أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم محمد جبريل - أثر الثقافة العربية على قبيلة مزغوم في الكاميرون















المزيد.....


أثر الثقافة العربية على قبيلة مزغوم في الكاميرون


ابراهيم محمد جبريل
الشاعر والكاتب والباحث

(Ibrahim Mahmat)


الحوار المتمدن-العدد: 7464 - 2022 / 12 / 16 - 23:13
المحور: الادب والفن
    


رقم الواتساب: 00237696839527
كلمات المفاتيح: قبيلة مزغومMousgoume . حياتهم الاجتماعية. عقيدتهم الوسطية.
قبيلة مزغوم Mousgoumeهي قبيلة تنتشر في الكاميرون وتشاد، وعجز كثير من القراء عن فرق بين قبيلة ماسا وقبيلة مزغوم رغم أن بين القبيلتين فرقًا شاسعًا في العادات والتقاليد واللغة، لكنَّ هاتين القبيلتَين سكنتا في مكان واحد منذ سنوات وتلاصقت وتضامنت ولها الدفاع المشترك، ولذا صعب معرفة الفرق بين القبيلتين لد الآخرين
والموضوع يدور حول قبيلة مزغوم في الكاميرون، هذه القبيلة بدأت اعتناقها مذهب العقيدة الوسطية السلفية عام 1971م، من قبل الشيخ الحاج موسى غدبو وذهب أكثر القبيلة مذهب أهل السنة والجماعة حتى بلغ ما يقارب تسعين في المائة
عقيدتهم:الآن يَعتقدون عقيدة أهل السنَّة والجَماعة، وهي العقيدة الوهابية - كما تُسمَّى في إفريقيا نسبةً إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى، وعند السعوديين بـ(السلفية)، وكانت عقيدتهم تُركِّز كثيرًا على خطورة الشرك بالله تعالى، وحرمة الإسبال، ووجوب إعفاء اللحى، وضرورة حجاب المرأة، وصار ذلك ظاهرةً تُعرف بها تلك القَبيلة
معاناتها في التمسُّك بعقيدة أهل السنة والجماعة
عانت قبيلة مزغوم في التمسُّك بعقيدة أهل السنة والجماعة؛ لأنها صارت عقيدةً غريبة في المجتمع الكاميروني، وأيضًا اصطدمت هذه العقيدة مع الصوفية في عام 1975، وقد سُجن شيخ أهل السنَّة والجماعة المُسمى موسى غدبو في سجن جوليري بالكاميرون، وذلك إبان حكم الرئيس الراحل أحمدو إيجو، وكان الحاج محمد جبريل تتبَّع أثره في السجن حتى أفرج عنه
تحوُّلهم إلى دعاة
تحوَّلت قبيلة مزغوم إلى مجتمع دعوة، فمنهم مَن تعلَّم القُرآن والعلوم الشرعيَّة، وهم كبار في السنِّ، وصاروا خطباء الجوامع، وكانت مصادرهم المُعتمدة في الدعوة
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد
بلوغ المرام؛ لابن حجر
العقيدة الواسطية؛ لأبي العباس بن تيمية
الأصول الثلاثة؛ لابن عبدالوهاب
الأربعون حديثًا؛ للنووي
ومنهم مَن أرسلوا أبناءهم إلى الحلقات القرآنية بجمهورية تشاد، ومنهم مَن سجَّلوا أبناءهم في بعض المدارس الحكومية وغير الحكومية، وتغيَّرت حياتُهم الاجتماعية، وبعضهم قُبلوا في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنوَّرة بالسعودية.
