|
كناطح صخرة يوما ليوهنها..
أحمد رباص
كاتب
(Ahmed Rabass)
الحوار المتمدن-العدد: 7461 - 2022 / 12 / 13 - 07:58
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
في يوم فاتح ماي 2014، نشرت الجريدة الإلكترونية المغربية "هبة بريس" مقالا لعبد السلام أجرير الغماري بعنوان "ردا على شبهة محمد عابد الجابري في مسألة (فتنة المرأة). في بداية المقال، يعترف الكاتب بمحمد عابد الجابري ك"أحد الفلاسفة المغاربة المعاصرين المشهورين المهتمين بفلسفة ابن رشد الحفيد وبالعقل العربي"؛ وذلك في معرض الإشارة إلى ماقاله الأخير عن فتنة المراة في مقال له بعنوان "المرأة… المفترى عليها". في هذا المقتطف ينفي الجابري ان يوجد في القرآن الكريم ما ينص على أن المرأة "فتنة"، ولا أنها تفتن الرجل، بل الرجل هو الذي يُفتتن بها. وإذا كانت المرأة -يقول – تجذب الرجل ليفتتن بها فالمسؤولية أولا على الرجل؛ لأن المطلوب منه "غض البصر". أما القول بضرورة فرض نوع من الحجاب على المرأة حتى لا يفتتن بها فهذا يخالف نص القرآن {ولا تزر وازرة وزر أخرى. بعد ذلك، يتساءل الجابري عن الداعي إلى تحميل المرأة وزر الرجل لكونه لا يستجيب للآية التي تدعوه إلى غض البصر؟. أما إذا فرضنا أن امرأة استثارت عمدا أحد الرجال وأنه استجاب لإغرائها فالذنب ذنبه تماما كما إذا استثارت قنينة خمر شهوة الرجل فشرب منها، فالذنب ليس ذنب القنينة، يحاجج مؤلف "نحن والتراث". ما تبقى من جسد المقال صيغ على شاكلة خمسة ردود أسماها وقفات. في الوقفة الأولى، يلمح الكاتب إلى أن الجابري، باعتبارها فيلسوفا، لا يعتد بآرائه كلما تعلق الأمر بالأمور الدينية، التي يبقى علماء الشريعة الملمين بحقائقهم هم وحدهم المؤهلين للحسم فيها. وفي الوقفة الثانية، يبدو الكاتب رافضا ما ذهب إليه الجابري من خلو القرآن الكريم من أي نص يدل على ان المراة فتنة، حيث يقول: "إن لفظ "الفتنة" في اللغة يأتي على عدة معان وأوجه، منها الاختبار والابتلاء والقتل… فإذا نظرنا إلى معنى "فتنة المرأة" في سياق نصوص الشريعة هذه وجدناها تنطبق على الاختبار والامتحان والابتلاء، وهذا المعنى موجود في القرآن الكريم وفي آيات كثيرة، في المرأة وغيرها من أمور الدنيا، حيث سمى الله تعالى المال والولد والدنيا والخير والشر… فتنة، أي: بلاء واختبارا، وليس بالضرورة أن ذلك مصيبة، كما يُفهم من ظاهر كلام صاحبنا". الوقفة الثالثة خصصها عبد السلام الغماري لبيان ما رآه تناقضا في قول الجابري: «… ولا أنها تفتن الرجل، بل الرجل هو الذي يُفتتن بها». هنا تساءل الكاتب : كيف يُفتتن الرجل بها إذالم تكن هي فاتنة له؟! ومن الذي فتَنَه وكان فتنة له إذن غيرها؟ ثم يعلق قائلا :"لم نسمع بهذا الفهم من قبل، فكونه افتُتن بالمرأة هذا يعني أن المرأة من طبعها أنها فاتنة للرجل، وهذه مسألة طبيعية وفطرية، وهذا لا يحتاج إلى دليل ولا برهان." أما الحلقة الرابعة فكانت خاصة بمسألة الحجاب في الإسلام، حيث يبدي الكاتب عدم اتفاقه مع الموقف الحداثي للجابري من هذه المسألة مدافعا عن موقفه السلفي الذي يرى أن الحجاب واجب على المرأة. وفي الحلقة الخامسة يحاول عبد السلام لفت انتباه القارئ إلى تهافت تشبيه المرأة بقنينة الخمر. لكن أول ما يلاحظ من جهة الشكل أن الكاتب ينطلق في نقده لصاحب مشروع نقد العقل العربي من الفقرة السادسة الواردة في مقال كتبه الأخير ونشرته جريدة "الاتحاد" الإلكترونية