أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صفاء سلولي - -فرح يختفي في المرآة- لرضوان العجرودي: سيرة ذوات لشاعر واحد















المزيد.....



-فرح يختفي في المرآة- لرضوان العجرودي: سيرة ذوات لشاعر واحد


صفاء سلولي

الحوار المتمدن-العدد: 7464 - 2022 / 12 / 16 - 18:32
المحور: الادب والفن
    


لطالما كان الجدل بين فعلي الكتابة والقراءة قائما: هذا الجدل الذّي يضعنا أحيانا أمام أسئلة عدّة طُبعت في أذهاننا نحن القرّاء وفي أذهان الكتّاب أيضا.
إنّ الكاتب المبدع يخرج النصّ من ملكيّته الدّلاليّة بفعل النّشر: أي أنّه قد يقصد دلالات معيّنة محدّدة لحظة الكتابة أو ما يمكننا تسميتها الولادة الأولى للأثر، ثمّ تأخذ اتجاهات تختلف باختلاف القراءات والمقاربات التّي اشتغلت بمنتوجه الإبداعي وقد تكسبه معاني لم تعنّ بالمرّة لصاحبها لكن النصّ يقبل ذلك التكثيف المعنوي كلّما انتقل من مقام إلى آخر.
أمّا بالنّسبة إلى القارئ على تنوّع هويّاته ومرجعيّاته فهو يحفر في ثنايا الصفحات ويبحث بين كلمات الأسطر عن الأنا الكاتبة: ماهي حدود حضور الذّات الحقيقية في الأدب نثرا أو شعرا؟ وهل يتحدّث الأديب عن ذاته أو عن ذوات أخرى؟ إلى أيّ حدّ يتواجد الواقع في عمله؟
وهذه الأسئلة لم تبق حكرا على السرديّات السيريّة التّي تصرّح بانتمائها إلى جنس السيرة الذّاتية أو ما يعرف بأدب التّراجم فحسب، إنّما تعلّقت بكل أنواع القول الأدبي حديثا وقديما.
في عتبات النصّ :
في هذا السّياق تتنزّل قراءتنا لديوان "فرح يختفي في المرآة" للشاعر التّونسي رضوان العجرودي محاولين تلقّف هذا الفرح باحثين عن بورتريه لمبدعه أو بورتريهات هي تتفرّع من أصل واحد إلى ذوات: الطفل، الرّاشد، الشاعر والكتابة، التجاذب بين الأنا وهم وهي وهنّ في نظرة مميّزة للعالم والعولمة والحرب.
يعترضنا الإشكال التّأويلي منذ عتبة العنوان التّي تمثّل نقطة اللّقاء الأوّل بين الهويتين الأساسيتين الكاتب/القارئ: لماذا اختار الكاتب عنوان "فرح يختفي في المرآة" لهذه المجموعة الشّعريّة؟
قد يكون الفرح مكشوفا عادة في الجسد أو في الإطار الذّي استوعب ذلك الجسد، بتفاصيله من بهجة ورغبة وموسيقى: بذلك الخطاب المشبع بالحواس أو بالروحانيّات.
لكنّه فرح خاص يختفي... ليس وراء حجاب بل في المرآة، وهو اختفاء استثنائي لأنّه يُرى ربّما بتجلّيه أمامنا في صور للفرح الفردي أو الجماعي في بورتريهات مختلفة لا تقدّم الفرح دائما، فقد تعرض الخيبة أحيانا التّي تصيب الفرد أو المجموعة.
لقد انتخب الشّاعر لكتابه نصّا للتّصدير نراه في غاية الأهميّة، إذ انتصر لتلك التوليفة من الثنائيّات المبنيّة على التّناقض بين الشّوك والأرجوان "فخرج يسوع خارجا وهو حامل إكليل الشّوك وثوب الأرجوان.فقال لهم بيلاطس"هو ذا الإنسان" يوحنا 19/16-1
وما الكينونة إلا ذلك الحضور في دوائر أزواج من المعاني، معان تقوم على الأمر وضدّه الجمال والقبح والخير والشرّ والحبّ والكره والأمل واليأس: وقد يكون الزوج الأهمّ في هذا الكون هو الأنثى والذّكر ليس بالمفهوم الجنسي المتوارث إنّما بأكثر عمق، وشاعرنا يرغب حتّى في "الملل الأنثوي" ضجرا من الذكورة المملّة أحيانا.