حياتهم الاجتماعية: كانت حياتهم حياةَ ترفٍ، وموسم الزواج عندهم موسم الشتاء، والعروس عندهم بعد ليلة الزفاف تدوم سبعة أشهر أو سنَةً كاملةً وهي داخل غرفتها، وتتستَّر عن الرجال حتى عن صهرها استحياءً منها؛ لذلك لم تجد نساء مزغوم حرجًا في التستُّر بالحجاب الشرعي بعد اعتناقهنَّ للإسلام؛ لأنَّ التستُّر كان جزءًا مِن ثقافة مزغوم
وكانوا يتزوَّجون أكثر مِن امرأة، ويصل الحد الأقصى إلى تسع نساء، لكن بعد اعتناقهم للإسلام صار كل واحد منهم لا تقلُّ زوجاته عن ثلاث زوجات، ولا يُزوِّجون بناتهم لمن لا يلتزم بمبادئ أهل السنَّة والجماعة ولو كان ذا قُربى
إسلام قبيلة مزغوم في الكاميرون
تشير بعض المصادر أن قبيلة مزعوم اعتنقت الإسلام منذ أمَد بعيد؛ بحجَّة أن أفراد أسرة سلطان قبيلة مزغوم اعتنقوا الإسلام منذ زمن بعيد، ومن الصعب تحديد تاريخ اعتناق قبيلة مزغوم للإسلام، لكن عصر ازدهار الإسلام في قبيلة مزغوم هو عصر التمسك بعقيدة أهل السنَّة والجماعة، التي تسمَّى بالوهابيَّة لدى الآخرين؛ نسبة إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب.
وتؤكِّد بعض المصادر أن التاريخ الجليَّ عن تمسك قبيلة مزغوم بعقيدة السلفية الوسطية (وهي عقيدة أهل السنة والجماعة) التي دعاهم إليها الشيخ الحاج موسى غدبو - كان في السبعينيَّات في عهد الرئيس الراحل أحمد ايجو
فقد زُلزلَت قبيلة مزغوم زلزالًا شديدًا آن ذاك من قِبَل معارضيهم الصوفيين في مسائل التوسُّل بالأموات والتبرُّك بهم، وقضيَّة الحجاب الشرعي، والدعاء الجماعي بعد الصلاة المفروضة، وحكم تعليق التميمة، والتطيُّر والتشاؤم، والسحر والطلاسم، وغير ذلك
فقد اصطدمَت قبيلة مزغوم المتمسكة بالسلفيَّة في هذه المسائل مع الصوفية، وكانت قبيلة مزغوم تحتجُّ في مسائل العقيدة بكتب العقيدة السلفية، أبرزها
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد"؛ للشيخ عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب بن
"والأصول الثلاثة"؛ للشيخ محمد بن عبدالوهاب
أمَّا في المسائل الفقهية، فيستدلُّون بالأحاديث الواردة في الفقه من كتاب "صحيح البخاري"؛ للإمام البخاري
وتشير بعض المصادر أنَّ الشيخ حسن المالي قد أتى بعد الشيخ الحاج موسى غدبو؛ لأن الحاج موسى غدبو هو أول مَن نشر العقيدة السلفية في أوساط قبيلة مزغوم، وكان يحضهم على التمسُّك بتوحيد العبادة، وأنه لا يجوز صرف شيء منها لغير الله، ومَن فعل ذلك فقد أشرك
ويحث النِّساء على ارتداء الحجاب الشرعي، مستدلًّا بالآيات والأحاديث النبوية الشريفة
الحلقات والكتاتيب والمجالس العلمية في قبيلة مزغوم: كان لهم حلقات علمية وكان لتلك الحلقات تسعى لبث روح الدين الاسلامي في القبيلة، و تتمتع تللك الحلقات بالاستقلالية والموضوعية في نشر تعاليم الدين الاسلامي، ولكن تفقد المنهجية، وعدم التزام المتعلم باللغة العربية الفصحى أثناء التدريس حيث يتم التدريس إما باللهجة العربية التشادية وإما بالروطانة المحلية، وكتب تلك الحلقات والمجالس، تتكوَّن من :
تفسير القرآن الكريم؛ برواية حفص
صحيح البخاري؛ للإمام البخاري
صحيح مسلم"؛ للإمام مسلم
الأربعون النووية"؛ للإمام النووي
كتاب "الكبائر"؛ للشيخ محمد بن عبدالوهاب
كتاب "الأصول الثلاثة"؛ لمحمد بن عبدالوهاب
كتاب "فتح المجيد شرح كتاب التوحيد"
ومكتبتهم السمعيَّة هي إذاعة القرآن الكريم بالمملكة العربيَّة السعودية، وخاصةً برنامج نور على الدرب؛ فقد تعلَّم كثير من قبيلة مزغوم أحكام الشريعة الإسلامية من ضيوف هذا البرنامج، منهم: الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيح محمد بن صالح العثيمين رحمهما الله، والشيخ صالح الفوزان والشيخ صالح اللحيدان حفظهما الله، وغيرهم من كبار علماء السعودية
الأسرة في قبيلة مزغوم في الكاميرون: تهتمُّ قبيلة مزغوم بالأسرة وشَرفها، وتربِّي أبناءها على التربية الإسلامية وعلى العقيدة الصحيحة؛ بأن تعبدَ الله، ولا تشرك به شيئًا
البنت في قبيلة مزغوم يتم تحجيبُها منذ صغرها؛ حتى تتعلم ارتداء الحجاب، وتتعلم القرآن الكريم في صغرها، وتُوصَى بعدم مخالطة الرجال، لا سيما الخلوة مع الرجال.
