فجأة أحد ما يصرح بأن الأرض ليست لنا! أعذرني، يا ايفان، لكن لا أستطيع أبداً أن اصدق إذناي. أنا لا أعطي أي قيمة لتلك الحقول. إنها لا تتجاوز الخمسة عشر هكتاراً، وإنها لا تستحق أكثر من الثلاثمائة روبل، ولكن هذا هو الحق وهذا ما يثير اشمئزازي. يمكنك أن تقول ما يحلو لك. لكن أنا لا يمكنني أن أتنازل عن الحق.
ايفان : أرجوك، اسمعي ما أقول! إن فلاحي جدك، كما تشرفت بإخبارك تواً، إن جد عمتي رغب ان يقدم لهم عمل جميل.. ولكنهم بعد كل ذلك أنكروا العقد.
ناتاليا: جدك، جدتك، عمتك... أنا لا أفهم أي شيء من هذا الكلام! الحقول لنا، هذا هو كل شيء!
ايفان : إنها لي!
ناتاليا: إنها لنا! يمكنك أن تستمر بإثبات ذلك طوال يومين، بإمكانك أن ترتدي خمس عشرة بدلة إن أحببت، لكن ستبقى الأرض لنا، لنا، لنا!. أنا لا أريد ما هو لك، لكن ليست لدي الرغبة بفقدان ما هو لي.. يمكنك أن تقنع نفسك!
ايفان : أنا لا أريد الحقول، يا ناتاليا، لكنها مسألة مبدأ. إن أحببت، سأعطيك إياها هديةً.
ناتاليا: لكن أنا الذي يمكنه أن يهديها لك – لأنها ملكي! هذا عجيب جداً، يا ايفان، لحد الآن كنا دائماً نعتبرك جاراً طيباً، وصديقاً لنا، يمكن قول ذلك على الأقل. في العام الماضي أعرناكم ماكنة الحصاد، وبسبب ذلك أنهينا حصادنا للذرة إلى شهر نوفمبر. والآن تعاملنا كما لو كنا زنوج! أنت تهديني الأرض العائدة لي! اعذرني، لكن هذا ليس تصرف جيران. في اعتقادي هذه وقاحة، إذا أردت أن تعرف...
ايفان : أتعنين بقولك هذا بأني مغتصب؟ إنني لا أغتصب أراضي غيري أبداً، يا آنسة، ولن أسمح لأحد بأن يتهمني بذلك (يذهب بسرعة إلى الإبريق ويشرب) ان الحقول البقرية هي لي!
ناتاليا: هذا غير صحيح فهي لي!
ايفان : إنها لي!
ناتاليا: هذا غير صحيح! سأثبت لك ذلك! سأرسل رجالي لحصد تلك الحقول اليوم.
ايفان : ماذا؟
ناتاليا: رجالي سيعملون هناك اليوم!
ايفان : سأطردهم خارجاً!
ناتاليا: لن تجرؤ على فعل ذلك!
ايفان : (واضعاً يده على قلبه) الحقول البقرية لي! ألا تفهمين ذلك؟ لي!
ناتاليا: لا تصرخ، أرجوك! باستطاعتك الصراخ وان تبح صوتك عندما تكون في بيتك، لكن رجاءً هنا لا تتعدّ الحدود!
ايفان : لو لم تكن هذه الآلام الفظيعة لخفقات القلب، يا آنسة – لو لم يكن هذا الارتباك في وجنتي، لكنت حدثتك بطريقة أخرى (يصيح) ان الحقول البقرية هي لي أنا!
ناتاليا: لنا!
ايفان : لي!
ناتاليا: لنا!
ايفان : لي!
(يدخل كوف)
كوف : ما هذا كله؟ حول أي شيء تصرخان؟
ناتاليا: بابا، أرجوك أوضح لهذا السيد: لمن تعود الحقول البقرية – له أم لنا؟
كوف: (إلى ايفان) الحقول البقرية هي لنا، يا عجلي الصغير.
