|
اللغز العراقي
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 1699 - 2006 / 10 / 10 - 10:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الكثير من أهل العراق من يلح في السؤال عن مصير من تعتقلهم الحكومة وتعلن أنهم من الإرهابيين ، فقد صارت الأعداد تفوق أعداد الضحايا والشهداء من الأبرياء ومن قوات الجيش والشرطة ، ولكن لم نتعرف حتى اليوم على الرؤوس والخيوط التي يعمل هؤلاء من خلالها ؟ ولم نتعرف أيضاً على مصادرهم وطرق ادخال البهائم المفخخة الذين أشتهرت أمتنا العربية بهم ؟ ولم نتعرف ايضاً على الإرهابي الذي يتم الحكم عليه ؟ من هم أهله ومن أين جاء ، ولماذا أقدم على أرتكاب جريمة قتل أخوته وأبناء وطنه ؟ ولم نتعرف أيضاً فيما أذا تكمن المحقق في التحقيق من أنتزاع اعترافات لهؤلاء الإرهابيين أم أنهم كانوا أذكى من كل محققي العراق ، لم يزل العديد من المواطنين يسألون أين انتهوا هؤلاء ، ولماذا هذا التعتيم والتستر على حقيقتهم ؟ وهل هم أكثر قيمة وقدراً وحقوقاً من الضحايا الأبرياء الذين يزفهم شعبنا يوميا بالعشرات ؟ وحين يبزغ صباح جديد في العراق نطالع معه نتائج العمليات الأرهابية التي تقدم عليها عصابات ومجموعات تقتل وتغتال وتفجر وتفخخ وتخطف وتمارس كل اشكال الجريمة في وضح النهار ، وفي أكبر مدن العراق ووسط أهم شوارعها ، فتقطع الطرق وتمنع الناس وتمارس دور السلطة أمام انظار السلطة نفسها ، فمن هي السلطة التي تحكم الناس ؟ لم يزل الناس في حيرة من أمرهم أمام حملات القتل الطائفي التي لم نتعرف ولم تعلن الحكومة مسؤولية جهة سياسية ما عنها لتحملها المسؤولية ، هل أن القتلة جاءوا الينا من خارج العراق ؟ أم أنهم بيننا ومنا وتستطيع السلطة أن تشخصهم ولكن الخجل يمنعها عن ذلك ، ونستطيع أن نقرأ تبريراً جديداً يتعكز على الحوار والمصالحة الوطنية . من يقتل السني على الهوية الطائفية ؟ لا احد ولا تستطيع السلطة أن تجيب أو تشخص بجرأة ، ومن يقتل الشيعي على الهوية الطائفية ؟ لاأحد يستطيع إن يشير الى أحد ، ومن يقتل المسيحي والمندائي والأيزيدي ؟ بالتأكيد لن تستطيع الحكومة أن تشير الى جهة ما حتى لانخسر المحاصصة أو يقع الحرج في البرلمان !! أي الغاز يعيشها العراق حين يتم قتل الأطباء ؟ وأي سر يحمل معه العراق حي تتم تصفية ضباط القوة الجوية ؟ وأي أسرار دفينة وراء قتل العلماء والأكاديميين ؟ من وراء كل هذا ؟ كيف تقام الأمارات المتطرفة والتابعة لمنظمة القاعدة الأرهابية في العراق دون إن تستطيع السلطة أن تطرد هذا الوباء الجديد الذي حل بأرض الرافدين الطاهرة ؟ ولم تزل الناس تسأل الم يحن الوقت لنستطيع أن نؤسس قوة ندافع بها عن أنفسنا بعد مضي اربعة سنوات على سقوط حكم الدكتاتور ؟ الم يحن الوقت لنا لنؤسس جيشا نستطيع إن نحمي بت كرامتنا واستقلالنا وحدودنا ؟ ألم يحن الوقت بعد لنقول لقوات الاحتلال الأمريكي أن ترحل عن أرضنا فقد صرنا أقوياء وسوف يحاسبنا الزمن والتاريخ إننا ضيعنا الكثير من عمر العراق دون جدوى ، فلم تزل الناس تبحث عن عمل تسد به رمقها ، ولم تزل ايادي العديد من شيوخ ونساء العراق تمتد متسولة تطلب الطعام والكفاف ، ولم تزل الناس تتراكض خلف قنينة الغاز وحصة البنزين ، بل لم تزل الناس تحلم بالماء الصافي الصالح للاستهلاك البشري ، ولم تزل الناس تحلم بضوء الكهرباء ونحن نعبر الى الألفية الثالثة من القرن الجديد والكهرباء تنير صحارى وقفار بلاد الله . من يقتل الطبيب يخون