علي الظاهري
الحوار المتمدن-العدد: 7464 - 2022 / 12 / 16 - 23:12
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
حوارُ الروح...
استخلاصا من تجارب فعلٍ حواريٍّ مع شباب كثر ومتنوّع، في المسارين المهنيّ والبحثيّ، أحاول دائما أن أجد مكانا لمعنى الرّوح فيه. وغايتنا في ذلك، تتجاوز الفهم والتفسير والتأويل، لترتقي إلى ما هو أعمق، وتسمح بحياة روحيّة تواصليّة مبنيّة على تبادل خصب بين الأنا والآخر. وهو تواصل مبنيّ بالمعنى الإنساني العميق، في لقاء مباشر، حيٍّ. لقاء، يتيح النظر إليّ واليك، ويحرّك السواكن، فيّ وفيك، وجها لوجه، ويزيل الحواجز... ويذهب بنا بعيدا خارج حدود الجسد، والزمان والمكان...فنرسم وعيا مشتركا، وعيشا مشتركا، وحقيقة اجتماعية تقرّبني منك، وتقرّبك إليّ، رغم اختلافنا أو توافقنا، على قاعدة التواصل الإنسانيّ، الهادف، والمثمر: والبنّاء...
أعلم أنّ هذا فعل يحتاج إلى استمرارية، وتضحية وديمومة، في زمن أخذت منّا الشبكات والاتصالات والتكنولوجيا الرقمية، والتقانة بفروعها وأدواتها وغاياتها الكثيرة...أفضل ما نمتلك، الروح في سكونها وطمأنينتها. حين تحوّلنا هذه الأخيرة إلى كائنات باهتة ومستهلكة، طلبا لإشباع ظرفيٍّ وهميٍّ. ولست -هنا- في موقف حياديّ أو إقصائي لمجتمع شبكيّ، نحن جزء منه ومن عالمه، ولكن نرغب في ذلك بوعي، وروح، وفائدة مرجوّة.
أحاول، وأحاول، وأسعى في كلّ لقاء مباشر، كما أفضّل، أن يتحوّل إلى تواصل مُنتجٍ. فأنا أعيش لأتأمّل وجودك فيّ، ووجودي فيك...وجود، يقتضي حوار الرّوح. حوار إنسانيّ عقلانيّ، ووجداني تبادليّ، لا مكان فيه للإقصاء، والتفرّد بالرأي. حوار، يعيد للذات إنسانيّتها المتبعثرة، في زمن الفردانيّة التائهة، والمتعالية، والحائرة... حوار، يكسر البهتة، ويخرجنا من التيه، والمتاهة، والغطرسة. حوار، في النّور، يكسر ظلام الأنفس بيننا. حوار الحب، والرحمة والاخوة في الإنسانية. حوار لا ينتهي ليضفي على روحنا تعقّلا على تعقّل، ويزيد من صمتنا صمتا وتأمّلا...فأنا وأنت خلقنا لنحب لنحيا بكل ما فينا من ضلع يتنفّس، ويحسّ ويشعر، ويفرح ويبكي ويحزن، ويظل حياّ بالحبّ. فأنا أحب إذن أنا إنسان.
#علي_الظاهري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