ايفان: لكن اعذرني، يا كوف، كيف أصبحت لكم؟ على الأقل كن أنت العاقل. جد عمتي أعطى الحقول إلى فلاحي جدك وقتياً ليستخدموها من دون ثمن. وكان الفلاحون قد استخدموا الحقول لأربعين سنة وحصل أن اعتادوا على اعتبار أنها ملكهم . لكن عندما تحررت الأراضي...
كوف: عفواً، يا صديقي العزيز.. أنت نسيت بأن ذلك كان صحيحاً بسبب انه كان هناك نزاع، وكذلك حول هذه الحقول بأن الفلاحين لم يدفعوا إيجاراً إلى جدتك، وأشياء من هذا القبيل.. والآن أي كلب يعرف بأنها لنا نعم، حقاً! انك لم تر المخططات.
ايفان: لكني سأثبت لكم بأنها ملكي!
كوف: لن تثبت ذلك يا عزيزي.
ايفان: نعم، سأفعل!
كوف: لكن لماذا تصرخ، يا ولدي العزيز؟ لن تثبت أي شيء بالصراخ! إنني لا أرغب بما هو ملكك، لكن لم أكن لا مبالياً وأدع أملاكي تذهب. لماذا أفعل ذلك؟ وإذا حصل ذلك، يا صديقي العزيز– إذا فكرت أن تبدأ بخلاف حول الحقول، فاني حالاً سأجعلها هدية إلى الفلاحين وليس لك. فتلك هي القضية.
ايفان: أنا لا أفهم هذا! أي حق عندك لتتصرف بأملاك الآخرين؟
كوف: أيها الشاب، أنا لم أعتد أن يخاطبني الآخرون بمثل هذه النغمة. وان عمري ضعف عمرك، أيها الشاب وأرجوك أن تتكلم معي من دون هياج وصراخ.
ايفان: كلا، أنت ببساطة تعتبرني أبله وتسخر مني! وانك تدعي أن أرضي هي أرضك، ثم تتوقع مني أن أبقى بارداً وأتكلم معك بطريقة محترمة. الجار الجيد، لا يتصرف بهذه الطريقة، أنت لست جاراً طيباً، أنت مغتصب.
كوف: ماذا؟ ماذا قلت؟
ناتاليا: بابا، أرسل الرجال لحصد الحقول حالاً!
كوف: (إلى ايفان) ما الذي قلته، يا سيدي؟
ناتاليا: إن الحقول البقرية هي لنا، واني لا أريد أن أعطيها لكم! لا أريد! لا أريد!
ايفان: سوف نرى ذلك! وسأثبت في المحكمة انها ملكي.
كوف: في المحكمة؟ سترفع القضية إلى المحكمة، يا سيد! أتفعلها! أنا أعرفك – إنها حقاً فرصتك الأخيرة هي أن تذهب إلى القانون، انه طبيعي لك ذلك، لأن عائلتك كان لديها ضعف ذلك عند الخلافات.
ايفان: رجاءً لا تشتم عائلتي! أسرة ايفان جميعهم شرفاء، ولا أحد أتهم بالتبذير كما كان خالك!
كوف: كل أفرد أسرة ايفان كانوا مجانين!
ناتاليا: جميعهم، من دون استثناء!
كوف: جدك كان سكيراً، وأصغر عماتك، لويزا – نعم، إنها الحقيقة – هربت مع مهندس معماري...
ايفان: وأمك كانت مشوهة! (يضع يده على قلبه) هذه الوخزات تضرب في جنبي!.. الدماء تذهب إلى رأسي يا أبانا المقدس! ماء!
كوف: أبوك كان مقامراً وشرهاً!
ناتاليا: عمتك كانت ثرثارة كبرى، قل مثيلها!
ايفان: ساقي اليسرى شلت.. وانك دساس.. آه، قلبي!.. وليس كشفاً للأسرار بأنك قبيل الانتخابات أنت.. هناك ومضات أمام عينيّ.. أين قبعتي؟
ناتاليا: ذلك يعني، انه دجال! انه منحط تماماً!