الطّفولة، الأمّ والمدينة والفطام:
افتتح الشّاعر ديوانه بقصيدة خاصّة عنونها بحكاية لا تعرفها أمّي ، فاستعمل معجم الطبيعة متشبثا بشجرة اللّوز والحصاد وحبّة اللّوز والسّنبلة ناظرا فيما علّمته أمّه من "إشعال النّار وحلب الشّاة وذبح الدّجاجة" وهذا الاحتفال بالحياة في وجهها البكر طبيعة ورضاعة وحبّا وطفولة، يمثّل الخيط النّاظم لنصوص هذا العمل.
هذه الأمّ قد "قطعت حبل السرّة بأسنانها"، دون أن تنجح الذّات الشّاعرة ربّما في بلوغ مرحلة الفطام الفعلي. فبقيت سجينة الذّكرى أو الحنين إلى الماضي، ماضي الطّفولة حيث يوجد ال"قاجو" أصفر وكان ذلك الطّفل يرتاح واضعا رأسه على ركبة أمّه.
هي لعلّها لا تعرف أنّه مازال هناك تحت شجرة اللّوز رغم أنّه اقترب من المترين طولا. ومازال يحتفظ بتفاصيل البلاد والعباد والعقيدة في مدينته التّي لم تغادره كما غادرها ولم يعد يزورها إلاّ نادرا غير أنّ أثرها قد انساب فيه مثل المعين الذّي لا ينضب، و قد وسمت رشده وتمثّله للأشياء ،وهو يسرد علينا "حكاية من النّبع" " واصلا من هناك
شيخ قريتي لا يحفظ سوى جزء عمّ
يحمل ختما ووصفات طبية ليست باسمه
لذلك أظنّ أنّه حفظ جزء عمّ سماعا
قبل أن أصل
ألبستني أمّي حفّاظات من ثياب بالية
أسكتت جوعي بخرقة كانت تخبّئ فيها السكّر
وفطمتني بصورة برتقالة"
نجده في مناسبات عدّة يشي بالطّفولة وقد كان "خرّيج مدينة غامضة" مدينة بسيطة "حيث الجميع يعرف أدقّ التّفاصيل عن بعضهم" البعض، وحيث لعبة الأطفال المحبّذة تتمثّل في سرقة التّفاح التّي تترك في أجسادهم الصّغيرة آثارها وشما نتيجة "جروح أغصان الأشجار" وحيث تبرّر الأمّهات رسوب أبنائهنّ وكلّ الأخطاء بحجج لا تخترعها إلاّ الأمومة وقد تقبلها الأذهان تعاطفا "تحت قمر تطاوين" مدينة الطفولة التّي نشأت في ظلّ مجموعة من الخرافات لعلّ من بينها أنّ القمر هو "امرأة علّقت من ثدييها...لإهمالها ولدها..."
وهل تهمل المرأة وليدها؟ نستبعد ذلك.... لكن هذا الضمير الذّي يخاطبنا قد قضى "ليال فاتحا " فمه "لقطرة حليب دافئة" تشفي صداه وهو المتشوّق لحليب أنثوي بقي عالقا في ذاكرة حواسه.
تطاوين التّي كانت تعنّ في ذهنه، هي صورة "حفرة يخرج منها القمر للعالم
إحداهن كان حلمها أوسع من حقل
خلعت حمالة صدرها
تعلّقت بالقمر وطارت معه
أراها تلوّح لي كلّ ليلة
بينما أنا هنا في تطاوين
أحرّك لساني منتظرا حليب ثدييها"
حليب امرأة القمر العجائبي لم ينعم به هذا الطفل الكبير الذّي ولد في "مدينة خجولة" كان "يرسمها بوضع علب الكبريت بجانب بعضها وهو يقول :
"لم نكن حفاة عراة، لكنّ التبوّل من برد المدينة كان تعبيرا جماليا
لو كان التبوّل في الشّوارع والسّاحات عملا ثوريا
فنحن ثوريّون حتّى المثانة"
وفي تقاطع بين الذّاتين ذات الطفّل وذات البالغ يضيف قائلا :
"انحسر المجرى الآن، بحجارة كلسيّة
ونصحنا الطبيب بماء الشّعير
الشّعير الذّي أنبتناه ببولنا حين كنّا ثوريّين حتّى المثانة"
لم ينس أن يحدّثنا عن خطواته وهو يختبر المراهقة طفلا يتوسّل "العلكة التّي طمس بها رائحة سجائره الأولى عن أبيه" و "قدّمها رشوة ثمينة لأترابه كي يمحوا اسمه من السبورة حين صار طالبا" وقد "كانت سلاحه الخفيّ كي يظهر مثل أبطال الويسترن" و"يخيف بها أصحاب النّدب العميقة. فهذا المراهق الطفل لم يكن هادئا ومهذّبا وفق تلك الصّورة النمطيّة التّي ترضي المجتمع، إنّما كان مثلا يقتص من المعلّم هو وأصحابه : " تبولنا من ضرب المعلّم، ثمّ بلنا على سيّارته التّعيسة
كانت مثاناتنا أكبر من المسيسيبي، وأغزر من أعاصير
آسيا البعيدة"
وعندما بدأ يسير في "طرقات الغريب" لم يغب عنه "دعاء طازج" أوصته به أمّه مفاده أن يلقي بالتّمر من نافذة القطار تميمة ربّما أو تبرّكا بثمار بلدته في الجنوب حتّى لا يضيع وسط زيف المدن المكشوفة.وهو الذّي قد مضى قدما في رصد مسالك أخرى تفوح منها رائحة العرق في "سكّة قطار تشتكي ألم المفاصل وربوا في أنفاقها" تعبا ووهنا، وحينها تشكلت عنده "أوّل صورة للرّاحلين": والرّحلة قد تكون اختيارا حينا واضطرارا حينا آخر، ومغامرة وجوديّة تحاول جمع شظايا الذّات وبعثها من رمادها تاركة خلفها أنهارا وأخاديد،أو ميلاد ذات جديدة بعد أن قضت أغلب حياتها سائلة "حتّى فاضت" الجيوب بالأسئلة:
"في الطّريق إلى النّهر حيث قررت أن ألقي الأجوبة
اكتشفت أنّ جيوبي مثقوبة
لم تعلق بداخلها إلاّ إجابة واحدة
أسأل عن لذّة الحلوى ذكرى طفولة
قبل أن تجيبني بنت نحلة خليتها فوق شفتيها"
هو لا ينكر أنّ قلبه قد قفز خارجه، خارج جسد الشابّ مرتميا في أحضان الماضي
"أين أنت يا قلبي؟ فأنا في ورطة
أمامي عمليّة قسطرة وبعض الزّيارات لأولياء صالحين"
وقد "كان في مكانه لسنين حيث وضعته الطبيعة
ضرب جذوته بماء الطّفولة
وتدفأ بصوف لهفة أمّي..."
علاوة على ذلك كان في غاية الطفولة في نصّ "هاتف إلى اللّه" :فكشف لنا عن ذلك الطفل الذّي يكون، وعجزه على أن يعتقد في ذات سرمديّة مفارقة متعالية مختفية بل لعلّ الذّات الإلهية كذلك هي ضرب من ضروب الفرح المختفي في المرآة، والمرآة التّي تعكس هذا الفرح: هو ذلك الفنّ، فن الخلق الموجود المبثوث في رحم الطبيعة ألوانا وأشكالا وأنواعا وأجناسا وأذواقا:
"يا إلهي، أتسمعني؟
أخبروني أن لا أولاد لديك
وأنّك تعيش وحيدا في سرمديتك
توزّع الحلوى التّي نظنّها شهبا
وعصيرا تسكبه في أفواه الأكوان نراه من هنا قوس قزح
أنا أيضا وحيدا في سرمديّة غرفتي