وتمنع البنت منعًا بتًّا أن تخرج وهي مكشوفة الشعر، أو أن تلبس البِنطال أو الباروكة؛ لأن هذه الأشياء المذكورة تبعدها عن الجنة دار الكرامة وتمنع البنت من اتِّخاذ الصديق، والتحدُّث إلى الرجال الأجانب بغير ضرورة؛ سدًّا للذريعة، ودرءًا للمفاسد
البنت في قبيلة مزغوم: البنت في قبيلة مزغوم لها منزلةٌ عظيمة وكبيرة في أسرة مزغوم؛ لأن البنتَ هي التي ترفع قيمة الأسرة؛ باحترامها للدين وأحكام الشرائع الإسلامية
البنت في مجتمع مزغوم تعترفُ بقوامةِ الرجل، وحقها النصف من الميراث مقابل الذَّكَر، وإن أبا الأسرة هو سيدُ الأسرة، هذه المبادئُ لها أهمية كبرى في أسرة مزغوم
تهتمُّ أسرة قبيلة مزغوم بالشرف، وتأبى الازدراءَ، الشرف هو رأس مال القبيلة؛ فلا يرتكبون الأشياء المخلَّة بالشرف
ولشدَّة اهتمامهم بتربية الأسرة اجتمعَتْ قبيلة مزغومٍ، وساهمت مساهمةً غير يسيرة لبناء معهد محمد السلفي، وبعد بناء هذه المدرسة تخرج كثيرٌ من أبناء قبيلة مزغوم من هذا المعهد حيث يُدرِّس المعهد بالعربية والفرنسية
والمواد الدينية التي تدرس في هذا المعهد هي الموادُّ الإسلامية، يرجع أصولها إلى المذهب السلفي الأم في قبيلة مزغوم
الأم ترعى أبناءها ومالَ زوجها فحسب؛ لأنها متحجبة، فزوجها لا يكلِّفها أيَّ عمل دون القيام بأعمال البيت وتربية الأولاد على القيم الإسلامية
وفي رمضان تقوم بالعبادة، وذلك بحضورها صلاة التراويح والتهجد
أسرة قبيلة مزغوم والإفطار في رمضان: أسرة قبيلةِ مزغوم تفطر على السُّنَّة النبوية بدءًا بالرُّطَبِ، أو التمر، أو الماء. ولا تفطر في مكان واحد، يفطر أبو الأسرةِ مع أولاده الذكور والأم مع بناتها
وفي غير رمضانَ تتناول أسرة قبيلة مزغومٍ ثلاثَ وجبات في اليوم على الأقل، وإلا فقد قصَّر أبو الأسرة في مسؤوليته
الأب في قبيلة مزغوم: يتَّصفُ الأب في قبيلة مزغوم بالصرامة في تربية أبنائه؛ حتى يطيعوه فيما أطاع الله ورسوله
والأب هو المسؤول عن قُوتِ الأسرة وتربيتها الروحيَّة، في الليل يقوم أبو الأسرة بإيقاظ أهله لحضور صلاة التهجُّد في رمضان، وفي العشر الأخير يعتكف في المسجد تأسِّيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم
أقول للأقدمين من قبيلة مزغوم: ليستمروا بتمسكهم بعقيدتهم الوسطية، بعيدة عن الغلو والشائعات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء عنه تركنا على المحجة بيضاء؛ ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.
وأقول للآخرين المحدثين: ليرجعوا إلى الكتاب والسنة وأقوال الصحابة في أقوالهم، وليجتنبوا الهوى والقول بالرأي؛ لأن العبادة مبنية على التوقُّف
المرأة في قبيلة مزغوم: المرأة في قبيلة كغيرها من النساءِ، لكن تختلفُ عن غيرها من حيث العاداتُ والتقاليدُ، والموروث الشعبيُّ، واللون، وحلق الرأس كالرجل في بعض المجتمعات ، ونحو هذا، وربما هذا ما جعل المرأة تغاير أقرانها من النساء البيض، وهي امرأةٌ ليست غريبة في الأوساط العامة، وقد أنشد عنها شعراء العرب، وهي امرأة تتحمَّل المتاعب، وتعيل الأسرة بعد فقدان زوجِها، ولها ثقافاتها ، إلا أنها تعرَّضت لثقافاتٍ متنوعة؛ منها: الثقافة الإسلامية التي لها مبادئها ونظمُها، وتلاها الثقافة الفرنسيَّة ولها ضوابطها، وبالإضافة إلى ذلك الثقافة الإنجليزيَّة، وأصبحت المرأةُ في حيرة من أمرها! ومن خلال هذا المقال سيتضح أثرُ تلك الثقافات على المرأة.
أدوارها: المرأة في قبيلة مزغوم امرأةٌ عاملة منذ قديم الزمانِ، تقوم بمسؤولية الأسرةِ، ولها دور بارز في القيام بأعمال الزراعة في موسم الخريف، وتعين زوجَها لسعادةِ الأسرة ونجاحها
ومن ناحيةٍ أخرى تلعب دور الأم وترعى أموال زوجِها، وتعتني بتربية أولادِها التربية الأوَّلية، وتشاركهم في إنجاح أحلامهم
وتلعب دور الطبيب في بعض الأحيان لرعاية أبنائها الرعاية الصحيَّة، حيث تعرف كثيرًا من الأعشاب المداوية للأطفال أكثر من الزوج، حتى منهن مَن صِرْنَ متخصِّصاتٍ في علم الأعشاب
وتتميز المرأة بطبخ العصيدةِ والقديد، حيث تستعمل التوابلَ المختلفة التي تزرعها، وبالإضافة إلى ذلك تعرِفُ أنواعَ الطعام الذي يُفضِّله الرجال، وأنواع الطعام الذي يصلح للأولاد، والنوع الذي يخصُّ الضيوف
كما أن المرأة تكرمُ الضيوفَ بالطبخ المليح؛ لأن الضيوف هم الذين يقيِّمون مكانتها في الطبخ، ومدى استقبالها لهم في حالة حضور الزوج أو غيابه
حيائها: المرأة خَجِلة من صهرها، ويعتبر ذلك من عاداتها وتقاليدِها؛ مثلًا المرأة الفلانية عندما تقدم شيئًا للرجل أو تحدثه لا بد أن يكون جالسًا، ويعد ذلك عادة من عادات المرأة ، ومن عادات المرأة النادرة احترامُ الرجلِ مهما بلغت مكانته، ويُعدُّ ذلك من أنوثة المرأة في بعض المجتمعات
زينتها: المرأة تعتني بوسائل التزيين المختلفةِ قبل وصول الدِّين الحنيف إلى إفريقيا
منهنَّ مَن يَحلِقْنَ رؤوسَهن، ويَسِمْنَ وجوههن، ويثقفن أفواهَهن، ويخضبْنَ أيديَهن وأرجلَهن، ويكتحِلْنَ، ويتمشَّطْنَ بأنواع مختلفة، لكن في الوقت الراهن صارت المرأة بين ثقافتين: الثقافة الأوربيَّة، والثقافة العربيَّة
ما جعلها تتنقَّل بين هاتين الثقافتين، فمنهن من تتحلَّى بالأخلاق الدينيَّة، فيَترُكْنَ حلقَ رؤوسهن وكلَّ ما لا يتعلق بمبادئ الإسلام، والبعض منهنَّ ما زلن يتمسكن ببعض العادات والتقاليد الموروثةِ التي تصطدم بالدينِ؛ لتحيُّرهِنَّ تجاه تعدُّد الثقافات الوافدة على القارَّة، ومنهن من تثقفت بالثقافة الفرنسيَّة.