كوف: وانك حاقد تماما، ومنافق، نعم، أنت!
ايفان: قبعتي، إنها هنا.. قلبي.. من أي طريق أذهب؟ أين الباب؟ أوه، أعتقد باني أموت.. فقدت القدرة على استخدام ساقي.. (يسير نحو الباب)
كوف : (ينادي وراءه) أنا أمنعك أن تضع قدمك في بيتي هذا ثانية!
ناتاليا: ارفع الأمر إلى المحكمة، وسترى!
(ايفان يخرج مترنحاً)
كوف: ليأخذه الشيطان (يسير مهتاجاً)
ناتاليا: هل رأيت مثل هذا الوغد؟ أتؤمن بالجيران الصالحين بعد ذلك؟
كوف: انه فزاعة عصافير مضحك! انه شرير!
ناتاليا: انه وحش! سارق أراضي الآخرين، وبعد كل ذلك، يجرؤ على الشتيمة!
كوف: وهذا الأضحوكة المسخ، هذا القبيح – نعم لديه الحماقة أن يأتي هنا ويتقدم بطلب.. أتصدقين ذلك؟ طلب!
ناتاليا: طلب ماذا؟
كوف: نعم، عجيب! انه قدم ليطلبك للزواج.
ناتاليا: ليطلب الزواج؟ مني؟ لكن لماذا لم تخبرني بذلك من قبل؟
كوف: من اجل ذلك جعل نفسه في معطف ذي ذيل.
ناتاليا: من أجلي؟ طلب زواج؟ أوه! (تسقط على المقعد وتئن) أرجعه! أرجعه! أوه. أرجعه!
كوف: ارجع من؟
ناتاليا: (تثور بعصبية) كن سريعاً، أشعر بالإغماء! أرجعه!
كوف: ما الأمر؟ ماذا تريدين؟ (يمسك رأسه بين يديه) أي شقاء هذا! سأقتل نفسي! سأشنق نفسي! إنهم يهلكونني!
ناتاليا: إنني أموت! أرجعه!
كوف: يا للمصيبة! مباشرة. كفاك. (يركض خارجاً)
ناتاليا: (وحدها تئن) ما الذي فعلناه! أرجعه! أرجعه!
كوف: (يدخل راكضاً) انه قادم فوراً، ليأخذه الشيطان! أوف! يمكنك أن تتكلمي إليه بنفسك.
ناتاليا: (مهمهمة) أرجعه!
كوف: (صائحاً) قلت لك، انه قادم! أي عمل هذا، يا رب. أن أكون أباً لابنة معتوهة. سأقطع لوزتي! لقد أسأنا للرجل، لقد شتمناه، لقد طردناه خارجاً، وكل ما جرى، أنت قمت به.
ناتاليا: كلا، بل أنت من فعل ذلك.
كوف: إذن، الآن هي غلطتي! ماذا بعد!
(يدخل ايفان)
ايفان: (مرهق) إن خفقات قلبي فظيعة.. أشعر إن ساقي مشلولة.. وخزاً مؤلماً في جنبي...
ناتاليا: أعذرنا، كنا متسرعين نوعاً ما، يا ايفان.. تذكرت الآن: إن الحقول البقرية حقاً هي لك.
ايفان: قلبي يتحسن بقدرة رائعة... الحقول هي لي...
ناتاليا: نعم، إنها لك، لك... اجلس... (يجلسان) كنا مخطئين.
ايفان: بالنسبة لي إنها قضية مبدأ... أنا لا أقدر الأرض، إنما أقدر المبدأ...
ناتاليا: انه كذلك، المبدأ... دعنا نتكلم عن شيء آخر.
ايفان: خاصة واني عندي إثبات. جدة خالتي قد أعطت لفلاحي أبي جدك...