كلبي مات بالأمس، ونباحه يلعق أذني
لي نافذة تطلّ على نهر ينبع من عين سرمديّتك
يصب في دلوي المثقوب
سأكون صديقك لو تقذف لي الحلوى
سأدعك تحدّثني عن قصّة الوحش
أعرف أن لا أحد ينام قربك كي تحكي له
بإمكانك دعوتي للسّينما أوحديقة الأطفال إن شئت
أو علّمني السّحر يا اللّه
كي أجعل غرفتي مصنع حلوى أو سينما أو حديقة
أطفال
وأسدّ بنباح كلبي دلوي المثقوب"
هذا الطفل يعد الله بأن يمنحه صداقة ومؤانسة شرط أن يمدّه هو بالحلوى التّي يشتهي: هي طلبات تترجم تصوّرات الصبيّ لخالقه، وهي تصوّرات تصدر عن كل ما هو معقول في مقاربته للأشياء والقيم: فلا يمكنه أن يتخيّل ربّه بعيدا عن العلاقات الماديّة الملموسة وعن الرّغبات الحلوة التّي تسعد كلّ طفل.غير أنّ هذا الربّ ظلّ في مكان عل، كما تعلّمنا من آبائنا، في السّماء البعيدة التّي قد تمطر كرما كما قد تمتنع عن ذلك فيكون القحط.
الأنا/ هم، الحرب والوجع:
ونحن نتقدّم في تلقّي هذه الأشعار، ينتقل بنا الكاتب من بورتريه الطفولي إلى بورتريه البالغ الرّاشد دون مغادرة مضجع الصّبا تماما، في توجيه إصبع الاتهام لكلّ ما من شأنه أن يسرق الفرح من آدميتنا انطلاقا من الحرب هذا الفعل البشع القبيح: فيتخيّل رضوان العجرودي في قصيدته "ق" أن تكون الحرب لعبة طفولية تنتهي بغضب الأطفال من بعضهم البعض وإعلان الخصومة فيعمّ السّلام والسّكينة:
"ماذا لو أنّ الحروب صارت ألعاب طفولة
تقف الحكومات على الحدود
يلوّحون لبعضهم بالإصبع الصّغرى
وبإشارة من جنرال مهذّب يصيحون سويّا "ق"
هكذا حروب يستنفر الرّجال فيها لحدائق الألعاب
والنّساء لمصانع الحلوى
لا دم ولا قتلى
الغارات الممتعة تتمّ بقذف العلكة في أقصى الحالات
....
حرب ناعمة، لا تحتاج معاهدة سلام لشدّة متعتها
هادئة كحصة تصوير في روضة أطفال
حتى يقطع أحدهم حبل الأرجوحة"
لكنّ الحرب لم تمّح من عالمنا: دبّابات وطائرات ودم وقتلى وغارات زمن الحرب، في زمن وصفه بكونه "خرافة عن العولمة" :
"طمعا في نسق الحتميّة
سأشتهي سيجارة كوبيّة
وفتاة من البرازيل
وخبزا فرنسيا
جالسا على سطح الأبديّة
منتظرا الطّوفان الذّي سيحملهم إليّ
اشتهوا ما شئتم، وافعلوا مثلي
أنا أضمن لكم الطوفان وأعيركم حتميّة من العدم"
عبث العولمة وزيفها، لم يزد المعدمين إلاّ بؤسا والمتسلّطين إلاّ نفوذا، يرهق الذوات التّي حافظت على إنسانيّتها ولم تدجّن آلة حاسبة رهينة لأنانيّة الأنا التّي تتوق إلى الرّبح على حساب الآخر.
هذا العصر المشوّه قد أشعره بالتوحّد فصار يتمرّن في " الوديان والغابات" يطوّع أطرافه "للركض بلا انقطاع" فلديه "كيس مملوء بالصّدى
ذخيرة للعواء المجروح
قطران الظلمة التّي تتقاطر من عينيّ
رممت به مفاصلي من برد الوحدة
من يقنع أنيابي أن تنهش لحم الكلاب
وترأف بأرنب صغير ينط على مهل
من يذهب للنّهر بغرغرة تيس يتخبّط بقرن أخيه
ويأتيه خنزير لا يفزع عصافير في عشّها"
كما لا يغيب عن هذا البورتريه ذلك الجدل بين أنا وهم: "أنا ما بقي من ماء اسفنجة بعد عصرها
مهمّتي التقاط فتات الطّاولات محبطا النّمل قبل
خروجه
مسح خيبة انتظار الوحيدين في مقاهي الشّوارع
الخلفيّة
أيضا، أنظف المرآة، كي لا تحبط امرأة في الأربعين
إخوتي، المياه التّي بقيت في الإسفنجات بعد عصرها
صقل بناؤون وجوه جدران المدينة
مسحوا بهم زجاج السّيارات
وأثار الدم في حادث مرور بين حياتين وصدفة"
الإسفنجة تجتهد ساعية لتشذيب كلّ المشاهد اليوميّة الرّكيكة، كي تنطق صوت الفرح المكتوم وقد أراد صاحبها أن يصبح نهرا:
"حلمت أن أكبر وأن أصير نهرا
أن أقفز من شلال
أن أحمل مركبا خشبيا بين ضفتين
أن يسبح العشاق في صدري
أو حتى أن أخفي جثّة في قاعي
الآن أنا بركة آسنة
على مقربة من مدينة قذرة
تقفز على سطحي الضّفادع
وداخلي جثث عمال يحفرون ساقية تصل إلى حقل
العنب"
في بلد كثر فيه تجار الدّين، في بلد أصبح التكفير فيه ممارسة عاديّة، في بلد استبيحت فيه الدّماء، ينتصر العجرودي للحانات الآمنة التّي لا تعرف النّفاق:
" السكّيرون الذّين تسبّونهم هم أمن المدينة النّائمة
كلّما شربوا أكثر
وجد الأثرياء قوارير زجاجيّة أكثر
كي يكسروها
ويضعونها فوق جدران قصورهم
السكيرون يملؤون الشّوارع التّي يخافها الشّرطيّ
يحدثون الجلبة ويستثيرون الكلاب
صراخهم لا يصل أبعد من ظلالهم
بقشيشهم مغمور في الحب والحليب
علمياّ، جودة الخمور تقاس بضحك السكّيرين
وعربدتهم"
متعاطفا مع المشرّدين والمنتسبين إلى "مناجم الفقراء" و "متحف المخذولين" :
"أولئك الذّين جاؤوا وهم يحملون الضوء لشعوب
الظلمة
انتهى بهم الأمر محنّطين في متحف المخذولين
حيث وضع العشّاق خلف جدار زجاجيّ
بقلوب مفطورة وتجري دماؤهم في ممرّات لولبيّة
تملأ الوشوم أجسادهم
وتخشّبت أصابعهم على جباههم من هول الحيرة"
وكأنّنا بهذا الشّاعر يتعاطف مع كلّ المظلومين في عصره، فقد احتفل بالإنسان في كونيّته. ولم يبق في جغرافيّته المحدودة فقط، فكان يكفر بعبثيّة الحياة والثّروة التّي تكدّست في جيوب وغابت عن جيوب أخرى وبالبطون المنتفخة مقابل أجساد نحيلة وبأصوات مزعجة طغت، مخرسة للأصوات اللّطيفة.
هو ينتقل منا من الصّحراء إلى المدينة ومن السّنبلة وحبة اللّوز إلى الكوكا كولا والهابرغرغ... ويلخص سيرته سخطا في "قصّة قصيرة":
" لو تطرح من حياتي
ساعات النّوم والتّدخين
لأمكن كتابتها على شاهدة قبر
أو تقدّم كفيلم قصير على هامش مهرجان
مثل الهامش الذّي أعيش فيه
أقصر من عادة شهريّة
أطول من خبر عن موت عصفور نادر".