العراق ، ومن يقتل ضابط الجيش والشرطة الذين لم تتدنس اياديهم بدماء اخوتهم يساهم في خراب العراق ، ومن يفجر أنبوب النفط الخام خسيس وخائن لمياه دجله والفرات ، وحرام عليه مياه العراق ، ومن يمارس القتل على الهوية الطائفية يساهم يدري ام لم يكن يدري في دفع العراق الى حافة الهاوية وخراب البلاد ، ومن يساهم في ارتكاب الجريمة بدافع دنيء مقابل اجر أو تنفيذا لرغبة غيره في هذا الظرف العسير الذي تمر بت الناس في العراق مجرم تدينه الشرائع قبل القوانين ، ومن يستغل ظروف انفلات الأمن وشيوع ظاهرة الطائفية عليه مراجعة ضميره قبل أن يصطف مع أعداء العراق . من يستورد الانتحاريين من البهائم المفخخة لن يتوقف عن الاستمرار بالاستيراد وممارسة فعل القتل ألأجرامي حتى لو رحل الاحتلال فممارسة القتل صارت عادة لايستطيع المجرم أن يتخلص منها . شخصيات تتبرقع بلبوس الدين وأخرى بالوطنية ومال حرام وصفقات واختلاسات وسرقات في وضح النهار ولا أسم احدهم يعلن علينا نحن عباد الله ، تهريب وبيع ممتلكات الدولة والاستحواذ على المال العام وممتلكات وعقارات دون رقيب أو حسيب ، وليس للمواطن العراقي سوى الله وهو ينتظر قدره . أسرار وألغاز تنتشر في كل مساحة العراق ، وأمارات يؤسسها إرهابيون ويقتطعون مدن يحكمونها باسم الدين وينصبوا أنفسهم أمراء وملوك دون إن تستطيع الدولة أن تتدخل أو تتعدى على تلك المدن ، مثلثات ومربعات وزوايا ومحاور تخرج عن سلطة الحكومة دون إن نتعرف على هوية تلك المجموعات التي تقتل وتذبح وتقطع الرؤوس ، حتى بعد إن تتحاور تلك الشخصيات مع الحكومة ولاشيء معلن صراحة سوى أن بعض التنظيمات المسلحة حاورت الحكومة . متى سيكون أعتبار للمواطن العراقي ويستمع الأخوة في البرلمان والحكومة لصوته وأسئلته ؟ ومتى نثق حقاً أن العراقيين متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العقيدة أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب مثلما يقول الدستور ؟ ومتى يكون من حق المواطن العراقي الحق في الحياة ؟ من يقتل كل تلك الأعداد الكبيرة التي لم نزل نتباهى إمام العالم بأننا لن نصل الى الحرب الأهلية والرؤوس تتدحرج بين أرجلنا ، والجثث تملأ ثلاجات معهد الطب العدلي في بغداد والمحافظات حتى لاتتسع لها ، متى نتعرف عن الأسباب الحقيقية لما يحدث لنا ولأهلنا ولعراقنا ؟ ومتى نستطيع إن نخلق القوة العراقية التي تستطيع إن تعزز من سيطرة القانون في الحياة العراقية ؟ وكيف للإرهابيين أن يغتالوا ويخطفوا وينتشروا وسط شوارع العاصمة ولنا سلطة انتخبناها ومجلس نواب له شرعية أصواتنا ؟ وكيف يتم قتل كل تلك الأعداد دون إن يعلق البرلمان والنواب اجتماعاتهم ونقاشاتهم وندواتهم وخلافاتهم حتى يوقفوا الموت الزاحف في مدن العراق ؟ وكيف يحدث هذا ونوابنا ووزرائنا لم يزلوا غافين في مناصبهم ومنشغلين بمنح وسلف المصرف العقاري ورواتب عبد الرحمن عارف وعبد الرزاق النايف ؟ متى يتم الالتفات الى الفقراء والمعوزين والمتسولين والعاطلين والمنقطعين ؟ ومتى نستطيع إن نوقف عمليات الهجرة التي صارت اليوم حلماً عراقياً بعد إن عاد العراق متخلصاً من قبضة الطاغوت ؟ متى تتعود سلطاتنا إن تقول لنا الحقيقة مثل كل حكومات الدنيا وتعطي الأسماء والحقائق بدقة وتحترم دماء الشهداء والضحايا ؟ أين صارت أعداد المتهمين بالجرائم الأرهابية ؟ وأين صار من تم القبض عليه متلبساً والذين تم القبض عليهم شارعين بارتكاب جرائم إرهابية ؟ فضحايا العراق تتمزق أوصالها وتنتشر دمائها على الجدران ولم نزل نجد ألاف الأعذار لعدم إيصال حقيقة ما يجري أمام العراقيين . هل شعب العراق ضحية أمام معركة ألإرهاب والسلطة وقوات الاحتلال ؟ هل إن أذناب صدام قرروا قتل كل شعب العراق تنفيذا لرغبة سيدهم القابع وسط قفص اتهام شعب العراق ؟هل أن الاغتيالات ليس لها جهة تقم بتنفيذها ؟ أسرار وخفايا لم تزل تكتنف الحياة العراقية ، وتحول الليل والنهار الى جحيم فوق الجحيم الذي يعيشه أهل العراق منذ انهزام جيش صدام وتحرير الكويت ، ويبدو إن العقاب لم يزل مستمرا فوق رأس أهل العراق ، في حين إن الطاغية لم يتعذب مثلما تعذب الناس طيلة تلك السنين ولم يزل ! المصيبة إن بعضنا يسأل بعضنا دون إن نجد الجواب ، وتتسع أسئلتنا وقلقنا دون إن نجد الحقيقة ، ونتناقش ونختلف ونحلل ونزعم أنها أسباب كثيرة غير إن الحقيقة خفية مطمورة لانستطيع التوصل اليها ، ويكفي أن أسماء عملاء جهاز المخابرات والأمن العامة الداخلي والخارجي لم تزل جهات حريصة على إن لاتكشفها ولاتفضحها الا وقت حاجتها ورغبتها الخاصة ، ويكفي إن العراق حتى اليوم لم يحاسب مديراً للمخابرات ولامديراً للأمن ولامن عناصر الأغتيالات في تلك الأجهزة ، ويكفي أن الأسرار لم تزل وستبقى تغلف حياتنا وموتنا دون إن نتعرف على الحقيقة التي ربما لن تستطيع السلطة إن تكشفها خشية وحرصاً فنحن على أعتاب انعقاد مؤتمر المصالحة الجديد ، وسيتعانق المسؤولين وسيعرض بعضهم على بعض المناصب والكراسي ، وستكون المحاصصة وسيلة وطريقاً من طرق الصلح بين المتخاصمين ، ويبقى شعب العراق ينظر الى كل ما يجري بعيون ممتلئة بالدموع وقلوب متقرحة اعياها الحرمان والخوف والظلم ، وحتى تنكشف الحقيقة يعطي العراق يوميا أكثر من 150 شهيداً .
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة الى رئيس وأعضاء مجلس النواب العراقي
-
إختصاصات رئيس المحكمة الجنائية العراقية العليا
-
المصالحة الوطنية وأسباب نجاحها وفشلها
-
بلادنا التي لن ينكسر ظهرها
-
حتى لانذبح الكورد الفيلية مرة أخرى
-
الأحكام القضائية
-
زمن المقابر العربية
-
الحكم بأعدام صدام شنقاً أو رمياً بالرصاص
-
النار لاتطفيء النار
-
تفعيل دور القضاة في محاكمة القتلة والأرهابيين
-
طهارة المندائيين وخسة الملثمين
-
النبش والتنقيب في التأريخ الأيزيدي القديم -
-
تسليم المتهمين
-
فكرة التسامح
-
الخلل في النظرة الى أستقلال السلطة القضائية
-
غداً يستعيد العراق وجهه المشرق
-
بعد توجيه الأتهام في قضية المتهم صدام
-
خطوات في المصالحة الوطنية
-
كيف سقطت ( قناة العربية ) في حبائل وائل عصام ؟
-
دمعة الطفلة الاردنية مرح ودموع اطفال العراق
المزيد.....
-
نيللي كريم تعيش هذه التجربة للمرة الأولى في الرياض
-
-غير محترم-.. ترامب يهاجم هاريس لغيابها عن عشاء تقليدي للحزب
...
-
أول تأكيد من مسؤول كبير في حماس على مقتل يحيى السنوار
-
مصر.. النيابة تتدخل لوقف حفل زفاف وتكشف تفاصيل عن -العروس-
-
من هي الضابطة آمنة في دبي؟ هذا ما يحمله مستقبل شرطة الإمارات
...
-
حزب الله يعلن إطلاق صواريخ على الجليل.. والجيش الإسرائيلي: ا
...
-
بعد مقتل السنوار.. وزير الدفاع الأمريكي يلفت لـ-فرصة استثنائ
...
-
هرتصوغ ونتنياهو: بعد اغتيال السنوار فتحت نافذة فرص كبيرة
-
الحوثي: الاعتداءات الأمريكية لن تثنينا
-
-نحتاج لمواجهة الحكومة لإعادة الرهائن-
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|