أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - العقل العرضي














المزيد.....


العقل العرضي


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7455 - 2022 / 12 / 7 - 23:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


العقل الفلسفي، منذ البدايات الأولى كان مهددا من قبل العقل الغيبي الذي يرفض فكرة الفراغ والعدم. ومنذ بداية الأنطولوجيا، في قصيدة بارمينيدس "في الطبيعة" أعلن استحالة إمكانية معرفة العدم، حيث الكينونة كائنة، واللاكينونة لا تكون. وإنطلاقا من هذه المقدمة البديهية البسيطة استنتج بارمينيدس بأنه من التناقض القول فيما بعد بالحركة والتغير والصيرورة، إذ إن كل من هذه المقولات يفترض العدم كمصدر للإنتقال من حالة إلى أخرى. وهذا يعني أن الوجود بكامله منغمس في حاضر سرمدي جامد ليس له ماض ولا مستقبل، فهو واحد لا متناه، ومتجانس لا يقبل القسمة، ممتلئ كله بوجوده، ولذا كان ثابتاً لا بداية ولا نهاية له .. " أقبل الآن لأخبرك، واسمع كلمتي وتقبلها. هناك طريقان لا غير للمعرفة يمكن التفكير فيهما، الأول أن الوجود موجود، ولا يمكن أن يكون غير موجود، وهذا هو طريق اليقين، لأنه يتبع الحق. والثاني أن الوجود غير موجود، ويجب ألا يكون موجودا، وهذا الطريق لا يستطيع أحد أن يبحثه، لأنك لا تستطيع معرفة اللاوجود ولا أن تنطق به، لأن الفكر والوجود واحد ونفس الشيء "، وهذه الفكرة الأخيرة في حد ذاتها تشكل خطورة أكثر من فكرة استحالة العدم، لأنه إذا كان الفكر والوجود شيئا واحدا، فإن الله كفكرة وكذلك كل ما يمكن أن نتخيله ونتصوره يدخل ضمنا عالم الوجود. فالله والملائكة والجن والشياطين والجنة والنار ونوح وسفينته وآدم وتفاحته وحواء وحيتها، وكذلك كل أبطال هوميروس، آشيل وهكتور وهيلينا وآجاكس وأوليس وغيرهم، يمثلون عالما من الموجودات الأزلية التي لا يجري عليها قانون العدمية ولا يطأها العدم الذي لا يمكن التفكير فيه. ويجب إنتظار هيجل حتى يكتشف أن الكينونة والعدم هما شيء واحد في نهاية الأمر، ثم سارتر وفكرته عن الـ contingence أو "العرضية" وأن الإنسان وجد بالصدفة ويمكن أن يختفي بالصدفة ذاتها. الحياة عموما والإنسان شيء غير ضروري، وجد بالصدفة مثل الدود والنمل والبراغيث والذباب ويمكن أن ينقرض بنفس الصدفة التي جاء بها إلى العالم. لا شك أن موقف الفلسفة أو الدين أو الفكر عموما من قضية العدم لها نتائج في غاية الأهمية على مسيرة الفكر وتطوره. فالفلسفة اليونانية، مع بارمينيدس نفت العدم وقذفت به خارج حدود الفلسفة، وبذلك لا يمكن للعدم أن يكون أساساً لحدوث الأشياء ولا يمكن أن يتم خلق أي شيء من المعدوم، فالوجود والإمتلاء هو القاعدة ولا مكان للفراغ او للعدم . وعلى العكس من هذه النظرة الفلسفية اليونانية، نرى النظرة الدينية تقول إن الخلق، أو على الأقل فعل الخلق الأول الذي أوجد به "الله" الكون وما فيه من مخلوقات لا يتم إلا من خلال العدم. فالعدم المطلق النافي لكلّ وجود هو المصدر والمنبع الذي خلقت منه الطبيعة والكون، حيث أن فكرة الخلق وفعل الخلق لا يمكن أن يتم إلا في الزمان ومن العدم، وإلا فإن هناك استمرارية وأزلية وسرمدية منافية لإنبثاق الإنسانية والوجود عموما فجأة عن طريق الإرادة الإلهية والعلة الأولى التي وحدها تتمتع بالقدم. وهذا ما يشكل أحد المفارقات والتناقضات الكبرى للفكر الغيبي، حيث يقر بالعدم وبضرورته لأن المخلوقات كلها "حادثة" وليست قديمة، وفي نفس الوقت يرفض العدم المطلق لأن الله قديم وأزلي.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل العدمي
- الثورة المستحيلة
- عقل الزواحف
- العقل بين الأرض والسماء
- الإله البارد
- الوجود بين الواقع والخيال
- الإله اللامنتمي
- تعايش العلم والخرافة
- المثلية وحقوق الإنسان
- مفارقة العقل والإيمان
- النمل وكلام الله
- الكلمات والكائنات
- القرآن .. بين القراءة والفهم
- -الحجر- بين العلم والفلسفة
- الإنسان الآلي
- الإنسان جسد أم جثة ؟
- الإنسان بين المادة وال-الروح-
- صمت الحروف
- العدم والتجلي
- عبادة العقل المتطرف


المزيد.....




- شاهد.. رئيسة المكسيك تكشف تفاصيل مكالمتها مع ترامب التي أدت ...
- -لم يتبق لها سوى أيام معدودة للعيش-.. رضيعة نٌقلت من غزة لتل ...
- وزير الخارجية الأمريكي يتولى إدارة وكالة التنمية الدولية، وت ...
- شهادات مرضى تناولوا عقار باركنسون -ريكويب-: هوس جنسي وإدمان ...
- شاهد: الرئيس السوري الإنتقالي أحمد الشرع يؤدي مناسك العمرة ف ...
- باريس تُسلِّم آخر قاعدة عسكرية لها في تشاد.. هل ولّى عصر -إف ...
- أول رئيس ألماني يزور السعودية: بن سلمان يستقبل شتاينماير
- لماذا تخشى إسرائيل تسليح الجيش المصري؟
- -فايننشال تايمز-: بريطانيا تستعد للرد على الولايات المتحدة إ ...
- الرئيس السوري أحمد الشرع يصدر بيانا إثر مغادرته السعودية


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - العقل العرضي