الأنا والمتخيّل، أنا المعرّي:
لعلّ شاعرنا كغيره من أسلافه الشّعراء يؤمن بنبوّة الشّاعر، بل هو ذلك الحامل لهموم جيله وآدميّته ووعيه مسلّطا الضوء على مواطن الخلل في واقعه: فهو يذكّرنا بالمعرّي في رسالة الغفران حين أقام يوم القيامة وجعل القوم يمرّون على الصّراط وصنع جنّته وجحيمه المتخيّلين، فالعجرودي رحل بنفسه إلى جهنّم وأرسل منها رسالته إلينا:
"أخاطبكم الآن من الجحيم
وصلت متأخرا كعادتي لكنّي لم أجد أحدا
وحدي هناك، وحدي هنا
أعيش رتابة الجحيم
بطرقاته وسيّاراته البطيئة
بنفس السّأم الذّي تركته عندكم
الجحيم لا أحد يعرفني فيه
بينما كلّ الذّين ظننت أنّهم نجوا منه وجدتهم فيه
زوجات شعراء نكدن حياة أصدقائي هناك
إشارة حمراء في طريقك إلى المطار
شهداء على وجه الخطأ
الجحيم لو شئت وصفه هو "المسافة بين شفتي
مخرج
خلال تصوير مشهد درامي في فيلمه الأوّل
مكتوب على باب الجحيم "لا تستعمل رئتيك في
الدّاخل"
أنا أنصحكم بعدم المجيء إليه
فها أنا أخاطبكم الآن بشفتي المخرج
أقتل البطل ولا تقتلع الشجرة"
هذا الجحيم هو جحيمه الذّي رآه محافظا فيه على عادات دنيويّة تتمثّل في الوصول إلى المكان متأخّرا، لكنّه ليس الجحيم الذّي كان يظنّ ربّما : جحيم مشحون بمن كانوا أحياء فعلا في الدّنيا (رفقة طيبة وسمر ونقاش وخمر وحلم وعبور) لم يعثر على ذاك الجحيم الجميل المغري حيوية وخلقا وعقلا، ليجد المنافقين وأهل النّكد و"شهداء على وجه الخطأ" (هويّات ناقصة عرجاء يمقتها) كان يعتقده أنّ مآل هؤلاء هو الجنّة. لكن قد خاب اعتقاده.
وفي جوهر هذا الدّيوان، نصّ هو نفسه كان عنوان الكتاب "فرح يختفي في المرآة" ، يناجي عبره الشّاعر الحياة والسّعادة مستعيرا لهما صفات المرأة المتغزّل به المرأة الحبيبة، المرأة المعشوقة، المرأة المطلوبة: فيطلب من الحياة الزواج "ولو ليلة واحدة" طمعا في مضاجعة الحب ومن السّعادة حضنا "ولو لفصل واحد".
والطريف أنّه خاطب الخيانة مخرجا إيّاها من دائرة الصفات المنبوذة المستهجنة، لتكون الخيانة فرصة لإقناع الحبيبة "أنّ غيره يهتمّ لأمري". فيبعث فيها شرارة الغيرة ويحمّس عواطفها.
أمّا النهاية فيرجو أن تتأخر، لأنّ الجحيم لم يرق له ولأنّه لم يتقاطع بعد مع حيوات ممكنة تليق بحياته.
فهذا العالم رغم ثقله وفوضاه، نجده عالما قد لفّه واختزله في كومة:
"قبل النّوم، وضعت العالم تحت وسادتي ونمت
ليس خوفا أن يضيع بل كي أنساه حين أخرج صباحا
أرهقني حمله معي
إلى المقهى، إلى العمل، إلى المقهى ثانية
هو أيضا أرهقه حملي
لم أجن من ورائه سوى صداع نصفي منذ حرب
الثّمانينات"
وقد عبّر في هذه المساحة الشّعريّة النصيّة عن انتشار رائحة الموت، نتاج الحرب والانتحار الفردي أو الجماعي: وفكرة الموت عنده لا تتعلّق بالنّعش والمقبرة والجنائز فحسب إنّما الموت روحا كذلك،عندما تتشابه الوجوه وتصبح جميعها بيضاء دون متون دون أهداف دون حياة كالملح مثل الكفن. وتصير كلّ الحروب "لا فائدة منها" ويصبح الفرد "شاخصا في السّقف" لا نجوم فيه بل هو اسمنت مطليّ بالبياض يعكس وجه الأيام الشّاحب.
وأراد الاستقالة من غده راكضا برجل خشبيّة:
"متّشحا بالهويّة تخرج من تحت الأظافر
بالموسيقى من صوت لعق الكلاب للماء الرّاكد
تلقفتني في الحياة أوبئة حريصة على سلامتي أكثر من
العقاقير"

