أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم البيك - عن الجليل و أيلول














المزيد.....

عن الجليل و أيلول


سليم البيك

الحوار المتمدن-العدد: 1698 - 2006 / 10 / 9 - 09:49
المحور: الادب والفن
    


- حان الرحيل يا فينوس..

تعبتْ من الجمال, فعَدَلت عن وقفتها و سحبت انحناءات جسدها الملتوية على مفترقات أزمنة, أحجبت عن العشاق نهديها المتهدلين ككثبان على مساحات من الرمل, التقطت يد كيوبيد الشقي و تنهدت:

- ارم سهامك بعيداً و لنرحل, فلا جميلات بعدها و لا عشاق تَصيبهم..

كان الزمان يتأهب لرحلة أخرى, لحفلة أخرى, إلى فلسطين هذه المرة, ليحاصر جليلها, فما فتئت هذه الأرض تثير فيه شيئاً من العجز. اعتاد على تعثره الدائم بالأيام, فما استطاع المشي بدونها, و الأيام تتناوب في عشق الأرض, فلكل يوم ساعاته التي يعشق الجليلَ فيها و يمارس عشقه كيفما اتفق و الجليل, و لم يرق للزمان أن يسود عشقٌ على الأيام.
لم يفرّق الزمان بين جنبات الأيام لازدحامها على مدخل الأمل. كانت كلها أيام, نهارات و ليالي, لا تمييز بين يوم و آخر, لا أساس للون و لا لطقس. كان يتوجس من فتنة الأيام بالجليل و العلاقات المؤقتة بين كل منها, و بين الجليل. ارتعش قلقاً, و هو حامي فينوس, أن تأتي الأيام أو أحدها بما أودعه الجليلُ فيها, فلا مؤقت و لا زمان و لا فينوس بعد الآن.

- و لكنك الأجمل, لا عشق بدونك و لا عشاق أقنصهم, ارفعي الشال عن نهديك ليجد التائه عشيقة تلمه..
- ألم ترها حين مررنا على غربي الجليل؟ لن يتوه أحد هناك مهما رفعتُ و مهما قنصتَ.

في يوم لم يته من أواخر الشهر..
اختار الله أن ينازل براعته في أيلول. حاول أن يلحق الشهر قبل تمرير الأخير الحمل للتشرينين, أن يلحق السنة, أن يلحق بنفسه ولادة تلك الجليلية. همس: هي آتية, لم لا تكون في عهدي إذاً؟ أراد أن يختلي الجليل بالأيام عن كل الأمكنة و كل الأزمنة, و عزف أحلى مقطوعاته ليلتحفوا بها, و رقّص كورال البرتقال على نغم الأنوثة في بياراته لتهلهل للمولود الجديد.
أراد, بعد كل هذا الزمان, أن يَطمئن بأنه سينتشي يوما بخلقه, بأن جمالاً يُخلق الآن يستحق كل هذه القرابين من الخلق, من جمالات نسبية منسية, على مذبح جمال أوحد, فكفر الله بنسبية الجمال التي جربها في خلقه, و اهتدى في أيلول للطريقة الأمثل لخلق أنثى. فهمَ, ليس متأخراً, بأن الجليل و أيلول إن لحقهما, لحق ملكة جديدة تُسبّح فينوسُ بجلالها.

شدها من يدها و دموعه كالتائهة على خدوده:

- لن أغادر الجليل..
- لم أكن بجماله.. قلت أبقى لأجلك, تحب اللهو بسهامك على تلاله.. لم أكن بجمال بحره و جباله و أشجاره و صخوره... أما و أن أجد من تخجلني بجمالها تولد و تكبر في حضرتي و أبقى, فهذا ما...
- لن أقنصها, أعدك, لن تجد من يعشقها.
- وفر سهامك لتجارب ربها, آه يا "زيوس" كم أنت قاصر.

تصر فلسطين على أن تزداد قدسية و أنوثة بنسائها الجدد, تصر على اللجوء من جمال لآخر, و لا مكان للتخييم على أرصفة أي من الجمالات المؤقتة إلى أن تعود لذاتها وطنها في أنثى أخرى ولدت حين أحب الجليل أيلولة.
هناك في الجليل حيث تلاحقت الأيام لتسبق الزمان إلى جمال كان رماه مرة على إحدى رفوفه, جاء ينفض ما تكالبت عليه من غبرة النكبات, عله يكفّر عن خطاياه, يلحق أياماً كان يوماً سيدها. تتعثر الأيام بساعات بعضها و تتيه فيما بينها ليضل كلٌّ طريقه لأمل نُسي على الرف محتضناً الجمال بعيداً عن أعين الزمان.
وحده "السابع و العشرون" نجا بساعاته من الزمان و سطوته, اهتدى لجمال أمل ظل يبحث عنه مرة كل شهر كل سنة, إلى أن بانت بشائره فرقص منتشياً على موسيقى الله مبشراً بحب جديد, رقص لفلسطين حين تجلت أنوثة, مع الجليل المتيم بلاجئ.

- ألن نرقص معهم؟
- ألديك ما يكفي من السهام؟ ارمها على الأشجار و الصخور, فللعشق كل الأمكنة في الجليل, كل شيء عاشق و معشوق هنا. أما الناس, فـ "السابع و العشرون" أعفاك منهم, كما أعفاني من وحدتي. فلنرقص إلى أن يزدحم الجليل بمن كان لاجئاً, لنبدأ حينها الرقص من جديد.



#سليم_البيك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيسارك.. على يسارك
- عالبيعة يا خيار
- قصة عاشق اسمه أبو علي مصطفى
- حبّ فلسطيني... في أربع ساعات
- موسيقى الكاتيوشا
- مع حبي.. ترشيحا
- في الجليل.. حياة
- أحمر أبيض
- وطن من اثنين
- غباء بكل الأحوال
- لا مكان للمساومة
- لرؤوس أصابع طاغية
- حرية تكفي.. لجمالها
- -اقعد عاقل-
- رفيقي فلاديمير
- ألا يكفي؟
- اختلفت المسميات
- سلام لمحمد الماغوط
- -خلصونا بقا-
- سعدات: المواجهة أو الموت


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم البيك - عن الجليل و أيلول