|
مشروع أمريكي لاستبدال الحروف العربية 2/5
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 7465 - 2022 / 12 / 17 - 12:28
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
أما القول بأن "المشروع الأمريكي يرى أنه كطبيعة أي لغة، فإنها لا بد أن تخضع اللغة العربية للتطوير والتحرر من تلك الأشكال القديمة، التي ظلت عليها منذ قرون"، فهذا ما أتفق معه كليا، ولذا طرحت مشروعا مدروسا دراسة علمية دقيقة للعربية الجديدة. لكني أختلف مع ما ينقل عن المشروع الأمريكي "أن ذلك أدى فعليا إلى صعوبة كبرى في استيعاب أهل الحضارات والأديان الأخرى لهذه اللغة، أو تعلمها، أو الاقتراب فكريا ممن يتحدث بها. أما ما وصفته المقالة بالمشروع الخطير بـ "تغيير شكل حروف اللغة العربية واستبدال اللغة اللاتينية بها"، ويقصد الحروف اللاتينية وليس اللغة الللاتينية. ثم لا أجد أن هناك ثمة علاقة مع أسماه المشروع، إذا صح النقل، "المشكلة الحقيقية في العالم بعد أحداث ١١ سبتمبر، وهي أن الإهابيين الذين يتحدثون باللغة العربية، وتتم ترجمة كلماتهم إلى الإنجليزية أو الفرنسية، لا نعرف شعورهم الحقيقي، أو الدوافع الكامنة وراء ارتكابهم لهذه الأحداث، لأن الترجمة العربية إلى اللغات الأخرى يبدو أنها تواجه بمشاكل حقيقية، نحن غير قادرين على تصنيفها، وتبيان أسبابها الحقيقية" فهو كلام غير علمي، فلم يعد من الصعب معرفة خصوصيات كل لغة، بل خصوصيات كل لهجة محلية من كل لغة، بل حتى لغة الجسد التي تختلف بين شعب وآخر، بل بين منطقة وأخرى، يمكن بالمراقبة التعرف عليها بكل تفاصيلها. أما هدف المشروع في "أن تكون هناك لغة مشتركة يمكن أن تجمع بين كل سكان الكرة الأرضية فيما عدا الذين يتحدثون باللغة العربية"، فيسجل على هذا الادعاء إشكالان؛ الأول إن العرب ليسوا وحدهم الذين يكتبون بحروف غير اللاتينية. ثم الحروف العربية هي أقرب للاتينية لا من حيث الشكل، بل من حيث العدد، فماذا يقال عن لغة فيها 100 ألف حرف، يحتاج منها المستعمل لها في احتياجاته اليوم إلى ما يتراوح بين 3000 و5000 حرفا. وعمره لم يكن اختلاف اللغات سببا مما "يجعل من الصعب بناء تواصل فكري معهم، أو معرفة دوافعهم النفسية". ويتكلم هذا المشروع الأمريكي حسب المقالة عن إجراء أكثر من ٦٠٠ من دراسة وبحث متخصص من قبل جهات علمية مرموقة من ٢٠٠٢ حتى أوائل ٢٠٠٤، والتي خلصت إلى النتيجة الأساسية بصعوبة التقاء اللغة العربية مع اللغة الإنجليزية، مما كان الدافع الرئيسي وراء موجة (الكره العربي) لأمريكا وإسرائيل، والشعور بالبغض والانتقام من الذين يتحدثون الإنجليزية والفرنسية. أقول إن وجود تباعد كبير بين ثمة لغة وثمة لغة أخرى نجده بما لا يعد ولا يحصى، فلا معنى لأن يكون التباعد بين العربية والإنجليزية السبب لما ذكر. وتذكر الصحيفة إن المشروع الأمريكي يرى أن "المشكلة ليست في أن يقرأ غير العربي النصوص والأفكار والكتابات العربية باللغة اللاتينية" والصحيح يقصدون أن يقرأ اللغة العربية بالحروف اللاتينية، وليس أن يقرأ باللغة اللاتينية، ثم تعقب المقالة بأن "الأساس في هذا المشروع هو أن يتحدث العرب هذه اللغة الجديدة ويطبقوها عمليا في كل كتاباتهم". أتصور هناك خلط إما من قبل أصحاب المشروع، أو من المترجم، بين فكرة التحول إلى كتابة العربية بالحروف اللاتينية، وبين فكرة تجديد وإصلاح العربية، فهما مشروعان لا يجب أن يكونا متلازمين، لكن يبدو إن المشروع يركز على استخدام الحروف اللاتينية للعربية، الذي أرجحه، لكن المشروع المدعى يرى إن الحرف اللاتيني يمثل عصا موسى، التي سيكون لها مفعول سحري أشبه بالمعجزة، بينما هناك وسائل اجتماعية وثقافية وسياسية، هي التي يمكن أن تؤدي بالشعوب الناطقة بالعربية، لا أن تعتمد الثقافة