حيدر ماضي
صحفي، وروائي
(Hadier Madi)
الحوار المتمدن-العدد: 7452 - 2022 / 12 / 4 - 14:18
المحور:
الادب والفن
يعيشُ الانسانَ طوال حياته مثقلةٌ بجسده ولا شيء يثبت أنه حي ام ميت ، سوى وجوده كعنصر في هذا الكون ، لذا فأن الكثير منا يلجأ الى الهروب من الواقع الى عالم من وحي خياله يجد فيه الطمأنينة التي يرغب فيها .
تؤثر ضغوطات الحياة ومتاعبها على نفسية الفرد وتخلق في داخله الشعور باليأس من ما يصادفه ، لذا فان الشعور بالهروب يرافق مراحل حياته طالما انه ليس في المكان المناسب .
تزداد هذه الحالة بعدم الرضا عن ماهو عليه ، تضعه تحت قسوة القهر والاكتئاب و الاضطراب النفسي بسبب عجزه عن تغيير ذلك
لقد اثبتت الدراسات النفسية حول العالم ان الهاربين من الواقع الى وحي الخيال تتراوح اعمارهم (من ١٦ سنة الى ٢٨ عاما ) اما الاخرين اعتادوا على ماهم عليه وان اختلفت الفئات العمرية فالنتيجة واحدة هي ( الاعتزال عن الواقع وعدم التصدي للحقيقة والمصاعب ) وهو ما يعتقده الكثيرون بأنها الحل الانسب التي تؤمن لهم الحياة الافضل التي يمارسون فيها طقوسهم ع انفراد في اماكن محددة تلبي متطلباتهم.
يقول الجاحظ ( لا تبقى في المكان الذي لا تعرف فيه قيمتك ) ، وهذه الحقيقة الازلية للتكوين الانساني بأنه يبحث دوما عن المكان الذي يشعر فيه بوجوده وان لم يجده يحتم عليه المغادرة الى اماكن اخرى وان لم تكون واقعية .
حالة عدم الاشباع التي لا يحققها الواقع تبقى في تصور الفرد وتؤثر في سلوكه السوي وتحوله الى عنصر اخر مغاير عن التكوين النفسي للافراد .
ان العيش في بوابة الخيال يشبه ما وصفه الشاعر الشعبي ( عباس غالب ) ، بقوله ان الحياة ركضة تائهين ، وهذا ما يشبه كثيرا التفكير الخيالي او ما يسمى العيش بوهم تجعلنا تائهين ومنعزلين عن مواجهة الحقيقة ، لذا يتطلب على الهاربون من الواقع التحلي بالشجاعة لمواجهة الصعوبات وتقبل الواقع رغم مرارته والسعي الى تحقيق الاهداف واليقضة والاقلاع عن الخيال الذي يتعارض مع واقعنا احيانا ... لانه وان طال ذلك لابد ان نستيقظ في اخر المطاف لمواجهة كل هذا دفعة واحدة !
#حيدر_ماضي (هاشتاغ)
Hadier_Madi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