ومنهن من يمزج بين الثقافتين، وهن من تثقَّفْنَ بالثقافة العربية والغربية، أو الإنجليزية والعربية
الزواج المبكر في قبيلة مزغوم
كان الزواجُ المبكِّر في القارة الافريقية منذ القِدم، ويعتبر ذلك من العادات الافريقية؛ لأن البنتَ في المجتمع الإفريقي تتزوج بعد بلوغها الخامسة عشرة أو السادسة عشرة، وأحيانًا أقل من ذلك، ويعود ذلك إلى نموِّ البنت.
فبعضُ الأمهات في المجتمعات يُفضِّلن أن يتزوَّج بناتُهن مبكرًا؛ خوفًا من العنوسة؛ لأن العنوسة تقلِّل من شرف الأسرة في إفريقيا؛ لأن جلَّ الفتيات لا يتعلَّمن.
وظاهرةُ إرغام الفتاة على الزواج مع عدم الرضا بين الطرفين، هي الظاهرة الأكثر انتشارًا في المجتمع الإفريقي منذ القدم، حتى بعض الفتيات يَهربْنَ من بيوت آبائهن؛ لكراهيتهنَّ الزواج بالرجل الذي يرغمُها أبوها على الزواج به، وأحيانًا يرغم الأب ابنتَه على الزواج بذي مال مسنٍّ، أو بشابٍّ لم تحبَّه البنت، وتفقد الفتاة لذَّةَ الحياة الزوجية السعيدة، وينتهي ذلك الزواج بالطلاق أو عدم التعايش السلمي.
وإرغام الفتاة على الزواج ظلَّ طويلًا في المجتمع الإفريقي بسبب القوانين العشائريَّة، التي تفضل إرادة الأب على إرادة البنت، وطاعة الوالدين في ذلك واجب، وصارت البنت لا خيار لها
الزواج في قبيلة مزغوم: ويوم الزواج يعتبر من أهم أيام النساء الإفريقيَّات؛ ففيه يلتقي أقاربُ في النسب وفي غير النسب، ويتفقَّدْنَ الغائبات، ويحضره الشاعر الشعبي، الذي يقوم بمدح العروس والعريس وأحبابهم وأصدقائهم، ويقوم بهجاء العزَّاب الذين لم يتزوجوا؛ حتى يتزوجوا، وبانتشار الإسلام تبرَّأ المجتمع منهم؛ لأن أناشيدَهم يصاحبها المجون، وآلات الطرب، والقيثارة، ونحوها
أدوات العروس: وأدوات العروس يتكون من المساهمات، وكلٌّ يساهم حسب وسعه، وبعد دخول الرجل بزوجته يشهِّر ببكارة المرأة، لكن مع وجود الثقافة الإسلامية والغربية اندثرت تلك العادة
ولا تأكل العروس بحضور زوجها أو صهرها؛ استحياء منهما، وتظل المرأة راقدة مغطاة بنطاقها طيلة يوم الزفاف، وبعدها تلتزم غرفتها إلى أن تضع، وإن لم تضع المرأة في غضون سنة، فتعتبر امرأة عاقرًا، فعلى الرجل أن يتزوَّج بامرأة أخرى؛ لأن المجتمع الإفريقي مجتمع البنية التناسلية، لكن إذا وضعت المرأة تعود إلى أسرتها، وبعد رجوعها إلى زوجها تقوم بمساعدة زوجها بمزاولة الأعمال التنمويَّة؛ كالزراعة، والفلاحة
وأم الأسرة عليها أن تقوم ببعض مسؤوليات البيت إذا كانت في الريف، عكس أهل الحَضَر، وفي بعض المجتمعات الموجودة في شمال إفريقيا تقوم بمساعدة زوجها حتى في التجارة
المرأة هي الحضارة في المجتمع الإفريقي؛ لأنها هي التي تحفظُ تراث إفريقيا الغابرة، حيث الرجلُ شغلُه الشاغل طلبُ القوت
تأثير الثقافات الخارجية على الثقافة مزغوم: المرأةُ امرأة عاملة وتتنقَّل بين الثقافات الوافدة، وإن المرأة العاقر ليس لها حظٌّ وافر في الزواج، وما زالت بعض التقاليد يتمسك بها سكَّانها
غيَّر الإسلام الكثيرَ من عادات وتقاليد المرأة الموروثة في القارة ، فهي قارة متعددة الثقافات، يسود فيها الجهل بين النساء، حيث لا تستطيع التمييز بين الجيد والرديء، حتى تسير على نهج معين، فصارت تخلط بين الثقافات على سبيل الجهل.