الأمريكية، بل الثقافة الديمقراطية العلمانية الليبرالية الحديثة. ولو كان اعتماد الحروف اللاتينية هو الذي يقود إلى ذلك، لرأينا مفعوله في التجربة التركية بعدما فرض أتاتورك الحروف اللاتينية، وحسنا فعل بقطع النظر عن دوافعه، مع هذا نجد أكثرية الشعب التركي ذات نزعة إسلامية أو قومية أو إسلامية قومية. وحسب المقالة يجعل هذا المشروع "الهدف الرئيسي هو أن يتم تطوير دراسة مادة اللغة العربية في كل المدارس العربية والإسلامية وأن يتم إلغاء المناهج القائمة حاليا في هذه المدارس التي تعتمد على دراسة قواعد اللغة والصور الجمالية وابداعاتها والكلمات والنصوص المتشابهة مثل الشعر القديم الذي ينتهي بحروف واحدة [يقصد القافية]، وأحيانا فإن مناهج التعليم لهذه اللغة تتضمن توجيهات ومبادئ دينية، قد لا تتفق على بناء التواصل مع الآخرين من غير العرب أو كما يطلق عليهم في البلاد العربية (الأجانب) [بل من قبل المتطرفين الكفار]". وفي الوقت الذي ندعو كعلمانيين ليبراليين إلى إصلاح مناهج التربية التعليم، من أجل نشء جيل أو أجيال تؤمن بالمثل الإنسانية وبمبادئ العقلانية والديمقراطية، فهذا لا يجب أن يكون مرتبطا بموضوع تجديد العربية، فهو برأيي موضوع لغوي علمي لا يجب إقحام السياسة أو الدين فيه، ثم حتى مشروع تجديد العربية، فلا يجب أن يكون مرتبطا بمشروع لتينة الحروف، فهما مشروعان منفصلان، لكن لو أوتي لنا يوما أن نجعلهما مشروعا واحدا، فهذا ما أحبذه، لكن إذا كان لا بد من اعتماد التدرج، أرى أن يسبق مشروع تجديد العربية وقواعدها وإملائها، ثم يدرس في مرحلة لاحقة مشروع لتينة الحروف العربية.
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشروع أمريكي لاستبدال الحروف العربية 1/5
-
مناقشتي لمقالة لمحمد شحرور 3/3
-
مناقشتي لمقالة لمحمد شحرور 2/3
-
مناقشتي لمقالة لمحمد شحرور 1/3
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 136
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 135
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 134
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 133
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 132
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 131
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 130
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 129
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 128
-
عندما ستنتصر ثورة الشعب الإيراني 3/3
-
عندما ستنتصر ثورة الشعب الإيراني 2/3
-
عندما ستنتصر ثورة الشعب الإيراني 1/3
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 127
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 126
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 125
-
القرآن محاولة لقراءة مغايرة 124
المزيد.....
-
إيران تعلن البدء بتشغيل أجهزة الطرد المركزي
-
مراسلنا في لبنان: سلسلة غارات عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. قرارت لجامعة الدول العربية دعما
...
-
سيناتور أمريكي: كييف لا تنوي مهاجمة موسكو وسانت بطرسبرغ بصوا
...
-
مايك والتز: إدارة ترامب ستنخرط في مفاوضات تسوية الأزمة الأوك
...
-
خبير عسكري يوضح احتمال تزويد واشنطن لكييف بمنظومة -ثاد- المض
...
-
-إطلاق الصواريخ وآثار الدمار-.. -حزب الله- يعرض مشاهد استهدا
...
-
بيل كلينتون يكسر جدار الصمت بشأن تقارير شغلت الرأي العام الأ
...
-
وجهة نظر: الرئيس ترامب والمخاوف التي يثيرها في بكين
-
إسرائيل تشن غارتين في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بعشرات
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|