ناتاليا: كفى، كفى حديثاً حول ذلك... (جانباً) لا اعرف كيف ابدأ. هل أنت ذاهب إلى الصيد عن قريب؟
ايفان: أتوقع الذهاب للصيد بعد الحصاد، يا عزيزتي ناتاليا...أوه، هل سمعتِ؟ المصيبة – ما أسوأ حظي! كلبي – تعرفينه – أصبح أعرج.
ناتاليا: يا للأسف! ما كان سبب ذلك؟
ايفان: لا اعرف.. ربما كانت قدمه قد عثرت، أو ربما قد عظه أحد الكلاب.. (يتنهد) انه أفضل كلابي، لا شيء يقال عن المبلغ، أتعرفين باني دفعت لأجله مائة وخمسون روبلاً.
ناتاليا: أنت دفعت كثير جداً، يا ايفان.
ايفان: بالعكس، أنا أعتقد انه كان رخيصاً جداً. انه كلب خارق!
ناتاليا: بابا دفع خمسة وثمانون روبل لأجل جوني، وجوني هو أفضل من كلبك روكي بكثير.
ايفان: جوني أفضل من روكي؟ (يضحك) جوني أفضل من روكي!
ناتاليا: طبعاً، انه أفضل! وإنها حقيقة، جوني صغير، وهو بالكاد قد بلغ تواً – لكن في الدقة والذكاء حتى كلاب الدوفر لم تكن أفضل.
ايفان: عفواً ناتاليا، لكنك تنسين أن لديه فك ملاكم، والكلب الذي لديه فك ملاكم لا يستطيع أبداً أن يكون كما يجب.
ناتاليا: فك ملاكم؟ هذه أول مرة اسمع ذلك.
ايفان: إني أؤكد لك، ان فكه السفلي اقصر من الأعلى.
ناتاليا: لماذا هل قسته؟
ايفان: نعم، انه يصلح للركض، طبعاً، لكن عندما يتقدم للقنص، فهو ليس جيداً بما فيه الكفاية.
ناتاليا: في المكانة الأولى إن كلبنا جوني هو كلب ذو نسب بينما كلبك روكي لا يمكنك تخمين من أي نوع هو. ثم انه هرم وبشع كبغل هرم.
ايفان: هو هرم، لكني لا أخذ خمسة من جوني مقابلاً له.. ولا يمكنني أن أفكر في ذلك! روكي هو كلب حقيقي، لكن جوني.. انه من غير المنطقي مناقشة ذلك.. أي رجل رياضي يملك أي عدد من كلاب تشبه كلبك جوني. خمسة وعشرين روبل يمكن أن تكون كثيرة تدفع لأجله.
ناتاليا: هناك بعض جنون المناقضة فيك اليوم، يا ايفان. أولاً ادعيت بأن الحقول هي لك، والآن تقول بأن روكي هو أفضل من جوني. أنا لا أحب الناس الذين يقولون ما لا يؤمنون به حقاً. وبعد كل ذلك، أنت تعلم تماماً بأن جوني أفضل بمائة مره من كلبك روكي... كلبك الغبي روكي. إذن لماذا تقول عكس ذلك؟
ايفان: يمكنني أن أرى، يا ناتاليا، بأنك تعتقدين أني أعمى أو أحمق. انك لا تريدين أن تفهمي بأن كلبك لديه فك قصير؟
ناتاليا: هذا غير صحيح.
ايفان: إن فكه قصير.
ناتاليا: (تصرخ) هذا غير صحيح!...
ايفان: لماذا تصرخين، يا آنسة؟
ناتاليا: لماذا تتكلم بلا معنى؟ إن هذا مثير تماماً! إنها فرصتك لتقتل روكي، وأنت تقارنه بجوني!
ايفان: اعذريني، لا أستطيع أن أواصل هذا النقاش. أنا عندي خفقان بالقلب.
ناتاليا: لقد لاحظت أن أقل الناس فهماً بالصيد، أكثرهم نقاشاً حول الصيد.