المرأة ضحية لوسائل الإعلام المرئية والسمعية، وخاصة الإعلام الذي يبث باللغة المحلِّية التي تفهمها، فتقلدُها تقليدًا أعمى
ومن عام 1977إلى عام 1982م عايشت قبيلة مزغوم محنًا كثيرة من قِبلِ المُعادِين لعقيدة أهل السنة والجماعة، حيث زُلزلَتْ قبيلة مزغوم زلزالًا شديدًا، منهم مَن أجبِرُوا أن يَحلقوا لِحاهم، وألا تتسترَ نساؤهم عن الرجال، حتى بعضهم كادوا أن يهاجروا إلى بلادٍ أخرى؛ فرارًا بعقيدتهم، وبفضلٍ من اللهِ سكنَتِ الفتنُ ضدَّ عقيدة أهل السنة بسب استدعاءٍ من السلطات الحكومية للمناظرة العلميَّة بين أهل السنة وبين معادِيهم؛ حتى تتبيَّنَ الحقيقة هل هو مذهبٌ جديد كما يزعم متهِموهم أم لا؟ وهل هذا المذهب يستندُ على دليلٍ شرعيٍّ؟ ثم اتضح بأنه مذهب يستندُ على دليلٍ ومجرَّب سابقًا من قِبَل المملكة العربية السعودية كمهبطٍ للوحي، وخلَّتِ الحكومة عنهم على أساس حرية الأديان
وحتى سلطات المرور كانوا في السابق يُلزمون المتحجِّبات برفع الخمار عن وجوهِهن؛ فتركوهنَّ اعترافًا بأن من المجتمع من يذهبُ مذهب عقيدة أهل السنة والجماعة فيَستُرْنَ عن الرجال جميعَ جسدهنَّ

الحكم والأمثال الشفهية السائرة في قبيلة مزغوم
قال المبرِّد: المثَل مأخوذ من المثال، وهو قول سائر.
وقال ابن السِّكِّيت: المثل لفظ يخالِف لفظَ المضروب له ويوافق معناه.
وقال إبراهيم النظَّام: يجتمع في المثل أربعٌ لا تجتمع في غيره من الكلام: إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى، وحُسن التشبيه، وجَودة الكناية؛ فهو نهاية البلاغة.
وقال ابن المقفَّع: إذا جعل الكلام مثَلًا كان أوضح للمنطق، وآنق للسمع، وأوسع لشعوب
إذا تواعدتم مع أهل الشرق للقاء في الجنوب، فاذهبوا إلى الشمال ستلتقون بهم.
يُقال ذلك في القبيلة التي ينقصها المصداقية.
القلوب تحب الخداع.
يقال للشحيح الذي لا يريد تقديم شكر للذي أحسن إليه.
إذا ربطت الغنم يوميًّا في زريبة معينة، فستأتي وحدها في تلك الزريبة لتربطها؛ لتعوُّدها.
يقصد به أن كل شيء مصدرُه التعوُّد..
يُقال: هذه المرأة أكذب من سلحفاة.
لأن السلحفاة جرى عليها القصة في الأدب الشفهي الإفريقي على أنها أشدُّ كذبًا من غيرها.
وهذا الرجل أكثر تثورًا من الورل.