الأنا، هي/هنّ والحبّ:
إنّ الشّعر رغم تلوّنه بكل المواضيع المتعلّقة بالإنسان والوجود، فإنّه يبقى في أذهاننا أقرب إلى المشاعر والشّعور والعاطفة والهوى وكلّ تلك المواضيع التّي لا تستعذبها الذّائقة الشّعريّة العربيّة فحسب إنّما الذّائقة الإنسانية بوجه عام.
إنّ الحب مبثوث في أسطر هذا الأثر: حب الجمال، حب الأم والإنسان والسلام والخمر والحياة وحب جمال القبيح تبوّلا وموتا وانتحار وجروحا.
لكن الحب الذّي سنقرأ في هذه المرحلة من قراءتنا هو بين ابن من أبناء آدم وبنات حواء المتعدّدات، وقد ينطلق عبر حركة فاسدة":
"معها، جاءني الحب من جهة الرّومنطيقيين الأوائل
بالتّرانيم الكنسيّة ونثر الحب للحمام
بالماء والسكّر ودوران الدّراويش
بين سعادة اليهود وندم النازيين اليتامى
جاءت بحبها مثخنا وبأغاني العشّاق
بينما خطيئتي وشم أخضر على ذراعي
حدّثتني عن أكاليل الطّهارة...."
هو حب صوفيّ يصل إلى درجة الحلول فكأنّه الحلاّج وقد حلّت فيه ذات مقدّسة نقيّة لا دينيّة لكنّها تشبه الفرح في كلّ الأديان مثل "قوس قزح" ، وهو حبّ وفيّ لعصر العنكبوتيات "البارحة وما قبلها كانت صورة عبر الأثير" و "اللّيلة جاءت بأبعاد ثلاثة" وكانت حريقا "وعطرها رائحة احتراق الصدى" .
كلمة الحبّ عند هذا العاشق "فقاقيع برائحة اللّيمون" "يواسي خوف غزالة " وقد "يمسح دمعة فيل" والحب أيضا هو "مهنة الأمهات" وحب الاختلاف والقبلة المشتعلة بين جسدين عاريين في الفلاة، هو ترديد للأغاني الغجريّة، و هو وشم لا يزول عن الجسد والرّوح.
هو كريم في الحب فلا يريد ل"حبيبات الظلّ" أن يشتكين الوحدة "وشحّ الحب في عيونهنّ" فأكرمهن بالغزل الدافئ تلبية لنداء الأنثى التّي تحب أن تكون حبيبة ومحبوبة حتى عبر الكلم.
ماهية الحب في هذا الفرح هو قدر أواختيار، قد لا يخضع لإحداثيّات الكون يتحكّم فيه الجنون ويتهافت فيه العقل الآلي المضبوط، له بوصلته الخاصّة بدايته الفرح لكن قد يأخذ مسارات أخرى بين الهوى والهواء وبين الصّدق والوهم.
"فوهة بركان
لا تأمنه
لا تسكن على سفحه
لا تغفل عن بنات أفكارك ترعى قربه
حتّى علماء الجيولوجيا يخافونه
دخان الاحتراق المتصاعد منه أخطر من سكونه
المغامرون يجنون منه كنزا
المخبولون ينتحرون داخله إن لم تقتلهم حممه"