الإماراتية بتاريخ 03 نوفمبر 2009 وبعنوان "المرأة…المفترى عليها!" الأمر الثاني السهل ملاحظته من خلال القراءة الفورية لعنوان مقال الشيخ أجرير هو انطباع منطلقه بسوء النية من خلال كلمة "شبهة" التي هي في الحقيقة اجتهاد يجاز عليه صاحبه سواء كان صائبا أو خاطئا. مجلى سوء النية عند الشيخ لم يقتصر على العنوان، بل نجده متفشيا في ثنايا المقال ما يتبث بعده عن فضيلة التجرد والحياد التي تعد جوهرية في أخلاقيات البحث العلمي. لهذا كتب قائلا: " (…) ينبغي لكل مسلم باحث عن أمور دينه أن يأخذ كلام غير علماء الشريعة من فلاسفة ومفكرين وفنانين وسياسيين وغيرهم ممن لا علم له بالشريعة وحقائقها، أن يأخذه كما يأخذ كلام الراعي أو الفلاح إذا تكلم في مجال الطب والفزياء ولا فرق.." من خلال هذا النص القصير، نلمس كيف أن الشيخ يقحم مماثلة لا تستقيم بين محمد عابد الجابري وبين الفلاح والراعي..والأنكى من ذلك حكمه بجهل الجابري بعلم الشريعة وحقائقها، مع أنه أفنى عمره في قراءة مصنفات الثراث العربي الإسلامي وختم مسيرته العلمية بمشروع باذخ حول القرآن الكريم وتفسيره..أما ثالثة الأثافي فهي تشبيه الشيخ الأصولي للرجل (الجابري) ب"الكلب المُجوَّع"؛ الشيء الذي عابته عليه قارئة تدعى خولة في تعليقها على مقاله. إلى ذلك، أصافت خولة المعلقة: "الرجل مكلف أيضا، لذا فأنا أجد مقال محمد عابد الجابري أكثر واقعية من مقالك. فهو ليس بحاجة إلى شهادة من جامعة الأزهر أو الزيتونة ليتحدث في الدين، بل أنتم من تحتاجون لتكوين أنفسكم في العلوم الأخرى، وتنفتحوا على العالم لتدركوا أنكم في القرن الحادي والعشرين وليس في القرن السادس". قارئ آخر طلب من الله عز وجل أن يغفر له زلاته وسذاجة عقله..وكان آخر تعليق لكمال الورياشي جاء فيه: "كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل. رحم الله الجابري أستاذ الأجيال ورحم الله عبدا عرف قدر نفسه. أنت بعيد عن الدين والمنطق وتحليل الخطاب..فهلا اعتزلت في منزلك عقدين عقابا لنفسك على زلاتك.
#أحمد_رباص (هاشتاغ)
Ahmed_Rabass#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أفكار أولية حول استعمال مفهوم -الاستراتيجية- في الجغرافيا ال
...
-
الكذب إخفاء حقيقة لا بد من ظهورها - مذكرات
-
حتى لا ننسى.. تنظيمات مغربية سياسية وجمعوية ونقابية رفضت مبا
...
-
فلاسفة الأنوار
-
حقوق الإنسان في العالم العربي.. بين وصم المدافعين عنها ب-الإ
...
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
-
لويس ألتوسير.. فيلسوف خنق زوجته وأزهق روحها
-
المغرب: لأطفال يتأثرون ايضا بالعنف القائم على النوع الاجتماع
...
-
المغاربة مستاءون من تفاقم الأزمة الاجتماعية
-
الشبح الذي يظهر ويختفي - مذكرات
-
مونديال 2022: الدار البيضاء مسرح لمشاهد ابتهاج بفوز المغرب ع
...
-
من هو محمد أبو الغيط؟..موت الطبيب والصحافي الاستقصائي بعد صر
...
-
فلسفة جان-بول سارتر
-
الجامعة المغربية وحروب الوزارة: مقال في التفكيك
-
لم يتم إلغاء شرطة الأخلاق في إيران
-
فلسفة جان-بول سارتر (الجزء الثالث)
-
وزارة التعليم العالي بالمغرب: الشيخ والمريد
-
ملخص آخر تقرير ووتش هيومن رايتس عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب
-
فلسفة جان-بول سارتر (الجزء الثاني)
-
فلسفة جان،-بول سارتر (الجزء الأول،)
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|