|
خصائص الآلهة
سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي
(Saoud Salem)
الحوار المتمدن-العدد: 7468 - 2022 / 12 / 20 - 14:04
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أركيولوجيا العدم العودة المحزنة لبلاد اليونان ٣٣ - خصائص الألهة
اعتبر اليونانيون قصص نشأة الكون المتعلقة بثيوجوني-أنساب الآلهة، كأساطير ذات أبعاد دينية وقدرات فنية وسحرية، أورفيوس الشاعر والموسيقار كان يغني مقاطع من الملحمة الثيوجونية لتهدئة البحار والعواصف، كما ذكر أبولونيوس من رودس في شعره الملحمي عن سفينة الأرغونوت، غنائه للثيوجوني لتهدئة قلوب آلهة العالم السفلي المتحجرة. كما تظهر أهمية هذه القصائد في ترانيم هوميروس لهيرميس عندما اخترع القيثارة، فكان أول ما أنشده هو مقطع من قصيدة ولادة الآلهة. تبعاً لهذه الميثولوجيا الثرية والمعقدة بالتفاصيل، بعد رحيل التيتانيون وهزيمتهم من قبل زيوس، ظهرت مجموعة جديدة من الآلهة، من ضمنها الأولمبيون الاثنا عشر، الذين سكنوا قمة جبل أوليمبوس تحت عرش زيوس، ويبدو أن تقليص عدد الأولمبيين إلى اثني عشر كانت في ذاتها فكرة جديدة معاصرة. عرف معظم الإغريق القدماء الآلهة والإلهات الاثني عشر الأولمبيون: ( زيوس Ζευς، هيرا Ήρα، بوسيدون Ποσειδώνας، ديميتر Δήμητρα، أثينا Αθηνά، آريس Άρης، أفروديت Αφροδίτη، أبوللون Απόλλων، أرتميس Άρτεμις، هيفايستوس Ήφαιστος، هيرميس Ερμής، و هيستيا Εστία ) وبعض الروايات تعتبر ديونيسوس من ضمن هؤلاء الآلهة. على الرغم من أن الفلسفات اللاحقة مثل الرواقية وبعض أشكال الأفلاطونية المحدثة تستخدم لغة يبدو أنها تشير ألى إله واحد متعال، فغالبًا ما كانت المدن المختلفة تعبد نفس الآلهة، وأحيانًا بكُنية وأسماء مغايرة تميزهم وتحدد طبيعتهم المحلية. وفي هذه المرحلة، قدس الإغريق ألهة غير الأولمبيون الاثنا عشر، مثل بان، إله الطبيعة والغابات، والحوريات أرواح الأنهار، النايادات ساكنات الينابيع، الدريادات أرواح الأشجار، النيريدات ساكنات البحار، آلهة الأنهار، الساتير، وغيرهم. إضافة إلى قوى الظلام في العالم السفلي الإيرينيات، ملاحقات ومعاقبات المذنبين بجرائم تتعلق بالعائلات والأقارب. امتدت الممارسات الدينية لليونان خارج منطقة اليونان القارية، إلى جزر وسواحل إيونية في آسيا الصغرى، وإلى صقلية وجنوب إيطاليا، وإلى المستعمرات اليونانية المتفرقة في غرب البحر الأبيض المتوسط، مثل ماسالا أو مرسيليا الحالية. وكان ترتيب الآلهة هرمياً في الأساس، حيث يوجد في القمة كبير الآلهة زيوس، والذي لديه السيطرة المطلقة على جميع الآلهة الآخرين، على الرغم من أنه لم يكن الجبار المسيطر الذي يتحكم في كل شيء، فهناك نوع من تقسيم العمل والمسؤوليات. فكان لبعض الآلهة السيادة على جوانب معينة من الطبيعة، كان زيوس إله السماء، حيث بإمكانه إرسال الرعد والبرق والصواعق، هيرا آلهة العائلة والزواج، بوسيدون يتحكم في البحار والزلازل، وهيمنت قوة هاديس في جميع أنحاء عوالم الموت والعالم السفلي، كما كان يسيطر هيليوس على الشمس، وديمترا ألهة الزراعة والمحاصيل، أرتميس آلهة الصيد والقمر، آثينا متخصصة في الحكمة وإستراتيجية الحرب وحامية أثينا التي زرعت فيها أول شجرة زيتون. وقد تحكمت بعض الآلهة الأخرى على