الأنا، الشّعر والكتابة:
منذ القديم كان الإنسان يخشى حتميّة الموت والنسيان ويشقى بسبب مأساته أمام اللاّمعنى والخواء.إذ يخلق في هذا الكون دون اختيار وقد يغادره أيضا دون اختيار، وهي مسألة تشعره بالقلق والعبث. ولعلّ هذا المشكل هو الذّي جعله يخترع طرائق لكسر شوكة هذه الأمور الحتميّة، ومن بين هذه الطرائق نذكر الكتابة بكل أنواعها.
فهي التّي جعلتنا نعلم تفاصيل أهل الملل والنحل القدامى وشعائرهم وطقوسهم وتفاصيلهم، وعبر الكتابة نجح الكتّاب في تخليد أسمائهم وسيرهم وفي بعث الحياة في أفكارهم رغم موت أجسادهم.
ومن بورتريهات العجرودي، الأنا شاعرا كاتبا أراد عبر الكتابة أن يطلق سراح ما حبسه في فؤاده في غفلة من رقابة المجتمع في "اقتحام فاشل":
"الكتابة أشبه بسرقة بنك
عليك أن تدخلها متخفيّا
وأن تخرج قبل أن يفتضح أمرك
هكذا بدت لي وأنا أحاول أن أكتب عنك
أتمطّط على أطراف أصابعي
محاولا تجاوز عتبات الأشعة الحمراء
بعيدا عن كاميرات المراقبة
أكتب عن خصلة شعر مخفيّة
عن رائحة العطر المتروكة وحدها على مقعد سيّارة"