ضرب به المثلُ؛ لأن الورل في القصة الشفهية الزنجية ثوريٌّ؛ لأنه في يوم من الأيام اندلع حريق في شجرةٍ والورل عليها؛ فأبى أن ينزل، ولكنه ظلَّ يغضب ويثور حتى أدركه الحريق فاحترق.
ويقال: فلان يَدَعُ الفيل على رأسه، ويزيل القملة عن رأس صاحبه.
يقال ذلك لمن يشتغل بعيوب الناس، وينسى عيوب نفسه!
من أحبك لا يرى عيوبك، ومن كرهك لا يرى محاسنك.
الدنيا يوم وليلة.
لا تُحدِّثْ مَن يحدِّثُك بأسرار الآخرين.
يُقصَدُ بذلك النمَّام.
ويقال: فلان إن حدثتَه بسرك خيرٌ من أن تعلن ذلك السرَّ في السوق.
يُقصَدُ به مَن يبوح بأسرار الناس
وما منا إلا يصطاد لنفسه.
يقصد بذلك اختلاف مقاصد القوم
لا تفرش البساط لولدك.
بمعنى علمه الصيد.
الحياة في الغربة كأكل إهاب يابس.
يقال لمن خرج في الهاجرة ماشيًا.
تمشي الحية على بطنها بإذن مالكها.
يقصد به من لا حول له ولا قوة..
تصدق الضبع المقولة الأولى وليست الثانية.
يقال لمن تكلَّم بغير ما قصد.
الوسطيَّة كانت منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الوقت الراهن نحن أشد حاجةً إلى الالتزام بالوسطيَّة والاعتدال؛ لكثرة الانحرافات والتضليل، حيث صارت الأمة الإسلامية متحيِّرة في أمر دينها؛ لأن الغلوَّ والتطرُّفَ انتشر في أقطار المعمورة، فعلينا بالوسطيَّة في جميع أمورنا حتى في تفكيرنا وتأملنا، وأن نتعلَّم مبادئ الوسطيَّة، وضوابطها، ونظمَها، ومقاصدها، وبواعثَها من القرآن الكريم؛ لأنه نبراسُ الأمة الإسلامية، اهتمَّ به الصحابة اهتمامًا كبيرًا، وهو خطة انطلاقِ المسلم إلى ممارسة العبادة؛ لأن العبادة مبنيَّة على التوقُّف.
ولمُعلِّم القرآن الكريم أجرٌ كبير عند الله تبارك وتعالى في تعليمه؛ لأن معلِّم القرآن هو معلِّم الأخلاق؛ فعليه أن يكون معتدلًا في توجيه تلاميذه؛ فلا يوجههم إلى الغلوِّ.
وعادةً يقتدي التلاميذ بمعلميهم، فإذا اقتدى التلميذ بمعلم صاحب غلوٍّ تأثَّر التلميذ بأفكار سلبية، ويتحول آفة على المجتمع بأفكار الغلوِّ بدلًا من الوسطَّية والاعتدال.
أرى أن تكون المدارسُ القرآنية تحتَ مجهرِ أهل الاعتدال والوسطيَّة ذوي الأفكار البنَّاءة، وأن يقام تدريب شهريًّا أو فصليًّا لمعلِّمي القرآن الكريم؛ لتوجيههم نحوَ الاعتدال والوسطيَّة فكرًا وسلوكًا؛ ليكونوا قدوةً لتلاميذهم؛ لأن القدوة الحسنةَ تبثُّ في التلاميذ روحَ المحبَّة مع أقرانهم، وتُثيرُ في نفوسهم التنافُسَ على الاعتدال والوسطيَّة، ونَبْذ الغلوِّ والجفاء.
والتلاميذُ يقضُون جلَّ أوقاتهم مع المعلِّمين، ويتأثَّرون بأقوالِ معلِّميهم أكثرَ من غيرهم، فكيف إذا نصحَه معلمُه بالاعتدال والوسطيَّة، وتمسَّك بها تلميذه؟ فبهذا نكون قد حصلنا على بذرة نادرة، وكلما زرعناها صارت شجرةً طيبة، ونجني منها ثمارًا طيبةً. وعلى المعلِّمين توجيهُ التلاميذ حسب التوجيهات التي تلقوها من الدورة التدريبيَّة، وأن يتفحَّص المعلم أفكار تلاميذه ليعدلَ عنه بالوسطية والاعتدالِ، وأن يكون مخلصًا في أداء عمله، وأن يبيِّن لتلاميذه أن الإسلامَ دينُ الاعتدال والوسطيَّة، بعيدًا عن الغلوِّ؛ لئلا يستبيحوا الدماءَ المعصومة، وينتهكوا أعراض الناس؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93].