المفاهيم المجردة، كانت أفروديت المسيطرة على الحب والجمال. تم تصوير كل الآلهة الهامة على أنها «إنسانية» في الشكل، رغم أنه بإمكان الألهة التحول إلى حيوانات أو ظواهر طبيعية. كما اعتقد الإغريق القدماء أن العديد من جوانب حياة الإنسان تحددها الأقدارالمتمثلة في ثلاث آلهة شقيقة ظهرت في الأساطير اليونانية والرومانية ويقال إنها "تنسج" مصير كل طفل عند الولادة وتقرر بداية الحياة ونهايتها ومصير كل الأشياء، تغزل وتقيس وتقطع خيط الحياة. في الميثولوجيا الإغريقية تعرف باسم مواراي، Μοῖραι - Moîrai هن ثلاثة أخوات آلهة يمثلن مصير البشر: كلوثو Clotho "الغزل" ، لاشيسيس Lachésis "المقسم" وأتروبوس Atropos "غير المرن أو اللامفر منه" ومع ذلك لم يكن كل شيء محدد سلفًا تحديدا مطلقا، بل هناك نوع من المرونة داخل هذا البناء أو القفص القدري. لا يزال بإمكان الرجل المقدر أن يصبح محاربًا عظيمًا أن يختار ما يريد القيام به في أي يوم، مثل آشيل الذي أختار الموت السريع والحياة القصيرة المليئة بالمجد والبطولة بدلا من الحياة الطويلة الأمد الخالية من الإثارة والمجد. يمكن للآلهة ببساطة أن تتدخل في قرارات قد تكون مفيدة أو ضارة، بمعنى أنهم سيطروا على الحياة المجازية لكل مولود بشري. على الرغم من كونها خالدة، إلا أن الآلهة لم تكن بالتأكيد كلها خيرة أو حتى قوية. كان على الآلهة أن يطيعوا القدر بدورهم لإرتباطهم بالدورات الكونية، إلهة الطبيعة والنباتات والخصوبة، والتي تتجاوز قدراتهم الإلهية أو إرادتهم. على سبيل المثال كان مصير أوديسيوس أن يعود إلى موطنه إيثاكا Ithaque بعد حرب طروادة، وكان بإمكان الآلهة فقط أن تطيل رحلته وتجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة له، لكنهم لم يستطيعوا منعه من الرجوع إلى زوجته بينيلوب Pénélope وإبنه تيليماك.
يتبع
#سعود_سالم (هاشتاغ)
Saoud_Salem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديانة اليونانية
-
الموت والعدم
-
الفن وضرورة العدم
-
العقل العرضي
-
العقل العدمي
-
الثورة المستحيلة
-
عقل الزواحف
-
العقل بين الأرض والسماء
-
الإله البارد
-
الوجود بين الواقع والخيال
-
الإله اللامنتمي
-
تعايش العلم والخرافة
-
المثلية وحقوق الإنسان
-
مفارقة العقل والإيمان
-
النمل وكلام الله
-
الكلمات والكائنات
-
القرآن .. بين القراءة والفهم
-
-الحجر- بين العلم والفلسفة
-
الإنسان الآلي
-
الإنسان جسد أم جثة ؟
المزيد.....
-
مسؤول إسرائيلي لـCNN: معبر رفح لن يُفتح إذا تكررت -الفوضى- م
...
-
أمريكي ينتشل أجزاء من طائرة منكوبة تحطمت في نهر بواشنطن
-
كيم جونغ أون غاضب ويحاسِب.. إقالة عشرات المسؤولين تورّطوا في
...
-
واتساب يتصدّى لعملية تجسس واسعة استهدفت صحافيين وناشطين
-
الجيش الاسرائيلي يعلن تعرض قواته لإطلاق نار داخل سوريا
-
ترامب يتعهد بالحديث مع بوتين لإنهاء الصراع في أوكرانيا
-
ترامب: الأردن ومصر سيستقبلان سكانا من غزة
-
-الشبكة- يرصد أثر مشاهد تسليم أسرى الاحتلال على البريميرليغ
...
-
نادى الأسير يكشف عدد الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم السبت
-
ترامب يكرر تصريحه عن -تهجير- سكان من غزة إلى مصر والأردن
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|