ومقاصد الكتابة عنده هي أن يفضح علنا كلّ ما تزيّنه أو تخفيه الملابس الأنيقة ومساحيق التجميل وربطات العنق ومعاهدات السّلام فعرّى العالم، طبقيّة واستعمارا وعنصريّة وسرقة وأنانيّة: عالم يتسع للبعض ويضيق بالبعض الآخر، أبنية عالية ناطحات سحاب تخفي الشّمس عن أهل الحياة أصحاب الأرض الحقيقيين. أراض تتآكل وأخرى تتسع: كلّ هذا في نظام العولمة المجيد حيث الإنسان لم يعد هو الإنسان.
"أخي الشّعر
مغارة حفرها الضوء في صدري
وهوى سقفها بديناميت الظلمة
مهجورة حتى صار كربونها ماسا
الجميع مرّوا بها، سرقوا ذهب عظامي وياقوت عيني
لوّثوا مأساتها اللاّمعة
مخلّفين رأس كلب وريش نعام تمتموا به لتفتح لهم
لم يتفطنوا لزهرة نديّة تمدّ وريقاتها
تستضيء من شرخ في كتفي
...
يقف الشّعر مثل مدرّعة في صحراء يحرسها"
فقد تكون الكتابة علاجا لكلّ ما وهن فينا كما قد تصير حملا يوقظ الوعي ويثقله بعينين مفتوحتين على نوافذ تطلّ على حدائق حينا وعلى مجمع نفايات حينا آخر.


