|
حملة اعلامية قومية لفض الاشتباك بين فض غشاء البكارة ومعنى الشرف
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7453 - 2022 / 12 / 5 - 04:32
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
حملة اعلامية قومية لفض الاشتباك بين فض غشاء البكارة والشرف --------------------------------------------------------------------- اذا كانت مجتمعاتنا تتجسس على عفة الفتاة والمرأة ، بكشوف العذرية ، لتعلن مهللة ، حتى لمنْ لا يهمه الأمر ، أنها " صاغ سليم " ، وأن شرف ذكور العائلة لم يتمرمغ فى الطين ، وأن " غشاء البكارة " أخرس التشهير والاشاعات، فما هو مقياس التجسس على " عفة الرجل " ؟. أعتقد أن العدالة ، وحقوق المواطنة الكاملة ، المنصوص عليها دستوريا ، لا تتحقق وهناك مقياس للعفة الأخلاقية ، مطبق فقط على جنس واحد . ثقافتنا لا تستخدم مصطلح " عفة الرجال " ، أو الشاب " البكر " . واذا قيلت فهى تصف بتهكم رجلا " خام " عديم الخبرة بالنساء . والعفيف - اذا وُجد - غير مرغوب فيه ، ومشكوك فى رجولته . ثقافة موروثة متجذرة منذ قرون سحيقة ، وترسخها الأفلام والأغانى والمسلسلات والاعلانات والنكات والأمثال الشعبية . ثقافة تشحذ اسلحتها الفتاكة ، لو قيلت كلمة تعتبرها اهانة وجرحا لمشاعر الذكور ، أو ستقلص مساحة الامتيازات الأخلاقية والرخص الجنسية الممنوحة لهم . لكنها لا تحرك ساكنا ، ولا شئ يجرح مشاعرها ، اذا ذُبحت الفتيات علنا فى وضح النهار ، لأنهن بلا غشاء بكارة . ولا تسأل أبدا عن الطرف الآخر ، المشترك فى فعل العار ، " الذكر " الكائن المدلل ، المغفور له كل الذنوب ، وخطاياه مبررة مسبقا ، ولا شئ يعيبه الا " فلوسه ". ثقافة تقول أن المرأة تحب أن تكون الأخيرة فى حياة الرجل ، حتى لو " بتاع ستات ". لكن الرجل يحب أن يكون الأول فى حياة المرأة . ثقافة " مقطع السمكة وديلها " للرجل ، و" القطة المغمضة " للمرأة . وهذه القطة المغمضة لو تخلت عن عذريتها فى علاقة عاطفية ، يتخلى عنها الرجل قائلا : " لا أتزوج واحدة فرطت فى شرفها قبل شرع ربنا الحلال ". تقول باكية فى هوان ومذلة كأنه أفضل منها أو هو السيد وهى من الجوارى المستباحات : " صدقتك حين قلت أنك تحبنى ... طب واللى فى بطنى ". بكل استعلاء وبجاحة يرد : " ملياش فيه .. دى مشكلتك .... وبعدين مين قال انه بسببى .. عاوزه تورطينى وخلاص ". والنتيجة ، أن تقتل هذا الرجل الكاذب وتعدم ، أو تنتحر خوفا من الفضيحة والعار ، أو تهرب وتختفى ، أو تلد وتترك الطفل فى الشارع ، أو تتخلص منه . أما اذا عرف أهلها ، فان مصيرها القتل . واذا لم يعرف أهلها ، وتقدم لها عريس ، تذهب لترقيع غشاء البكارة بمبلغ لا يُذكر ، وتستعيد شرفها ، وترجع " القطة المغمضة " العفيفة الشريفة البكر ، رغم ممارستها للخديعة والكذب . ويستلم العريس عروسته البكر ، البتول ، سعيدا لأنه " البطل المغوار " الأول ، الذى اخترق حصن الغشاء المقدس ، والعروسة تضحك من أعماقها ، على زوجها الساذج المخدوع . ما هذا الشرف " الرفيع " الذى يُستعاد بالترقيع ؟؟. وما هذه العفة المرهونة ب " غُرزة " ؟؟؟. لابد من فض الاشتباك بين فض غشاء البكارة ومعنى الشرف ، نهائيا ، وأن تُشرع قوانين عاجلة صارمة رادعة ناجزة ، ضد كل منْ ينتهك كرامة الجسد وكبرياء النفس ، للفتاة والمرأة، أو يذبحها لأنها بدون غشاء بكارة ، وأن تنشئ الدولة مركزا خاصا ينقذ ويأوى الفتيات والنساء الهاربات من توعد الأهل بالقتل . الكل " يفتى " حول جسد المرأة ، إلا المرأة نفسها، صاحبة الجسد، ومالكة الجسد . الحقيقة أن المرأة ترتدى فقط جسدها ، لا تملكه فى أبسط قواعد الملكية ، منذ ولادتها حتى تموت . جميع الذكور حولها ، يملكونه من كل الاتجاهات ، يملكونه بحق مغتصب فى السِر والعلن ، بآليات التلصص والتربص والرقابة والزى وقوانين الأحوال الشخصية ، وتشريعات الزنا ، والتحرش ، والاغتصاب ، والوصاية والفرض واستباحة التشهير . لماذا لا يبحث الرجال عن معنى الشرف والعفة والفضيلة والأخلاق ، فى مكان آخر ، غير أجساد النساء ؟؟؟؟. لماذا لا تتناقض " عفة المرأة " مع ممارستها الكذب والغش والنفاق وأخذ رشوة واهمال شغلها ، ونكثها بالعهود ، وجحودها لأبيها وأمها ، واصطياد العريس لثرائه وليس لأصله الكريم ، وتشغيل ميكرفونات تنتهك حرمة البيوت فى المآتم والأفراح ، وتربية الأطفال على القهر واعادة انتاج الذكورية ، والتجارة بالأديان ، والتآمر ضد الوطن ؟؟؟. المجتمع الذى يحمل بطحة العِفة على رأسه ، ويحسس عليها طوال الوقت ، ليل نهار ، ويذبح المرأة فاقدة " العِفة " ، نسمعه يشتم علنا بأعضاء " العِفة " فى جسد المرأة . ولا أحد يعترض ، أو يرى التناقض الفج ، والاهانة اللفظية والفكرية . جميع اشكال ودرجات قهر المرأة والتمييز ضدها ، نابع من تدشين الثقافة الذكورية ، عبادة " غشاء البكارة " ، ذلك الاله الذى لا يهدأ ، الا بتقديم القرابين من النساء ، يلتهم لحمهن ، ويشرب دمائهن ، فى طقوس علنية ، هى جرائم بمنطق العدالة والعقل والانسانية . كتبت الصحافة المحلية عن أهمية 25 نوفمبر اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد الفتاة والمرأة ، وأشادت أنه يتزامن مع حملة " اتحدوا للنضال من أجل ايقاف العنف ضد المرأة " من 25 نوفمبر حتى 10 ديسمبر اليوم العالمى لحقوق الانسان . ان جرائم غشاء البكارة أو ما تسمى جرائم الشرف ، فى قائمة العنف ضد الفتيات والنساء . لكن ما النتيجة ؟؟. كلام على الورق ، ودعاية ومزايدات دائما تضحى بحقوق النساء وكرامتهن وأرواحهن ، ولا تنقذ الفتيات اللائى يتعرضن كل يوم ، للقتل بالخنق والحرق واطلاق الرصاص والذبح وحش الرقاب . لابد أن تختفى كلمة " العرض " ، ومقولة أن " أعز ما تملك " الفتاة أو المرأة ، هو غشاء البكارة . واستمراره يعنى أن الفتاة أو المرأة ، هى " أنثى " ، مستعبدة ، وليست " انسانة " حرة . أعز ما تملكه المرأة ، هو بالضبط أعز ما يملكه الرجل ، شجاعته وصدقه وعدم الكيل بمكيالين ، واتساق تفكيره مع العدالة والمنطق وقيم النبل الانسانى ، وشغله السلاح ضد الحاجة والعوز ، ومنفعته لمجتمعه . ------------------------------------------------------------
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدولة المدنية وصلابة البنية الداخلية
-
كما لم أستسلم لأى رجل ...... قصة قصيرة
-
أسلمة المونديال ... لمصلحة منْ ؟؟
-
الوداع على ورقة بردى .. قصة قصيرة
-
النساء .. لماذا يتجملن ويرتدين الأزياء الفاخرة والمجوهرات وا
...
-
تجدد الحياة سيفرغ كأس - الكوكتيل - المسمومة
-
النبوءة ... قصة قصيرة
-
سيدة مشاعرى ... قصة قصيرة
-
رسالة من امرأة وحيدة .. قصة قصيرة
-
زَفة .... قصة قصيرة
-
جدول الأسبوع .. قصة قصيرة
-
4 نوفمبر عيد الحب الخادع المخدوع
-
تساؤلات ... قصة قصيرة
-
كهنة الثقافة وكهنة الأديان
-
أحلم بعالم ليس فيه فلوس
-
لا تحرجنى مع - الخريف - ... قصة قصيرة
-
الحصار ضد الأقليات المبدعة
-
22 أكتوبر ميلاد - نوال - أمى
-
قصتى معك ... قصة قصيرة
-
يوم فى حياتى ... قصة قصيرة
المزيد.....
-
الشباب.. مفتاح مكافحة العنف ضد النساء
-
الحياة الواقعية تحت وطأة الصراعات.. المرأة اليمنية في أدب وج
...
-
سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024 الجريدة الرسمية بعد أخر ال
...
-
المجلس الوطني يدين جرائم الاحتلال ضد المرأة الفلسطينية ويطال
...
-
وزارة المالية : تعديل سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024.. تع
...
-
المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
-
#لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء
...
-
المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف
...
-
جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا
...
-
في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|