أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - امال قرامي - قتل النساء لا يثير قلق التونسيين/ات














المزيد.....

قتل النساء لا يثير قلق التونسيين/ات


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 7459 - 2022 / 12 / 11 - 10:10
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


من الظواهر السلوكية الملفتة للنظر طريقة تفاعل التونسيين/ات في السنوات الأخيرة، مع الأحداث وردود أفعالهم المتباينة حول الأخبار التي تذاع على «الفايسبوك»، ودخولهم في المواجهات والاصطفاف وراء هذا الطرف أو ذاك وما يتبع ذلك من تبادل للعنف اللفظي. فما إن ينشر خبر يتسم بالغرابة أو له صلة بالمشاهير أو يُتوقع أنّه سيحدث «البوز» حتى يسارع الجميع بإعادة نشره دون أخذ المسافة المطلوبة لفهم الموضوع، ودون التحقّق من صدقيته أو الخلفيات الثاوية وراء نشره أو طرح أسئلة تتعلّق بأخلاقيات تبادل الأخبار أو الصور وما يتصل بالحيوات الشخصية للناس وأهداف النشر إلى غير ذلك من المسائل التي تثبت أنّنا قوم لا ينساقون وراء الانفعالات والأهواء بل نحاول أن نعقلن مواقفنا ونتدبّر في ما يجري من حولنا تدبّرا رصينا يقطع مع التضخيم والمبالغة والتشويه والمغالطات، ولا يتورّط في إيذاء الآخرين أو المتاجرة بقضاياهم او «الركوب على الحدث» لتحويل الاهتمام إلى الذات فيتحقّق الإشباع النفسي.
كان بالإمكان أن يمرّ التوتر بين التلميذة والأستاذ دون إثارة الجدل وصناعة الحدث والسردية والبطولة لولا اعتماد وسائل التواصل الجديدة ونقل ما يجري في الفضاء العام إلى الفضاء الخاصّ، والاستنجاد بالكتائب الفايسبوكية واستدعاء «المشاهير» لينخرطوا في «اللعبة» لتطوي الصفحة بسرعة بعد ظهور أخبار أخرى وما أكثر أخبارنا التي تجذب الجمهور الباحث عن فرص لممارسة الفضائحية والبصبصة والتلصص على أخبار الناس والسحل ونصب محاكم التفتيش و...

غير أنّ كلّ الاهتمام التي حظي به «موضوع التلميذة/الأستاذ» والذي يوحي بحرص الجمهور، والنسويات والحداثيين/ات ووسائل الإعلام... على إعادة النظر في علاقة نظّر لها القدامى حين ألّفوا كتبا في آداب المعلّم والمتعلّم، حتى تتلاءم مع روح العصر، ومع ثقافة الجيل الجديد فضلا عن الرغبة في البحث في أسباب تفشي ظاهرة العنف في الفضاءات التربوية سرعان ما يقلّ باختلاف نوع الخبر وهويّات «الضحايا» وانتماءاتهم الطبقية والثقافية وأيديولوجياتهم وغيرها من العناصر.

ففي نفس اليوم الذي احتدم فيه الجدل حول العقوبة والفن والشهرة وشروط العملية التعلمية والأخلاق ... نشر خبر الشابة التي قتلها زوجها وشرد أبناءها ولكن، وللمفارقة خفت صوت الجماهير ولم تبرز إلاّ أصوات المتعاطفين والناشطات في مجال مناهضة العنف ضد النساء.
تُخبر هذه الطريقة في التعامل مع الأحداث أنّ قتل النساء لا يحتّل سلّم الصدارة لاسيما حين تكون القتيلة من المهمّشات والنكرات. فما يحرّك أصحاب الضمائر الحيّة هو أن تحرم «فنانة» من مواصلة التعليم (على أحقية ذلك) وما يغضب الجماهير هو ذكورية تفرط في الهيمنة ولكن الذكورة «المتوحّشة» التي تنتزع الحقّ في الحياة لا تثير اهتمام التونسين/ات الذين هبّوا لنصرة المراهقة... فهل باتت معايير توصيف الخبر على أنّه جريمة وتصنيفه ضمن الـ«خطير» والمستهجن وغير الأخلاقي مزاجية ومرتبطة بالصورة «صورة فتاة شابة رقيقة فنانة بنت ناس»...؟ ولا عزاء لمن لم تنشر صورتها ملطخة بالدماء مقطوعة الرأس أو تلتهمها النيران...؟