كثيرٌ من الخطباء في الكاميرون يجتهدون ويبذلون قصارى جهدِهم لتنجحَ خطبتُهم، ولكن عليهم أن يتحدثوا في خطبتهم عن الوسطيَّة والاعتدال، وأن يستخدموا الحكمةَ في الخطبة، وهو أمر مطلوب شرعًا، وإن كان البعض لا يهتمُّ به كثيرًا، لكني أرى الخطبةَ دعوةً لا بدَّ فيها من الحكمة؛ لأن الله تعالى يأمرُ نبيَّه بالحكمة في الدعوة كما قال تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125].
ينبغي للخطيب الكاميروني أن يُحدِّد أسلوبَ خطبته، وأن يقف على النصوص القرآنيَّة، ويقرأها بوضوحٍ، وأن يفهم ما يقرؤه؛ لأن بعضَ الخطباء مُعدَّلُ فهمِهم للنصوص الشرعية ضئيل جدًّا؛ لأجل درجتهم العلميَّة، وعدم إعدادهم سابقًا.
يلتزم الخطيب بالموضوعيَّة والحيادِ، ويقومُ باختيارِ موضوع له عَلاقة بظاهرة اجتماعيَّة معيشةٍ في الكاميرون؛ كالاهتمام بالأعمال النافعة، والتحذير من الأشياء الضارَّة، ويكون فيه الترغيب والترهيب، ومرة يكون وعظًا وتذكيرًا، ومرة وعظًا وتعليمًا، وقابلًا للتطبيق؛ بألَّا يكون خياليًّا، أو يثير الكراهية بين المجتمع الكاميروني.
الوسطيَّة مطلوبةٌ في جميع أمور دينِنا ودنيانا، وعلينا أن نكونَ وسطيِّين في الإنفاقِ وفي التعليم، وفي إلقاء الخطبة والإرشاد، ونجتنبَ الغلوَّ بشتى أنواعه؛ حتى لا نقع ضحيةَ الغلو في التكفيرِ الذي حذَّر منه نخبة من علماء الأمة الإسلامية الذين نَثِقُ بعلمهم

المصادر والمراجع
1. القرآن الكريم
2.ابراهيم محمد، سوق المجتمع الإفريقي نحو الوسطية: الكاميرون أنموذجا 2016، الالوكة.نت
3.إبراهيم محمد، أمثال زنجية 2016م الالوكة.نت
4.إبراهيم محمد عقيدة أهل السنة والجماعة في الكاميرون.. قبيلة مزغوم أنموذجا 2015 م الالوكة.نت
5.أحمد بن عبدالوهاب بن محمد بن عبدالدائم القرشي التيمي البكري، شهاب الدين النويري: نهاية الأرب في فنون الأدب، الناشر: دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، الطبعة: الأولى، 1423 هـ جزء 3: ص 2
6.إبراهيم محمد الأسرة في قبيلة مزغوم في الكاميرون 2016 م
7.إبراهيم محمد، شهر رمضان المبارك في قبيلة مزغوم 2016 م الالوكة.نت
8.إبراهيم محمد، المرأة 2016 م الالوكة.نت



#ابراهيم_محمد_جبريل (هاشتاغ)       Ibrahim_Mahmat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأدب المغربي المكتوب بالفرنسية
- المجتمع المدني والديمقراطية والدولة واللامركزية
- المرأة في الأدب العربي الإفريقي
- الشعر النثري، لأحمد جابر دراسة أسلوبية نقدية
- الشاعر عبد الله الدرامي
- التعايش والحوار الوطني في إفريقيا


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم محمد جبريل - أثر الثقافة العربية على قبيلة مزغوم في الكاميرون