ايفان: يا آنسة، أرجوك اصمتي... إن قلبي ينفجر... (يصرخ) اهدئي!
ناتاليا: أنا لن اهدأ أبدآ حتى تقر بأن جوني هو أفضل بمائة مرة من روكي.
ايفان: انه مئة مرة أردأ! انه وقت موته، كلبك جوني! أوه، رأسي...عيناي... كتفاي!...
ناتاليا: لكون كلبك جوني أحمق – فأنا لست بحاجة أن أتمنى موته: لأنه نصف ميت تماماً!
ايفان: (باكياً) كوني هادئة! رأسي سينفجر.
ناتاليا: إنني لن أهدأ!
(يدخل كوف)
كوف: الآن ما لقضية؟
ناتاليا: بابا، اخبرنا بصراحة، بشرفك: أي الكلبين أفضل – كلبنا جوني أم كلبه روكي؟
ايفان: يا كوف، أناشدك، اخبرنا فقط شيئاً واحداً: هل كلبك جوني فكه قصير أم لا؟ فقط، نعم أم لا؟
كوف: وما أهمية ذلك؟ وماذا يغير ذلك؟ وعلى أية حال، ليس هناك كلب في الإقليم كله أفضل من كلبنا.
ايفان: لكن كلبي روكي هو الأفضل، أليس كذلك؟ بشرفك!
كوف: لا تهتج، يا ولدي العزيز.. دعني أوضح لك.. كلبك روكي، طبعاً، لديها مزايا جيدة. إنها ولودة جيدة، لديها قدمين قويتين، ولديها بنية قوية وما إلى ذلك. لكن إذا أردت أن تعرف الحقيقة يا صديقي العزيز، كلبك لديه نقيصتين رئيسيتين، انه هرم وذو فك قصير.
ايفان: اعذرني، أصبح عندي خفقان في القلب.. دعنا ننظر للحقائق.. ربما ستتذكر انه عندما كنا نصطاد في الحقول، كلبي روكي كان مصاحباً لقائد (الصيد)، بينما كلبك جوني كان متخلفاً أكثر من نصف ميل.
كوف: انه ظل متخلفاً لأن قائد الصيد ضربه بسوطه.
ايفان: هو كان يستحق ذلك، الكلاب الأخرى كلّها كانت تطارد الثعلب، لكن جوني بدأ يقلق الخراف.
كوف: ذلك ليس صحيحاً!.. يا صديقي العزيز، أنا فقط مزاجي بسهولة لذلك أتوسل إليك، دعنا ننهي هذه المناقشة. الرجل ضربه لأن الناس دائماً تغار من كلاب غيرها من الناس... نعم، كل واحد يكره كلاب غيره من الرجال! وأنت، يا سيدي، هل أنت بريء من ذلك! نعم! على سبيل المثال، حالما تلاحظ بأن كلباً ما أفضل من كلبك روكي، حالاً تبدأ بشيء ما... أنت ترى، إني أتذكر كل شيء!
ايفان: كذلك أنا!
كوف: (يقلده) كذلك أنا! وماذا تتذكر؟
ايفان: خفقات قلبي... ساقي شلت... لا أستطيع أن...
ناتاليا: (تقلده) خفقات قلبي... من أي صنف من الصيادين أنت؟ أنت يجب أن تتمدد على موقد في مطبخ وتقضي على الخنافس السود بدلا من صيد الثعالب! خفقان القلب في الحقيقة!
كوف: نعم، بصدق، الصيد ليس شأنك بأية حال! مع خفقات قلبك وأمورك الأخرى، من الأفضل لك أن تكون في البيت وتجلس على الكرسي الهزاز. ليس المهم ان تكون صياداً حقاً، لكن أنت فقط ابتعد عن مناقشة كهذه، أو تتدخل في طريق كلاب أناس آخرين، وغير ذلك من الأمور.. اني اغضب بسهولة، ولهذا دعنا نوقف هذه المناقشة. أنت لست صياداً، ولا أي شيء.
