أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - لا تبكي على اللبن المسكوب














المزيد.....


لا تبكي على اللبن المسكوب


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 7456 - 2022 / 12 / 8 - 10:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليست المشكلة اليوم ، و ربما لم تكن بالأمس أيضًا ، في نقد الأنظمة القائمة ، الواقع بائس و مظلم لدرجة تفوق حدة أي نقد قد يوجه إليه ، المشكلة هي في أن من يتنطح لانتقاد الواقع و بؤسه أسوأ في معظم الأحوال إن لم يكن في جميعها ، ممن يصنع هذا البؤس أو يصمت عنه ، المشكلة هي في أن النخب التي تنتقد الواقع و تعد الناس بالمن و السلوى لا تدري ما الذي تقوله و لا ترى سوى عرش السلطة أمامها و هي تهذي بما لا تعرف فقط لمجرد رؤية هذا العرش و تخيل ملمسه الناعم المضرج بالدماء ، تاتشر كانت و ما تزال على حق ، لا بديل ، فقط بدائل مزعومة ، سجون جديدة و قصور أكبر و عسس و قبور و أسوار على مد البصر ، حتى يعرف الناس أنهم مكرهون على أن يكونوا هم البديل ، أنهم وحدهم هم البديل

عندما "تتحدث" بلسان إنسان آخر فأنت تصادر صوته ، عندما تحدث ماركس عن البروليتاريا لم يتقمصهم بل أعاد إنتاجهم ككائنات صامتة ، فرض نفسه على أنه هو صوتها … الجميع يتحدث عن المهمشين و الفقراء و المستضعفين عندما يكون ذلك مربحًا ، و يتقمص هؤلاء آلام الفقراء الذين لا يقاسموهم أيًا من تفاصيل حياتهم فقط ليحتكروا التحدث باسمهم ، ليسلبوهم أصواتهم و أية قدرة على الحديث

ينشغل الجميع بإثبات براءتهم ، أنهم كانوا على حق ، أنهم لا يخطئون ، أن الآخرين هم من فعلها ، و يختبؤون خلف أصابعهم محاولين الهرب من حكم التاريخ ، لقد هللوا عندما كان يجب أن ينتقدوا ، قدسوا عندما كان يجب أن يفضحوا و عبدوا الإله عندما كان يجب أن يسيروا مع الشيطان و صمتوا عندما كان يجب أن يصرخوا و عندما كان عليهم أن ينتقدوا فضلوا التصفيق و النفاق … لا فائدة من حكم التاريخ في الغد ، ربما لن يكون هناك تاريخ ، كل ما نعتقده يصبح بلا معنى إذا توقفنا عن التبجح بالمستقبل و التلطي خلف هذا المستقبل أمام هول ما فعلناه و ما لم نفعل ، لكن الأرض و السماء لا تكترث لنا و لا معنى لأفراحنا و آلامنا أكثر من أننا كنا هنا لبرهة ثم سنزول و نختفي لكن غرورنا بلا حدود و غباءنا هو الآخر أمضى و أكبر بكثير من ذكائنا الكئيب

المثقفون العضويون اليوم ، الذين يتعيشون من الدفاع عن جماعات بعينها ، يغرسون فيها مظلوميات خاصة و استثنائية و يبررون همجيتها و تخلفها و يرفعون كل ما هو همجي و غبي و غير إنساني في وعيها و تراثها و ممارستها إلى مصاف المقدسات و المحرمات ، هم اليوم البوم الذي يبشر بالخراب القادم … إنهم بغبائهم و جشعهم يلقون الزيت على نار الحروب الهوياتية التي تستعر أمام أعيننا لتأتي كالعادة على الأخضر و اليابس … في عالم بلا معنى ، في عالم يحكمه الجشع و المتاجرة بالحقوق و الآلام و تسليعها ، بعد تسليع الإنسان و تحويله إلى صورة خالية من الإحساس و المعنى في فرجة لا تتوقف عن محاولة تجاوز نفسها لإنتاج المزيد من الإبهار الذي يحل مكان الحياة و المشاعر و الأحاسيس و حتى اللذات و الأفكار الفعلية ، الموت المجاني ، بلا ثمن ، هو السائد و هو القادم

عندما تدعو و تحتفي و تحتفل بقتل الاسرائيليين على ناصية الشارع و توزع الحلوى و تزرع الكراهية و تقدس الموت و الذبح و تحتفي بالقتلة و بالشهداء ، عليك أن تتوقع بن غفير و عليك أن تنتظر الرد على تراتيل الموت التي ترددها بتراتيل معاكسة لا تقل همجية و لا تقديسًا للذبح و القتلة و الشهداء … قم ، ارتد ملابسك ، و استعد للمجزرة التي كنت تريد

مونديال قطر كان مونديال السقوط الأكبر لكل مثقف عربي ، لكل ما هو عربي ، لكنه ليس إلا مشهدًا آخر على الطريق نحو الكارثة ، نحو داحس و غبراء نخوضها ضد العالم بمعية كل مثقفينا و نخبنا و بكل تأكيد تحت راية الأمير المهووس تميم … حسافا على كل هذه الجوقة التي اتحدت بتناسق غريب دفاعًا عن كل ما هو قمعي ، متخلف ، غير إنساني ، في ما فكر به بعض أجدادنا و بالتأكيد كثير من البشر قبلهم و بعدهم ، و التي اختاروها عنوانًا للدماء القادمة … هنيئًا لتميم و لنا بمثقفينا و إلى المجزرة سر أيها العربان



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناعة الجماعات
- القيامة الآن
- عن جنون نيتشه و عقل رجال الدين
- نحن جيل آخر مهزوم
- ضد لغة الناشطين لوولفي لاندرستايشر
- عن العروبة و الإسلام
- ما تبقى لكم
- دفاعًا عن قاتل نيرة أشرف
- شخصية المتمرد لنيكولا ديفيز
- الأناركي بين ايلزيه ريكلو و رينزو نوفاتوري
- الدولة - ليو تولستوي
- الثورة الاجتماعية لميخائيل باكونين
- هراء ايديولوجي عن الله و البشر و العالم
- الإله الذي خلقناه
- حوار مع سعيد العليمي عن فلسطين و اليهود
- قالوا في الرقص
- لماذا نكتب
- الأبوكاليبوس
- الخونة
- الاقتصاد السياسي للصراع الطبقي في بلاد الربيع العربي


المزيد.....




- جلس على كرسي الرئيس.. تيكتوكر سوري يثير الجدل بصورة له في ال ...
- السيسي يعقد اجتماعا بشأن عبور قناة السويس والوصول إلى سيناء ...
- ربما كان لشمسنا توأم ذات يوم، ماذا حدث له؟
- أسعار شوكولاتة عيد الميلاد ترتفع بسبب أزمة الكاكاو
- 38 قتيلا جراء قصف إسرائيلي على قطاع غزة
- مسرح الشباب الروسي يقدم عرضا في نيابوليس
- بوتين: ملتزمون بإنهاء الصراع في أوكرانيا
- شاهد عيان يروي فظائع ارتكبتها قوات كييف في مدينة سيليدوفو بج ...
- المدعية العامة الإسرائيلية تأمر الشرطة بالتحقيق مع زوجة نتني ...
- لافروف: الغرب يضغط على الشرع ضد موسكو


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - لا تبكي على اللبن المسكوب