فسيسفاء من البورتريهات

فرح يختفي في المرآة" يعرض لنا ذوات لسيرة واحدة، سيرة أخذتنا ورست بنا في عدّة محطّات من الطفولة إلى المراهقة إلى الشباب، من السّقم إلى الشّفاء، من الحلم إلى اليقظة، ومن خشونة الصّحراء إلى نعومة المدينة: في رحلة شعريّة تحدّثنا عن القمر والخرافة وتنّورة الحبيبة وقبلتها وصفاء المخمورين وهشاشة الجدران والتزام الكتابة والأمراض النادرة والعطش والشوق والحياة.
لكنّ كلّ هذه الذّوات تذوب منصهرة في "حجر البولينغ" عندما ينتصب الشّاعر مخاطبا نصوحا معبّدا أمامنا طريق السّعادة:
"أنصحك ان تبدأ في جمع ما تقدر من السّعادة
املأ حقائبك بها
جيوبك وما تستطيع من أوقات فراغك
سدّ بها ثغرات حزنك وسدّد بها عجزك العاطفي
خبئها لأيامك القادمة مثلما يفعلون مع الخمور
ستسكر بفرح قديم يوما ما
وأنت ترفع نخب الحزن الذّي سيعمّ عمّا قريب
أنصحك أن تبدأ
ثمّة كرة تتدحرج نحوك
سيسقط كلّ ما تعرفه عنها
لتبقى واقفا وحيدا مثل حجر البولينغ
ينزل أمامه مزلاج الحزن الأبدي."

إنّ الكتابة ومنها الشّعر كلام حديث جديد، يتجدّد كلّما أعدنا قراءته وغيّرنا من زاوية رؤيتنا فيبوح بمعان ودلالات أخرى تختلف من زمن إلى آخر وإن كان القارئ واحدا.
الكتابة والقراءة وجهان لعملة واحدة: هي حياة المعنى وحيويته. وهذا الفرح الذّي اشتغلنا به لم يفتح عينيه على بيئة واحدة ولم يتكلّم بلغة واحدة ولم ينسب إلى جنس واحد، هو فرح أو محاولة للفرح تدور في فلك الآدمي جنسا ومعجما واهتمامات وأهواء.



القائمة البيبليوغرافية
المصدر
العجرودي رضوان ،فرح يختفي في المرآة، تونس بوسالم،دار الفردوس للنّشر والتّوزيع، ط1،2020
المراجع:
بلعابد عبد الحق ، عتبات ( جيرار جينيت من النصّ إلى المناص) ، لبنان، الدّار العربيّة للعلوم ناشرون، ط1،2008
خضر العادل ، القصّ والماليخوليا في الحكايات والمواضيع الضّائعة، تونس، الدّار التّونسيّة للكتاب، ط1 ،2017
طريطر جليلة ، أدب البورتريه النظريّة والإبداع، تونس،دار محمد علي للنّشر،ط1،2011،ص8،



#صفاء_سلولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من غير جواب
- الموت لا يليق بها
- بغل عقيم
- نصف الوجع
- العهر الحق
- جسر العبور
- أشتاقني
- وحدة مؤنسة
- صباح برائحة القهوة
- في زاوية سيدي عمر في الكرم
- وثنيّة جديدة
- ندوة أدب المسعدي في عيون الباحثين الشبّان
- نحو ردّة جديدة
- اللّه في حماية المتديّن


المزيد.....




- والت ديزني... قصة مبدع أحبه أطفال العالم
- دبي تحتضن مهرجان السينما الروسية
- الفرقة الشعبية الكويتية.. تاريخ حافل يوثّق بكتاب جديد
- فنانة من سويسرا تواجه تحديات التكنولوجيا في عالم الواقع الاف ...
- تفرنوت.. قصة خبز أمازيغي مغربي يعد على حجارة الوادي
- دائرة الثقافة والإعلام المركزي لحزب الوحدة الشعبية تنظم ندوة ...
- Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق ...
- الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف ...
- نقط تحت الصفر
- غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صفاء سلولي - -فرح يختفي في المرآة- لرضوان العجرودي: سيرة ذوات لشاعر واحد