ايفان: ماذا عنك أنت؟ هل أنت صياد؟ انك فقط تذهب إلى الصيد لتظهر أمام الكونت وتدبر المكائد للناس الآخرين. أوه، قلبي! أنت دساس!
كوف: ماذا! أنا دساس؟ (يصرخ) اصمت!
ايفان: دساس!
كوف: سوقي! منحط!
ايفان: أنت جرذ كبير! منافق!
كوف: احفظ لسانك، أو سأقتلك ببندقية قذرة كالعجل! أيها المتبجح!
ايفان: كل واحد يعلم _ أوه، قلبي! بأن زوجتك معتادة على ضربك! ساقي... رأسي... ومضات أمام عينيّ... اني سأسقط من الدوار... اسقط...
كوف: وأنت مربيتك جعلتك تحت إبهام قدمها!
ايفان: أوه! قلبي ينفجر! ذهبت أكتفاي، أين كتفاي!... إني أموت (يسقط على مقعد) طبيب! (يغمى عليه).
كوف: مخنث! طفل! متبجح! اشعر بالإغماء (يشرب ماء) إغماء!
ناتاليا: صياد! الحقيقة أنت لا تعرف كيف تجلس على حصان! (إلى أبيها) بابا! ماذا جرى له؟ بابا! انظر، بابا! (تطلب صيحات) ايفان! انه ميت!
كوف: اشعر بالإغماء... إني اختنق! اعطيني هواء!
ناتاليا: انه مات! (تصرخ بكمها) ايفان! ايفان! ماذا فعلنا! انه مات! (تسقط على الكرسي) طبيب، طبيب (تبكي وتضحك بهستيرية)
كوف: ماذا الآن؟ ما الأمر؟ ماذا تريدين؟
ناتاليا: (مهمهمة) لقد مات! مات!
كوف: من الذي مات؟ (ينظر إلى ايفان) لقد مات حقاً! يا الهي! ماء! طبيب! (يحمل قدحاً من الماء إلى شفتي ايفان) خذ اشرب! كلا، لا يمكنه أن يشرب.. لكونه قد مات وانتهى كل شيء... أي حظ سيئ لدي أنا! لماذا لا أضع أطلاقة في رأسي؟ لماذا لم اقطع رقبتي منذ مدة طويلة؟ ماذا انتظر؟ اعطني سكيناً! اعطني مسدساً! (ايفان يقوم بحركة طفيفة) اعتقد انه عاد من جديد... اشرب ماء! ذلك جيد...
ايفان: ومضات أمام عينيّ... نوع من الغشاوة... أين أنا؟
كوف: من الأفضل لكما أن تتزوجا حالاً وبأسرع ما يمكن، وليأخذكما الشيطان... إنها توافق (يضم يديهما) إنها توافق، ولا شيء غير ذلك. أمنحكما دعواتي ومن الآن فصاعداً. فقط اتركاني وحدي!
ايفان: آه؟ ماذا؟ (ينهض) من؟
كوف: إنها توافق! حسناً؟ ليقبل أحدكما الآخر!
ايفان: آه؟ من؟ (يقبل ناتاليا) أنا جداً سعيد! المعذرة ماذا هناك؟ آه! نعم، أنا أفهم... قلبي... الومضات... أنا جداً سعيد، ناتاليا... (يقبل يدها) ساقاي خدرتان...
ناتاليا: أنا، أنا سعيدة أيضاً...
كوف: أي حمل ثقيل أزيح عن ظهري!... أوف!
ناتاليا: لكن...مع ذلك، أنت يجب أن تقر الآن بأن: روكي ليس جيداً كالكلب جوني.
ايفان: بل الكلب جوني هو الأفضل...


ستار



#رياض_ممدوح_جمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية -الأعداء-
- بعد فوات الاوان مسرحية مونودراما


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض ممدوح جمال - مسرحية (طلب زواج)