|
انعكاسات امرأة
ايناس البدران
الحوار المتمدن-العدد: 1698 - 2006 / 10 / 9 - 09:38
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
انتفض المنبه زاعقا بصوته المسلوخ ، معلنا بدء يوم جديد كعهده كل سادسة صباحية ، ليمعن في ايقاظها من راحة طارئة أبت ألا تزورها ألا قبيل الفجر . تلمست موضعه على المنضدة قبل ان تخرسه بلطمة من كفها لتفتح جفنين مثقلين بالنعاس على ذات الاشكال الهندسية التي تتقاسم الجدار ، اشاحت بوجهها وهي تتمتم في سرها : - لم يحرص الناس على التقاط صور غاية في التأنق لمناسبة يصعب التنبؤ بما يليها .. أ ليقارنوا من خلالها بين الخيال والواقع ، أم ليروا ما آل اليه حالهم بعد سنين ؟ كأنها في سباق مع نفسها والوقت كالسيف المسلط وسواء قطعته أم لم تقطعه فأنه ممزقك ، يا لها من افتتاحية متفائلة تبدأ بها يومها السعيد ؟ منذ مدة ليست بالقصيرة يخالجها شعور بأنها قارورة معرضة للكسر ترسب المرارة بقاعها ، ويطفو على سطحها حزن مغلف بمرح ساخر ، تماما كقشرة السكر التي تحتضن قرص دواء انتهت مدة صلاحيته ، او ( كالمكياج) الذي نخفي خلفه شحوب ايامنا دون ان ننسى زيفه وسرعة زواله . سارت في البيت شبه مترنحة دخلت المطبخ واتجهت صوب المذياع لتحرك بأناملها قرصه البارد .. العدو يقصف يجتاح .. سارعت القوات الى تطويق .. كما بادرت الى تشديد الإجراءات الأمنية .. مباحثات لايقاف القتال الدائر في .. حدثت نفسها :- دائما اخبار و تصريحات يعقبها في الغالب تعليقات او تحليل سياسي .. لغو كثير .. لم لا يختصرون كل هذا بالقول اننا سنظل نطبق شريعة الغاب حيث الغلبة للأقوى ، والغاية تبرر الوسيلة . لم ننافق ايامنا كبائع لزج يروم اقناع ساذج بسلعته البائرة ، ونعد افطارها بشهية خاوية متعللين بأننا نتغدى بها قبل ان تعشى بنا ؟المذياع يعاني فصاما يأرجحه بين هم لايطاق وايقاع غناء غرائزي ، القرص يدور في حلقة مغرغة تائه خارج مجرة الحياة الطبيعية ، قرع غجري بدائي منبعث من آبار تخلف يقطع جذور الماضي ليعوم ما تبقى من ايام في فراغ زئبقي بلا ملامح . اخيرا اهتدى الى محطة بعيدة تبث موسيقى ناعمة هدهدت اعصابها المتعبة كأنما لتعتذر عما يجري عما حولها من سعار . تنهدت وهي تطل من النافذة على مدينتها التي كانت قد بدأت تنفض عنها غبار الليلة الماضية وتطوي جناحها على نحيب مكتوم ، بدت المدينة صامتة عصية على الفهم ، سماؤها قصية قصديرية ، دموعها تسبح في الغيمة ، والغيمة تنأى عنها بالمطر . انتهت من اعداد الفطور وقبل ان تزفر ارتياحا تذكرت ان عليها تجهيز الغداء اذا كانت تروم حضور ندوة " تأهيل المرأة لقيادة منظمات القرن الحادي والعشرين " . قطع سلسلة افكارها دوي انفجار قريب نبه القلق المستيقظ فيها .. هاهو الصداع يطوق رأسها من جديد بطوق كالحديد .. انبجست الدموع الحبيسة من مقلتيها لتغسل خديها بكحل اكد بائعه لها بأنه ( ووتر بروف ) واخذ لأجل هذا ما أخذ من نقود .. الكحل يجرح بزيفه عينين مازالتها تؤمنان بالجمال ، بالنسبة والتناسب لكل مايعلق على الجدران وينعكس في المرآة من تشكيلات تغري بالتفكير بأن الانسان انما وجد ليعيد ترتيب الاشياء بعقل ، وليحب الحياة بولع .. همست في سرها : - لعلنا لم نختر مصائرنا لكننا اخترنا الرضوخ لها . حتام تتابع هربها كأرنب مذعور في قفص جريد ، بقلب متسارع النبضات متقلب كتقلب صروف الدهر . وكيف تعلن ان حريتها المزعومة ما هي ألا قشرة السكر الهشة التي تحيط حبة الدواء الخطأ .. وأنها الاصباغ الزائفة التي تثير الاعجاب لبرهة لكنها لاتنسيك ما تخفيه خلفها من وجع مزمن كئيب . وهذه الافكار التي تسبح في رأسها كدوامات تعج بأسماك القرش المتربصة ، اذن ما جدوى الحلم بمدينة فاضلة مع ارض عائمة فوق بحر من .. الخوف ؟ واين هي وسط هذا الكم الهائل من البشر؟ مجرد رقم فقد صوته فعاش بلا صدى ، كالصفر يمخر بمفرده فراغ المسافات تساوى لديه اليمين مع الشمال . كأنها متاهة تروم فيها الاستدلال بأية علامة وان كانت علامة تعجب او استفهام او حتى نقطة نهاية سطر . نقطة كقطرة سوداء منكمشة على نفسها تتسلل اليها لتغفو كطفلة فوقها او تختبيء في ظلها . صوت الصغير يطرق سمعها وهو يراجع محفوظاته ( يا بط يابط .. قل للسمكة أتت الشبكة ) ، قالت بأمتعاظ كمن يحدث نفسه :- ما هذا الهراء الذي نلقنه صغارنا .. متى كانت البطة تخاف على السمكة ! ؟دمها نمل احمر يقطع المسافات بين الشرايين ودقات الساعة اللجوج ، لا أمنية تقدر ان تعيش مدة الانتظار الأبدي ، والقلب طفل انفطر بكاء على قطرة .. صدق . يوم الاجازة تحتاج بعده لأجازة .. الابن الاكبر يرقبها تعدل من هندامها قبيل الخروج ، يحاصرها بأسئلته . - أمي لماذا تهتم المرأة بجمال مظهرها ؟ لسؤاله طعم الصدأ ، كأنه ود لو قال " أمي لماذا لاتبحثين لك عن تربة لتندسي فيها متلفعة بالسواد حتى يوافيك الأجل ؟ " قالت : -حتى انت يا .. ثم اكملت محاولة ترويض صبرها . - لأنها كائن يحب الجمال .. والعطاء . سؤاله اجج داخلها اصرارا من نوع ما ، وفي ذات الوقت هداها الى حقائق صغيرة ماكانت لتفطن لها لولاه .
#ايناس_البدران (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مع أول خيوط الفجر
-
مع أول خيوط الفجر
-
نقد نظرية السرد / الحداثة ومابعدها في العمل الروائي
-
تحت المطر
-
تداعيات الاختزال في القصة القصيرة
المزيد.....
-
إدارة بايدن خططت لإنفاق 32 مليون دولار على الختان في موزمبيق
...
-
كاميرا ترصد لحظة مذهلة.. غرباء يساعدون امرأة في الولادة في م
...
-
كيفية التسجيل في برنامج منحة المرأة الماكثة في البيت بالجزائ
...
-
امرأة متحولة جنسيا تحول حياة صبي عمره 14 عاما إلى كابوس في م
...
-
“هتقبضي 8000 دينار شهرياً”.. التسجيل في منحة المرأة الماكثة
...
-
وفاة امرأة وابنتها متأثرتين بإصابتهما بهجوم ميونخ
-
رابط تقديم منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 الجزائر
-
“قدمي الآن”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت
...
-
في ليلة عيد الحب.. إطلاق نار على امرأة في حانة ببريطانيا
-
ملامح امرأة غامضة تحت لوحة لبيكاسو.. ماذا نعلم عن اللغز؟
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|