مجتمع المعرفة ضمن ثنائية الابداع والخطر (١_١)

وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 7464 - 2022 / 12 / 16 - 00:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

مجتمع المعرفة ضمن ثنائية الابداع والخطر (١_١)

تحديد المفاهيم

ماهي المعرفة

ماهو المجتمع

ماهو مجتمع المعرفة

ما هي المعرفة :

المظهر اللغوي لكلمة معرفة :

تظهر كلمة " معرفة " في اللغة العربية مشتقة من الفعل " عرف " ضمن مستويات مختلفة من الفهم والمعنى ، فمرة تظهرمرتبطة بالاعتراف من خلال قولهم " ما أعرف لاحد يصرعني " (1) أي ما اعترف لاحد بذلك الامر ،ومرة بمعنى الارتفاع كما يقال في " اعرورف البحر اي ارتفعت امواجه " وتأتي ايضا مصاحبة للصبر والتأني في المعرفة ، اذ يقال " اصيب فلان فوجد عارفا " (2) وتأتي ذات صلة بالعلم والسلطة والبحث عن المجهول ، فكل ذلك الامر يجعل العارف والعريف والعراف متقدما على بقية المجتمع ، فيقال " عريفا " وهو من كان دون مستوى الرئيس والجمع عرفاء ، وكذلك يقال " عرافا " اي ذلك الشخص الذي يمتهن الكهانة والتطبيب في الازمنة القديمة ، وتأتي اخيرا مرتبطة بالجمال من خلال قولهم " امرأة حسنة المعارف " اي بمعنى جميلة الوجه وتمتلك الحسن والجمال . وهكذا تبدو اكثر المعاني والتوضيحات عن كلمة معرفة وجذرها اللغوي مرتبط بالعلم والسلطة والتقدم والارتفاع والبحث عن المجهول فضلا عن ارتباطها وتمثلها للجمال والحسن كما اسلفنا اعلاه ، وذلك ان دل على شيء فانه يدل على استيعاب اللغة العربية لكلمة معرفة ضمن صفات متعددة وليدة العلاقة المعاشة مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي الذي انتج هكذا تصورات ورؤى عن المعرفة ودورها المختلف والمتعدد داخل المجتمع . اما ما يقابلها اي مفردة " معرفة " في اللغات الاخرى فاننا نجد " قاموس المورد الوسيط " يعطيها عدة مترادفات ومتقابلات في اللغة الانكليزية ، فمرة تظهر بمثابة " العلم والدراية والاطلاع والمعلومات والوعي والادراك والاخبار" ضمن مترادفات لغوية متعددة فضلا عن المعنى الاساسي لها وهي كلمة معرفة (3) اما قاموس روبير الفرنسي يعطي تعريفا اكثر عمقا لمصطلح او كلمة " المعرفة " وذلك من خلال وصفها ب " عملية وضع منهج لفعل او صناعة المعرفة " والعبارة التالية توضح ذلك الامر " fait ou la moniere de ، فضلا عن كونها تحمل معان متعددة من المعرفة البديهية والادراك والوعي والشعور والفهم . (4) (
" connaitre "

المظهر الاجتماعي لكلمة معرفة :