إنّ مجتمعا يتحرّك بسرعة البرق فيدافع عن الفتاة المراهقة الجميلة والرقيقة ويناصر ويطالب ويشتم ويشنّ حربا على «المتعجرف» و«الباندي» و«الجلطام» و«القعر» ... ولا يحرّك ساكنا أمام الاستمرار في تقتيل النساء هو مجتمع معطوب فاقد للبوصلة يجاري الموجة وينساق وراء عرض الذات ويخضع للمحاكاة الآلية والتعاطف الشكلي.
إنّ مجتمعا يستمرّ في ممارسة العمى والنكران ولا يقرّ بأزمة انهيار المبادئ والقيم والأخلاق وغياب الوازع، وسوء فهم الحريات وتخلّي الأسر عن دورها في الإحاطة والاحتواء والرعاية، ...ولا يضجره تواطؤ المؤسسات ومأسسة العنف وتنكّر الدولة لواجباتها في حماية النساء وتنصّل الإعلام من دوره في تقديم المحتوى الإرشادي والمسؤول والإيجابي positive media مجتمع مأزوم يمرّ بتحوّلات خطيرة ولا يهمّه البحث في تبعاتها.
إنّ مجتمعا يطبّع مع قتل النساء ويحولهن إلى أرقام وأسماء توضع في ملفات تؤرشف ويكون مصيرها النسيان مجتمع لا يعوّل عليه فكيف يكون البناء والإصلاح والتطور لشعب مات فيه الحسّ الإنساني؟



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «مونديال» كرة القدم قطر 2022 بنكهة دينية: «تونيزي تونيزي.. م ...
- النساء وكرة القدم
- في كره الديمقراطية
- تونس والتغيرات المناخية والتلوّث البيئي: هل يكفي الالتزام با ...
- فرض سياسات النسيان
- إخراج التونسيات من المشهد السياسي أو عندما تفصح الإرادة السي ...
- هجرة الأمّهات: محاولة فهم
- من «الأمن الجمهوري» إلى «القمع البوليسي»
- حملات انتخابات «بنكهة شعبوية»
- الاحتجاجات النسائية –الإيرانية: دروس وعبر
- الحاجة إلى السكر والزيت والماء والحليب... أهمّ من الحاجة إلى ...
- القانون الانتخابي وتراجع المشاركة النسائية
- «اشكي للعروي» ... «اشكي لسعيّد»
- تونسيون/ات يُهاجرون ولا يلوون على شيء وحكومة لا ترى ولا تسمع
- «تيكاد» وأحلام التونسيين
- الشعبوية والتعددية والإعلام
- التونسيات والديناميات الجديدة
- التونسيون/ات وتقرير المصير
- هل طويت صفحة الأحزاب الفاعلة في الحياة السياسية؟
- «الدستور» وضرورة مغادرة السقيفة


المزيد.....




- فرحي أطفالك مفيش زن تاني .. ترددات قنوات الاطفال 2024 الجديد ...
- فوز دونالد ترامب يتسبب في -الامتناع عن ممارسة الجنس وحلق الر ...
- فرض الحجاب في ليبيا ومنع استيراد ملابس -غير المناسبة-.. قرار ...
- تقرير أممي يعلن نسبة ضحايا حرب غزة من النساء والأطفال.. كم ت ...
- نقص المياه يفاقم معاناة النازحات اللبنانيات خلال الدورة الشه ...
- هتكوني ملكة جمال.. وصفة مذهلة لتنعيم وفرد الشعر المجعد والخش ...
- الأمم المتحدة: 70 في المئة من ضحايا الحرب في غزة من النساء و ...
- المرأة في الحرب: لمذا تدفع الثمن مرتين؟
- ريبورتاج: عاملات أجنبيات في لبنان عرضة للتشرد والاغتصاب في ظ ...
- “انــا لـولـو ما في منـي”.. تردد قناة وناسة نايل سات لمتابعة ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - امال قرامي - قتل النساء لا يثير قلق التونسيين/ات