يتحدد المظهر الاجتماعي لكلمة معرفة ضمن جاهزية التحليل والتعريف والوصف من خلال مجموعة تصورات يبديها علماء الاجتماع عن المعرفة وطبيعة دورها وحركتها داخل المجتمع ، فهذا كوندروسيه يجعل المعرفة متشكلة على اساس التوافق التام بين الواقع الاجتماعي والنسق المعرفي السائد ، الامر الذي يجعل عملية اكتساب الثقافة والمعرفة ذات صلة بالواقع الاجتماعي والنسق المعرفي السائد ، بحيث تغدو جميع التطورات المعرفية ذات سلسلة متواصلة من التوافق وعدم الانفصال عن الواقع الاجتماعي والنسق المعرفي الجاهز ، اي ان التقدم المعرفي يمر ضمن مجال واحد اوضمن حركة واحدة (5). اما سان سيمون بالرغم من اختلافه مع مثالية كوندروسية التي تقدم المعرفة على الواقع الاجتماعي إلا انه يؤمن ايضا بوجود " توافق ثابت في كل العصور ولدى جميع الشعوب ما بين المؤسسات الاجتماعية والافكار " (6) وهنا أيضا تظهر المعرفة من حيث النشأة والظهور مرتبطة بالواقع الاجتماعي الذي ينطوي على المؤسسات البشرية سواء كانت بدائية او متطورة وبين الافكار او المعرفة ، بحيث يدرج سان سيمون ذلك الامر لدى العصور كافة من غزو واسترقاق وقنانة وزراعة او من عصور لاحقة من تجارية وصناعية او تقنية ، كلها يندرج ضمنها الواقع الاجتماعي والمعرفة السائدة . في حين نجد اوغست كونت يفكر ضمن اطار العلموية متأثرا بكوندروسية من خلال اعطاء المعرفة دورا رياديا في تكوين الاطر الاجتماعية ، وهنا يقصد كونت بالمعرفة العلمية " الوضعية " التي في حالة تحققها من الممكن ان تنفصل عن الاطارات الاجتماعية (7) وهنا لا يجعل كونت المعرفة في حالة انفصال عن النسق الاجتماعي او الواقع الاجتماعي في مراحل التأسيس المختلفة للمعرفة ما قبل العلمية بل هو يجعلها فقط ضمن حالتها " المعرفة " الوضعية فحسب منفصلة عن الاطر الاجتماعية السائدة وتوجهها . اما اميل دوركهايم فانه يعطي الاهمية للمعرفة وهي في حالة تزامنها مع البنية الاجتاعية المنتجة لها ، والتي هي بالتاكيد غير منفصلة عن مكان نشأتها وولادتها ، اي ان دوركهايم يجعل المعرفة مؤطرة زمانيا ومكانيا بالبنية الاجتماعية وما تنتج من معارف مطلقة او نسبية وفقا لطبيعة هذه البنية الاجتماعية ، وهذه الاخيرة خاضعة للتغيير مع تغيير الزمان والمكان والظروف والاحوال (8) ، بينما ينظر اليها لوسيان ليفي بريل من خلال التجربة البدائية للوجود متمثلة بالادراك كفعل شعوري مباشر للوجود ، في حين تبقى في نظرة الرموز ماهي إلا " ادوات نقل او ناقلات وحاملات للمشاركة " (9) وليفي بريل هنا يعتمد على التجربة البدائية المباشرة في اضفاء التأثير والتمثل الاجتماعي للمعرفة . اما كارل ماركس فانه دائما ما يجعل المعرفة وليدة الطبقة المنتصرة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ، وبالتالي هي مرتبطة بالوعي الطبقي او هي بمعنى اخر انعكاس لوجوده المادي المعاش . (10) وهناك ايضا كارل منهايم الذي يحلل المعرفة من خلال تمازجها مع ثلاثة مستويات تتمثل في المجال النفسي للفرد ومنطق الوجود الخاص به واخيرا هناك المشكلة الانطلوجية او مشكلة الوجود التي كثيرا الهمت الانسان واعطته الكثير من الدوافع لاجتراح الاسئلة والبحث عن الحلول والاكتشافات الجديدة في كل مرحلة زمنية ثقافية واجتماعية . (11) بقي لدينا اخيرا ( فلورين زنانيسكي ) و ( ليندربرك ) الاول يعتبر المعرفة " حقلا مستقلا عن الواقع الاجتماعي " وبالتالي تغدو الحقيقة ذاتها غير مكتشفة وبعيدة الوصول اليها ، وذلك لان المعرفة مستقلة ومنفصلة عن الواقع الاجتماعي في نظر زنانيسكي ، في حين يختلف ليندربرك معه عندما يقول بان الواقع الاجتماعي لا يمكن فهمه إلا من خلال الرجوع الى رموزه الخاصة به او" وبواسطة قوة حواس العالم " (12) وهنا يعطي الإمكانية في ولادة معنى معين او حقيقة معينة يمكن القبض عليها من خلال شخصية الفرد ذاته التي تمتلك بدورها طاقة ماخوذة من طاقة الكون كما يعبر عن ذلك الامر ضمن نظرة مثالية غير مفهومة الى حد بعيد .

#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات